لبنان: مقابلة «التايم» مع متهم من «حزب الله» أشعلت «حرباً سياسية»
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
مراسل المجلة الاميركية أكد إجراءها عبر شخص آخر وإدارتها تمسكت بصحّتها
لبنان: مقابلة "التايم" الملتبسة مع متهم من "حزب الله" أشعلت "حرباً سياسية" على ميقاتي ولم توفّر ... سليمان
بيروت
بدت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي غداة انفجار القنبلة الاعلامية المتمثلة في المقابلة التي قالت مجلة "التايم" الاميركية انها اجرتها مع احد المتهمين الاربعة في ملف اغتيال الرئيس رفيق الحريري عند مشارف لحظة الحقيقة القاسية جداً التي ستواجه معها مضاعفات مبكرة للتناقض الذي ولد مع تأليف الحكومة في موقفها من المحكمة الخاصة بلبنان.
ذلك ان الاوساط المتتبعة لمجريات التفاعل الحاد الذي اثارته هذه المقابلة "الملتبسة" مع احد المتهمين في "حزب الله" لفتت الى ان من اولى مضاعفاتها انها عجّلت في كشف الازدواجية التي تعانيها هذه الحكومة في ملف المحكمة الدولية ووضعتها امام الاختبار القاسي في شكل لم تتحسب له، ما يزيد الإلحاح في السؤال عن الاهداف التي رمت اليها الجهة التي رتبت امر المقابلة والتي يفترض انها "حزب الله" الذي نفى مسؤوليته وذهب الى حد القول بأن لا وجود للمقابلة.
وتقول مصادر في 14 آذار لـ "الراي" ان حكومة الرئيس ميقاتي كانت ستصل عاجلاً ام آجلاً الى هذا الاستحقاق، ولكن ساد الظنّ ان موعد هذا الاختبار لن يأتي الا مع طرح موضوع التمويل اللبناني للمحكمة في موازنة السنة المقبلة. ما يعني انه كان سيتعين على الحكومة ان تجد مخرجاً صعباً إما للمضي في التمويل وإما الى وقفه. وعندها ينكشف مدى الهامش المتاح لها في ان تبقى على التزامها المعلن باستمرار التعاون مع المحكمة او الانصياع بشكل كامل لموقف "حزب الله". ولكن ما حصل مع مقابلة "التايم" قدم موعد هذا الاستحقاق، فبرزت الحكومة في موقع "المخدوع" او المتلاعب على المجتمع الدولي، وفي كلا الحالين انكشف واقعها عن عجز او ضعف تام بازاء موقف "حزب الله".
ولفتت المصادر نفسها الى ان البيان الذي اصدره الحزب بنفي وجود المقابلة "بدا اقرب الى مناورة كلامية لم تقدم ولم تؤخر شيئاً في مجريات الانعكاسات السلبية التي ارتدت على الحكومة كلاً، خصوصاً ان ثمة معلومات اشارت الى ان هذا البيان صدر للتخفيف من وطأة الاحراج الهائل الذي واجهه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بعد صدور المقابلة". اما الاثر السلبي الآخر فأصاب مباشرة السلطات القضائية اللبنانية التي ظهرت في مظهر الضعف الكبير او التواطؤ، وفي كلا الحالين فإن مردود هذا التطور سيترك اثره السلبي المتواصل على نظرة المجتمع الدولي والمحكمة الخاصة بلبنان الى سلوك الحكومة والسلطات الرسمية حيال المجريات المقبلة المتصلة بالعملية القضائية.
وفي رأي اوساط واسعة الاطلاع فإنه رغم ان هذه التفاعلات الحادة لم تظهر بشكل واضح بعد على مواقف المسؤولين، فإن محاولة التغافل عنها والقفز فوقها لن توفر للحكومة اي قدرة على الهروب من مضاعفاتها خصوصاً ان المعارضة وقوى 14 آذار تبدو في صدد تصعيد فوق العادة لمواقفها من الحكومة والحكم بعد هذا التطور الذي وصفته المعارضة بأنه "فضيحة الفضائح". وأشارت في هذا السياق الى ان الرئيس سعد الحريري يبدو كأنه فتح مسلكاً مختلفاً في معارضته التصاعدية مع تركيز هجماته الاعلامية وبياناته على رئيسيْ الجمهورية ميشال سليمان والحكومة معاً باعتبارهما "غطاء" لحزب الله. وقالت ان هذا النهج يدلل على نية ثابتة في تصعيد المعارضة في وجه كل التركيبة السلطوية القائمة والضرب بوتيرة شبه يومية على "انصياعها" لحزب الله. وتوقعت ان يتسم المناخ السياسي في المراحل المقبلة بسخونة متصاعدة خصوصاً ان قوى 14 آذار بدأت تحضر لجدولة تحركاتها قريباً بما يتلاءم وحجم المواجهة.
وغداة النفي المتأخّر لـ "حزب الله" والذي جاء بعد اكثر من 24 ساعة من نشر المقالة في "تايم"، اكد كاتبها مراسل المجلة الاميركية نيكولاس بلانفورد صحة المقابلة مع احد المتهَمين الاربعة، لكنه قال انه ليس هو الشخص الذي أجرى المقابلة بل من قام بذلك "هو شخص آخر".
وأبلغ بلانفورد الى تلفزيون "المؤسسة اللبنانية للإرسال" (LBC) إن ما فعله هو أنه قام "باقتطاع جزء من هذه المقابلة ووضعه في متن مقاله في المجلة".
وجاء تصريح مراسل "تايم" غداة إصدار المجلة رداً رسمياً أعقب نفي "حزب الله"، حيث أكد مدير التحرير في "TIME" هوارد شوا ايون Howard Chua-Eoan في بيان نشرته اكثر من وسيلة اعلام في بيروت ان المجلة "تتمسك بصحة المقابلة التي أجراها الصحافي نيكولاس بلانفورد مع المتهم من "حزب الله" ونشرتها المجلة بتاريخ 19 ـ 08ـ 2011".
في موازاة ذلك، لفت ما نقلته صحيفة "النهار" عن مصادر متابعة لتطورات قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري رجحت أن يكون المتهم حسين العنيسي هو الذي قابل مراسل "تايم"، مشيرة إلى أنه "استناداً إلى معلومات موثوق بها لديها إن اللقاء حصل أواسط الأسبوع الماضي، الثلاثاء أو الاربعاء، في حضور مترجم عربي غير لبناني". وأضافت أن "المصدر المسؤول" في (حزب الله) الذي جرت المقابلة في منزله يتقن الانكليزية جيداً، وكان يدقق في صحة الترجمة إليها".
وتوقفت المصادر المتابعة "عند صمت الحزب حيال العاصفة السياسية التي أثارتها المقابلة من ليل الجمعة حتى صدور بيان الرئيس سعد الحريري، رغم أن الماكينة الإعلامية للحزب تعمل في ما يشبه حال استنفار للتعامل فوراً والرد على أي خبر أو موقف يتعلق به". ولم تستبعد "أن يكون تدخُّل الرئيس ميقاتي الذي أحرجته المقابلة في "تايم" وردود الفعل عليها، لا سيما بيان الحريري، قد دفع الحزب إلى نفي حصول المقابلة من الأساس، علماً أن بلانفورد هو كاتب وباحث معروف بجديته وعلاقاته الراسخة في لبنان، ويصعب تصديق أن يكون اختلق المقابلة"، علماً ان تقارير اشارت الى ان رئيس الوزراء اللبناني تعمّد زيارة رئيس البرلمان نبيه بري يوم السبت وطلب منه ان يُصدر "حزب الله" نفياً للمقابلة "التي أظهرت عجز السلطة عن القيام بواجباتها حيال المحكمة".
وبين نفي "حزب الله" وتمسُّك "تايم" بحصول المقابلة، نُقل عن مصدر قضائي أن "القضاء اللبناني سارع الى فتح تحقيق موسع بشأن المقابلة التي اجرتها "تايم" مع احد المتهمين باغتيال الرئيس الحريري، لمعرفة هوية هذا الشخص المنسوب اليه الحديث ومكان وجوده"، من دون ان يستبعد "أن يصار الى الاستماع الى إفادة الصحافي الذي أجرى المقابلة مع المتهمَ". وقال: "اي تكتم على معلومات تتعلّق بالمتهم يجعل الصحافي متورطاً في إخفاء معلومات عن شخص متهم بجريمة خطيرة تهدد أمن الدولة".
وكان "حزب الله" اصدر بعد ظهر السبت بياناً جاء فيه: "ادعى مراسل مجلة (تايم) الأميركية أنه اجتمع مع مصدر مسؤول من (حزب الله) ثم وجد نفسه وجهاً لوجه مع أحد المتهمين الأربعة في قضية الحريري فأجرى مقابلة معه".
وأضاف: "لم يجتمع أي مسؤول من حزب الله مع مراسل مجلة (تايم) لا منفرداً ولا مع أحدٍ آخر، وبالتالي فالخبر المذكور عار عن الصحة تماماً، والمقابلة المدعاة لا وجود لها. ويبدو أن القصة من فبركات المحكمة الخاصة بلبنان التي عودتنا على الروايات البوليسية الكاذبة والمختلقة إعداداً وحواراً وترويجاً".
وجاء هذا البيان بعيد الموقف الحاد الذي اطلقه الرئيس سعد الحريري وتساءل فيه "هل سمع الرئيس ميشال سليمان بالمقابلة التي نشرتها مجلة (تايم) (...)؟ وهل يريد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ومعه بقية الفريق الوزاري، المسؤول مبدئياً عن التزامات لبنان تجاه المحكمة الدولية، أن يسمع بتلك المقابلة؟".
وقال الحريري في بيان له: "يبدو ان سياسة صم الآذان ودفن الرؤوس في الرمال، تجاه كل ما يتصل بحزب الله وسطوته على القرار الحكومي وعلى هيبة الحكم في لبنان هي السائدة، وليس في مقدور احد من اهل الحكم ان يخالف رأي وتوجهات وارادة المرشد الأعلى للجمهورية اللبنانية". وأضاف: "ما نُقل عن احد المتهَمين في مجلة (تايم) اعلان واضح ومكشوف، من جانب (حزب الله) بأن الدولة، برئاساتها ومؤسساتها وحكومتها واجهزتها الأمنية والقضائية، هي مجرد ادوات وظيفتها الأساسية حماية (حزب الله) وتنفيذ رغباته".
وإذ رأى "أن (حزب الله)، يريد الدولة، غطاء لوجوده السياسي والأمني والعسكري"، جزم بأن "هناك في الدولة والحكومة مَن يوفر له هذا الغطاء، ويشاركه سياسة الهروب من الحقيقة والالتفاف على العدالة"، معتبراً "أن سياسة توزيع الأدوار بين الحكومة وبين حزب الله، مرفوضة جملة وتفصيلاً"، ومؤكداً "ان التاريخ لن يرحم المتورطين بهدر دم الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه، ولكنه بالتأكيد سيلعن كل المشاركين في بيع دماء الشهداء، لقاء حفنة من مواقع السلطة".
واستدرج موقف الحريري بياناً من (حزب الله) الذي اعتبر "ان رئيس حزب (المستقبل) استعجل كما هي عادته وعادة مسؤوليه، في تبني مضمون مقابلة مختلقة وكاذبة في مجلة (تايم)، فسارع للبناء عليها، وساق التحليلات السياسية المضللة والمجافية للحقيقة، ما يزيد الشبهة بأن تصريحه جزء من الفبركة الإعلامية للروايات الممجوجة التي ترعاها المحكمة الخاصة بلبنان، للاكثار من سيل الاكاذيب التي تخفي الحقيقة كما جاء في بيان صادر عن الحزب".
واضاف: "لقد أصدر (حزب الله) بيانا بيّن فيه كذب ادعاء مراسل مجلة (تايم) بإجراء المقابلة المذكورة، وما بنى عليه الحريري كذب وافتراء، وبالتالي فإن استنتاجاته وتقييمه السياسي باطل، لأنه بني على باطل. وهذه عينة مما يغترف منه حزب المستقبل ورئيسه لطمس الحقيقة".
وبدا ملف "التايم" بمثابة "الزيت" الذي صُبّ على "نار" الاشتباك الكلامي بين "حزب الله" و"المستقبل" حول مجمل قضية المحكمة الدولية والقرار الاتهامي. وفي حين دعا نائب الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم الرئيس الحريري "الى فك ارتباطه بالمحكمة المضللة"، لافتاً الى "أن هذه المحكمة هي لإلحاق الضرر بلبنان، ولإحداث الفتنة"، وصف وزير "حزب الله" لشؤون التنمية الإدارية محمد فنيش القرار الاتهامي بـ "الهش الذي لم يتمخض عن شيء"، وقال: "إذا كان المطلوب مواقف تاريخية، فإن ذلك مطلوب من الفريق الآخر عبر القول لهذه المحكمة بأن تكف عن توظيف جريمة أجمع كل اللبنانيين على ضرورة معرفة الجناة وتطبيق العدالة فيها".
في المقابل، اعلن الأمين العام لـ "تيار المستقبل" أحمد الحريري "ان الطائفة الشيعية أشرف من أن تتورط في دم الرئيس الشهيد رفيق الحريري وليست محل اتهام من أحد، بل نقول بصراحة ان ما يتهدد الشيعة هو نفسه ما يتهدد كل اللبنانيين، اي مشروع الاستقواء والهيمنة وغلبة السلاح في الحياة السياسية، فهل سنشهد ربيعا لدى الطائفة الشيعية في لبنان؟"، معلناً "لا شرعية لمقاومة تدير سلاحها الى الداخل وتهيمن على الدولة".
وقال رداً على وصف الشيخ قاسم قبل ايام تيار "المستقبل" انه "ميليشيا": "بالأمس القريب، سمعناهم، مكابرين كالعادة، يقولون وللعجب، اننا ميليشيا. (...) ونحن نقول اننا نتمسك بحقنا في الحرية وندعم الأشقاء في نضالهم من أجل الحرية والكرامة، أما هم فينصرون ظالما ويقدسون متهما ويحمون شّتاما".
بلانفورد ... هذه قصة اللقاء مع احد المتهَمين من "حزب الله"
بيروت ـ "الراي"
أكد الصحافي في مجلة "تايم" نيكولاس بلانفورد أنّه لم يُجرِ المقابلة مع المتهم باغتيال الرئيس رفيق الحريري بنفسه، لكنه تلقى من ادارة تحرير المجلة في نيويورك اتصالاً لإبلاغه أن لقاءً أُجري مع احد المتهمين من "حزب الله"، وستتم اضافته إلى التحقيق الذي أجراه حول المحكمة الخاصة بلبنان في عدد المجلة.
وإذ أشار بلانفورد إلى أنه يركز في هذه الفترة على التحقيق باغتيال الرئيس الحريري، أكد أنه "واثق من أن اللقاء مع المتهم قد تمّ، وإلا لما كانت ادارة المجلة وافقت على نشره"، مشدداً على أنه لم يتعرض للتهديد من "حزب الله" أو غيره وأنه لم يتلقَّ أي اتصال من الحزب، "بل فقط تلقيت اتصالاً من السلطات اللبنانية وسأقابل أحد المسؤولين الامنيين خلال الساعات المقبلة".
إكليل زهر باسم الحريري على ضريح عيد
صاحب أول اختراق بالبنية الخلوية لجريمة 14 فبراير
بيروت ـ "الراي"
لم تكن عادية الزيارة التي قام بها امس الاحد النائب احمد فتفت ممثلاً الرئيس السابق للحكومة زعيم "تيار المستقبل" سعد الحريري لضريح الرائد وسام عيد في دير عمار (الشمال) غداة محطة مماثلة كانت للمدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء اشرف ريفي، وكلاهما أعقبتا نشر القرار الاتهامي في جريمة اغتيال الرئيس السابق للحكومة رفيق الحريري (في14 فبراير 2005) والذي شكّل عنصر الاتصالات "حجر الزاوية" فيه.
فالرائد عيد، الذي اغتيل في 25 يناير 2008 والذي كان يوصف بـ "العقل المعلوماتي" في فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي، سبق ان وُصف بانه "المفتاح" الذي حقق اول اختراق على مستوى بنية الاتصالات الخليوية التي رافقت الاعداد لجريمة الحريري، وبان الوحدة الخاصة التي ترأسها توصلت الى فرز أرقام عدد من الهواتف الجوالة التي يشتبه باستعمالها في محيط اغتيال الرئيس السابق للحكومة لحظة تحديد مسار العد العكسي للتفجير وقبله بأيام. وعيد، الذي سبق ان اعلن اللواء ريفي انه "أسس لاكتشاف جرائم كبرى حصلت في لبنان، والتاريخ والأجيال المقبلة ستعرف الإنجازات التي قام بها"، كان على موعد الاحد مع النائب فتفت الذي زار على رأس وفد من "كتلة المستقبل" منزل عائلته وضريحه حيث وضعوا إكليلاً من الزهر باسم الحريري.
واعلن فتفت ان "دماء الشهيد وسام لن تذهب هدراً، وهذا ما ظهر جلياً بعد صدور بعض تفاصيل القرار الاتهامي، الذي استند الى "داتا" الاتصالات وتعقب المكالمات التي كان يقوم بها المتهمون في جريمة الرئيس الحريري وهو الأمر الذي اكتشفه الرائد عيد منذ البداية وعمل على فك رموزه، ولذلك قاموا باغتياله"