جريدة الجرائد

هجمات 11 سبتمبر وأجندة الحرية

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

بعد مرور 10 أعوام: هجمات 11 سبتمبر وأجندة الحرية

أمير طاهري


يوافق يوم الأحد الذكرى العاشرة لهجمات إرهابية استهدفت الولايات المتحدة، ورمز إليها بصورة درامية انهيار برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك.

وبعد مرور عشرة أعوام على هذا الحدث، لا يزال الناس يتناقشون حول منشأ الهجمات الآيديولوجي. وبالنسبة لمن ألفوا تحميل الإسلام المسؤولية عن أي خطيئة، كانت مأساة الـ11 من سبتمبر (أيلول) الثمرة الحتمية لعقيدة مدبريها. وبالنسبة إلى آخرين، ربما بدت الهجمات "نيتشوية" أكثر منها إسلامية: ثمرة شعور بالغطرسة وإعجاب بالعمل.

وأفضل ما يمكن للمرء القيام به أن يقيم تداعيات الهجمات من ناحية الأهداف التي زعم مدبروها السعي إليها.

في ذلك الوقت، قدم تنظيم القاعدة هجمات الـ11 من سبتمبر على أنها المرحلة الثانية من استراتيجية زعم التنظيم أنها دمرت إحدى "القوتين العظميين" في العالم الحديث: الاتحاد السوفياتي. وفي هذه المرحلة الثانية، حان دور الولايات المتحدة، وهي "القوة العظمى" الباقية، كي تنهار.

ولم يحدث ذلك، ولا يبدو أنه سيحدث في أي وقت قريب. ولو كان ثمة شيء قد وقع، فإن هجمات الـ11 من سبتمبر عززت شعورا بالوطنية بين معظم الأميركيين، مثلما فعلت الغارة اليابانية على "بيرل هاربر" قبل ذلك بستة عقود. وبصيغة أخرى، فإن الضربة التي لا تقسم الظهر تقويه.

وكما الحال مع الدول الأخرى، تسيطر على أميركا ذكريات مشتركة منها المثير للفرح ومنها المؤسف. وبالنسبة إلى معظم الأميركيين لا تزال مأساة الـ11 من سبتمبر بمثابة جرح عميق، ولكنها مثلت أيضا إضافة إلى الذكريات المشتركة للوطنية الأميركية.

وبتحديد أكثر، فقد ذكر الإرهابيون خمسة أهداف:

الأول: تدشين سلسلة من الهجمات في دول "كافرة" لتبقى جذوة "الجهاد العالمي" مضطرمة. ولكن لم يحدث ذلك. وعلى الرغم من هجمات في بالي ومدريد ومومباي ولندن، فإن "التفجيرات اللانهائية" الموعودة لم تتحقق.

الثاني: إنهاء الوجود العسكري الأميركي في دول إسلامية. ولم يتحقق ذلك أيضا، ففي عام 2001 كان هناك نحو 5000 جندي أميركي في الشرق الأوسط الكبير، أي القوس الذي يمثل انعدام استقرار الممتد من شمال أفريقيا إلى جنوب غربي آسيا. وبعد مرور عشرة أعوام، وعلى الرغم من عمليات انسحاب كبيرة من العراق، يصل عدد الجنود الأميركيين في المنطقة لنحو 150.000. وفي الوقت الحالي، توجد "منشآت عسكرية" أميركية، وتلك لفظة مخففة تشير إلى القواعد، في 30 دولة إسلامية، وهو رقم قياسي غير مسبوق. وقد وقعت سبع دول إسلامية اتفاقيات تعاون مع الناتو.

وتمثل الهدف الثالث في إنهاء الدعم الأميركي للأنظمة الحاكمة في الكثير من الدول. وكان الإرهابيون يأملون أن يمهد سحب الدعم الأميركي الطريق لهم. وفي أعقاب الهجمات قامت الولايات المتحدة بمراجعة سياسة دعمها الوضع الراهن في المنطقة التي بلغ عمرها 60 عاما. ورأت إدارة بوش أن الشرق الأوسط عبارة عن "مستنقع للاستبداد أصبح يمثل مفرخا لحشرات الإرهاب". وقد أدى التغيير في السياسة الأميركية إلى حدوث أثر عكس ما توقعه تنظيم القاعدة، فقد اهتزت الأنظمة المستبدة، بل وانهار البعض منها. ولكن لم يحل مكانها "جهاديون خالصون".

