لبنان في "محور الجرائم ضدّ الإنسانية"
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
عبد الوهاب بدرخان
إليكم الخبر المهم: وزير الخارجية عدنان منصور يقول ان لبنان - اي انه ينوب عن اللبنانيين - لن يؤيد قرارا يدين سوريا في مجلس الامن. لكن هذا معروف، وليس هو الخبر، بل في قوله ايضا ان "الوضع الامني اليوم في سوريا افضل مما كان عليه قبل خمسة شهور". اي ان الوزير لا علاقة له بالمرئي والمسموع، ولا يقرأ الا التقارير. لكن حتى بثينة شعبان لا تستطيع ان تجازف بهذا التقويم للوضع الامني "الافضل" على رغم انها متخصصة باللغة الخشبية.
في الاعوام الخمسة الاخيرة تناوب ثلاثة وزراء من مشرب سياسي واحد على الهبوط بمستوى الخارجية. هزلت معهم الى درك غير معقول، وتساوى فيهم صاحب الخبرة الديبلوماسية مع معدوم الخبرة. وفي الوقت الذي كان منصور يبشر بأن لبنان يضاهي روسيا بوقوفها مع نظام دمشق، كان "نظيره" - تصوروا! - الفرنسي آلان جوبيه يقول ان هذا النظام يرتكب "جرائم ضد الانسانية". كان مجلس حقوق الانسان في الامم المتحدة يعلن استعداده لإحالة قائمة بخمسين شخصاً سورياً الى المحكمة الجنائية الدولية يمكن ان يُلاحقوا ويُحاسبوا على ارتكاب تلك الجرائم ضد الانسانية.
لا يتعلق الامر بوزير الخارجية وحده، فهذه سياسة حكومة لها مرجعيات تحكمها وتديرها، ولا ترى في جرائم النظام السوري ما يستحق، في اضعف الايمان، ان يندى له جبين، ناهيك بتحريك الضمير. هذه حكومة "شهود" أعدّهم "الشبيحة" اعدادا دقيقا للظهور بإفاداتهم امام الكاميرات والقول بإن كل ما تشهده سوريا هو مؤامرة خارجية. وعندما تكون هناك "مؤامرة" تصبح كل الممارسات مشروعة، بما فيها خطف الاطفال وتعذيبهم والتمثيل بجثثهم، بما فيها الاعدامات المباشرة امام الكاميرات، والتعذيب حتى الموت، وتكسير العظام واقتلاع الحناجر وسلخ الجلد، وما تكشف اخيرا عن استخراج الاحشاء لبيعها، بالاضافة الى ما يُتصوّر وما لا يُتصوّر من اعمال التنكيل بدءا بالاعتقال والاذلال واحتجاز اهالي المنشقين والنشطاء وصولا الى الاغتصاب... واللائحة تطول، لكن حكومة لبنان لم ترَ لم تسمع لم تعرف ولا تريد ان تعرف لأنه، على ما قال رئيسها "لا مصلحة للبنان في دخول المحاور الاقليمية".
كان هذا ما صدر عنه بعد لقائه مع البطريرك بشارة الراعي، اذ خرج "مطمئنا" و"مرتاحا". ففي هذا الملف اصبح الاثنان مرتبطين بمرجعية واحدة، اذ قال نجيب ميقاتي انه التقى مع البطريرك في التخوف من محاولات تفتيت العالم العربي الى دويلات مذهبية. كان ذلك صدى لقول الرئيس السوري ان التدخل الخارجي يهدد بتقسيم دول المنطقة وتفتيتها. اي ان ميقاتي والراعي متفقان مع بشار الاسد على مقاومة "محاولات التفتيت". حسن، ماذا عن الجرائم اليومية؟ لا شيء، فهي من متطلبات "الممانعة".
عندما يدعى لبنان، وهو يترأس مجلس الامن هذا الشهر، الى ادانة جرائم النظام السوري، فهذه ليست دعوة الى دخول "محاور" وانما دعوة للبقاء في الاسرة الدولية، بالاحرى للعودة اليها من المحور الذي ألحق به قسرا وغصبا. فعندما تحجم حكومة لبنان عن ادانة قتل النظام السوري للسوريين فإنها لا تؤكد فقط انها في "محور الجريمة" وانما تتغاضى وتبرر قتل النظام السوري للبنانيين.