جريدة الجرائد

مخاطر كثيرة في مواقف البطريرك

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

عبد الوهاب بدرخان

لم يكن هناك داعٍ لانتظار ايضاحات من البطريرك بشارة الراعي، لأنها ستكون بالتأكيد مزيدا من الشيء نفسه. مثلما ان التهجم عليه وعلى مواقفه سيزيده تجذرا في خياره الذي بات الآن معلنا. فنكون بجنرال واحد ونصبح مع جنرالين، هناك واقع بكركوي جديد، ولا بد من التعامل معه.
سيقول البعض كنا بانقلاب واصبحنا بانقلابين. لا عزاء للأقلية، وهنيئا للاكثرية هذا الاختراق المفاجئ. هذا بلد بارع في التسخيف الى اقصى حد، اذ لم تعد افراح 8 لتستقيم الا على احزان 14، والعكس صحيح.
هل ان مخاوف البطريرك صحيحة؟ نعم. هل ان مسيحيي الشرق يمرون بمحنة؟ نعم. هل ان مواقف البطريرك "فاتيكانية" في اثارتها لـ"قضية" المسيحيين؟ نعم. في صياغتها وتعاملها مع الازمة السورية والوضع اللبناني تُرك الامر لتقديره. اما دغدغتها للنظام السوري وتبنيها لدعاوى "حزب الله" فيصعب الحكم عليها، لكنها تتماشى عمليا مع نهج التعامل مع الامر الواقع الذي اضطر المسيحيون لاتباعه في عراق البعث كما في سوريا البعث، فضلا عن لبنان تحت الوصاية. لكن، هل ان الاستنتاجات التي جهر بها البطريرك تتناسب مع تحليله للمخاوف؟ هذه مسألة اخرى ستترتب عليها مسؤوليات تاريخية امام عموم الشعبين اللبناني والسوري.
البطريرك على حق في التوجس من صعود الاصولية الاسلامية، وعلى حق في اعتبار ان ليس للمسيحيين ما يتوقعونه ايجابيا من حكم يسيطر عليه "الاخوان المسلمون" او السلفيون، وعلى حق في الاتعاظ بالمعاناة القاسية لمسيحيي العراق، وعلى حق في نقد انحياز الدول الغربية لاسرائيل. لكنه نسي - وهذا خطأ - ان غالبية المسيحيين تعاني ايضا من هوس الاسلاميين المؤدلجين وتتساوى بهواجسها مع المسيحيين وقد تفوقهم احيانا. بل نسي خصوصا ان مستقبل الشعوب يجب ان يكون مفتوحا على انظمة تحترم العيش المشترك والحكم بالقانون لا على مداراة الخوف تحت مظلة انظمة مستبدة ودموية. ولعله نسي اكثر ان اللبنانيين شرعوا عام 2005 تجربة وطنية واعدة استحقت التقدير والتفهم من بكركي سابقا، لكن "تحالف الاقليات" تحت رحمة البعث في سوريا وتحت رحمة "حزب الله" في لبنان اجهض تلك التجربة، وكما لم يصنع واقعا طبيعيا في سوريا فإنه لن يصنع واقعا سويا في لبنان، لا للمسيحيين ولا للمسلمين.
مخاطر كثيرة تنطوي عليها مواقف البطريرك. اقلها شأنا هو الترادح الداخلي. لكن اهمها التغاضي عن نشوء دويلات على حساب الدولة، وعن السلاح غير الشرعي، فضلا عن التهرب من استحقاق العدالة بذريعة "التسييس". وهناك ايضا الاختصام المجاني للسنة، بل الاختصام المتهور للشعب السوري. اما اسوأ المخاطر فيكمن في المجازفة بالظهور كمدافع عن النظام السوري فيما هو يقتل شعبه، كما لو ان البطريرك يختزل فيقول: الديكتاتور يحمي المسيحيين، اذاً فاعطوه فرصة ليبقى.


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
سورية مسيحية
ابن الشام -

بالنسبة لهذا البطريق : الديكتاتور يحمي المسيحيين، والديمقراطية طريق لتحرر المسلمين. الديكتاتور يمنح الامتيازات المالية والدينية للاقلية المسيحية. في ظل أنظمة القمع العربية المسيحيون يزدهرون والمسلمون يهانون. كلما كان هناك صراع وتدمير في المجتع الاسلامي كان ذلك مساعدا لتعزيز مواقع المسيحيين اقتصاديا ودينيا

ملاحظة لتصحيح كلمة
فارس الحمصي -

لكنه نسي – وهذا خطأ – ان غالبية المسيحيين تعاني ايضا من هوس الاسلاميين وتتساوى بهواجسها مع المسيحيين - أعتقد أن الكاتب يقصد أن غالبية المسلمين تعاني ..

فتش عن السلطة
قيس بن الملوح -

ينسى الكاتب أن اللبنانيين الذين يهاجمون النظام السوري لأنه ( يقتل شعبه)، هؤلاء كانوا إلى عهد قريب حلفاء لهذا النظام، وأنهم استمروا يحكمون لبنان برضى وتنصيب منه، حين كان لبنان تحت الوصاية السورية، ولو أن هؤلاء كانوا اليوم في السلطة في بيروت، لما كانوا قد أحدثوا كل هذه الهمروجة على تصريح البطريك، بل لزكوا التصريح وزايدوا عليه، وذكروا بالعلاقات التي يجب أن تظل متميزة بين البلدين، طبقا لاتفاقية الطائف.. الغضب في الواقع مرده السلطة التي انتزعت من هؤلاء، وليس تصريح البطريك في حد ذاته، أو من منطلق التعاطف مع الشعب السوري..

الديموقراطية
د. علي السيد -

الديموقراطية لدى السيد بدرخان هو أن يكون لك الحق بموافقته الرأي. البطريرك عبر عن قناعة ورؤية يشاركه فيها ملايين المسيحيون والعلويون. هذه الأقليات لم تنعم يالمواطنة في المجتمع الإسلامي على مدى قرون طويلة. النظام السوري على قسوته سمح لهذه الأقليات بالخروج من قراها المعزولة. البعض سيرد علي بالقول: كان هناك فارس الخوري وبدوي الجبل. برأيي هذه كانت حالات منفردة ولكن الأغلبية كانت مغيبة كليا.