وساعد ما أطلق عليه "أجندة الحرية"، التي كشف النقاب عنها في واشنطن عام 2003، على خلق مساحة لمجموعة من القوى، بينها الجماعات الإسلامية غير العنيفة، مما أعطى العرب مساحة أوسع للخيار السياسي.

(أعتقد أيضا أن الانتفاضة الشعبية عام 2009 في إيران أصابت النظام الخميني بجرح قاتل).

وتمثل الهدف الرابع في إثارة "صراع حضارات" عالمي، على أمل أن يفضي ذلك إلى أن يقف العالم الثالث "الكادح" مع الإرهابيين. ولكن لم يحدث ذلك أيضا. وفي الوقت الحالي من النادر أن يسمع عن الحديث حول "صراع الحضارات"، الذي كان مألوفا قبل عقد، سوى في مؤتمر أو اثنين يرعاهما الملالي في طهران.

وتمثل الهدف الخامس في تدشين حملة تجنيد عالمية لإنتاج جيل جديد من الإرهابيين. يتكون جيل "الحشرات" التي فرخت أثناء الصراع الأفغاني في الثمانينات من القرن الماضي من رجال يتجهون إلى سن التقاعد. وقد انتهى الكثير من الأعضاء البارزين من ذلك الجيل في التدخل الأميركي بعد هجمات الـ11 من سبتمبر في أفغانستان والعراق. وفي الوقت الحالي لا يبقى على قيد الحياة أو خارج المعتقلات والسجون سوى أقل من 5 أشخاص من نحو 30 شخصا شكلوا القيادة العليا لتنظيم القاعدة. والباقون إما قتلى أو في خليج غوانتانامو. وقد فشل الجيل الجديد المرجو في الظهور.

وفي الكثير من الدول العربية اختفى تنظيم القاعدة تقريبا لحاجته إلى أعضاء جدد. وبعيدا عن تحميس المسلمين للاندفاع صوب السلاح في جولة جديدة من "الحرب العالمية ضد الملحدين"، فقد أنتجت هجمات الـ11 من سبتمبر شعورا متناميا بالاشمئزاز، رغم بطئه، ضد الإرهاب في مختلف أنحاء الدول الإسلامية.

وقد حاول تنظيم القاعدة جذب الفلسطينيين الراديكاليين من خلال الدعوة للقضاء على إسرائيل، ولكن فشل مسعاه في ذلك. وبعيدا عن عدد قليل من الخارجين عن القانون من أصل فلسطيني قاتلوا وماتوا في العراق، فقد عجز تنظيم القاعدة عن جذب عناصر فلسطينية جديدة.

وتستخدم بعض المجموعات المسلحة علامة تنظيم القاعدة، من دون مطالب تحظى بمصداقية لكسب نوع من الشرعية الوهمية. ونجدهم في الكثير من الدول الصغيرة الفقيرة في غرب أفريقيا وفي عصابات الشباب داخل الصومال. وقد استخدمت مجموعة إرهابية جزائرية علامة تنظيم القاعدة، ثم تخلت عن هذا الأمر.

ومن المؤكد أن هناك الكثير من الصراعات المسلحة التي تشمل مسلمين. ولم "يهدأ" القمع الوحشي في الشيشان بعد. وما زالت سياسات الصين في تركستان الشرقية (شينغيانغ) تفرز أعمال عنف. وما زالت الأقليات المسلمة في الفلبين وتايلاند هائجة.

وفي أفغانستان، ما زالت طالبان المحتضرة تلحق موتا ودمارا في عدد قليل من المحافظات. وفي باكستان ما زالت الكثير من الجماعات الإرهابية نشطة داخل سوات وحوله. ولكن لا يمكن الربط بين أي من هذه النزاعات وصراعات أخرى مماثلة بالاستراتيجية التي أنتجت هجمات الـ11 من سبتمبر ضد الولايات المتحدة.

