جريدة الجرائد

حتوحشنا يا معمر

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

حمود أبو طالب

كانت مفاجأة بالفعل حين قطعت معظم الفضائيات برامجها مساء السبت لتنقل لنا اقتراب الثوار الليبيين من طرابلس، وكانت المفاجأة الأكبر دخولهم لها بسرعة لنتمكن من مشاهدتهم في شوارعها مساء الأحد.. في الليلة الأولى استمعنا إلى القذافي وهو يلقي خطابا لم تختلف نكهته عن خطاباته السابقة، كان يهذي بقاموسه المعروف بينما الشاشة تعرض تقدم الثوار، وفي الليلة التالية ظهرت للحظات مذيعته هالة المصراتي شاهرة مسدسها وهي تقول: يا قاتل يا مقتول، انقطع بعدها بث المحطة الطريفة لتملأ الشاشة مشاهد الثوار وهم يدوسون صورة ملك ملوك إفريقيا بالأقدام وعجلات السيارات.. هي مفاجأة بالفعل لأن الثورة الليبية اختلطت فيها أوراق كثيرة حتى اعتقدنا أنها ترهلت وربما تنتهي إلى بوابة مسدودة، لكنها نسفت هذا الظن حين أهدتنا خبر اقترابها من ثكنة القذافي في باب العزيزية.. هي النهاية إذن، وسيكون العالم بلا قذافي..
الحقيقة أنه رغم السعادة التي نشعر بها لتخلص الشعب الليبي من معمر القذافي، بل تخلص العالم كله منه، إلا أننا كعرب سنفتقده كثيرا. كان القذافي فاكهة الثورات العربية التي تجعلنا نضحك رغم المآسي التي نشاهدها. منذ اندلاع الثورة في شهر فبراير لم يتوقف مسلسل القذافي الكوميدي الذي يتحفنا في كل حلقة منه بما يتفتق عنه خياله الجامح. لقد أثرى قاموس النكتة بعبارات يرددها الكبار والصغار، وتحول بعضها إلى أغنيات شائعة ونغمات للهواتف المحمولة، وحظيت خطاباته على اليوتيوب بأكبر نسبة مشاهدة. كنا إذا حوصرنا بالحزن من مشاهدة الدماء والخراب في ليبيا أو غيرها تحولنا سريعا إلى واحدة من تحف القذافي التي تجعلنا نضحك تلقائيا، ونشعر بفضل الثورة الليبية في التخفيف من علة الاكتئاب لدى كل العرب..
ورغم أن الثوار قادرون الآن على الإمساك بالقذافي بعد انهيار تحصيناته إلا أن رئيس المجلس الانتقالي صرح بالاستعداد لوقف إطلاق النار فورا إذا ما رحل القذافي وأبناؤه عن ليبيا، ونحن نحتج بشدة على هذا القرار لأننا كأمة عربية سنفتقد برحيله ثروة قومية كوميدية لا تعوض، نحن في أمس الحاجة لها.. بالإمكان يا رئيس المجلس الانتقالي إنجاز مشروع الثورة واعتقال أو ترحيل من تشاؤون من رموز النظام إلا معمر. أنتم تحتاجون بعد التعب والمكابدة إلى شيء من الترفيه والتسلية، ولن تجدوا من يقدمها لكم أفضل من العقيد. ونحن وصلنا إلى مرحلة الإدمان على مشاهدته والاستماع إلى درره الفريدة، فكيف تفكرون في حرماننا منه..
بالإمكان أن تمضي أموركم في طريقها مع الإبقاء على العقيد في ليبيا وتخصيص فقرة تلفزيونية أسبوعية يتحفنا خلالها بانطباعاته بعد أن قبضت عليه الجرذان..

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
ظالم
عبدالله العثامنه -

ما يوحش عليك ظالم