جريدة الجرائد

الربيع لم يصل إلى لبنان

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

حسام عيتاني

يحلو لسياسيين لبنانيين نسبة "الربيع العربي" إلى نهوض لبناني ضد الاستتباع السوري عام 2005 بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري. بيد أن النسبة هذه، في حال صحتها، تدعو إلى القلق والإحباط مما ينتظر الشعوب العربية الثائرة، أكثر مما يمنح البلد الصغير فضيلة السبق في السير إلى المستقبل.

وما من حاجة إلى فراسة لملاحظة أن "انتفاضة الاستقلال" أو "ثورة الأرز" قد انتهت بعد ساعات قليلة من التجمع الضخم الذي جرى في ساحة الشهداء في الرابع عشر من آذار (مارس)، عندما فشل منظمو التحرك وممثلوهم في الاتفاق على الخطوة التالية وفي استثمار النجاح الشعبي واللقاء الكبير على حد أدنى من المطالب الوطنية، في وضع برنامج سياسي عابر للطوائف وللطائفية ويطالب بحقيقة وعدالة أسمى وأبعد من الكشف عن قتلة الحريري، رغم أهميتها.

وقفت حركة 14 آذار في مكانها ثم باشرت التراجع في تحالفات انتخابية فوقية والتأكيد على استحالة استخراج نسيج وطني من صوف الطائفية. لم يكذب سياسيو الطوائف على جمهورهم. ولم يقولوا، على ما قال الذئب في قصته مع ليلى، أنه اصبح جدة الفتاة البريئة. ذئاب الطائفية لم ترتدِ هنا جلد الغنم. بل إن بعضاً من الجمهور اللبناني أوهم نفسه أن القيادات ذاتها قد تغير جلدها كرمى له ولميله إلى تجاوز الماضي والخروج من الوصاية السورية.

وليس سراً أن القيادات المذكورة اختارت الوقوف في معسكر عربي ضد آخر ولأعوام مديدة، وأنها ارتبكت مثلها مثل غيرها عند اندلاع الثورات العربية. وربما ليس عيباً أن تحاول الجماعات ذاتها اللحاق اليوم بما فاتها والاستحواذ على شرف السبق، بعدما بهرتها إنجازات لا تزيد عن إسقاط أنظمة استبدادية تشبه قيادات 14 آذار أكثر مما تشبه هذه الجماهير العربية الثائرة.

لكن الجهود المذكورة تقف هنا. إذ ينهض الشبه في أساليب التفكير والعمل والنظرة إلى السياسة بين أنظمة الاستبداد العربية وبين أحزاب وتيارات بنيت على الولاء العائلي والقبلي والجهوي، وتدعي وصلاً بالديموقراطية. وإذا كانت القوى اللبنانية المناهضة في تحالف الثامن من آذار، تأخذ على الحكومات التي كانت 14 آذار تتمتع فيها بالأكثرية الفشل التام في شتى مجالات العمل الحكومي والتنموي، فإن مصدر المآخذ هذه ليس الالتزام بحس جمهوري أو ديموقراطي، بقدر ما يأتي من بواعث المناكفات والسياسات اللبنانية على طريقة القرية وخصومات عائلاتها وأشخاصها.

والحال إن "انتفاضة الاستقلال" يجب أن تشكل نموذجاً يتعين تجنبه وليس الاقتداء به، للشباب العرب. فالبقاء ضمن وفي ظل هيمنة الجماعات الطائفية المعادية تعريفاً لكل فكرة تتجاوز أطرها ومصالحها وانحيازاتها الصغيرة والتفصيلية، أي ما يصل إلى المصلحة الوطنية العامة، البقاء هناك يشكل خطراً داهماً لكل مظاهر الانتظام السياسي والاجتماعي الحامل لمشاريع التغيير.

ولعله يجوز تجاهل بعض التفاخر الفارغ من سياسيين يشعرون بتجاوز التاريخ لهم. لكن من غير المقبول إعادة إنتاج مشاريع طائفية سقطت في التجربة، استناداً إلى رغبة في تحالفها مع قوى طائفية تبرز في المنطقة العربية اليوم. بكلمات أخرى، الربيع العربي لم يصل إلى لبنان، وبداهة إنه لم يصدر من هذا البلد.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
طبائع الاستبداد
سعيد مفلح -

كاتب بائس يائس... ما أبشع كلّ هذا الكره للذات. تمعنوا في ما يقول: «ثورة الأرز قد انتهت بعد ساعات قليلة من التجمع الضخم الذي جرى في ساحة الشهداء في الرابع عشر من آذار (مارس)، عندما فشل منظمو التحرك وممثلوهم في الاتفاق على الخطوة التالية وفي استثمار النجاح الشعبي". هذا الطراز من الكتاب لم يفهم شيئاً لا من روحية ثورة الأرز ولا من روحية ثورات الربيع العربي، التي تقوم بصورة أساسية على حراك الشعب، وليس على مبدأ الراعي / القطيع. يتطلع الكاتب إلى من يستثمر الحراك الشعبي والانتفاضة، ويستهول أن يكون منظمو التحرك قد فشلوا في الاتفاق عل الخطوة التالية. المشكلة أن المنظمين كانوا الشعب اللبناني بكل أسره وأفراده وطوائفه، وأعتقد أن الكاتب نفسه كان من بين من اندفعوا إلى ساحة الحرية في بيروت آنذاك، من دون أن ينظمه أحد كي ينزل أو يأمره ويدفعه. الشعب قال كلمته، والشعوب العربية تقول كلمتها الآن، وليس الفضل لمن سبق، وليس هناك أصلاً سباق بل شعوب مسحوقة مشكلتها في أنظمة مستبدة، وكتاب ومثقفون أكثر استبداداً.

خليها زي ما هيي
Nabilof -

ثورة ألأرز مجد لبنان ماذا أقول لك يا طابع ألأستبداد في مخك

ثورة الأرنبيط
عدو الأغبياء -

اذا كان جون بولتون سفير أمريكا في الأمم المتحدة هو أول وآخر من نال درع الأرز .حيث قدمه له نخبة من عباقرة 14 آذار .فبئست هكذا ثورة وهكذا ثائرين وخصوصا أن جون بولتون ينتمي الى المحافظين الجدد أي قوة اسرائيل داخل الأدارة الأمريكية ومعروف عنهم تعصبهم الأعمى لأسرائيل .وهذا الذي يدعي زورا أن كل الشعب اللبناني خرج في 14 آذار هو واهم وحالم أو على الأقل مفتر على أكثر من نصف الشعب اللبناني الذي لم يخرج، لأن الذين خرجو حاكموا وأدانوا ولفقوا تهما لضباط أبرياء وضعوا بعد ذلك في السجون زورا وبهتانا وبناءا على شعارات ثورة البطيخ ويافطاتها .فاذا كانت هذه هي منتجاتهم فبئست الثورات الجانية على الأبرياء.أما خروج سوريا من لبنان فهو للأمانة والتاريخ كان بناء على الأنذار الذي أطلقه جورج بوش وهدد سوريا بالأسرع في الخروج من لبنان وليس ثوار الأرنبيط هم من أخرجوا السوريين .