جريدة الجرائد

تراجيديا أخطاء يدفع ثمنها المواطن السوري

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

جهاد الخازن


أخشى أن تكون العلاقة بين النظام السوري والمتظاهرين من نوع "قزاز وانكسر"، والزجاج اذا كُسِر لا يُلحم. ثم أتذكر مسرحية هزلية لشكسبير هي "كوميديا الأخطاء" وأجد نفسي أمام تراجيديا أخطاء في سورية لم يسلم من ممارستها أحد منذ اندلاع المواجهات قبل ستة أشهر.

كان الرئيس بشار الأسد يستطيع تجنب كل ما حدث لاحقاً لو أنه في خطابه في مجلس الشعب قدم برنامجاً حقيقياً للإصلاح ثم بدأ التنفيذ. وسورية كانت فعلاً في وضع يختلف عن الموجود في تونس ومصر، كما قال هو نفسه في مقابلة صحافية أميركية قبل ذلك بشهر، إلا أن تصرفات الحكومة السورية خلقت وضعاً أسوأ مما كان في تونس ومصر.

وفي حين أن الرئيس حسني مبارك لم يفاجئني بشيء فهو رجل مسن مريض، ومنقطع عن العالم الخارجي الى عالم من صنعه، فإن الرئيس الأسد فاجأني في كل خطوة على الطريق لأنني كنت كل مرة أتوقع منه قراراً وأجد أنه قرر شيئاً آخر. لو بدأ بإطلاق حرية الأحزاب، وانتخابات برلمانية في موعد محدد، بإشراف دولي، وبرلمان يختار حكومة من الفائزين لما وصلنا الى هذا الوضع.

الرئيس كان يتمتع بتأييد غالبية واضحة من شعبه، فكل الأقليات الى جانبه ومعها غالبية أخرى من الطائفة السنية، لذلك رأينا أن أقل مشاكل وتظاهرات ومواجهات كان في دمشق وحلب. غير أن الرئيس ضيّع في شهرين ما بنى في عشر سنوات. ولا فائدة من إنكار ذلك فأنا لا أكتب متشفياً وانما حزيناً خائفاً على مستقبل سورية وشعبها ولبنان والجوار كله اذا استمر القتل اليومي (والليلي) في شوارع المدن السورية والبلدات والقرى.

لا أدري لماذا اختار الدكتور بشار أن يكون مستشاروه خاله وابن خاله وأشباح من ضباط الاستخبارات، فهو أذكى منهم جميعاً (الشبّيحة لا علاقة لها إطلاقاً بسيارة فخمة أو شبح، كما زعمت الميديا العربية، فهذا استعمال مصري وليس سورياً، والشبّيح كلمة قديمة ومعروفة يرادفها "نمّرجي" أي واحد يحاول التسلق الاجتماعي، ويدعي ما ليس فيه من مال أو علم أو أصل).

اذا كان الرئيس السوري يحتاج الى مستشار فلا أحد أفضل من السيدة أسماء الأسد، بنت حمص، فهي ذكية جداً ووطنية ومع الناس ومنهم وتعرف عن قضاياهم وحاجاتهم ما لا يعرف قادة حزب البعث جميعاً. الله يكون بعونك يا ست أسما...

بدأت بالنظام، والرئيس تحديداً، لأكمل بالمعارضة فأنا أستطيع أن أتهمها بالخيانة، إلا أن الخيانة كلمة كبيرة، فأختار أن أتهمها بالغباء أو الحمق أو الجهل.

كيف يمكن أن يتظاهر سوري مطالباً بتدخل أجنبي في بلاده؟ "جمعة الحماية الدولية"؟ هل حدث أن دولة أجنبية تدخلت في شؤون دولة أخرى من أجل العيون السود أو الزرق؟ هل يعقل أن تتدخل دولة في شؤون أخرى لسبب غير مصالح الدولة المتدخِلة لا الدولة المستهدفة بالتدخل؟

الدول الغربية تدخلت في ليبيا طمعاً بالنفط، وهي نفسها عقدت صلحاً مع حاكم إرهابي مجنون مقدمة مصالحها النفطية على حق الشعب الليبي في الحياة. وعندما سقط معمر القذافي كان أول طلب لها استمرار العقود النفطية التي قدمها لهذه الدول ثمناً لسكوتها عن جرائمه بحق شعبه.

سورية لا نفط فيها يستحق تدخل الناتو وكذبه أنه يفعل لحماية المدنيين، كما فعل في ليبيا، إلا أن سورية أول خط عربي وآخر خط في وجه اسرائيل، وسيكون ثمن التدخل سياسة تبعية واستسلام وارتهان... يعني أن يطلع الشعب السوري من جلده.

قيادات المعارضة السورية لا تمثل المتظاهرين في الليل والنهار، ومنها الوطني الجاهل الى درجة المطالبة بتدخل أجنبي، ثم هناك قلة من الخونة في واشنطن وغيرها يحاولون السير في خطى خونة عراقيين دمروا بلدهم بتوفير الأسباب الكاذبة عمداً للاحتلال الأميركي. المتظاهرون في المقابل يريدون حريات وكرامة وعملاً.

