الصحافة الإسرائيلية : ثورة في إسرائيل... والقمع السوري يتواصل
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
تل ابيب
إسرائيل تعيش على وقع الاحتجاجات، وتراجع إيران في الأجندة الأميركية، واستمرار القمع في سوريا، وبوادر التغير السياسي في إسرائيل...موضوعات تصدرت الصحافة الإسرائيلية الأسبوع الماضي.
الثورة الإسرائيلية
أشادت صحيفة "هآرتس" في افتتاحيتها ليوم الإثنين الماضي بموجة الاحتجاجات التي تجتاح إسرائيل على مدى الأسابيع الثلاثة الماضية ووصلت ذروتها يوم السبت الماضي عندما نزل مئات الآلاف من الشباب إلى الساحة الرئيسية وسط تل أبيب، مبرزين قدرة كبيرة على التنظيم انعكست في توزيع الكلمات على المتحدثين الذين مثلوا جميع الحساسيات، لكن أهم ما حققته هذه المظاهرات الحاشدة هي خلخلة الخطاب السياسي في إسرائيل ونقل الاهتمام والأجندة العامة من الخطاب السياسي الأمني إلى الخطاب الاقتصادي الاجتماعي باعتباره الشعار الأبرز الذي حرك الموجة الاحتجاجية، فلسنوات طويلة، تقول الصحيفة، استفردت طبقة من السياسيين بالحياة العامة موجهة النقاش السياسي نحو الأخطار الخارجية والتهديدات الأمنية ما جعل الإسرائيليين يعيشون في خوف دائم ويرضون بحياتهم وظروفهم المعيشية وسط اتساع الفوارق الاجتماعية وغلاء الأسعار التي وصلت إلى مستويات غير مسبوقة، وبخروج الشباب للاحتجاج في الشارع وإعلاء صوت الاستياء إزاء السياسات الحالية تكون إسرائيل قد دخلت مرحلة جديدة وصفتها الصحيفة بأنها ثورة حقيقية يسعى من خلالها الشباب إلى أخذ الأمور بأيديهم وبعث رسالة واضحة لحكومة نتنياهو أن البعد الاجتماعي في الحكم وممارسة السياسية لا تقل عن البعد الأمني، وإذ كان من شيء نجحت فيه الحركة الاحتجاجية داخل إسرائيل فهي إيقاظ المجتمع المدني الذي استمرأ سباته الطويل وانحيازه إلى السياسيين بعدما انضمت بعض فعالياته إلى المتظاهرين، ومع أن مآلات الحركة الاحتجاجية غير معروفة ترى الصحيفة أن ما يجري حالياً سيعيد خلط الحسابات في إسرائيل وإعطاء زخم أكبر للتحركات الشعبية.
أميركا وإيران
اعتبر المعلق والصحفي الإسرائيلي، "أمير أورين"، في مقاله بـ"هآرتس" يوم الأحد الماضي أن قدرة الولايات المتحدة على التعاطي الفعال مع إيران بدأت تتراجع في ظل الأزمة المالية ومشاكل الدين العام الذي ترزح تحته واشنطن ويشغل بالها، فرغم التحركات الإيرانية الأخيرة على الساحة العراقية والرامية إلى إظهار الانسحاب الأميركي المخطط من العراق نهاية العام الجاري على أنه خروج مذل من خلال تسليح المليشيات التابعة لها وشن هجمات على القوات الأميركية، تظل واشنطن مكبلة بسبب مشاكلها الداخلية، هذا في الوقت الذي تضغط فيه إيران، كما يقول الكاتب، على الطبقة السياسة الموالية لها لرفض أي تمديد لبقاء القوات الأميركية حتى يتسنى لها السيطرة النهائية على العراق بعد مغادرة الجنود الأميركيين، هذا التحرك الإيراني على الساحة العراقية سبق أن حذر منه الجنرال "مارتن ديمبسي" الذي سيتولى رئاسة هيئة الأركان المشتركة للجيوش الأميركية بحلول سبتمبر المقبل، مشيراً إلى احتمال خطأ إيران في التقدير بالمضي قدماً في حيازة السلاح النووي واستمرار الهجمات على القوات الأميركية في العراق ما قد يدفع أميركا إلى رد قاس، لكن في الوقت نفسه كان "ديمبسي" واضحاً خلال جلسة الاستماع أمام الكونجرس بأن طريق المواجهة المباشرة مع إيران محفوف بالمخاطر، مفضلاً الاستمرار في تشديد العقوبات وانتهاج الطريق الدبلوماسي.
