جريدة الجرائد

"غرور القوة" وبقاء النظام... وإيران

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

سركيس نعوم

لم يتوقع أحد عام 1988 ان يقبل الإمام الخميني مؤسس النظام الاسلامي في ايران قرار مجلس الأمن القاضي بوقف الحرب بين بلاده وعراق (الراحل) صدام حسين. ماذا كان سبب قراره هذا الذي كان على حد وصفه مثل "تجرع السم"؟
السبب الرئيس، على ما يقول معاصرون عرب لتلك المرحلة عاش بعضهم في ايران الاسلامية سنوات عدة، ان الهدف الأول والاستراتيجي لمؤسس النظام الاسلامي كان المحافظة على نظامه وازالة كل الاسباب التي تعرِّضه للخطر، والتكيف في حال الاضطرار مع كثير من الأوضاع بغية تحقيق هذا الهدف. ظهر هذا الأمر عفوياً أثناء الحرب العراقية - الايرانية في التظاهرات الشعبية، كما في "اليافطات" المرفوعة في الساحات العامة والطرق الرئيسية، التي كان مضمون بعضها: اسرائيل ولا صدّام، كما ظهر مرة، وإن على نحو غير رسمي، عبر قرار اتخذته ايران في حينه بشراء معدات حربية، أو بالأحرى قطع غيار من اسرائيل في صورة غير مباشرة، وذلك للنجاح في مواجهة جيوش صدام، في وقت كانت طهران لا تزال تشعر بأنها لم تسيطر على ساحة القتال بعد. طبعاً لا يرمي هذا الكلام الى التشكيك في الموقف الايديولوجي والاستراتيجي الايراني المعادي لاسرائيل، بل يرمي الى اظهار ان الدفاع عن النفس، التي هي هنا النظام، يقرِّر استثنائياً بعضَ المواقف انطلاقاً من ان "الضرورات تبيح المحظورات". وعلى كل حال فقد برهنت ايران منذ انتهاء حربها مع العراق عام 1988 حتى الآن، عداءها لاسرائيل بوقوفها مع المقاومين لها وفي مقدمهم "حزب الله" اللبناني و"حركة حماس" ومنظمة "الجهاد الاسلامي" الفلسطينيتين، وبدعمها دولاً "ممانعة" في رأيها رغم عدم "اسلاميتها". وتأكيداً على ذلك كله، يلفت المعاصرون العرب للثورة الايرانية المشار اليهم اعلاه الى "مجلس تشخيص مصلحة النظام" الذي أسسه الامام الخميني الراحل وذلك للدلالة على الأهمية الفائقة التي كان يعلقها على بقائه واستمراره. ويومها قيل ان الشيخ هاشمي رفسنجاني كان الوحيد القادر على مفاتحة الخميني بموضوع وقف الحرب مع العراق تنفيذا لقرار مجلس الأمن جراء الثقة بينهما والتاريخ الطويل من التعاون.
لماذا هذه المقدمة "التاريخية" اذا جاز وصفها كذلك؟
للانطلاق في تحليل معلوماتي عن وضع ايران الاسلامية اليوم، وعن وضع نظامها الذي تأسس عام 1979، وعن قدرته على الاستمرار في ظل الأوضاع المضطربة في المنطقة، والمواجهات المتعددة التي يخوض مع المجتمع الدولي وغالبية المجتمع الدولي والكبرى، كما مع اسرائيل، ومعظم العالمين العربي والاسلامي. والتحليل المذكور لا بد ان ينطلق من سؤال اساسي هو: هل تعتقد قيادة النظام الاسلامي في ايران انه في خطر حالياً؟ وما هي احتمالات تعرّضه لضربة عسكرية "ساحقة" اسرائيلية تتحول اميركية، او اسرائيلية - اميركية مشتركة، او اميركية فقط؟ وما هو دور الملف النووي، الذي صار الموضوع الاكثر أهمية للعداء بين النظام المذكور والمجتمع الدولي، سواء في تهيئة ظروف اسقاطه أو في زيادة مناعته بحيث يصبح التعرض له عسكرياً من المستحيلات؟
طبعاً، ليست هناك اجوبة دقيقة وجازمة عن كل الاسئلة المطروحة اعلاه. لكن المعاصرين العرب انفسهم للنظام الاسلامي منذ قيامه يشعرون ان قادته ربما يعتقدون أنهم يمتلكون القدرة على ان "يظمطوا" بالملف النووي ويحققوا الانجازات التي يريدونها منه، لأن المجتمع الدولي ولاسباب متنوعة لم يتخذ بعد قراراً بتوجيه ضربة ساحقة اليه.
ويستند هؤلاء القادة في اعتقادهم الى جملة اسباب، منها تحول ايران قوة عسكرية مهمة جداً في المنطقة، وتحديداً في الخليج، قادرة على ممارسة "التهديد" للجميع، ومنها تحولها نووية رغم عدم وضوح مدى نوويتها، ومنها تحولها لاعباً اساسياً في المنطقة، ومنها "إلحاقها الهزيمة" بأميركا في العراق... الى آخر ما هناك من اسباب. طبعاً غالبية الاسباب المذكورة فيها كثير من الصحة. لكن السؤال الذي يطرحه على أنفسهم قادة العالم والمنطقة هو: هل اصاب غرور القوة ايران الاسلامية ام سوء الحسابات؟ وهل تنتبه قبل فوات الأوان الى الهدف الأول وهو بقاء النظام واستمراره؟ والدافع اليه هو تجاهلها الكثير من الحقائق الموضوعية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
قوة الوهم والغرور
سيف الحق العربي -

كلنا يعرف نهاية الغرور وأكثر من جرب وذاق نهاياتها بالهزائم هي نفس الدولة التي تعيد نفس الدور وتعتقد ان النتائج في صالحها من شدة عمى بصيرتها عن الواقع وجهل محركها بالوقائع التي تقترب منه وتشير إلى الإجهاز على قوته الواهمة بكل سهولة رويداً رويداً شيئاً فشيئاً والموهوم غارق في دجله واوهامه