جريدة الجرائد

المعادلة السياسية في مصر: الجيش و الإخوان المسلمون والسلفيون!

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

كتب: Abigail Hauslohner - Time

أمضى "الإخوان المسلمون" عقوداً عدة وهم ينظمون صفوفهم، على الرغم من حملة القمع العنيفة التي شنها نظام مبارك ضدهم، بعد المشاركة في الانتفاضة التي أدت إلى إسقاطه في الشتاء الماضي، سرعان ما أصبح "الإخوان" أقوى حزب سياسي في مصر.


ترافقت السنة الجديدة في مصر مع نشوء برلمان جديد يسيطر عليه الإسلاميون للمرة الأولى في تاريخ مصر، لكن هذا الوضع يثير تساؤلات عن الطريقة التي سيعتمدها الإسلاميون الذين وصلوا حديثاً إلى السلطة (بقيادة ldquo;الإخوان المسلمينrdquo; الذين حصدوا نصف المقاعد تقريباً) لإدارة البلد.


توقع بعض الناشطين والسياسيين أن تنشب مواجهة عنيفة بين الجيش والكتلة الإسلامية على أن تتخذ شكل صراع على السلطة والنفوذ خلال الأشهر المقبلة، وتحديداً في ما يخص صياغة مسودة الدستور المصري الجديد. بحسب قولهم، ستضغط الأحزاب الإسلامية، التي تملك مجتمعةً 62% من مقاعد البرلمان تقريباً، باتجاه تطبيق الشريعة الإسلامية، فضلاً عن سن تشريع يهدف إلى الحد من سلطة الجيش وإلغاء حصانته. لكن يتوقع البعض أن يقوم الجيش بما يلزم لردع الإسلاميين. يقول إسلام أحمد عبدالله، أحد أتباع السلفيين المحافظين المتشددين في تفسيرهم للقرآن الكريم (وهو يدير مركزاً يميل إلى محاربة ldquo;التبشير المسيحيrdquo;): ldquo;سيساهم هذا الوضع في نشوء نسخة جديدة عن الجزائرrdquo;. بحسب رأيه، لدى الإسلاميين في مصر تاريخ حافل في الصراعات العنيفة ضد النظام. وإذا تحدى الجيش السلطة التي اكتسبوها عن وجه حق، قد تقع مصر في مستنقع العنف الذي اجتاح الجزائر خلال التسعينيات بعد أن استبق الجيش الأمور وأحبط فوز الإسلاميين.


