جنبلاط يطالب دروز سورية بعدم المشاركة بالقتل: لا حل إلا بتغيير جذري للنظام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
دعا موسكو "بدل التمسك بالأسد" لنصحه "بأن تداول السلطة أهمّ من سفْك الدماء"
بيروت - ليندا عازار
... "بالفم الملآن" وللمرة الأولى منذ بداية الأزمة في سورية، قالها رئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط "حارقاً المراكب" مع الرئيس بشار الاسد بإعلانه ان "الأزمة القائمة (بسورية) لن تُحلّ إلا بتغيير جذري للنظام"، ومعتبراً ان من الافضل لموسكو "توجيه النصح له بالقبول بأن تداول السلطة أهمّ من التمسّك بها وسفْك الدماء".
جنبلاط الذي صاغ موقفه "القنبلة" انطلاقاً من شعاريْ "قوة الضعفاء" لرئيس تشيكوسلوفاكيا الراحل والكاتب فاكلاف هافل، و"الذين ليس على صدورهم قميص سيحررون العالم" لـ "(والده) الشهيد كمال جنبلاط"، لم يفُتْه توجيه دعوة وانتقاد بالغيْ الدلالات:
bull; الدعوة الى دروز سورية "الذين يعلمون أن حركة الشعوب لا تعود الى الوراء، وأن الذاكرة الشعبيّة لا ترحم، وأن الذين ليس على صدورهم قميص في درعا والصنمين وبصرة الحرير وخربة غزالة وإدلب وحمص وحماه وغيرهم في المدن والقرى السوريّة المختلفة هم الذين يمتلكون المستقبل لأنهم يمثلون "قوة الضعفاء"، فآن الآوان للاحجام عن المشاركة مع الشرطة أو الفرق العسكرية التي تقوم بعمليات القمع ضد الشعب السوري، وقد عاد العشرات منهم في نعوش نتيجة قتالهم لأهلهم في المناطق السوريّة الأخرى".
bull; اما الانتقاد فلإيران اذ دعا "أبناء الثورة الاسلامية لتذكُّر ما كتبه الشاعر الكبير سعدي الشيرازي لرفع الظلم عن الشعب السوري، اذ قال: آدميون نحن ولنفس الأصل ننــــتمي، فكيف نهنأ بالعيش والغير يألمُ، ما إستحق الحياة من يرى أخاه يشقى، وهو بالملذات والخيرات ينــعمُ".
وهكذا، اختار الزعيم الدرزي، الذي تدرّج في مواقفه "المتدحرجة" من الاحداث في سورية بدءاً من وصفها بانها "ثورة" (خلال زياره لموسكو) في يوليو الماضي، الانتقال الى مرحلة "الابيض او الاسود" في مقاربة هذا الملف الذي كان باشر على خلفيته القيام بما يشبه عملية "إعادة التموضع" السياسية على المستوى اللبناني، آخذاً مسافة عن قوى 8 آذار التي كان أمّن لها "نصاب" قلْب الطاولة في يناير الماضي على 14 آذار والإطاحة بالرئيس سعد الحريري من رئاسة الحكومة، ومعيداً ترميم الجسور مع تحالف "ثورة الأرز".
وينتظر مع هذا التحوّل الدراماتيكي في موقف رئيس "جبهة النضال الوطني" ان يكون الاخير في الايام المقبلة في "مرمى النار" في بيروت من حلفاء سورية التي كانت اعلنت بلسان الأسد مع ارتسام ملامح القطيعة بينها وبين الزعيم الدرزي "جنبلاط لم يعد معنا وصار في المقلب الآخر"، مع تقديرات بان تساهم هذه "النقلة" في تعزيز "البرودة" في العلاقة بين الاخير وبين "حزب الله"، وسط ترقُّب للترجمات السياسية لبنانياً لهذا التطوّر الذي سيحرج بطبيعة الحال "شركاء" جنبلاط في المحور الوسطي الذي كان استظّله ضمن الاكثرية الجديدة مع رئيسي الجمهورية ميشال سليمان والحكومة نجيب ميقاتي.
وكانت مواقف جنبلاط جاءت في تصريح قال فيه: "(...) أثبتت كل التجارب التاريخيّة أن حركة الشعوب تتقدم الى الأمام ولا تتراجع الى الخلف، وأن ما بُني على باطل لا يُكتب له الاستمرار على قاعدة "يمهل ولا يُهمل".
وأضاف: "قوة الضعفاء التي كتب عنها فاكلاف هافل، ذاك الكاتب المسرحي الذي عايش ربيع براغ في العام 1968 عندما قمع الجيش الأحمر محاولات رئيس وزراء تشيكوسلوفاكيا ألكسندر دوبتشيك تطبيق إصلاحات سياسيّة وعاد في مرحلة لاحقة لقيادة "الثورة المخمليّة" في العام 1989 بعد أن أمضى سنوات في السجون كمعتقل سياسي؛ كأنه يكتب عن واقع الحال الراهن".
ورأى أن "قوة الضعفاء هي التي حركت وتحرك الثورات العربيّة للمطالبة بالحرية والكرامة والعزة. فكما أشعل جان بالاخ النار في جسده في العام 1969 رافضاً للنظام الشمولي، كذلك فعل محمد بوعزيزي في تونس رفضاً للقمع والاذلال. فالتاريخ مسار تراكمي وكتاب مفتوح لمن يريد أن يستخلص العبر".
وتمنى "لو تنظر القيادة الروسيّة الى مبدأ "قوة الضعفاء" في مقاربتها للوضع الحالي الذي تمر به حليفتها سورية وضرورة الاقرار بأن الحلول الأمنيّة لا يمكن أن تشكل حلاً للازمة القائمة التي لن تُحل إلا بتغيير جذري للنظام. فبدل التمسك بنظام لم يستخلص العبر من دروس حماه (1981) التي تذكر بأحداث بوادبست (1956)، قد يكون من الأفضل توجيه النصح له القبول بأن تداول السلطة هو أهم من التمسك بها وسفك الدماء. ألم يسبق أن إنتفضت روسيا على ظلم القياصرة في الماضي؟". واضاف: "حبذا أيضاً لو تنظر الجمهوريّة الاسلاميّة الى مبدأ "قوة الضعفاء" ويتذكر أحفاد الامام الخميني أنه المبدأ الذي طُبق في مواجهة شاه إيران وأدّى الى إسقاطه في نضال تاريخي كبير ما أكد أن الصدور العارية التي تنادي بالحرية والديموقراطية قادرة على مواجهة أعتى الأنظمة".
وتابع: "قد تكون الصورايخ الايرانيّة تملك قوة عسكرية كبيرة، ولكن يبقى صدى كلمات الشاعر الكبير سعدي الشيرازي أقوى مفعولاً، فليتذكر أبناء الثورة الاسلامية ما كتبه لرفع الظلم عن الشعب السوري (...)".
وختم جنبلاط بيانه: "كما ناضل الآلاف في تونس ومصر واليمن وفق قاعدة "قوة الضعفاء" وكانوا من الذين ليس على صدورهم قميص وانتصروا، كذلك سيحدث في البلدان الأخرى، لأن هذا هو منطق التاريخ وحكمه. فعلاً، صدق القول إنه "يمهل ولا يهمل".