جريدة الجرائد

ايلات 'تصويب' للثورات العربية

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

عبدالباري عطوان

نستغرب بعض المواقف العربية التي تنتقد بشدة عملية الهجوم الاستشهادي الجريء التي استهدفت اسرائيليين قرب ميناء إيلات، تحت ذريعة انها جاءت لتحويل الانظار عن الثورات العربية، التي تفجرت من اجل التغيير الديمقراطي، وكأن هؤلاء الثوار العرب الذين يقدمون دماءهم وارواحهم من اجل هذا الهدف المقدس هم ضد عمليات المقاومة، الرامية الى تحرير الارض واستعادة المقدسات.
هذا الهجوم اعاد تسليط الاضواء على معركة الكرامة الاهم بالنسبة الى الأمتين العربية والاسلامية، وهي كرامة اهدرتها اسرائيل بتواطؤ مفضوح من انظمة ديكتاتورية عربية استمرأت ادعاء العجز، وانخرطت في عملية سلمية مغشوشة، ووفرت لاسرائيل واحتلالها اكثر من اربعين عاماً من الاستقرار والامن اللذين لا تستحقهما مطلقاً.
المقاومة حق مشروع طالما ان هناك احتلالاً للارض، واذلالاً لاهلها ومقدساتها، بغض النظر عن الجهة التي تنخرط فيها، والعقيدة الايديولوجية او السياسية التي تتبناها، واي تغيير ديمقراطي سينتج عن هذه الثورات العربية لا يتبنى المقاومة هو تغيير جزئي سطحي لا يتماهى مع ثوابت الكرامة العربية الاسلامية.
الثورات الديمقراطية والمقاومة للاحتلال هما خطان متوازيان، يسيران جنباً الى جنب ويكملان بعضهما البعض، ولا طرف يلغي الآخر، واذا كانت هناك عملية الغاء فقد مارستها الانظمة وليس الشعوب، فالشعوب هي الاصل في الممانعة، اما الانظمة فهي هامشية في هذا الاساس.
النظام المصري تخلى عن 'الممانعة' لأكثر من اربعين عاماً، ووقع اتفاقات سلام مغشوش مع اسرائيل، ولكنه فشل فشلاً ذريعاً في انتزاع روح المقاومة من اعماق الوجدان الشعبي المصري، وظل هذا الشعب الاعصى عربياً على كل ضغوطات التطبيع، والاكثر مقاومة له.
ولا بد ان الاسرائيليين يرون الفرق الواضح، بل والشاسع، بين ردود فعل الثورة والشعب المصري، ونظام الرئيس المخلوع حسني مبارك تجاه عملية إيلات الفدائية الجريئة، فالمظاهرات الغاضبة تواصلت طوال اليومين الماضيين امام السفارة الاسرائيلية في القاهرة مطالبة بإغلاقها.
' ' '
المجلس العسكري المصري الحاكم يجب ان يتخذ خطوات قوية وسريعة للرد على الانتهاك الاسرائيلي المهين للسيادة المصرية، الذي تمثل في قتل ستة مصريين معظمهم جنود قرب الحدود من رفح، واتخاذ كل الاجراءات الكفيلة بمنع تكراره في المستقبل.
اسرائيل بادرت بالرد السريع على عملية الهجوم هذه بالإغارة على منزل في مدينة رفح واغتيال امين عام تنظيم لجان المقاومة الشعبية الفلسطينية واربعة من كبار مساعديه، فلماذا لا يثأر المجلس لمقتل شهدائه الستة الذين ينتمون الى هذا الشعب العريق الذي فجر واحدة من اعظم ثورات الكرامة في التاريخ؟
لا نريد ان نسمع هذه المقولة السمجة الممجوجة التي تقول بالرد في المكان والزمان الملائمين، فهي مقولة العاجزين، فاقدي الارادة على الفعل، والدفاع عن الشرف الوطني، والكرامة الوطنية.
الثورات الشعبية اسقطت كل هذه المقولات، مثلما اسقطت الانظمة التي ترفعها، لانها سئمت من تكرارها، وشعرت بالهوان من سماعها. صحيح ان هذه الثورات، او بعضها، لم يرفع علم فلسطين، ولم يحرق اعلام اسرائيل وامريكا، ولكن الصحيح ايضاً ان هذه الثورات تدرك جيداً ان الكرامة الشخصية ليست الا جزءاً من الكرامة الوطنية الأشمل، وان الاولى، اي الكرامة الشعبية، تقود حتماً الى الثانية وهي الكرامة القومية والاسلامية.
