جريدة الجرائد

جاء الدور على الاسد

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

صحف عبرية

خمسة اشهر كان ينبغي أن تمر وأكثر من 2000 شخص أن يُقتلوا في سورية، لتحريك الرئيس الامريكي وزعماء اوروبا للطلب من بشار الاسد التوقف عن رئاسته. لهذا الطلب، وإن لم يكن تأثير عملي، حيث أن الاسد لا يعتزم ترك قصره، وكذا بيان الامين العام للامم المتحدة بشأن وقف النشاط العسكري، لا ينبغي أن نولي جدية كبيرة.
ولكن، في جدول ردود الفعل الامريكية، وصلت واشنطن أخيرا الى المستوى الأعلى الممكن على الصعيد الدبلوماسي. فقد استنفدت الولايات المتحدة في ذات المناسبة معظم العقوبات الاقتصادية التي يمكنها أن تفرضها على رجال القيادة، وعلى قسم من المؤسسات المالية السورية.
سارت واشنطن على ارض آمنة. فبعد أن فشلت المحاولة التركية لاقناع الاسد بتطبيق الاصلاحات، وأوضحت تركيا للاسد بأن صبرها نفد، وأنها مستعدة لخطوات دراماتيكية اخرى، وبعد أن انضم الملك عبد الله، ملك السعودية، وزعماء دول الخليج الى الموقف التركي، وحتى الجامعة العربية أطلقت تنديدا، كان بوسع اوباما ان يعرض موقفا امريكيا جديدا يستند الى ائتلاف دولي.
الاسد هو الزعيم العربي الرابع الذي تطالب واشنطن برحيله، بعد مبارك، القذافي، وعلي عبد الله صالح اليمني. بينهم جميعا مبارك فقط أعلن عن اعتزاله، وليس بسبب الطلب الامريكي. ولكن، بينما تضع واشنطن نفسها في مكان طيب الى جانب الجمهور العربي بشكل عام والسوري بشكل خاص، وتعرض نفسها كمن يعمل على تقدم الديمقراطية في الشرق الاوسط، فانها بعيدة عن احتلال قلب الثوريين السوريين، فهؤلاء لا يفهمون لماذا تأخرت الولايات المتحدة حتى الآن، ولماذا لا تعمل في سورية مثلما عملت في ليبيا.
أعلام الولايات المتحدة لم تُرفع ولن تُرفع في المظاهرات في سورية، مثلما لم تُرفع في مصر أو في ليبيا. رغم الموقف الامريكي، يوجد للجمهور في الدول العربية حساب طويل مع الادارة التي أيدت وشجعت الانظمة التي يخرج المتظاهرون ضدها. في مصر يجري جدال عام يعطي صداه في مسألة المساعدات الامريكية للجمعيات المدنية في الوقت الذي يشير الوزير الجديد للتكافل الوطني الى هذه المساعدة كمس بالشخصية الوطنية المصرية. في سورية، تجري الادارة الامريكية اتصالات وثيقة مع المعارضة، وحسب تقارير لمحافل معارضة فانها تمول بعضا من نشاطاتها. ولكن هذا لا يمنع مدونون من المعارضة في أن يكتبوا ضد التدخل الامريكي في الثورة السورية.
وبينما حُسم موقف الولايات المتحدة من الاسد أمس، فانها لا تقترح حلا لـ 'اليوم التالي'. كيف ستعمل الولايات المتحدة اذا رفض الاسد اخلاء مكانه، فما بالك من سيحل محل الاسد اذا قرر الاعتزال أو ثار جيشه ضده. ومع أنه لدى واشنطن وحلفائها، ولا سيما العرب، وسائل ضغط اخرى كفرض مقاطعة دبلوماسية، تجميد العضوية في الجامعة العربية وتقليص المساعدات لسورية على المستوى الانساني فقط، فمقابل ذلك لا يزال بوسع سورية أن تعتمد على الدعم الايراني والعراقي بل وعلى روسيا والصين. ليس غنيا عن الذكر أن صدام حسين عاش تحت نظام العقوبات 12 سنة قبل أن تُشن حرب ضده.
الاسد وحلفاؤه يعرفون انه بين البيان الامريكي وفرض العقوبات وبين الهجوم العسكري على سورية، المسافة كبيرة. يوجد لمثل هذا الهجوم معارضة سواء من جانب اعضاء مجلس الامن أم من جانب الدول العربية، وذلك لانه قد تكون له آثار بعيدة المدى لدرجة حرب اقليمية اذا قررت ايران فتح جبهة في منطقة الخليج كي تنقذ الاسد. المتظاهرون السوريون سيتعين عليهم على ما يبدو أن يدفعوا ثمنا باهظا آخر بالدم قبل أن يتمكنوا من أن يشاهدوا الطائرات الامريكية فوق سماء دمشق.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف