جريدة الجرائد

تحديات "مصر الجديدة" داخلية وإقليمية ودولية

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

سركيس نعوم

لا يستطيع حتى الخبراء الجديون في اوضاع مصر تقديم أجوبة نهائية عن الاسئلة الثلاثة التي ختمنا بها "الموقف" يوم السبت الماضي والمتعلقة بتعقل "الاخوان المسلمين" و"نهائيته"، والمتعلقة أيضاً بأدوار الخارجَين الاقليمي والدولي والنخب والاحزاب والتيارات المصرية. لكنهم يستطيعون الخوض فيها من خلال تناول التحديات البالغة الصعوبة التي تواجهها مصر ما بعد حسني مبارك والتي قد تعوق انتقالها من "المرحلة الانتقالية" الراهنة الى المرحلة النهائية. وهي قد تكون مرحلة نظام جديد كما قد تكون مرحلة استمرار النظام القديم ولكن منقحاً بتغييرات تجميلية واخرى جدية.
اولى التحديات داخلية. ومنها الاقتصادي ومنها الاجتماعي ومنها الأمني. الا أن ابرزها يبقى استعادة الدولة التي كادت ان تفرط بين أيدي ابنائها، وتحديد معناها ودورها ومهماتها. ويحتاج ذلك الى اتفاق وطني شامل او شبه اجماعي على النظام الذي يفترض ان تطبقه الدولة. علماً ان ذلك لا يعني ان الدولة، وهي عريقة في مصر انهارت او زالت رغم تداعي مؤسسات فيها. كما لا يعني ان النظام سقط بكل عناوينه.
في اختصار، التحدي الأبرز الذي يواجهه المصريون اليوم وسيو اجهونه غداً اثناء الانتخابات الرئاسية التشريعية وبعدها تعبّر عنه الأسئلة الآتية: هل يكون النظام في مصر الدولة ذات الغالبية الشعبية المسلمة اسلامياً؟ أي نظاماً يطبق الشريعة كلياً أو جزئياً؟ هل تكون دولة مصر مدنية رغم اسلام الغالبية الساحقة لشعبها؟ أم هل تكون دولة علمانية يعتبر المسلمون والاسلاميون، وهناك فرق بين الاثنين، انها تناقض الشريعة الاسلامية؟ هل يكون النظام ديموقراطياً وهل تحترم دولته الحريات على انواعها وحقوق الانسان والمساواة بغض النظر عن الفوارق؟ هل تساوي دولة مصر الجديدة ونظامها أقباطها المسيحيين بمسلميها، وتفسح أمامهم في مجال الخروج من "الحال الذميّة" التي صارت جزءاً من شخصيتهم والمشاركة في القرار الوطني والحياة السياسية؟
وثانية التحديات اقليمية أولها اسرائيل. وتعبر عن ذلك الاسئلة الآتية: هل تحافظ مصر "الجديدة" شكلاً او مضموناً على السلام مع اسرائيل وان بارداً؟ أم تبدأ في التخلي عنه من خلال عدم التصدي للمعادين لاسرائيل من مصريين وفلسطينيين ومسلمين غير عرب؟ ماذا تفعل اسرائيل في هذه الحال؟ وماذا يكون رد فعل هؤلاء المعادين اذا واجهت مصر "الجديدة" اعمالهم وقمعتهم؟ وماذا يحصل اذا تعاظم نفوذ الاسلاميين التكفيريين المؤمنين بالعنف ضد المسلمين وغير المسلمين داخل مصر؟ هل تضربهم الدولة أو هل تنجح في ضربهم؟ وثاني التحديات الاقليمية ايران التي تسعى ومن زمان الى "تشليح" العرب قضيتهم الاولى والى استعمالها لتنفيذ استراتيجيها واهم ما فيها تحولها القوة الاقليمية العظمى في المنطقة "ماسحة" بذلك دور العرب كلهم. أيران هذه حققت نجاحاً مهماً وإن غير نهائي على هذا الصعيد، لكنها مستمرة في العمل للوصول اليه. وفي ما يخص مصر فإنها تخاف ايران هذه وخصوصاً بعد ثبوت ضلوعهافي اعمال مؤذية لها في الداخل، وتقوم بكل ما هو ضروري لمواجهتها.
والسؤال الآن هو: هل تستمر الدولتان في المواجهة؟ أم تتوصلان الى تعاون؟ والجواب استناداً الى المتوافر من المعلومات هو ان ايران تحاول تطبيع العلاقات مع مصر من دون التخلي عن طموحاتها. وهي أيضاً ان مصر لا تمانع في التطبيع. لكنها تريد تفاهماً نهائياً لا "اجندة" مخفية وراءه. ولذلك فإنها ابلغت اخيراً الى المسؤولين في طهران: اذا اردتم التفاهم هيا تناولوا القلم واكتبوا رؤيتكم للمستقبل بالتفصيل لنبحث فيها. واذا كانت مرضية للدولتين فلا مانع. ولا تزال الامور عند هذا الحد. وثالث التحديات تركيا الاسلامية والمسلمة بل طموحها الى "وراثة" الدور الايراني أو الحلول مكانه. هذا امر لا تستسيغه مصر الدولة العربية الاكبر ذات الدور الاول عربيا واسلامياً تقليدياً. ولا يُقلِّل من موقفها هذا اشتراكها وتركيا في الانتماء الى الاسلام السني. طبعاً لا يزال هذا التحدي ضعيفاً حتى الآن. لكنه قد يتطور مستقبلاً.
اما رابع التحديات فهو خارجي دولي ويتمثل بالدولة الأعظم اميركا والدول الكبرى ومصالحها وتحالفاتها مع اسرائيل وعدم اهتمامها، وفقاً لممارساتها منذ عقود، بمصالح الشعوب والدول الصغيرة وخصوصاً العربية منها.
في اختصار، لا بد ان يُظهر موقف "الاخوان المسلمين" من كل هذه التحديات اذا كانوا "تعقّلوا" فعلاً او اذا كانوا يضمرون غير ما يظهرون. و"يا خبر اليوم بفلوس بكرا يصير ببلاش".


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف