الثورة السورية.. متى سيسقط النظام وبأية كلفة ؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
عبدالله تركماني
بعد أكثر من ستة أشهر على اندلاع الثورة السورية، وبعد سيل التضحيات التي قدمها أبناء الشعب السوري وبناته، فإنّ الثورة كغيرها من ثورات الشعوب العربية لم تكن نتيجة مباشرة للعمل التراكمي الذي قامت به أحزاب المعارضة ومنظمات المجتمع المدني. بل هي جاءت من وعي تشكّل في مكان عميق من العقل والوجدان الشعبيين، وهو مكان لم يعد قادراً على تحمّل أو فهم دواعي استمرار الاستبداد المستفحل منذ أربعة عقود. وهي لا تسير وفق جدول زمني محدد أو طريق أحادي الأبعاد، بل تخضع لمعادلات تبدو معقدة: النظام السوري يعيش حالة إرهاق متنامية يعوض عنها برفع حدة القمع، والشعب السوري، الذي كان حتى الأمس القريب خارج المعادلة السياسية، نجده وقد أصبح اللاعب الأول والأهم في الواقع السوري.
إنّ الطابع العام للثورة ظل مدنياً وتحررياً وإنسانياً، وبقيت قاعدتها الاجتماعية تحظى بدعم من مختلف الأطياف السورية، وأخذ وجهها العام يستعير مفرداته الحداثية. فقد تشكلت قيادات شابة قادرة على استيعاب معطيات التحول العالمي نحو الديمقراطية، وتمسك بزمام الأمور وتتحكم بحركتها حسب المتغيّرات، رغم وجود حالات تشويش فردية. وتكتسب هذه القيادات الخبرة اللازمة في سياق عملها وبالاحتكاك مع المخضرمين من المعارضين، فتنجز أعمالاً مشهودة. وهي تعرف أنّ هذا الليل السوري الطويل لن ينجلي بسرعة، وأنّ أمامها مهمات شاقة وتضحيات كبرى، لكنها تعرف أيضاً أنّ لا عودة إلى الوراء، وأنّ لا خيار أمامها سوى مواجهة ظلام هذا الليل الطويل بالصمود والتحدي والتفاؤل.
ويمكننا اليوم استخلاص عدد من العِبر من يومياتها ومن أشكال تعامل النظام معها: فهي الأكثر تمدداً على الصعيد الأفقي، أو الانتشار الجغرافي، بالمقارنة مع باقي الثورات العربية. وهي الأكثر مثابرة رغم التعرض لسادية الأجهزة الأمنية المدعومة بميليشيات ' الشبيحة ' في مواجهتها. وهي الأكثر قدرة - إلى الآن - على المحافظة على السلمية وتجنّب الانزلاق نحو المواجهات المسلحة وأعمال الثأر الواسعة النطاق، رغم فظاعة ما يتعرض له المشاركون وعائلاتهم، ورغم محاولات النظام المتكررة لجرّ الناس إلى أعمال انتقامية تضاعف التشنج الطائفي وتزيد من خوف المترددين، فيُتاح المجال أمام الأجهزة الأمنية للمزيد من البطش والإجرام ضد المتظاهرين من دون أدنى تمييز. وهي كذلك الأكثر اعتماداً على الذات لتغطية أنشطتها وفعالياتها نتيجة منع النظام لوسائل الإعلام المستقلة من التواجد في سورية. وهي الأكثر إنتاجية وإبداعاً في الشعارات والهتافات، والأكثر تعبيراً عن تضامن داخلي تشهره لجانها وتنسيقياتها مداورة في مواجهة استهدافات النظام للمدن والقرى والبلدات والمناطق. وهي الثورة الأكثر حضوراً للنساء في المواقع القيادية لتنسيقيات الثورة.
ولكن من المهم قيام إطار سياسي وطني شامل يحظى بقدر معقول من الإجماع والثقة، يتولى القيام بمبادرات سياسية، ويحاول التأثير على سير الثورة باتجاهات تتوافق مع السمات المشار إليها أعلاه. ويمكنها أيضاً من تقديم مبادرات سياسية تحاصر النظام، فتسهم في إحكام عزلته وفي المزيد من تجريمه إقليمياً وعالمياً، أو في فرض تفاوض من مواقع أقوى عليه. وفي هذا السياق، فإنّ كل المجالس الوطنية التي أُعلن عنها هي نقطة ضوء في الطريق الصحيح، ولكنها تحتاج إلى التصويب، بكل شفافية ودون تجريح أو تخوين. إذ أنّ ما يجري على المستوى التنظيمي في الخارج ليس ناضجاً، وهو بالتالي عاجز عن إنتاج تشكيلة تقود الثورة وتمثلها، والمطلوب هو العودة إلى قاعدة الثورة، والعمل معها من أجل إنتاج مرجعية سياسية، بوصفها جزءاً عضوياً من تنسيقيات الثورة، يسمح ببناء تفاعل صحي مع قيادات الخارج من أجل بناء إطار لمجلس وطني سوري، يلعب دوره في حشد الدعم والتأييد وبناء مصادر استمرار الثورة حتى إسقاط النظام.
