بداية نهاية العربدة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
هاشم عبدالعزيز
هل سقط، أو تدحرج؟ أو انتهى زمن التلميع؟ هذا بعض مما يدور في شأن ldquo;التبدل السريعrdquo; الذي اعترى موقف رئيس الوزراء ldquo;الإسرائيليrdquo; نتنياهو، من سطوع طاغ في قاعة الكونغرس الأمريكي حين استقبل بحفاوة غير مسبوقة، وألقى خطابه وسط موجة عارمة من التصفيق ووصف حينها ب ldquo;الملك غير المتوجrdquo;، إلى مشهد بائس داخل ldquo;إسرائيلrdquo;، حيث بدا في الأحداث الأخيرة، كما لو أنه في صراع مصيري وحاله أشبه بطاووس مازال يتحرك ولكنه منتوف الريش .
المفارقة أنه ldquo;هناكrdquo;، أي في أمريكا، كان الحاضر ldquo;إسرائيلrdquo; بذلك التحضير الإعلاني والإعلامي والسياسي الكبير، لكن ldquo;إسرائيلrdquo; ldquo;هناrdquo;، حاضرة بحقائق وجود كيانها على العدوان والاحتلال والاستيطان وعلى أزماته المتداعية، أزمة اقتصاد تلوّح بالانهيار في سلسلة أزمات رأس المال العالمي وهو يتفاقم في ldquo;إسرائيلrdquo; لاعتماد كيانها على الهبات المالية من دول وشركات وجماعات باتت في حاجة إلى المساعدة لمداراة أزمتها المتفاقمة والمتفجرة، وهذا ما ظهر في اليونان ومر على إسبانيا وإيطاليا وكان إعصارياً في بريطانيا والحبل على الجرار .
وهناك الأزمة الاجتماعية المتفجرة بمطالب حيوية معيشية وتوجهات جذرية تجاه النظام لتحقيق العدالة والمساواة، وهناك الحصاد المر السياسي بفرض الأمر القائم على الاحتلال، وتزايد المشاريع الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية، كما تؤشر إليه التحركات الفلسطينية باتجاه الأمم المتحدة الذي يجري الآن للحصول على الاعتراف والعضوية كاملة الاستحقاق في هذه المنظمة، والمفتوح على مطالبة الأمم المتحدة القيام بتنفيذ قراراتها التي لم تجد من الكيان الصهيوني أي اعتبار .
وإلى هذا وذاك، تصحّر الدور الأمريكي المزدوج الذي استنزف تسويق الخداع والتضليل لإحلال السلام، ولم يعد قادراً على اللعب على الخلافات العربية ولا على الانقسامات الفلسطينية، كما جرى خلال عقود، وفي الإجمال كان الفشل الأمريكي في استمرار إدارة الأزمة باتجاه تصفية القضية الفلسطينية، ومن هذا الفشل كان استبدال الإدارة الأمريكية مبعوثها للمنطقة جورج ميتشل ب دينيس روس، وهذا الأخير لم يأت لخبرته في شؤون المنطقة وأزمتها، إذ كان بنفس المهمة في عهد الرئيس كلينتون، لكن جاء اختياره في مسك ختام للانحياز الأمريكي ل ldquo;إسرائيلrdquo;، ويكفي أن يشار هنا إلى أن الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وصفه أثناء مفاوضات كامب ديفيد الثانية بأنه ldquo;يتكلم بلسان أمريكي ولكن بلغة ldquo;إسرائيليةrdquo;rdquo; .
وفي ظل هذه الأوضاع لم يفقد نتنياهو ما يعمله، ببساطة واصل ما يكرّس صهيونياً من أعمال، متمثلاً بإطلاق مزيد من المشاريع الاستيطانية الجديدة في القدس والإعلان عن أنها ستخصص للمطالبين والمحتجين وبخاصة الشباب في المدن ldquo;الإسرائيليةrdquo; في خطوة لإيجاد مستوطنين جدد هم من الداخل ldquo;الإسرائيليrdquo; بعد أن كان هؤلاء يجلبون من بلدان عدة .
نتنياهو وأركان إدارته خاضوا لعبة خلط الأوراق في وجه التحرك الفلسطيني للاعتراف بالدولة الفلسطينية وتجاه الاحتجاجات الداخلية والعزلة الدولية .
في هذا كان الاندفاع العسكري تجاه غزة مفتوحاً على التوغلات وإمطار القطاع بوابل من القذائف المدمرة وارتكاب المجازر الوحشية بهدف جعل موضوع الأمن ldquo;الإسرائيليrdquo;، إن لم يكن حاضراً بمتطلبات ldquo;إسرائيلrdquo;، يكون متداولاً في السياقات الإعلامية والدبلوماسية في هذا التوقيت للتحرك الفلسطيني، ومع هذا كان التحرك ldquo;الإسرائيليrdquo; لإعادة إطلاق موضوع تبادل الأسرى مع حماس، والهدف من ذلك ينطوي على ازدواج، فإذا تم الاتفاق لإطلاق غلعاد شاليت، فذلك سيكون انتصاراً في الداخل، وفي أسوأ الأحوال مجرد التحرك يمكن أن يكون تلاعباً في الوضع الفلسطيني الذي لم يتجاوز إعلان إنهاء الانقسام مابين ldquo;فتحrdquo; وrdquo;حماسrdquo; .
غلطة نتنياهو وأركان إدارته، جاءت بالحسابات القاصرة التي أقاموها في التعامل مع الجبهة المصرية، فقد أرادوا اختبار رد الفعل من الوضع المصري بعد ثورة 25 يناير العظيمة، حين توغلت القوات ldquo;الإسرائيليةrdquo; داخل الأراضي المصرية وأطلقت نيرانها وقتلت عدداً من الجنود والمواطنين المصريين ليكون الرد من الشعب المصري في انتفاضة كرامة وإرادة .
هذه ليست مقدمة مفتوحة على العربدة ldquo;الإسرائيليةrdquo;، التي نالت من مصر بسبب تواطؤ نظام مبارك وحسب، بل هو عنوان القادم من المواجهة الصهيونية مع الشعب المصري، وهي ستكون كذلك مع الشعوب العربية، وحقوق الشعوب لا تضيع .