عملية إيلات هذه صححت في رأينا مسيرة الثورات العربية، ووجهتها الى المرض الاخطر والأهم، الذي هو سبب كل العلل التي تعاني منها المنطقة على مدى خمسة وستين عاماً، وهو الطغيان الاسرائيلي، فهذا الطغيان الاكبر هو الذي افرز الطغيان الاصغر، وكرس جذوره في اكثر من عاصمة عربية، من اجل كسر روح المقاومة في الشعوب، بل في الامة بأسرها.
لا بد ان الانظمة العربية التي تدعم المشاريع الامريكية المناهضة لهذه الثورات، او التي تريد حرفها عن خطها الوطني، قد شعرت بصدمة كبيرة من جراء هذه العملية الجريئة، فهي لا تريد من يذكرها بفلسطين والمحتل الاسرائيلي لأرضها.
هذه العملية، ومن حيث توقيتها، كشفت هذا النفاق الغربي المفضوح حول الديمقراطية والحريات. فإذا كانت الثورات العربية تطالب بإسقاط انظمة ديكتاتورية، فإن هذه العملية اسقطت اقنعة النفاق الغربي، والامريكي خصوصاً، الذي تجاهل، ويتجاهل الطغيان الاسرائيلي، والانتهاكات المتواصلة لحقوق الانسان التي يرتكبها، والضحايا الذين يسقطون باستمرار برصاصه الحي في الضفة والقطاع وجنوبي لبنان.
اصبنا بالصدمة عندما سمعنا ان السفير الاسرائيلي في مصر اسحاق ليفنون قد عاد الى مكتبه في القاهرة لمتابعة تطورات الاحداث، فهذا السفير يجب ان لا يعود، بل يجب ان يطرد كخطوة اولى لإغلاق سفارته بعد قتل الصواريخ الاسرائيلية ستة مصريين، وانتهاك الطائرات التي اطلقتها للاجواء المصرية.
' ' '
هذا الانتهاك الاسرائيلي لا يشكل فرصة للمجلس العسكري الحاكم في مصر لإعادة فتح ملف اتفاقات كامب ديفيد، واعادة السيادة المصرية الى سيناء كاملة، بل والغاء هذه الاتفاقات بشكل تدريجي عملي طالما ان الطرف الاسرائيلي لا يلتزم بها.
السياسات الاسرائيلية التي تتعمد، بل تلذذ بإذلال العرب والمسلمين، مطمئنة الى الدعم الامريكي الغربي، واذعان انظمة عربية ديكتاتورية قمعية فشلت في الحرب والسلام، هي التي تتحمل مسؤولية هذه العملية، وكل عمليات اخرى مشابهة لها في المستقبل، فهي التي قتلت السلام وبذرت بذلك بذور التطرف.
فإذا كان تنظيم 'القاعدة' هو الذي يقف خلف عملية إيلات هذه، او جماعات فلسطينية او عربية تتبنى ايديولوجيته، فإن الحكومة الاسرائيلية اليمينية المتطرفة، والشعب الاسرائيلي الذي انتخبها، هما اللذان جاءا بالقاعدة، وهيآ لها التربة الخصبة لبذر بذور تطرفها وتجنيد المحبطين المهانين للانضمام الى خلاياها.
علينا ان لا ننسى ان الدكتور ايمن الظواهري زعيم تنظيم 'القاعدة' الجديد، جاء من رحم تنظيم 'الجهاد' المصري، الذي اغتال الرئيس محمد انور السادات عراب اتفاقات كامب ديفيد، واذا صح ان تنظيمه (القاعدة) هو من 'هندس' هجوم إيلات، فإن هذا يؤكد مقولتنا بانه سيضع قتال الاسرائيليين على قمة اولويات التنظيم تحت زعامته.
المنطقة العربية بأسرها تشهد تغييرات جذرية، والربيع العربي سيصل حتماً الى فلسطين، حيث القلب، وان انشغل بالاطراف حالياً، فلا بد من القدس وان طال السفر.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الظواهري المجرم
عراقي يكره البعثيه -