ويبدو أنّ ثمة قاسماً مشتركاً سياسياً يجمع قوى المعارضة بكل فئاتها: سلمية الاحتجاج، تغيير النظام، إقامة دولة مدنية تعددية وديمقراطية تصون حقوق الإنسان وحرياته وتساوي بين جميع السوريين. أما الاختلاف في التفاصيل فهي مسألة طبيعية وبديهية، لا بل ضرورية لحياة ديمقراطية سليمة وتعددية.
وهكذا، على الرغم من أنّ اصطفافات قوى المعارضة التقليدية تصدم المزاج الشعبي المطالب بوحدتها، إلا أنها في العمق تخدم مسيرة الثورة، خاصة إذا توفرت لها الشفافية والوضوح، حيث يمكن أن تخدم كل قوة من هذه القوى الثورة من موقعها ويبقى الانحياز الواضح للثورة والعمل على إسقاط النظام هو المعيار الفاصل بينها والمقياس الحاسم لمدى جديتها وصدق مواقفها.
أما قوى الثورة الشعبية وهي الجسم الحيوي الفاعل والواعد، والذي نهض بصورة عفوية دفاعاً عن كرامة السوريين وحريتهم من غير قوى سياسية أو شخصيات ورموز تقوده ومن دون شعارات أو برامج مسبقة، بل تنطحت لقيادته مجموعات شبابية نالت ثقة الناس من خلال صدقيتها واستعدادها العالي للتضحية. وعلى رغم عفوية الثورة وغياب أي تحضير أو تخطيط لها، نجح شبابها في بناء هياكل وأطر تنظيمية حملت اسم التنسيقيات قابلة للتطور بما ينسجم مع حاجات تقدم الاحتجاجات وتجذيرها، وتمكنوا تدريجياً من توحيد قطاعات مهمة من هذه التنسيقيات على مستوى المناطق الأكثر سخونة ونشاطاً، ويبدو أنهم الآن في طريقهم عبر إعلان الهيئة العامة للثورة السورية لاستكمال هذه العملية وتشكيل قوة واحدة قادرة على العمل الميداني والسياسي المتسق.
وهكذا، تقتضي الثورة السورية، التي وصّفنا واقعها أعلاه، اعترافها بالحاجة إلى الخارج ودعمه بالحدود التي لا تهدد وحدة البلاد أو تجرها إلى تدخل عسكري، إذ يختلف تصور الحماية الدولية ما بين مراقبين دوليين ومنظمات حقوقية ووسائل إعلام مستقلة يراقبون الوضع السوري وممارسات النظام، وما بين توقع حظر طيران ومناطق آمنة، وصولاً إلى التدخل العسكري الدولي. وفي هذا المنظور طالبت الهيئة العامة للثورة السورية، في 8 سبتمبر/أيلول، المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته واتخاذ كل الإجراءات التي من شأنها فرض حماية للمدنيين وفق ما نصت عليه قوانين ومواثيق الأمم المتحدة ذات الصلة.
والسؤال اليوم هو متى سيسقط النظام، وبأية كلفة، وعبر أية مسارات متعرجة، وضمن أي نطاق زمني ؟
قد يأخذ سقوطه شكل اهتراء تدريجي يدوم شهوراً طوالاً، ولا يستبعد أن يتسبب النظام خلالها في تخريب وطني واسع، قد لا تنهض منه سورية إلا بمشقة وبعد سنوات. ولكنّ العودة إلى الوضع الذي كان قائماً قبل 15 مارس/آذار متعذرة، فما تشهده سورية حالياً هو نوع من المأزق: لا السلطة تستطيع وقف الاحتجاجات ولا الاحتجاجات الحالية قادرة على إسقاط السلطة.
والمهم أنّ النظام سيلحق بأقرانه التونسي والمصري والليبي، وكلما تضافرت الجهود وتعاظمت العوامل المنهكة له، كلما كان اللحاق هذا أسرع وبكلفة بشرية واقتصادية أقل وطأة. مما يفرض على الكتلة التاريخية للثورة السورية، أن تبلور توازنات جديدة، تصون الحرية المكتسبة بعد كفاح شاق، وتضمن استقراراً مواتياً للتراكم الوطني، وتؤسس لنشوء تقاليد سياسية واجتماعية جديدة.
