Wall Street Journal : أين أصبحت مشاعر التضامن بعد 11 سبتمبر؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
Wall Street Journal : أين أصبحت مشاعر التضامن بعد اعتداءات 11 سبتمبر؟
كتب: DANIEL HENNINGER
استناداً إلى المزاج السائد في الأيام والأسابيع التي تبعت اعتداءات 11 سبتمبر في نيويورك وواشنطن وبنسلفانيا، كان المرء يظن أن ذلك اليوم غيّر الشعب الأميركي بطريقة جذرية، ففي ذلك اليوم، فقدت عائلات كثيرة في بلدات صغيرة، بدءاً من نيوجيرسي ووصولاً إلى كونيتيكت، أفراداً منها، وفي مساء اليوم نفسه، تجمّع الناس في تلك البلدات وشاركوا في مسيرات صامتة، وارتفعت الأعلام الأميركية في كل مكان.
قيل إنّ ldquo;اعتداءات 11 سبتمبر غيّرت كل شيءrdquo;hellip; لقد غيّرت الكثير فعلاً، ولكنها لم تغيّر كل شيء!
لم تصمد التحليلات الكثيرة التي تلت أحداث 11 سبتمبر حول إعادة إحياء الحس الوطني المشترك لفترة طويلة، فقد انهار استعراض التضامن الذي أظهره الكونغرس في ذلك اليوم، إذ أمضى جورج بوش الابن خلال عهده الرئاسي ست سنوات وهو يحارب الإرهاب من جهة، ويواجه معارضة مصمّمة على ردعه ووقف سياساته لمكافحة الإرهاب من جهة أخرى.
لم يكن صعباً أن نلاحظ أسباب هذا التفاؤل بوحدة البلد بعد الاعتداء، ولا سيما بالنسبة إلى كلّ من وجد في تلك المنطقة من مانهاتن في ذلك الصباح.
كان مقر صحيفة ldquo;وول ستريت جورنالrdquo; يقع في وسط المدينة، وكان المبنى يطلّ على برجَي مركز التجارة العالمي في الشارع المقابل. يعني ذلك أن عدداً كبيراً من الصحافيين كانوا حاضرين هناك في صباح 11 سبتمبر.
في تمام الساعة 8:46 صباحاً، كنتُ في شارع فيساي وكنت أحدّق في السماء الزرقاء، وبالمصادفة رأيتُ أول طائرة وهي تحلق باتجاه البرج الشمالي، واستناداً إلى المزاج السائد في الأيام والأسابيع التي تبعت الاعتداءات في نيويورك وواشنطن وبنسلفانيا، كان المرء يظن أن ذلك اليوم غيّر الشعب الأميركي بطريقة جذرية. في ذلك اليوم، فقدت عائلات كثيرة في بلدات صغيرة، بدءاً من نيوجيرسي ووصولاً إلى كونيتيكت، أفراداً منها، وفي مساء اليوم نفسه، تجمّع الناس في تلك البلدات وشاركوا في مسيرات صامتة، وارتفعت الأعلام الأميركية في كل مكان.
كانت هذه الأجواء ملفتة، فلم تُستعمل الشرائط الصفراء المعاصرة التي تعبّر عن مشاعر الأسى، بل أخرج الناس الأعلام التي تعبّر عن المجد القديم والحس الوطني العظيم، وربما سُمّي تشريع مكافحة الإرهاب في عهد بوش بالقانون الوطني بسبب انتشار الأعلام في كل مكان.
أصبح القانون الوطني حتماً أحد أكثر الوثائق المثيرة للجدل والمكروهة في تاريخ الأمة، إذ تم تمرير قانون مكافحة الإرهاب في مجلس الشيوخ في أكتوبر 2001 (كان الكونغرس والعالم مشغولين حينها بظاهرة الجمرة الخبيثة)، لكن سرعان ما عاد الحزب الديمقراطي الوطني وأتباعه لمعارضة ldquo;حرب بوش على الإرهابrdquo;. مع مرور الوقت، أصبحت هوية العدو محطّ جدل وخلاف أيضاً،
فأصبح كل جانب من جوانب سياسات بوش لمكافحة الإرهاب محور النزاعات القانونية من جانب اتحاد الحريات المدنية الأميركية والمعارضة في الكونغرس والصحافة: التنصت على المكالمات الهاتفية، ومعتقل غوانتنامو، وبرنامج ldquo;سويفتrdquo; لتعقب الموارد المالية للإرهابيين، والمحاكم العسكرية، وعقيدة بوش عن الضربات الاستباقية، والاستجوابات الإرهابية، ثم نشأت معارضة شرسة ضد الحرب على العراق أيضاً، لكن شكّلت الجهود لإبطال مفعول القانون الوطني جبهة مستقلة.
