قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
عبدالله العوضي وخليل حسين: 11 سبتمبر... بدون بن لادن
عبدالله العوضي11 سبتمبر... بدون بن لادنالاتحاد الإمارتيةقارب عقد بن لادن على الأفول ومعه خفت الحديث عن 11 سبتمبر 2001 الحدث الذي غيّر أولاً وجهة نظر أميركا تجاه ما يدور من حولها، وقد هرعت بكل ما أوتيت من عظمة القوة لخوض حربين في جبهتين مختلفتين في العالم الإسلامي واحدة في أفغانستان وباكستان، وأخرى في العراق الذي لا زال سياسيوه متأرجحين في جدلية بقاء القوات الأميركية على أرضه بعد نهاية هذا العام، وإن بقيت فبأي كيفية تكون؟!ولكن بعد مقتل بن لادن حل أمر لم يكن في الحسبان كما قيل، فقد نبت من الداخل العربي ربيع عربي أنسى الناس بن لادن وقاعدته، لأن القواعد الداخلية لبعض الأنظمة العربية اهتزت وربت وإن لم تنبت حتى اللحظة الصورة الكلية لما تحمل تلك التغييرات من مفاجآت.لقد اختلف المحللون في تفسير ما يجري في بعض أجزاء من العالم العربي من حراك غير مسبوق مقارنة بكل الانقلابات التي دفعت بها الدول العربية التي تخوض معه شعوبها صراع البقاء أو الزوال كما حصل لتونس ومصر، ومن بعدهما دول أخرى لا زالت بين بين. مِن المحللين من يرى أن هذا المشهد العربي الكلي هو جزء من سيناريو نظرية "الفوضى الخلاقة" التي يراد من خلالها إعادة توزيع خريطة العالم العربي والإسلامي من جديد وفق المصالح المستجدة للدول الكبرى، وأن ما حصل إلى الآن لم يخرج عن نطاق الكثير من الأبحاث والدراسات التي أجرتها مراكز الأبحاث المرموقة منذ عقود، ويبدو أن البعض لم ينتبه لها إلا بعد حدوث موجة التغيير التي بدت مفاجئة للبعض وطبيعية للبعض الآخر وإن لم يملك أحد ساعة الصفر فيها، وهو ما قال به أحد المحللين الغربيين مؤكداً أن الأجهزة المعنية بمراقبة الأوضاع في العالم العربي كانت تقر بأن هناك باروداً قارب على الاشتعال إلا أن طريقة الاشتعال ذاتها لم تكن معلومة لدى أحد من المختصين.يبدو أن سيرة الحادي عشر من سبتمبر 2011 سوف تطوى كليّاً ويتم الاهتمام المباشر بمجريات الأحداث وتفاصيلها في العالم العربي، وهذا لا يعني أن أعين الذين تضرروا إقليميّاً ودوليّاً من ألاعيب بن لادن الفارغة قد غابت عن هذا المشهد، بل العكس فمعظم المهتمين بالانتهاء من "القاعدة" لديهم خطط وأجندات أكثر دقة وإيلاماً من سابقاتها من الإجراءات والتدابير، فلا زالت أميركا ملومة بأنها لم تقم بكل ما ينبغي لها للتخلص من آفة "القاعدة" إلى الأبد وخاصة في العهد "الأوبامي"، ومقاربته في سياسة التعامل مع "القاعديين" مقارنة بالعهد "البوشي" وإن نجح في التخلص من أخطر رجل كان مطلوباً على مستوى العالم وهي نقطة فارقة تحسب لعهده.