لكن يعتبر محللون آخرون أن لعبة السلطة التي تتخذ شكلاً مأساوياً لا تزال مستبعدة. يظن العالِم السياسي في جامعة ldquo;كينت ستيتrdquo;، جوشوا ستاشر، أن الأوضاع تبدلت فعلاً ولا علاقة للأمر بالمتطرفين من أمثال عبدالله الذي يمثّل حزب النور السلفي الذي يسيطر الآن على ربع مقاعد البرلمان. فقد قال ستاشر: ldquo;ستحدث المفاوضات الحقيقية في أعلى مراتب النظام بين ldquo;الإخوان المسلمينrdquo; والمجلس الأعلى للقوات المسلحةrdquo;.
أمضى ldquo;الإخوان المسلمونrdquo; عقوداً عدة وهم ينظمون صفوفهم، على رغم حملة القمع العنيفة التي شنها نظام الرئيس حسني مبارك ضدهم، بعد المشاركة في الانتفاضة التي أدت إلى إسقاطه في الشتاء الماضي، سرعان ما أصبح ldquo;الإخوانrdquo; أقوى حزب سياسي في مصر. بعد ترسيخ سيطرتهم على البرلمان، اقتصر اللاعبون السياسيون المهمون الذين سيرسمون مستقبل مصر على فريقين أساسيين: ldquo;الإخوان المسلمونrdquo; والجيش النافذ الذي خلّفه مبارك. ليس ستاشر المراقب الوحيد الذي توقع أن الفريقين بدآ التفاوض وراء الأضواء لتحديد كيفية توزيع السلطات مستقبلاً في مصر. فقد حذر الليبراليون المصريون من هذه المؤامرة منذ الربيع الماضي، فادعوا أن التفاوض على الشراكة أدى إلىدد إبعاد ldquo;الإخوانrdquo; عن ميدان التحرير (حيث وجه الليبراليون احتجاجاتهم ضد المجلس العسكري) وساهم في فوز الجماعة الإسلامية في الانتخابات.
أنكر ldquo;الإخوان المسلمونrdquo; من جهتهم حصول أي اتفاقات سرية من هذا النوع، لكن تشير التطورات السياسية في الأسابيع الأخيرة إلى أنهم لا ينوون المشاركة في حكومة تضم نظراءهم الإسلاميين في الكتلة السلفية. فقد أوضح مسؤولون في جماعة ldquo;الإخوانrdquo; هذا الأسبوع أنهم تخلوا عن دعواتهم السابقة إلى تحويل النظام الرئاسي المصري إلى نظام برلماني. تساهم هذه الخطوة في تخفيف الضغوط عن الجيش، لكن من المتوقع أن تثير سخط الإسلاميين المتشددين والليبراليين. صرح مسؤول رفيع المستوى في جماعة ldquo;الإخوانrdquo; لصحيفة ldquo;نيويورك تايمزrdquo; بأن الجماعة ستقبل بقيادة رئيس الوزراء كمال الجنزوري الذي عيّنه الجيش حتى شهر يوليو، قبل أن يستلم رئيس مُنتخَب جديد السلطة في ذلك الوقت بحسب وعود الجيش.


كذلك، تواصل مسؤولون من جماعة ldquo;الإخوانrdquo; مع الشركاء الدبلوماسيين الأميركيين والأوروبيين في الأسابيع الأخيرة وطمأنوا الناخبين والشركاء الدوليين معاً إلى أنهم ملتزمون بالسياسات المعتدلة والشاملة في الأشهر المقبلة. في نهاية الأسبوع الماضي، حضر قادة ldquo;الإخوانrdquo; قداساً للاحتفال بعيد الميلاد عند الأقباط في الكاتدرائية الرئيسية في القاهرة، حيث تزداد مخاوف الأقلية المسيحية، مع أن الجماعات السلفية اعتبرت أن الاحتفال بالميلاد ldquo;حرامrdquo; أو عمل غير إسلامي. قال ستاشر إنه يشعر بأن ldquo;الإخوان المسلمينrdquo;، مثل السلفيين، لم ينضجوا سياسياً بعد، وقد اعتبر أن الكتلتين الإسلاميتين لديهما وجهات نظر مختلفة جداً عن مصر الإسلامية. كذلك، يدرك ldquo;الإخوانrdquo; (منظمة لها معارف مهمة في أوساط المسؤولين القمعيين في النظام أكثر من الأحزاب السلفية المبتدئة) أن الجيش لا يزال يسيطر على زمام الأمور في ما يخص الأسلحة والموارد. وأضاف ستاشر: ldquo;لم يُقدم الإخوان يوماً على تسخير جميع مواردهم من أجل تحقيق هدف واحد ولن يفعلوا ذلك اليوم. الآن وقد تذوق الإخوان المسلمون طعم الحرية، من المستبعد أن يعودوا إلى عصر التزمت والاعتقالrdquo;.
ومع ذلك، لا يعني وصول ldquo;الإخوان المسلمينrdquo; إلى السلطة السياسية بالضرورة استبعاد اللاعبين الأقل نفوذاً من الساحة المصرية، لكن يساهم هذا الوضع في تهميشهم حتماً. يتوقع ستاشر استمرار المواجهات العنيفة بين الجيش والليبراليين أو جماعات أخرى طوال عام 2012 (بما يشبه حملات القمع الأمنية التي استهدفت المحتجين في ميدان التحرير، ما أسفر عن مقتل 80 شخصاً على الأقل منذ شهر أكتوبر). وأضاف قائلاً: ldquo;الآن وقد حصد الإخوان المسلمون والسلفيون مقاعد في البرلمان، سيحاول المجلس الأعلى للقوات المسلحة استغلال تلك الأطراف ضد الجماعات غير الإسلامية. يفضل الجيش التقرب من الإسلاميين من أجل استنزاف قوة العلمانيين، أو يمكنه وضع الجماعات المختلفة في مواجهة دائمةrdquo;.
يقول العالِم السلفي عبدالله إن نفوذ الليبراليين بدأ يتلاشى: ldquo;نحن سنسيطر على البلد الآن. ستمد الولايات المتحدة الليبراليين بالأموال لفترة طويلة. لكن في نهاية المطاف، سيصبحون نسخة جديدة عن كرزايrdquo; (فقد قارن انهيار الليبراليين الحتمي بانهيار الرئيس الأفغاني المدعوم من الولايات المتحدة).


