رجل «الهيئة» الجديد
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
حسين شبكشي
الحديث أو الكتابة عن "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" في السعودية مسألة في غاية التعقيد ومحفوفة بالمخاطر، لما يفهم عادة في حالة النقد أو إبداء رأي ما أنه اعتراض على الدين نفسه، وبالتالي يتعرض من يقدم على ذلك لسيل من الاتهامات، وهذا ما حدث مع الكثيرين. جهاز "الحسبة"، أو هيئة الأمر كما تعرف شعبيا، هي حالة سعودية فريدة، فلا توجد دولة أخرى في العالم لديها جهاز شبيه به إلا في حالات نادرة، ولكن في السعودية تحديدا أسس هذا الجهاز مع توحيد المملكة وبالتالي أصبح جزءا من الجهاز الإداري الضابط للشؤون العامة في الدولة.
ومر الجهاز بمراحل مختلفة من التطوير أو التوسيع في المهام، ومع تغير المجتمع السعودي نفسه وازدياد سكانه وتغير نمط حياته، وخروج الشباب للحياة العامة والمرأة للعمل، وأعداد المقيمين من شتى أنحاء العالم قدموا للسعودية طلبا للعمل فيها، كانت هنالك مطالب جديدة بمراعاة هذه المستجدات وتغير أسلوب التعاطي مع المواقف بمختلف أشكالها. وكانت "الهيئة" هدفا سهلا لكل من أراد انتقاد السعودية، فيحكم على مخالفات أفراد فيها ليعتبره عيبا في البلد ككل، وبات من الطبيعي أن يكون الاسم المتداول في الصحافة الغربية لهذا الجهاز هو "الشرطة الدينية"، بطريقة فيها من السخرية ما هو غير مقبول.
وفي مسيرة الإصلاح المتواصلة التي تعيشها السعودية في قطاعات كثيرة، تشمل إعادة هيكلة جذرية واختيار كفاءات مميزة لإدارتها، جاء اختيار الدكتور عبد اللطيف آل الشيخ رئيسا عاما لهذا الجهاز الحيوي كخبر مفاجئ ومميز، ويأتي هذا الخبر المهم بمثابة خطوة تقدمية في الطريق السليم ليس فقط لأن الرجل المعني لديه الاسم المناسب والكنية المناسبة، كونه ينتمي لأسرة آل الشيخ العلمية والمنتسبة للشيخ محمد بن عبد الوهاب، ولكن لما عرف عن الشخص نفسه من اجتهاد فقهي مقاصدي معروف يؤصل فيه آراءه وفتاواه وبحوثه بشكل عقلاني وحكيم، ويهتم بشكل أساسي بالتوسع في مقصد الشرع من الأحكام وليس بالتقليد المطلق لأجل التقليد النصي.
والرجل له حضور معروف في الصعيد الفقهي وآراؤه تحظى بالمتابعة والاحترام، وسيرته الذاتية مميزة وقوية، وسنه مناسبة جدا، بالإضافة لأنه مستمع جيد ويحسن الظن، ولكنه حازم في آن واحد. وكان ذلك واضحا في أسلوب تعامله وثقته بنفسه في تصريحاته الإعلامية الأولى، حيث وجه فيها رسائل مختصرة ولكنها تصل إلى صلب الموضوع المنشود، حين وضح أن الغرض الأساسي في المرحلة الأولى المقبلة لهذا الجهاز سوف يكون الأمر بالمعروف بمعروف والنهي عن المنكر بلا منكر، وعلق قائلا: "هذه هي الرسالة وعلى اللبيب أن يفهم بالإشارة".
وكان أول قراراته التي لقيت استحسانا عريضا من المجتمع هو منع العمل مع أي متعاونين من خارج كادر الهيئة الوظيفي الرسمي، لأنه كما هو معروف لعدد غير بسيط أن أغلب الشكاوى والاعتراضات كانت تأتي من قبل متطوعين غير مؤهلين بالدرجة العلمية الكافية، فيحصل التصادم مع العامة من الناس، وبالتالي تحدث الشكوى. الدكتور عبد اللطيف آل الشيخ يجيء إلى رأس مؤسسة سعودية مهمة ومعروفة ومطلوبة، ولكنه يعي تماما أن هناك احتياجا جذريا في إعادة رسم دورها وتطويره وتحسين أدواته، بحيث تكون عنصر دعم ومساندة وستر وعون بدلا من أن تكون أداة سخط وفضح وإهانة. هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جهاز حكومي مثله مثل غيره من أجهزة الدولة، يعمل به كوادر بشرية من الممكن أن تصيب ومن الممكن أن تخطئ دون أن يقلل ذلك من شأن رسالة الجهاز نفسه ولا من أهدافه الأخلاقية والشرعية، ولكن سيكون مهما أن يراعي رئيس الجهاز الجديد أسلوب تعامل الجهاز مع العامة في ظل تطور الدولة السعودية نفسها ووجود أجهزة استجدت حديثا، مثل الادعاء العام والتحقيق وهيئة ولجنة حقوق الإنسان والاتفاقيات والمنظمات الدولية التي تنتمي لها السعودية عالميا، حتى تكون خطوط التماس واضحة ومهام أعضاء الهيئة العاملين فيها واضحة هي الأخرى.
يتطلع السعوديون بأمل كبير نحو صفحة جديدة مع جهاز حيوي ومهم، ويستبشر الكثيرون بوجود رجل مثل عبد اللطيف آل الشيخ على رأس هذا الجهاز، ولا يسعهم إلا الدعاء له بالتوفيق وأن يكون حسن الظن بالناس هو شعار المرحلة المقبلة.
التعليقات
سوط
ناصر -نفاق ممجوج من مثقف ! الهيئة سوط تؤدب به الرعية ؟!!!!