وبعد مرور عشر سنوات على حادثة "سبتمبر" الأشهر في التاريخ المعاصر قاطبة، لا يمكن أن تبقى الأمور على حالها، فالتغيير في السياسات والاستراتيجيات لمحاربة الإرهاب الذي لم يترك أحداً سالماً جزء من تكتيكات التعامل الواقعي مع تطورات الأحداث. ولذا صار من المهم جدّاً أن تجد "القاعدة" وأنصارها طريقاً سهلاً وممهداً إلى بطن تلك التغييرات الجارية في العالم العربي، وهذا هو الجزء الأهم إذا أرادت أميركا أن تمارس دوراً إيجابيّاً أكبر من قتل رأس أو رأسين.فالعمل والسعي الدؤوب لتفريغ الساحات المفتوحة على التغييرات من تأثيرات "القاعدة" عمل أشق من عملية قتل بن لادن ذاته. لأن أبواب التغيير في العالم العربي أصبحت مفتحة على أشرعتها، فالحركات الأصولية صارت تدعي وصلاً بليلى وإن كانت ليلى ذاتها لا تقر لهم بذاك.عِقْدٌ على 11 سبتمبر 2001 خليل حسينالخليج الأماراتيةقبل عقد من الزمن، بدأ التقويم الأمريكي الجديد للعالم ونظامه، إذ اعتبرت 11 سبتمبر (أيلول)، مفصلاً ومنعطفاً في قراءتها للأحداث ومن بينها ما جرى في صباح ذلك اليوم . لا أحد ينكر أن الهجوم على البرجين والبنتاغون، بدلالتهما الرمزية ذات الأبعاد الاستراتيجية، قد رسمت قراءة أخرى لتعاطي واشنطن مع الكثير من الملفات والأزمات التي لم تجد لها حلاً . ورغم ذلك تابعت بالوسائل نفسها، وربما بأشكال مختلفة، ما كانت بدأته قبل هذا التاريخ من محاربة للإرهاب وتطويع بعض القوى الإقليمية والدولية، في سياق سياسات الإمساك بالنظام العالمي الجديد . وغريب المفارقات في الحدث والتعاطي معه، جعل الولايات المتحدة كأي بلد من بلدان العالم الثالث، فلجأت إلى الحلول الأمنية والعسكرية، وتناست القيم والمبادئ التي تنادي بها . فكان الأثر الداخلي أشد وطأة على حقوق الإنسان مثلاً، فبدت ومازالت كأي نظام بوليسي أمني قمعي يتدخل في التفاصيل المملة للحياة الشخصية، وبحجة الهاجس الأمني استباحت لنفسها ما تنتقده على غيرها، فبات المواطن الأمريكي تحت رقابة مشددة، دون حتى سند قانوني أو شرعي متعارف عليهما في دولة نشأت أصلاً على احترام القيم الديموقراطية والحرية،واحترام الآخر وفكره ومعتقداته ووسائل ممارسته لها .وإذا كانت القيم والمبادئ قد سقطت في الداخل لاعتبارات غير مفهومة حتى أمريكياً، فإن التداعيات الخارجية بعد عقد من الزمن بدت وكأنها من قلب أمور العالم رأساً على عقب . فباتت الشعارات والمبادئ والقيم لا وزن لها في العالم الحر، وباتت المصالح فوق أي اعتبار بصرف النظر عن الوصول إليها عبر القوة الناعمة أو غيرها . وباتت الدول الحليفة والصديقة في مصاف الدول العدوة .كما باتت الدول الأخرى، وجلها من الدول النامية، محط أنظار وشغف السياسات الأمريكية للسيطرة والاحتلال . خلال عقد من الزمن احْتُلَّتْ دولتان أفغانستان والعراق، وشُنَّتْ حرب شبه عالمية على لبنان ومن بعدها على غزة . عدا الحروب الصغيرة هنا هناك . كانت سابقة في التاريخ الدولي أن عوقبت دولة بالاحتلال بحجة محاربة تنظيم إرهابي على أراضيها (أفغانستان)،كما سجلت سابقة أخرى باحتلال دولة بذريعة امتلاك أسلحة دمار شامل لا وجود لها(العراق) . حرب شعواء على ldquo;الإرهابrdquo; في غير مكان في العالم، ورغم ضرورته ومشروعيته في بعض المحطات الزمنية والمكانية، فقد بدا وكأنه محاربة أشباح من الصعب الإحاطة بها والقضاء عليها .