وفي ظل العجز عن التجنيد داخل العالم الإسلامي، يركز أقطاب الإرهاب السلفي على أقليات إسلامية في الغرب. وخلال العقد الماضي، ألقي القبض على أزيد من 800 "محارب" معهم جوازات سفر أوروبية غربية داخل أفغانستان وحدها. والمتابعون لوجود الإرهاب على الفضاء الإلكتروني يعرفون أن الباقي من عمليات الاستعراض يديرها مسلمون من أوروبا والولايات المتحدة، من بينهم معتنقون للإسلام. وتؤكد عملية التغريب لأفراد الدعاية الجهادية على زيادة عدم ارتباط "الهدف" بحياة الناس الواقعية في مختلف أنحاء العالم الإسلامي.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
عقيد مكاوى
عقيد مكاوى -

السيد / أمير طاهري ..... اشكرك لقد اضفت قرينة اخرى الى القرائن العشرة الاف التى تؤكد ان حادث 9/11 عمل داخلى امركى ومؤامرة صهيوامريكية ، باثباتك ان نتائج هذة الاكذوبة الكبرى لم تصب الا فى معية الولايات المتحدة ، وما القاعدة الا حصان طروادتها الجاهل الاحمق ، وقد تفاجئ اذا علمت ان كاتب هذا التعليق هو الذى نسبت اليه الولايات المتحدة والقاعدة المزعومة وعملائهما حول العالم انه هو واضع الاستراتيجية التى اشرت اليها فى مقالك والفوا لها كتب ونشروا مقالات ، والحقيقة اننى اخر من يعلم اننى واضع هذة الاستراتيجية اكرر لك شكرى على مقالك عقيد محمد ابراهيم مكاوى

نتائج عكسية
ياسر حسني -

أتساءل .. كم من آلاف المسلمين قتلوا من جراء عدوان 11 سبتمبر على مدى السنوات العشر الماضية ؟ وما حجم المعاناه التي جلبها هذا العدوان الطائش ؟ .. حقا كان بن لادن يتوقع ردة فعل قوية من عدوه اللدود الذي هاجمه في 11 سبتمبر. ولكن، بن لادن الذي أكد في رسائله العديدة على الدفاع عن الدين ونصرة المسلمين تجاهل تماما العواقب الوخيمة لردة فعل عدوه اللدود المعروف. وهذا التجاهل هو الذي يكشف الخداع والنفاق في رسالته - أي رسالة تنظيمه التي حملها من بعده ايمن الظواهري وطورها لتخدم أهدافه الشخصية. يقودنا هذا التساؤل إلى تساؤل آخر وهو: ماذا حقق أتباع بن لادن من فوائد لفائدة الأمة الإسلامية تمشيا مع نداءات زعيمهم بن لادن ؟ هل حررت القاعدة شبرا واحدا في فلسطين ؟ .. وهل أطعمت القاعدة إخواننا الجائعين من مسلمي الصومال بالتحالف مع حركة الشباب التي تسببت في تقاقم مجاعتهم ؟ أم هربوا من مقديشو، ومنها يهربون غلى اليمن لخرابها وقتل مسلميها بإسم الجهاد ؟

نتائج عكسية
ياسر حسني -

أتساءل .. كم من آلاف المسلمين قتلوا من جراء عدوان 11 سبتمبر على مدى السنوات العشر الماضية ؟ وما حجم المعاناه التي جلبها هذا العدوان الطائش ؟ .. حقا كان بن لادن يتوقع ردة فعل قوية من عدوه اللدود الذي هاجمه في 11 سبتمبر. ولكن، بن لادن الذي أكد في رسائله العديدة على الدفاع عن الدين ونصرة المسلمين تجاهل تماما العواقب الوخيمة لردة فعل عدوه اللدود المعروف. وهذا التجاهل هو الذي يكشف الخداع والنفاق في رسالته - أي رسالة تنظيمه التي حملها من بعده ايمن الظواهري وطورها لتخدم أهدافه الشخصية. يقودنا هذا التساؤل إلى تساؤل آخر وهو: ماذا حقق أتباع بن لادن من فوائد لفائدة الأمة الإسلامية تمشيا مع نداءات زعيمهم بن لادن ؟ هل حررت القاعدة شبرا واحدا في فلسطين ؟ .. وهل أطعمت القاعدة إخواننا الجائعين من مسلمي الصومال بالتحالف مع حركة الشباب التي تسببت في تقاقم مجاعتهم ؟ أم هربوا من مقديشو، ومنها يهربون غلى اليمن لخرابها وقتل مسلميها بإسم الجهاد ؟