متى تخلعون هذا الجلباب
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
فيصل الشيخ
قبل المضي قدماً في هذه السطور، أنصح القراء الكرام بالعودة إلى مقال الزميلة العزيزة سوسن الشاعر يوم أمس، كونه مقالاً ''يوجع'' بالفعل، إذ هي استندت فيما كتبته إلى ''البروشور الدعائي'' لجمعية الوفاق للانتخابات الماضية، وأجزم بأنكم تذكرونه جيداً، ذاك ''البروشور'' المطرز بالصور، والذي استعرضت فيه الوفاق منجزاتها ومناقبها في نقاط عديدة وكثيرة، بينت فيها بالتحديد ما حققته خلال الفصل التشريعي الثاني، والذي انطلقت من خلاله في عملية إقناع الناخبين بجدوى التصويت لمرشحي ''الكتلة الإيمانية'' في انتخابات الفصل التشريعي الثالث، لاسيما بعد ''صدمة'' الناس من حراكها، خاصة في شأن التقاعد النيابي ''الإلزامي''. أقول ''يوجع'' كونه يأتي في سياق تحليل مضمون الخطاب، وبأسلوب ''من فمك أدينك''، إذ الوفاق وثّقت في هذا ''البروشور'' فاخر الطباعة ما اعتبرته ''إنجازات'' حققتها، وأين؟! في داخل المجلس النيابي! هذا المجلس الذي تنتقص منه اليوم بكل قوة، وتعتبره كياناً ''صورياً'' لا تأثير له. لا تعجبوا من هذا التناقض، فهم يديرون المسائل بحسب اتجاه بوصلة المصالح، يعززهم في ذلك القدرة على ''غسل أدمغة'' البشر الذين يتبعونهم، والذين يعتبرونهم ''أرقاماً'' ليس إلا، لا أناساً لهم إرادة وقرارهم يجب أن يحترم، بل هم أصوات عليهم أن يصوتوا لمن يمنحه المرجع ''صك التعميد''. اليوم ندخل مرحلة جديدة من مراحل العمل الديمقراطي في البحرين، أعني الانتخابات التكميلية، والتي تأتي لتمضي قدماً بالعمل البرلماني، هذا العمل المفترض أن يستمر بقوة دون تعطيل، من أراد الالتحاق به فلا شيء يمنعه، ومن يرفضه فهو إنما يعبر عن موقفه الشخصي لا موقف الناس، تحركه أجندته وأهدافه. أكثر ما نخشاه اليوم ممارسات الترهيب والتهديد بحق الناس البسطاء، وهي مسألة لا تستبعد أبداً، كونها طالت في الانتخابات السابقة شخصيات قيادية في جمعيات سياسية يفترض أنها داخلة في تحالفات مع الوفاق نفسها، لكن ذلك لم يمنع عملية تسقيطهم وإرهاب ناخبيهم، فقط لأن المنافس كان من الوفاق. حديثنا نوجهه اليوم للناس الذين حولتهم الوفاق إلى مجرد أرقام، نربط ذلك بالتناقضات الصادرة عن الجمعية، خاصة ما بينته الزميلة الشاعر يوم أمس في مسألة الإشادة بدورهم في البرلمان في فترة ما، ثم تسقيط البرلمان في فترة أخرى، كل ذلك بحسب المصلحة. إن كانت هذه الجموع تقول إنها تنشد الحرية وتمارس الديمقراطية، فعليها أن تثبت ذلك واقعاً على الأرض، عبر التجرد من أي إملاءات أو تبعيات لا إعمال للعقل فيها، والمشاركة فيما كانت تنادي به في السابق عبر شعار ''البرلمان هو الحل''، وفق قناعة بأن البرلمان مازال موقعاً لحل جميع المعضلات، لكن شريطة إيصال الأشخاص القادرين على تحقيق طموحات الناس، المنشغلين بهمومهم، لا المستفيدين من وجودهم في السلطة التشريعية لتمرير أجنداتهم وتحقيق مصالحهم، أو تمهيد الأرضية لمزيد من المكاسب ''السياسية'' في ظل السعي لتأسيس ''دولة بداخل الدولة''. ما حصل طوال السنين الماضية من بعض المعسكرات التي بان بأنها لا تريد الخير لهذا البلد، كلها أمور مستندة إلى عملية النجاح في استغلال الناس، واللعب على أوتار العاطفة والولاء والانتماء للمذهب، بتصوير ما يحصل في البحرين من أطراف أخرى على أنه ممارسات تمييزية تتخذ من الطائفة والتحزب المذهبي منطلقاً لتوجهاتها، وهذا محض افتراء ومسألة بعيدة عن الواقع. الأزمة الأخيرة أضرت بعموم الوطن ومكوناته، لكنها في مقام آخر أضرت خصوصاً بالفئة التي سارت ''عميانياً'' وراء الوفاق في ''وهم الانقلاب على النظام''، بالتالي باتت هي أكثر المتضررين من التداعيات المنطقي حدوثها. الحل اليوم بتغليب صوت الفرد، ألستم تطالبون بصوت لكل مواطن؟! بالتالي لماذا لا تطالبون بـ''صوت حر'' لكل مواطن، وليس ''مشروطاً'' بحيث يكون موجهاً لكم وحدكم؟! أصوات عديدة معتدلة في الشارع الشيعي تتحرك اليوم لتسد الخلل الذي أحدثه من ادعوا حرصهم على الوطن، واتضح حرصهم كيف يكون، لماذا لا يكون الدعم لهذه الأصوات؟! لماذا لا يكون الإسناد لفضيلة الشيخ محسن العصفور ومن على نهجه يسير ضمن خط وطني واضح؟! على إخواننا في الطائفة الشيعية الكريمة أن يقوموا ''بجردة حساب'' واقعية، وأن يضعوا الدولة في كفة ومن استخدمهم في كفة، ويحسبوا مكاسبهم وخسائرهم، ويحددوا المصدر الرئيس لأي تراجعات تحققت، وما أكبر تراجع من إعادة الدولة لسنوات إلى الخلف، وإشاعة أجواء الإرهاب والفوضى، ناهيكم عن تدمير الاقتصاد؟! اخلعوا هذا الرداء الذي ألبسوكم إياه قسراً، فـ''جلباب'' الوفاق بان جلياً بأنه لا يصلح لإثبات الحرص على البحرين ومستقبلها