هاجس 11 سبتمبر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
مازن حايك
شر سنوات مرّت على اعتداءات 11 سبتمبر الإرهابية، وهاجسها ما زال حيّاً في الأذهان. تحمل الذكرى، هذه السنة، أبعاداً رمزية، بعد نجاح الإدارة الأميركية ووكالة الإستخبارات المركزية "سي آي اي"، في إضعاف تنظيم "القاعدة" جذرياً، وملاحقة قادته، وتصفية ثلاثة من أربعة مصنّفين الأرفع على مستوى القيادة، في مقدمهم أسامة بن لادن، زعيم التنظيم والرأس المدبّر لتلك الهجمات الإرهابية، وغيرها. كما نجح مكتب التحقيقات الفيديرالي الأميركي "إف بي آي" وجهاز الأمن الداخلي، في تفادي وقوع هجمات إرهابية نوعية جديدة في العمق الأميركي، طوال الفترة الممتدّة ما بين هجمات نيويورك وواشنطن في العام 2001، ومقتل بن لادن في 2011. أما خارج الولايات المتحدة الأميركية، فالصورة مختلفة، إذ شكّلت الهجمات الإرهابية الدامية في مدريد عام 2004، ولندن عام 2007، ومومباي عام 2008، الإنتكاسات الأسوأ للجهود الدولية لمكافحة التطرّف والإرهاب، أُضيفت إليها الإخفاقات الأمنية والحروب، السابقة واللاحقة، في العراق، وأفغانستان، وباكستان، واليمن، وغيرها.
بالرغم من الإختراقات النوعية والجهود الدولية المتواصلة لمكافحة الإرهاب، فإن المسلسل الدامي سيتواصل على الأرجح، وإن بوتيرة متفاوتة، حيثما يتواجد البُعد الإيديولوجي، وتحضَر النزاعات المذهبية، و يَنتشر الفكر التكفيري، ويَتوافر التمويل، ويُمارَس العنف السياسي، ويَضغط العامل الديموغرافي... وتُستغَل الذرائع "الأخلاقية" والإقتصادية - الإجتماعية للإيقاع بأصحاب النفوس الضعيفة، وقتل الأبرياء، وترويع الناس. وفي المستقبل، يُتوقع أن يتبدل الإرهاب وأن تتغيّر أساليبه، ليعتمد على وسائل أكثر تطوراً وتنوعاً وإثارة، منها: خطف الطائرات الصغيرة والزوارق والقطارات للقيام بعمليات تطال الأماكن الإستراتيجية والمرافق الحساسة؛ واللجوء للهجمات الذرية والبيولوجية والجرثومية؛ واعتماد الأسلوب "العنكبوتي" المباغِت والمتزامن والمتنقل للخلايا النائمة المتعدّدة الجنسية؛ واستهداف ما يتّصل بالإنترنت، وتكنولوجيا المعلومات والإتصالات، والأقمار الاصطناعية... إن لناحية قرصنة المواقع الإلكترونية، والمحتوى الرَقَمي، والمعاملات المصرفية، والبث الفضائي، أم سرقة البيانات العائدة للحكومات والشركات والأفراد.
فهل سينجح "الذكاء المخابراتي" في تفادي هجمات جديدة، مماثلة أو مختلفة، قد تحظى بوقع تلك التي حدثت في 11 أيلول 2001؟ وهل سنواجه حالات جديدة من "انعدام الخيال"، والانكفاء أمام معالجة الأسباب والمسبّبات الكامنة وراء التطرّف، وانحسار قدرة الديموقراطيات على هزيمة الإرهاب العابر للحدود والقارات؟ وماذا عن "شبكات الأمان" الإقتصادية - الإجتماعية، والتنموية، والمعرفية، والتكنولوجية الضرورية، لتكون المواجهة "العسكر - أمنية" متكاملة؟ أخيراً، إلى متى سينجح الإرهاب في تحويل حياتنا اليومية، ومطاراتنا، وتنقلاتنا، وتحويلاتنا المصرفية، ومعاملاتنا، مصادر ريبة، وخوف، وتمييز، واتهام؟!.