يكشف خطاب عبدالله الواثق عن خطط السلفيين غير المتوقعة. ماذا سيحصل في حال تهميش أكثر أعضاء البرلمان تطرفاً، سواء بسبب ldquo;الإخوان المسلمينrdquo; الذين يسعون إلى تطبيق سياسة أكثر اعتدالاً أو بسبب الجيش الذي يعمد إلى إبطاء (أو حتى إعاقة) مساعيهم الرامية إلى فرض حكم الشريعة الإسلامية؟ (تجدر الإشارة إلى أن حكم الشريعة هو أصلاً أساس الدستور المصري الراهن).
يقول بعض المصريين إن الجماعات السلفية استغلت الفراغ الأمني بعد حقبة مبارك في مصر لتولي مسائل الفقه الإسلامي بنفسها. تكثر الشائعات عن السلفيين الذين يفرضون تفسيراتهم الخاصة للشريعة في الأماكن العامة. في إحدى مدارس الإسكندرية، يُقال إن السلفيين أمروا بالفصل بين الصبيان والفتيات. وتحدثت مدوِّنة ناشطة في القاهرة عن محاولة السلفيين إقفال صالون تجميل خاص بالسيدات في دلتا النيل. يقول ماركو صفا، طالب جامعي مسيحي يدرس في القاهرة: ldquo;أنا لا أعارض العيش في بلد له خلفية دينية. لكن يجب أن يتذكروا أنهم لا يعيشون وحدهم هنا. ويجب أن يحترموا بقية فئات الشعب ولا بد من ضمان الحريات الخاصةrdquo;.
برزت صفحة على فيس بوك تدعم ldquo;لجنة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكرrdquo; (منظمة تعمل في الظل وتزعم أنها مرتبطة بحزب النور السلفي، ويدعي بعض المصريين أنها وراء الحوادث الأخيرة). لا تقترح هذه الجماعة شيئاً في ما يخص التشريعات البرلمانية، بل إنها توصي آلاف مناصريها على الفيس بوك بـrdquo;إنقاذ شريعة الله على أراضيه وبالعمل وفق المهمة التي أرسلنا لأجلها في كتابه الكريمrdquo;.
يقول عبدالله إن الإسلاميين المتطرفين، في حال تعرضوا للتهميش، لن يحتاجوا إلى الضغط من أجل فرض التشريعات التي يريدونها، بل إن الشعب هو الذي سينفذ المراسيم الإسلامية على طريقته الخاصة. ويتابع عبدالله قائلاً: ldquo;لا يحبذ المصريون فكرة العيش في بلد تنتشر الخمور في شوارعه. سيكون الشعب، وليس الإسلاميين في البرلمان، هو الذي سيوقف هذه الظاهرة في الشوارع. لقد بدأنا عملنا في البرلمان الآن. أعطوا السيوف إلى الشعب إذنrdquo;.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف