قطر وضرورة التحرك لإنقاذ الثورة الليبية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
سمير الحجاوي
الأمريكيون يطلبون "رأس عبد الحكيم بلحاج".. هذا ما أبلغني إياه مسؤول ليبي مهم انضم إلى الثوار بعد أن عمل سنوات طويلة إلى جانب القذافي، وكان واحدا من أهم شخصيات "ثورة الفاتح" في عهد القذافي، والمقصود هنا ليس قتل عبد الحكيم بلحاج ولكن إبعاده عن الساحة السياسية وعدم السماح له وللتيار الذي يمثله بلعب أي دور في المستقبل، فقد أخبرني هذا المسؤول الرفيع أنه اجتمع مع سوزان رايس، مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية في الأمم المتحدة وأنها ركزت في حديثها على ضرورة إقصاء عبد الحكيم بلحاج عن الساحة.
هذا الكلام واضح ومعناه أن الأمريكيين لا يريدون الإسلاميين الليبيين في السلطة وحسب تصريحات منسق مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأمريكية دانيال بنجامين" فإن إدارة الرئيس باراك أوباما ترصد انتقال متشددين إلى ليبيا وإن ذلك يشكّل مصدر قلق". كما أكدت صحيفة نيويورك تايمز أن الولايات المتحدة وحلفاءها في الناتو يراقبون عن كثب النفوذ المتزايد للإسلاميين في ليبيا بعد الثورة، ونقلت عن جيفري فيلتمان، مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى قوله: "أعتقد أن الجميع يراقبون هذا الأمر"، وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن تزايد نفوذ الإسلاميين في ليبيا يثير تساؤلات صعبة بشأن الهوية الأخيرة للحكومة والمجتمع اللذين سيحلان محل دكتاتورية العقيد معمر القذافي، وكشفت صحيفة "التايمز" البريطانية وجود تدقيق في مئات من المقاتلين المنضوين في صفوف الثوار في إطار حملة لمنع إسلاميين متشددين من تكوين موطئ قدم لهم في ليبيا.. وأن أي كتيبة للثوار لا تكون خاضعة لسيطرة القيادة المركزية للمجلس الوطني الانتقالي سيتم اعتبارها منظمة إجرامية.
وكشفت "التايمز" النقاب عن أن المجلس الوطني الانتقالي شكّل دائرة للاستخبارات للتحكّم بدور الناشطين الإسلاميين في صفوف الثورة، وأكدت أن هذه الدائرة أُنشئت بعلم وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وأنها منعت قيام معسكرات تدريب غير شرعية، كما أعادت مقاتلين أجانب إلى بلدانهم، ووضعت أيضاً تحت المراقبة قادةً من الثوار، بمن في ذلك سجناء سابقون كان الأمريكيون يعتقلونهم في خليج غوانتانامو".
وتصف نيويورك تايمز عبد الحكيم بلحاج بأنه "القائد العسكري الأكثر قوة، وزعيم سابق لجماعة متشددة يعتقد أنها كانت متحالفة مع تنظيم القاعدة"، وتقول: "أصبح بلحاج من أكثر الأشخاص المطلعين على بواطن الأمور في الآونة الأخيرة، ويسعى للإطاحة بمحمود جبريل، الخبير الاقتصادي المُدَرَّب في الولايات المتحدة والمرشح لشغل منصب رئيس الوزراء في الحكومة الانتقالية، وذلك بعد أن وجَّه انتقاداته للإسلاميين"، ومضت نيويورك إلى القول "إن الميليشيات الإسلامية في ليبيا تتلقى الأسلحة والتمويل مباشرةً من متبرعين أجانب مثل قطر".