خلال عقد من الزمن نشأ وتكرّس نظام اقتصادي ومالي جديد أيضاً، لكن سرعان ما تهاوى الكثير من قواعده ومحتوياته . أزمة عقارية بدأت في الولايات المتحدة سرعان ما ضربت الاقتصاد الأمريكي وامتدت تداعياتها دولياً، خسائر ببلايين الدولارات، وانهيار بورصات وبنوك واستثمارات، ومن غريب مفارقتها، أن تداعياتها في الداخل الأمريكي أقل بكثير من تداعياتها على الاقتصاد العالمي، كما أن من سوابق هذه الانهيارات حدوثها مرتين في عقد واحد وفي فترة لم تتجاوز الثلاث سنوات .كل ذلك حصل وسط ترويج لشرق أوسط جديد عماده نظريات الفوضى الخلاقة وأخواتها . ولم يكد ينتهي العقد الأول من حدث 11 سبتمبر (أيلول) ،2001 حتى حط رحال تغيير الأنظمة في المنطقة العربية، وكأنها أولى الضحايا الفعليين بعد عشر سنوات من المكافحة للبقاء، ومفارقة متغيرات الأنظمة العربية أنها عانت ضغطين شديدين: خارجي عبر مشروعات الدمقرطة والتغيير الأمريكية، وداخلياً الخوف من تسلم الإسلاميين السلطة في الدول العربية .وإذا كان سقوط الاتحاد السوفييتي وكتلته الاشتراكية في بداية العقد الأخير من الألفية الثانية قد شكل منعطفاً لانطلاقة النظام العالمي الجديد؛ فقد شكل العقد الأول من الألفية الثالثة سياقاً منهجياً لتكريس زعامة الولايات المتحدة كقوة وحيدة لقيادة النظام العالمي، بمعتقداته وأفكاره، ووسائل إداراته للأزمات الداخلية والخارجية .عقد من الزمن مرَّ على الولايات المتحدة وهي مضطرة في كل عام إلى البحث عن نصر معنوي هنا أو هناك لتبرير الزعامة الدولية ووسائل عملها . وكانت في كل مرة مضطرة إلى التذكير بمحاربة الإرهاب، وفي الذكرى العاشرة للحدث سيكون الحدث بارداً، بخاصة أن من وجه الاتهام إليه (ابن لادن) قد قتل على يد الأمريكيين أنفسهم .في 11 سبتمبر/أيلول ،2011 ستكون الولايات المتحدة مضطرة إلى البحث عن مبررات إضافية بصرف النظر عن حجم وقوة الإقناع فيها،لتبرير الكثير من السلوكيات السياسية وربما غير السياسية التي ستقوم بها . فالقاعدة ضربت من الرأس وأصبحت قواعد،لكن الإرهاب ظل قائماً من وجهة النظر الأمريكية . علاوة على أنظمة جديدة تُركّب في الشرق الأوسط، لا أحد يعرف ماذا سيكون إعرابها السياسي في القواعد الأمريكية الدولية، هل ستكون جزءاً من عدة الشغل في السياسات الإقليمية والدولية؟ أم سيكون لها رأي آخر؟ يبقى أننا نحن العرب، نكاد نكون الأمة الوحيدة في العالم التي نالت القسط الأكبر من تداعيات الحدث الأمريكي، حضارياً حيث طعنا بفكرنا ومعتقداتنا وسلوكنا، وصوِّرنا على أننا خارج التاريخ والجغرافيا أيضاً . واقتصادياً تحملنا الوزر الأكبر من خيبات النظام الاقتصادي والمالي العالمي، سياسياً واجتماعياً ندفع اليوم ثمن أنظمة فرضت علينا عقوداً ودهوراً . فماذا بعد 11 سبتمبر (أيلول) 2011؟