لا مفر من الخلافات السياسية، لكن كيف يمكن تفسير العداوة الشخصية الحادة تجاه جورج بوش وكل من عمل معه في الحكومة؟ لقد كان هؤلاء الأشخاص مكروهين وتعرضوا للإهانات والسخرية، ويذكر الجميع مثلاً الجهود التي بُذلت لطرد المسؤولَين السابقين في وزارة العدل، جون يو وجاي بايبي، بسبب كتابة الآراء القانونية حول أساليب الاستجواب العدائية، فلم تكن المعارضة كافية، بل أصبح تدمير السمعة هدفاً سياسياً.
شهد يوم الأحد الذكرى العاشرة لتلك الاعتداءات، ولا شك أنها ترافقت مع بعض مظاهر الوحدة التي رصدناها يوم الحادث في وجه اعتداء عدواني على الأراضي الأميركية، لكن يجب ألا يخطئ أحد في استنتاجاته: لقد تبخرت تلك المشاعر الآن!
ما الذي حصل إذن؟
لا يمكن أن يصمد التوافق الذي نشأ بعد الاعتداءات في وجه القوة الجارفة في الحياة الأميركية اليوم: السياسة الحزبية.
واجه الديمقراطيون الناشطون والمحترفون أكبر إحراج لهم طوال حياتهم السياسية الجماعية قبل سنة من الاعتداءات، عندما أُعيد احتساب الأصوات في فلوريدا خلال الانتخابات الرئاسية، فلم تنتهِ انتخابات عام 2000 قبل أن تُصدر المحكمة العليا حكماً يصبّ في مصلحة جورج بوش، لقد تخطى الناخبون الجمهوريون والمستقلون تلك المسألة، على عكس عدد كبير من الديمقراطيين، فقد أصبحوا تحت حكم رئيس غير شرعي من وجهة نظرهم. بالتالي، كانت فرص أن تحصل أي سياسة من سياسات بوش على دعمهم ضئيلة، بغض النظر عن وقوع اعتداءات 11 سبتمبر.
تعود الفجوة الهائلة القائمة الآن في مجال السياسة العامة بين الديمقراطيين والجمهوريين (هم يعجزون حتى عن تحديد سقف الدين العام) إلى ما قبل حادثة إعادة احتساب الأصوات بكثير، ويمكن أن يعدد أشرس الحزبيين أسبابهم الخاصة لتفسير هذا الشرخ الحاصل، إذ يتعلق أبرز عامل يبرر انهيار الوحدة بعد اعتداءات 11 سبتمبر بالتعديل الرابع المرتبط بمذكرات التفتيش في الدستور الأميركي.
كانت المشاحنات حول أحكام القانون الوطني تشبه تلك التي عرفتها الأحزاب خلال السبعينيات على خلفية ldquo;القانون والنظامrdquo;، إذ تعود جذورها جميعاً إلى خلافات حول نطاق الحماية التي توفّرها أحكام التعديل الرابع، ولا ننسى المفاهيم المتعارضة حول منطق التفكير الصائب، وما إن خرق القانون الوطني هذه المسألة، حتى أصبح هدف اعتقال الإرهابيين ثانوياً بالنسبة إلى معارضي القانون.
لكن ثمة استثناء واحد على القاعدة: الرئيس باراك أوباما، فربما استبدل خلف الرئيس جورج بوش ldquo;الحرب على الإرهابrdquo; بـrdquo;عمليات الطوارئ في الخارجrdquo;، لكنه حافظ على معظم الأدوات الأمنية التي وضعها بوش لمحاربة الإرهابيين على مختلف تسمياتهم، وكانت هذه العمليات الخارجية الطارئة هي التي أجبرت أسامة بن لادن على التراجع، وتجدر الإشارة أيضاً إلى أن المعارضة الحزبية اختفت مع رحيل بوش.
ربما تبخرت مشاعر الأخوة التي خلّفتها اعتداءات 11 سبتمبر، لكنّ عزاءنا الوحيد هو أنّ السياسة العامة المتّبعة تقضي بحماية الشعب الأميركي بغض النظر عن الحزب الذي يفوز بالرئاسة، فإذا كانت مظاهر التضامن الوحيدة التي يمكن رصدها هذا الأسبوع تتمثل بهذا الهدف، فنحن نرحّب بها حتماً!