إذن حديث المسؤول الليبي من مطالب لإقصاء الإسلاميين يبدو أنه يجد طريقه للتنفيذ على الأرض، وهو ما أثار انتقادات حادة من قبل الإسلاميين الليبيين الأعضاء في المجلس الانتقالي واتهامهم بالعمل على إقصاء الإسلاميين عن السلطة وإبعادهم عن المشاركة بتحديد مستقبل ليبيا، وقد ظهر ذلك في رفض عبد الحكيم بلحاج المشاركة في مؤتمر صحفي مع محمود جبريل، بالإضافة إلى الهجوم الحاد الذي شنه القيادي الإسلامي الليبي الشيخ علي الصلابي على جبريل ومطالبته بالاستقالة وترك ليبيا للقوى الوطنية الحقيقية، وهدد "أن الإسلاميين لن يسمحوا لقلة قليلة من المتطرفين العلمانيين بأن يُدخلوا ليبيا في نفق جديد أسوأ من الذي أدخلنا فيه القذافي منذ أربعين عاما" واتهم "جبريل ومحمود شمام وعلي الترهوني وعبد الرحمن شلقم، بأنهم يريدون أن يفصلوا لليبيين ملابس خاصة على المقاس الذي يرونه، وأن يأتوا بأناس على شاكلتهم ليسيّروا شؤون الليبيين في مجالات الأمن والجيش، والطاقة والنفط، والطب والصحة، وفي عموم الإدارات، للسيطرة والهيمنة، وأنهم لم يشاوروا القوى الوطنية الفاعلة التي دفعت الغالي والنفيس من أجل الحرية".. ووصفهم بأنهم "مرضى بالاستبداد والدكتاتورية والإقصاء، وينظرون إلى ما يحدث في ليبيا على أنه صفقة العمر، ويسعون لسرقة ثروات الليبيين وثورة الشعب الليبي". واعتبرهم "قلة قليلة عدوة للشعب الليبي وعقيدته ليس لها أي تأثير ولا أي أرضية، وتحاول أن تصِم الآخرين بالإرهاب والتطرف والأفكار البالية التي عفا عليها الزمن، وأن الليبيين لن يسمحوا بعصر جديد من الدكتاتورية بعد أن قدمت ثورتهم خمسين ألف شهيد.. ولن يسمحوا لأحد بعد اليوم بأن يتكالب على ثروتهم، أو يطمس هويتهم، أو يحاربهم في دينهم"، مضيفا أن "هناك حربا منظمة من بعض أعضاء المكتب التنفيذي مثل محمود شمام ومحمود جبريل وعلي الترهوني وناجي بركات، الذين يسعون لتغييب الوطنيين والثوار الحقيقيين".
ما يجري في ليبيا خطر حقيقي على الثورة الليبية وعلى مستقبل البلاد، فالثوار لم يحققوا الانتصار النهائي على القذافي وكتائبه بعد، ولم يبسطوا سيطرتهم على كل البلاد بعد، وهذا يعني أن القذافي يمكنه الاستفادة من هذه الخلافات لإطالة أمد الحرب، وهذا خطر يمكن أن يبدد إنجازات الثورة وتضحياتها.
لا بد من الإقرار أن جميع الليبيين، إسلاميين وليبراليين، أسهموا بإسقاط نظام القذافي، فالليبراليون أسهموا بدفع الغرب إلى المشاركة في الحرب ضد القذافي، وهي مشاركة مصيرية لا بد من الثناء عليها، لكن هذه المشاركة لم تكن لتجدي لولا وجود الثوار الليبيين وعلى رأسهم الإسلاميون الذين قاتلوا قوات القذافي بقوة ودراية، ولولا لإسلاميين وعلى رأسهم عبد الحكيم بلحاج لما سقط القذافي، وهذا يعني أن الإسلاميين هم العنصر الفاعل والأهم على الأرض، ولا بد من أن يكون لهم دور في بناء ليبيا وقيادتها.
لا شك أن الإسلاميين قوة حقيقية، تشاركوا مع كل الليبيين الآخرين ومع قوات الناتو في الحرب ضد القذافي، وشارك عبد الحكيم بلحاج في اجتماع رؤساء الأركان للدول التي شاركت في الحرب ضد القذافي ومن بينهم رؤساء أركان جيوش أعضاء في حلف شمال الأطلسي "الناتو" في الاجتماع الذي عقد في الدوحة، مما يعني إلى أن عبد الحكيم بلحاج ومعه الإسلاميون الآخرون، الذين قاتلوا مع القاعدة، أو كانوا قريبين منها قبلوا بالتعاون مع الناتو في "الحرب العادلة" ضد القذافي، هذا في الجانب العسكري، أما في الجانب السياسي فإن بلحاج والصلابي تحدثا عن إقامة دولة "مدنية" تقوم على المساواة والعدالة وعدم الإقصاء، دولة لكل الليبيين، تلغي حكم الفرد والاستبداد وديمومة الأشخاص في السلطة وتنتهج سبيل التعددية والمشاركة والقبول بما يرضاه الشعب ويختاره الشعب الليبي.