ويبدو أن ما يريد الجنرال الوصول إليه هو أن أي ضربة أميركية لإيران يجب أن تقرن بمدى تقدمها في حيازة السلاح النووي، أو نقله إلى مجموعات إرهابية، فضلاً عن إعداد خطة واضحة لما بعد الضربة، وإشراك حلفاء أميركا، وبما أن إيران لم تصل بعد إلى هذا المستوى يستبعد الكاتب أن تلجأ أميركا في المدى المنظور إلى توجيه ضربة استباقية إلى إيران ما لم تحدث تطورات مهمة في المنطقة تعيد وضع الخطر الإيراني على الأجندة الأميركية.
القمع في سوريا
خصصت صحيفة "جيروزاليم بوست" افتتاحيتها ليوم الأحد الماضي للحديث عن التطورات الجارية في سوريا والقمع الذي يتعرض له المتظاهرون، لكن الصحيفة أيضاً تستعرض مواقف القوى الدولية وفي مقدمتها الولايات المتحدة، فبعد رد الفعل الأولي للسلطات السورية التي سارعت من خلاله إلى تحميل مسؤولية التظاهر على العناصر الخارجية ونظرية المؤامرة وإلقاء اللوم على إسرائيل والولايات المتحدة عادت بعد اشتداد الأزمة واستمرار المظاهرات، بل ونزول أعداد كبيرة من المواطنين في مدن سورية عدة، إلى تقديم بعض التنازلات، فكان أن حُلت الحكومة وشكلت أخرى جديدة ظلت تحافظ على غالبية الوجوه القديمة، ثم أُعلن عن إلغاء قانون الطوارئ ليعوض بقانون مكافحة الإرهاب لا يختلف كثيراً في جوهره عن القانون السابق، لكن عندما واصل المحتجون مطالبهم وتصاعدت هذه الأخيرة داعية إلى إسقاط رأس النظام اشتدت الحملة القمعية التي استخدمت فيه الدبابات وأعداد كبيرة من الجنود، بالإضافة إلى مليشيات موالية للنظام اقتحمت المدن، لا سيما حماة ودير الزور، موقعة أعداداً كبيرة من القتلى، وهنا تقول الصحيفة كان لا بد من ردود فعل دولية بقيت في مجملها غير كافية لإيقاف عملية القمع المتواصلة في سوريا، فبين العقوبات الأوروبية التي لا يبدو أنها أثرت على عزيمة النظام في مواصلة القمع، وبين التصريحات الأميركية المرتبكة تستمر الأزمة السورية دون حل في الأفق، وتفسر الصحيفة الارتباك الغربي وخاصة الأميركي تجاه الأزمة السورية بعدما أصر البيت الأبيض في البداية على قدرة بشار الأسد على الإصلاح ولم يغير موقفه إلا مؤخراً بعد تنامي العنف، بالخوف من اندلاع صراع طائفي في سوريا وامتداد تداعياته إلى دول الجوار.
التغيير السياسي
في مقاله المنشور بصحيفة "يديعوت أحرنوت" يوم الأحد الماضي، أبدى الصحفي "أتيلا سومفالفي" إعجابه بحركة الشارع الإسرائيلي الذي خلع عنه الجمود والسلبية اللذين تميز بهما على مدى الفترة السابقة بعدما خرج 300 ألف مواطن إسرائيلي إلى الساحات العامة وسط تل أبيت مطالبين بالعدالة الاجتماعية وتوزيع منصف للثروات وعدم تهميش شريحة واسعة من الشعب على حساب فئة صغيرة.
والأهم من ذلك، يقول الكاتب، تحقيق وعد دولة إسرائيل عند قيامها بإنشاء دولة متنورة ومنفتحة على مكوناتها تضمن الحياة الكريمة لكل مواطنيها، لذا يتعين على القوى السياسية في البلد تغيير مواقفها القديمة وسياساتها المتجاوزة والكف عن سياسية التعالي وإهمال احتياجات الطبقة الوسطى، التي شكل مهنيوها الجزء الأكبر من المحتجين.
وفي هذا السياق يرى الكاتب أن الفرصة مواتية لحزب "العمل" لتجديد نفسه وتطهير صفوفه من الانتهازيين والوصوليين للإطاحة بالحكومة "اليمينية" في الانتخابات المقبلة، فقد بات واضحاً أن الخريطة السياسية المقبلة في إسرائيل ستحددها الجماهير التي خرجت معلنة فشل السياسات الحالية، سواء في شقها الاقتصادي الذي ركز على الخصخصة واستفادة فئات محدودة من ثمارها، أو في شقها الاجتماعي الذي شهد إهمالاً كبيراً لقطاع السكن على حساب المستوطنين، أو حتى في شقه الثقافي بعدما جنحت البلاد في السنوات الأخيرة إلى اليمين وتعاظم الهاجس الأمني في الوقت الذي تتآكل فيه رفاهية المواطن وتتراجع الدولة عن مسؤولياتها تجاهه.
إعداد: زهير الكساب