إجراءات الحكومة السورية خاطئة ومواقف القيادات المزعومة للمواطنين أشد خطأ، ونحن أمام تراجيديا أخطاء يدفع ثمنها المواطن السوري المسكين العالق بين المطرقة والسندان.

لو شئت سلامة رأسي لكتبت مؤيداً الحكومة السورية بانتظار أن تسحق المعارضة، أو المعارضة توقعاً أن يسقط النظام، إلا أنني مع سورية وهي بحكم العمر بلدي قبل أن تكون بلد ثلاثة أرباع السوريين وليس لها، ولمصر، في قلبي سوى المحبة بعيداً من تراجيديا الأخطاء المتبادلة بين الحاكم والمحكوم.


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
نظام ديكتاتوري
عبدالله العثامنه -

فعلا العلاقه بين النظام وبين الشعب مثل زجاج وانكسر لأن لا يصلح العطار ما افسده الدهر،، فلقد عاش الشعب دهرا من الظلم والتجبر في ظل نظام امني مارق لا يعرف الله ولا يرحم عباد الله،، اما استغرابك من قيام بشار ألأسد باصلاحات فوريه فانا استغرب منك ان تستغرب قيامه بذلك وانت العارف بطبيعة الأنظمه الشموليه وسياساتها التي لا تعرف الأصلاح بل لا تقدر عليه لأن الديكتاتوريه لا تصلح نفسها بنفسها اضف انها طائفيه محكومه بخوف مستوطن من ذهاب الملك والى الأبد!! وهذا ما يفسر خطف حافظ الأسد لرئاسة الجمهوريه واغلاق باب الأنقلابات التي كانت تتوالى قبله حين عمد الى القتل والتصفيات لأدنى ريب في صفوف الضباط السوريين والمعارضين السياسيين ثم تكشّف هذا النظام بمجازر حماة 1982 وظهرت عمالته وطائفيته وانه وجد لخدمة اسرائيل بدعم يهودي مستتر ماكر،،والأن يكرر الأبن افعال ابيه (ذرية بعضها من بعض).... اما المعارضه فلقد تجنيت عليها فهي معارضه نقيه لكنها في طور الأنشاء ومن الطبيعي ان تكون غير منظمه لأنعدام الخبره وتعقيد الموقف وكثرة الأعداء وتباين مواقف الدول التي تعيش فيها تجاه النظام ومعارضي النظام،، ايضا لا يخفى عليك ان تكون قد اخترقت ببعض العناصر التابعه لبشار لكن ما تلبث ان تنكشف هذه العناصر لأن الشعب السوري لديه خبره طويله وقدره عجيبه على كشفهم مهما تخفّوا وتستّروا .

نظام ديكتاتوري
عبدالله العثامنه -

فعلا العلاقه بين النظام وبين الشعب مثل زجاج وانكسر لأن لا يصلح العطار ما افسده الدهر،، فلقد عاش الشعب دهرا من الظلم والتجبر في ظل نظام امني مارق لا يعرف الله ولا يرحم عباد الله،، اما استغرابك من قيام بشار ألأسد باصلاحات فوريه فانا استغرب منك ان تستغرب قيامه بذلك وانت العارف بطبيعة الأنظمه الشموليه وسياساتها التي لا تعرف الأصلاح بل لا تقدر عليه لأن الديكتاتوريه لا تصلح نفسها بنفسها اضف انها طائفيه محكومه بخوف مستوطن من ذهاب الملك والى الأبد!! وهذا ما يفسر خطف حافظ الأسد لرئاسة الجمهوريه واغلاق باب الأنقلابات التي كانت تتوالى قبله حين عمد الى القتل والتصفيات لأدنى ريب في صفوف الضباط السوريين والمعارضين السياسيين ثم تكشّف هذا النظام بمجازر حماة 1982 وظهرت عمالته وطائفيته وانه وجد لخدمة اسرائيل بدعم يهودي مستتر ماكر،،والأن يكرر الأبن افعال ابيه (ذرية بعضها من بعض).... اما المعارضه فلقد تجنيت عليها فهي معارضه نقيه لكنها في طور الأنشاء ومن الطبيعي ان تكون غير منظمه لأنعدام الخبره وتعقيد الموقف وكثرة الأعداء وتباين مواقف الدول التي تعيش فيها تجاه النظام ومعارضي النظام،، ايضا لا يخفى عليك ان تكون قد اخترقت ببعض العناصر التابعه لبشار لكن ما تلبث ان تنكشف هذه العناصر لأن الشعب السوري لديه خبره طويله وقدره عجيبه على كشفهم مهما تخفّوا وتستّروا .

ليس زجاجا!
محمد السوري -

ليس زجاجا يا جهاد إنه الدم , مابيننا وبينكم (لأنك تخدمهم) هو الدم , ولن يفلت القتلة ولن نتركهم حتى يذوقوا نفس الكأس التي أذاقوها السوريين طوال أربعين سنة , المعارضة والشارع تطلب حماية دولية , وايا يكن البديل فلن يكن أكثر سوءا وإجراما من أصدقائك أل الأسد وشراذمهم قطاع الطرق .