الأمريكيون ومعهم بعض الدول الغربية "أغبياء في السياسة" رغم أنهم وضعوا أهم نظرياتها وممارساتها، وهم بارعون في تحويل الأصدقاء أو المحايدين إلى أعداء، ويخوضون معهم في حروب لا تنتهي.
الغباء السياسي الأمريكي في ليبيا لا يبشر بخير فهم يعملون على إقصاء الإسلاميين خارج السلطة، الأمر الذي قد يدفع الإسلاميين الليبيين إلى "الاستيلاء على كل السلطة"، فهم الأقوى على الأرض، وبعد ذلك ربما تتدخل الدول الغربية عسكريا ضدهم، مما يعني تحويل ليبيا إلى ساحة حرب يتقاتل فيها رفاق السلاح وكتائب القذافي وقوات غربية وعربية، وربما تدخل القاعدة على الخط، ويتحول البحر الأبيض المتوسط إلى ميدان حرب، وتجلب أساطيل الغرب كلها لحمايته، كما يجري في خليج عدن وبحر العرب قبالة سواحل الصومال.
على الأمريكيين أن يرحلوا سياسيا من ليبيا "فموقفهم من الثورة في ليبيا كان مخزيا ووثائق القذافي تدل على أنهم كانوا يتآمرون ويخططون له، وعلى الغرب القريب من ليبيا، فرنسا وبريطانيا، أن يكون عقلانيا، وأن يبتعد في "سياسته الليبية" عن واشنطن، وأن يحول تدخله في ليبيا إلى "قصة نجاح"، وشراكة من أجل الحرية والعدالة والمصالح المتبادلة والمنافع للجميع من دون جشع أو مطامع استعمارية. وهنا لابد من مطالبة الدوحة بوصفها "الأب الروحي" للثورة الليبية إلى التحرك السريع لوقف انزلاق ليبيا إلى حرب شاملة بسبب السياسات الأمريكية بالتعاون مع فرنسا وتركيا، فالدوحة التي تملك رصيدا أخلاقيا كبيرا في ليبيا والغرب، تستطيع أن تجمع الفرقاء الليبيين للاتفاق على المرحلة الانتقالية، وأن تساعدهم على بناء أطر الدولة المستقبلية، وأن تجمع كل الإسلاميين والليبراليين والقبائل وكل القوى الأخرى على طاولة واحدة للاتفاق على كل التفاصيل، وأن تساعدهم على تجاوز المشكلات، وتستطيع من جهة أخرى أن تتصدى للمطامع الغربية وأجنداتهم الخفية عبر فضحها إعلاميا، وإفهام الغربيين سياقات الوضع في ليبيا، وتقريب الشقة بين الغرب وبين الإسلاميين الليبيين، قبل أن يصل الغرب إلى مرحلة طلب وساطة الدوحة لإنهاء الحرب بينهم وبين الإسلاميين الليبيين، إذا أصروا على إقصائهم، كما يحدث مع طالبان حاليا.
الإسلاميون في ليبيا حقيقة واقعة، وقوة على الأرض لا يستهان بها، ومحاولة إقصائهم لا تعني سوى شيء واحد فقط، ألا وهو الانزلاق إلى الحرب التي يمكن أن تنتقل إلى الضفة الشمالية من المتوسط، ولهذا لا بد للغرب من الاعتراف بهم سياسيا بدل تحويلهم إلى أعداء.
على الغرب، وتحديدا أمريكا، أن يفهم أن ليبيا قصة نجاح يمكن أن تكون جسرا لصفحة جديدة بين العرب والغرب بدل أن تكون سببا إضافيا للعداء.
التعليقات
خبث القذافي
محمد الترهوني -عندما احس القذافي انه خاسر المعركة اجلا او عاجلا انسحب من طرابلس ليسلمها للثوار بخطة خبيثة ليدخلهم في صراع على السلطة وتقاسم الغنائم ومن ثم الحرب الاهلية والتقسيم ، اذا لم يتحرك اصدقاء ليبيا والمنظمات الدولية والمجتمع الدولي سريعا وسريعا جدا فعلى ليبيا السلام .
