الانتخابات بكم وبدونكم
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
سوسن الشاعر
لو خصصت مساحة هذا المقال مدة أسبوع لنقل ما قاله أعضاء جمعية الوفاق في ''إنجازاتهم'' التي تحققت بالأدوات الدستورية تبريراً لإعادة مشاركتهم في الفصل التشريعي الثالث لما استطعت، ولكنني أعطيت لكم نبذة بسيطة، ولكم أن تعودوا لموقع الجمعية الإلكتروني وتقرأوا ما قاله الأعضاء في لقاءات صحافية متعددة، أو في ورقة الأمانة العامة التي قدمتها، وكلها كانت قبل الانتخابات الأخيرة، أي لم يجف حبرها الإلكتروني بعد! تلك الإنجازات تمت بالطبع من خلال أدوات دستورية أثبتت فعاليتها بتصريحاتهم وإقرارهم أنها قادرة، وأن بإمكانها أن تحقق ''إنجازات'' ودونها لا يستطيع أن يحقق أي عضو أو كتلة شيئاً. هم يعلمون أن الأدوات الدستورية أتاحت لهم المشاركة في صنع كل القرارات، والمشاركة في إدارة الدولة، ومناقشة الميزانية، بل ورفضها حين تتقدم الحكومة بها كمشروع بقانون، وهذه الأداة هي الأكثر فعالية وقوة في كل برلمانات العالم. ليس هذا فحسب، بل إن الأدوات الدستورية تتيح للسلطة التشريعية رد المراسيم الملكية ورفضها، في حين لا يستطيع خادم أن يرد فتوى صادرة من السيد! هذه حكمة خذوها مني!!! الأدوات الدستورية الديمقراطية لم تكن محصورة في السلطة التشريعية، بل حتى خارج القبة البرلمانية أعطت تلك الأدوات للجمعية الحق أن تكون حزباً سياسياً يدخل انتخابات، ويعقد الندوات، ويسير المسيرات، ويصدر النشرات، ويمول من قبل ميزانية الدولة، هذه كلها حقوق تمتعت بها الوفاق بفضل الدستور الذي أساءت إليه. الأدوات الدستورية التي تنتقدها الوفاق أتاحت لأعضائها أو مؤيديها أن يؤسسوا نقابات مهنية، واتحادات نوعية، وتكون لهم صحيفتهم اليومية. العديد من الحقوق التي توفرها الأدوات الدستورية لا يتسع المقال لذكرها وتمتعت بها الوفاق وكافة القوى السياسية، هذا الدستور الذي تمتعتم بحقوقه ولم تحفظوا له حقه. هذه أدوات لا يحلم بها أي مواطن سوري أو ليبي، حتى تقارنوا بين احتجاجاتكم واحتجاجاتهم، هل يمكن لأي مواطن سوري أو ليبي أن يكون عضواً في اتحاد عمالي، ويكون في ذات الوقت عضو مجلس إدارة لصندوق كـ''تمكين'' رأس ماله يصل لملايين الدنانير، ويكون عضواً في مجلس التأمينات الاجتماعية؟ ألا كيف تحكمون؟! دعكم من الفارق في المستوى المعيشي بين البحريني والليبي، الذي هو في صالح الفرد البحريني، رغم فارق الموارد بين الدولتين، فهذه لم تحسبوها وما كانت لتكون لولا إدارة الموارد التي وفرت ذلك المستوى من الخدمات، فتلك مقارنة أيضاً، ولكن فلنجارِكم ونحصر الجدل في الأدوات الدستورية فحسب. الحجج التي سيقت للمقاطعة ما هي سوى ذريعة لتبرير قرار نعرف أن أكثر من نصف أعضاء الجمعية غير راضين عنه، ولكنهم بلعوا الموس وسكتوا، لأنه قرار لا يتخذه من هو في مرتبة خادم. في النهاية لا نملك إلا أن نقول ''على راحتكم''.. ولكنّ البحرينيين أحرار، وهناك من لا يريد أن يخلو المقعد النيابي من شخص يمثله وينوب عنه، هناك بحرينيون يريدون أن يختاروا نائبهم ليساهم هو الآخر بمزيد من ''الإنجازات''، أم أنكم تريدون أن تحتكروا الإنجازات وحدكم؟ الشعب البحريني لن يتعطل ولن يقف يتفرج والسفينة ستمضي، وهناك أحرار في كل مناطق البحرين لا يريدون أن يكونوا خدماً وعبيداً يجمعون النقيضين في عقولهم ويصدقونهما معاً. هناك أحرار يحددون قناعاتهم بأنفسهم، ويريدون أن يتمتعوا بحقوقهم وينفعوا وطنهم ومجتمعهم بتعاطٍ إيجابي. هناك من يريد أن يراقب الخطة الإسكانية وتوزيع الوحدات، وهناك من يريد أن يبحث عن مخرج لزيادة رواتب القطاع الخاص، وهناك من يريد أن يراقب أوجه صرف المساعدات الخليجية التي وُعدت بها البحرين، وهناك من يريد أن يراقب جودة التعليم وماذا ستفعل الوزارة بتقارير هيئة ضمان جودة التعليم، وهناك من يريد أن يراقب هيئة التراخيص الطبية، وتقارير ديوان الرقابة المالية، ومازالت القائمة أطول فيما يمكنه أن يحققه النائب والكتل النيابية. البحرين بخير والحمد لله، وأهلها من كل الطوائف قادرون على أن يسيروا الدفة، ومن يريد أن ينضم للمركب فعلى الرحب والسعة، ومن يريد أن يأوي إلى جبل يعصمه، فلا نستطيع أن نجبره على ذلك. إنما مثلما أُعطيتم حرية الاختيار، ولم ولن يجبركم أحد على المشاركة فتلك حقوق منحها لكم الدستور واحترمنا خياراتكم، نتمنى أن تتمتعوا بقدر من الجرأة بترك الآخرين يحددون خياراتهم، بلا رسائل على الهاتف، أو تهديد أو تصعيد، أو تلميح بحرب أهلية، وغير ذلك مما يفقدكم ما تبقى من مصداقية