كالعاده مقال ممجوج وسمج ودعاية رخيصه للارهابي المجرم الظواهري

الظواهري المجرم
عراقي يكره البعثيه -

كالعاده مقال ممجوج وسمج ودعاية رخيصه للارهابي المجرم الظواهري

كفي الشعارات الطنانة
احمد حسين تواق -

كلمة حق يراد بها الباطليجب توجيه السؤال الى باري عطوان: هل أنت ما زلت مع ايران الملالي ام لا؟ وهل انت مع انتفاضة الشعب السوري ام تعتبرها مؤامرة امريكية ضد محور الممانعة؟ او كما قال ربيبة ايران نوري المالكي المستفيد الاول منها اسرائيل؟ نعم انت والدجالون من امثالك هم الذين خذلوا الامة العربية والاسلامية. كما أن اول عدو للاسلام والمسلمين هم الذين يتشدقون ليل نهار بالاسلام، أي زعماؤ نظام الجمهوري الاسلامي في ايران. كفى اللعب بمصائر الشعوب من خلال اللجوء بالشعارات الطنانة الرنانة. هناك سوآل عليك أن ترد عليه: قوات نوري المالكي هاجمت مخيم اشرف وقتلت 36 من مجاهدي خلق من النساء والرجال الذين يعملون منذ اربعين عاما من اجل الديمقراطية والحرية لبلدهم. ما ذا كان موقفك من تلك الجريمة؟

صدقت
نور -

والله معك حق في كل كلمة لم يتدهور حال الفلسطينيين والعرب الا عندما تركوا السلاح وجلسوا يتفاوضون مع هؤلاء المغتصبين كل البشر يبقوا أمامهم خيارات مفتوحة ليستردوا حقوقهم إما السلام أن لم ينفع فالقتال الا حكامنا الشجعان البواسل (السلام خيار وحيد واستراتيجي )هذا شعارهم المتخاذل والتافه ولم يزيد عدد المهاجرين الى اسرائيل وعدد المستوطنات وقوة الصهاينةالا في حالة السلام ولم يتدهور حال العرب ويزدادوا ضعف وانقسام وهوان الا عندما اختاروا السلام معهم أنا لاأقول ان نختار الحرب لكن نبقي خياراتنا مفتوحة اذا لم يريدوا السلام نلجأ للحرب وهذا المنطق السليم وحتى اليهود المتغطرسين لم يوافقوا على التفاوض مع مصر الا بعد انتصار مصر في حرب 73 ولم يرضوا بالجلوس مع عرفات رغم أنهم كانوا يعتبرونه مجرم وخارج عن القانون وارهابي الا بفعل ضربات المقاومة الفلسطينية الموجعة ولم يخرجوا من غزة وجنوب لبنان الا بسبب المقاومة عندي سؤال لر قم 1 ما فهمت من هالمقال الا أنه دعاية للظواهري فعلا ذكي

صدقت
نور -

والله معك حق في كل كلمة لم يتدهور حال الفلسطينيين والعرب الا عندما تركوا السلاح وجلسوا يتفاوضون مع هؤلاء المغتصبين كل البشر يبقوا أمامهم خيارات مفتوحة ليستردوا حقوقهم إما السلام أن لم ينفع فالقتال الا حكامنا الشجعان البواسل (السلام خيار وحيد واستراتيجي )هذا شعارهم المتخاذل والتافه ولم يزيد عدد المهاجرين الى اسرائيل وعدد المستوطنات وقوة الصهاينةالا في حالة السلام ولم يتدهور حال العرب ويزدادوا ضعف وانقسام وهوان الا عندما اختاروا السلام معهم أنا لاأقول ان نختار الحرب لكن نبقي خياراتنا مفتوحة اذا لم يريدوا السلام نلجأ للحرب وهذا المنطق السليم وحتى اليهود المتغطرسين لم يوافقوا على التفاوض مع مصر الا بعد انتصار مصر في حرب 73 ولم يرضوا بالجلوس مع عرفات رغم أنهم كانوا يعتبرونه مجرم وخارج عن القانون وارهابي الا بفعل ضربات المقاومة الفلسطينية الموجعة ولم يخرجوا من غزة وجنوب لبنان الا بسبب المقاومة عندي سؤال لر قم 1 ما فهمت من هالمقال الا أنه دعاية للظواهري فعلا ذكي