لا للاقصاء
منطقي -بامكان الكل ان يشارك في العملية بدون اقصاء ، علي الاسلامي والليبرالي والعلماني والاشتراكي التوجه لصناديق الاقتراع بعد الفترة الانتقاليه ، اما خلال الفترة الانتقالية ليكون التركيز علي بناء المؤسسات.
تباً لكم جميعاً ...
ليبي و بس -لإسلاميون كان لهم دور فاعل ميدانياً أي نعم لكن هذا لا يعني أن يتسلقوا السلطه فإن كل من ثار و حمل السلاح ضد القذافي يريد السلطه فهذا يعني الدخول في نفق مظلم و خصوصاً و أن هنالك قبائل و عشائر و قرى و مدن و ليست منتمية لأي تنظيم كما أن صناع الثورة هم شباب الفيس بوك فهل يعني أن كل من شارك في الفيس بوك يكون له الحق و الأسبقية في السلطه ... فهولاء ثوار مصراته يطالبون بالثمن و هولاءك ثوار جبل نفوسه من عرب كالزنتان و الأمازيغ كنالوت و جادو كذلك هم لهم مطالب و أما أهل الشرق و الذين هم من أشعلوا فتيل الثورة و منها أنطلقت ثورة 17 فبراير خصوصاً عاصمة برقة بنغازي و البيضاء و طبرق و درنه و القبة و كلها مناطق لقبائل لها تاريخها الحافل بالعمل النضالي ضد القذافي فأول من حرق و قتل اللجان الثورية كانت من قبيلة العبيدات بطبرق و القبة كذلك التي أحرقت كل مؤسسات القذافي من ما يسمى مؤتمر شعبي للشعبية و اللجنة الشعبيه للشعبية و اللجنة الثورية الأم كلها أحرقت بل كان في العام الواحد نشاهد و نسمع عن إعتصامات و مظاهرات في القبة ضد اللانظام لمعمر القذافي فهل هذا يعني ان الكل لديه السبقية في الحكم و السلطة فكل هولاء أبتداءاً من ثوار طبرق و القبة و البيضاء و بنغازي و مصراته و جبل نفوسه لن يكون من السهل على من كان يريد أن يسرق الثورة ... فبيئساً لكل من يتطلع للسلطة و يتكالب عليها ناسياً دم الشهداء ... فكل الليبيين سيكونون بالمرصاد لكل هولاء فشعب مثل ليبيا و دفع ثمن قرابة 50 الف شهيد لن يرتضوا من غير الحرية و الكرامة لوطنهم.
ليبيا الحاضر
محمود -لااعتقد ان الوضع بهذا التشاؤم وتصور على ان هناك صراع بين مجموعتين فقط اسلامى وليبيرالى كل هذا حتى قبل انشاء احزاب ودستور وقانون انتخابات.اعتقد ان من مصلحة ازلام نظام الطاغية والطاغية نفسه ان لايكون هناك اى استقرار فى ليبيا حتى نترحم على ايام حكمه..هذة خدعة كبيرة. ان الصراع على الحكم فى هذا الوضع يعتبر حاله صحية حيث بفضل الله تكون المجلس الانتقالى فى غضون 20 ايام مع مبايعتة من جميع اطياف الشعب الليبى فى عز الاحداث وسوف يقود ليبيا باذن الله الى بر الامان..ان من مصلحة امريكيا هو البقاء على نظام القذافى او احد ابنائه لانهم كانو يقدمون الولاء والطاعة لامريكيا ولانه كان يحارب فى الاسلاميين بدون مقابل (بمعنى انه كان مريح الامريكان من موضوع القاعدة)فهل يعقل ان يتخلو عنه الان وبعد ذلك يبدو فى محاربة القاعدة او الاسلاميين من جديد ...اعتقد ان الموضوع فيه شويه مبالغة...الشعب الليبى هو فى حد ذاته شعب متدين ومعتدل ولايميل الى التطرف او التعصب حتى كلام بلحاج او الصلابى هو كلام يصب فى جانب الدولة المدنية الحديثة المعتدلة وليس من مصلحة احد ان تسير ليبيا الى الهلاك بعدما ماعانو من 42 عام ظلم وبعد ماضحو بحوالى 30 الف شهيد...والحكم سوف يكون للشعب الذى عانى الكثير......