التعليقات
بصراحة
محمودي -اذا حلب شعرت بالعزة و الغيرة و انتفضت و تركت المصالح و التجارة من اجل الوطن سوف تنجح الثورة.
بصراحة
محمودي -اذا حلب شعرت بالعزة و الغيرة و انتفضت و تركت المصالح و التجارة من اجل الوطن سوف تنجح الثورة.
اذا
غافر -بل اذا طلع الكر على الجوزة بتنجح (الثورة ) ياأخي مين قال نحنا بدنا ثورة ؟ نحنا بدنا اصلاح تدريجي ومدروس بدون خضات أمنية واقتصادية كبيرة حاجتكم علاك مصدي وبلا ثورة بلا زفت شايف بنهاية هالفورة رح نصير نتمنى نلاقي خبز بالفرن ونقول يامحلا أيام الستبداد
اذا
غافر -بل اذا طلع الكر على الجوزة بتنجح (الثورة ) ياأخي مين قال نحنا بدنا ثورة ؟ نحنا بدنا اصلاح تدريجي ومدروس بدون خضات أمنية واقتصادية كبيرة حاجتكم علاك مصدي وبلا ثورة بلا زفت شايف بنهاية هالفورة رح نصير نتمنى نلاقي خبز بالفرن ونقول يامحلا أيام الستبداد
نظام ساقط
خالد الحر -المعلك الثاني بوق من ابواق النظام الفاشي الساقط الشعب قالها صراحة الشعب ير يد اسقاط النظام و الشعب يريد اعدام الرئيس المجرم القاتلو الشعب يريد الحماية الدولية
تنبيه للزعماء
محمد السوري -الإرهابي بشار البربري , سيساق إلى المحكمة هو شرذمته قطاع الطرق الهمجيين , وعصاباته ....لأنهم عار في تاريخ الجنس البشري , لم نسمع في التاريخ عن سلخ الجلود وقطع الاعضاء , أحب أن أنبه الزعماء العرب من زميل لهم ذو موهبة فذة ( نابغة) بقطع الأعضاء الذكرية واقتلاع الحناجر وسلخ الجلود , معهم شيء من الحق عندما لا يتحدثون عن دماء السوريين ولا يحركون ساكنا لنصرتهم , كل واحد بلمس زلعومه وذكروا , إذا كان لسى في حناجر و أعضاء رجولة .
سوري حر يعشق الحرية
جمال -بدك خبز بالفرن ؟؟؟ بأص ايدي اذا ما كنت عضو بالفرقة الرابعة
رحم الله زينب
مصطفى العراقي -ما يجري في سوريا يحرك مشاعر حتى الجبال, شعب اعزل يقتل شبابه وتغتصب نساؤه ويستمر في ثورته السلمية. والله ان السوريين ليستحقون احترام كل شعوب العالم ويذكروننا بشجاعة الفيتناميين والافغان وغيرهم ممن قاوموا الاستبداد.المطلوب مزيد من الدعم للسوريين لكي تتسارع عملية اسقاط النظام فالتكلفة باهضة جدا فكل سوري يستشهد او سورية تستشهد يستحق منا كل الاحترام والتبجيل, لابد من نقل المعركة الى الطرف الاخر فالنظام وانصاره لايعانون كما يعاني السوريون لانه ببساطة لم يقتل منهم احد. ان تحولت الثورة الى الكفاح المسلح فلها النصر
الى السلاح
جمال -الى الكفاح المسلح يا شباب الثورة . لن يسقط الطاغية سوى بالقوة . لنحمل السلاح ضد طاغية العصر او هولاكو العصر وضد شبحيته وازلامه ومن يفكرون ببطونهم والخبز في الافران او في ثرواتهم وخواء جيوبهم والدماء تسفك والاعراض تنتهك
المزرعة الأسدية
ahmad abdallah -إلى جمال أوافقك الرأي فالشعب السورري يتيم ولن يساعده أحد لاعرب ولا عجم، إن لم تتحول الثورة إلى حمل السلاح فسوف تتحول سورية الى المزرعة الأسدية والشعب إلى عبيد حقيقين وأعضاؤهم تباع كقطع غيار لكل دول العالم ولمن يدفع ثمن كلية أو قلب ورئتين أو كبد أو بنكرياس أما نساؤهم فسيباعون كرق أبيض، وفهم العاقلين كافي لفهم ذلك المستقبل الذي تعدنا به مافيا الأسد إذا ربحت هذه الجولة