جريدة الجرائد

هل يبقى العراق على حاله حتى 2014؟

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

كامران قره داغي

ليس بالضرورة أن يُفهم القصد من السؤال أن العراق الى زوال بعد 2014. لا أحد يملك كرة بلورية سحرية تخبره بالمستقبل، ولكن يجوز الاستنتاج في ضوء الوضع الراهن وإشكالاته وتطوراته، وهو وضع سيء، أنه باق على حاله للسنتين المقبلتين. ولعل المضحك المبكي يتمثل في أن هذا الوضع يبدو "الحل" الوحيد الممكن في هذه المرحلة حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً.

ولكن لماذا 2014 تحديداً؟ لأنه الموعد الذي ستُجرى فيه الانتخابات البرلمانية المقبلة. بعبارة أخرى في حال عجز اللاعبون الرئيسيون في العملية السياسية عن التوصل الى اتفاق يخرج البلد من أزمته الحالية، قد يواصلون اللعب على الحبال ذاتها حتى ذلك الحين، على أمل أن يأتي الفرج في صورة نتائج انتخابية تختلف عن نتائج الانتخابات الأخيرة في 2010.

هؤلاء اللاعبون ظلوا يلعبون طوال عشرة اشهر بعد تلك الانتخابات قبل أن يتفقوا في اطار مبادرة لرئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني على تشكيل حكومة وصفوها بأنها حكومة "مشاركة وطنية"، وهي لم تكن كذلك بالمعنى الصحيح. فقد ظلت عرجاء حتى قادت أخيراً الى الأزمة الحالية التي من سماتها أن "الحكومة" اتهمت نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي بالإرهاب متمثلاً في محاولة اغتيال رئيس الوزراء نوري المالكي. وفيما لجأ الأول الى اقليم كردستان ضيفاً على رئيسي الجمهورية والإقليم، اعتبرته بغداد فاراً من العدالة واستحصلت على قرار قضائي باعتقاله بغية محاكمته! تلت ذلك تداعيات منها أن كتلة "العراقية"، التي يتزعمها رئيس الوزراء السابق اياد علاوي وينتمي اليها الهاشمي، قررت مقاطعة اجتماعات مجلس الوزراء والبرلمان طارحة طلبات على "حليفتها" في الحكم، "دولة القانون" (بزعامة المالكي)، شرطاً لتراجعها عن قرار المقاطعة. في الأثناء، تدهور الوضع الأمني وشهدت بغداد تفجيرات أسفرت عن سقوط مئات من القتلى والجرحى، وهي ظاهرة باتت ترافق الأزمات السياسية، بالتالي تفاقمها.

وإذ بلغ السيل الزبى، كما يُقال، تدخل هذه المرة الرئيس جلال طالباني مدعوماً من بارزاني ومعظم القيادات السياسية العراقية في مبادرة جديدة لعقد مؤتمر وطني هدفه ايجاد مخرج من الأزمة. هذا المؤتمر كان محوراً لافتتاحية صحيفة "العدالة"، التي تنطق باسم "المجلس الإسلامي الأعلى" شريك "دولة القانون" في اطار كتلة "التحالف الوطني"، ووقّعها النائب السابق لرئيس الجمهورية عادل عبد المهدي، وهو قيادي بارز في المجلس ورئيس تحرير الصحيفة.

وعبد المهدي يرى ان الجميع أمام ثلاثة احتمالات: المراوحة أو التراجع أو التقدم، مضيفاً أن الحالين الأولى والثانية تعنيان الخسارة والثالثة تعني الربح. وواضح أن التقدم هو المرتجى الأمثل. فتحقيقه يعني البدء بإخراج العملية السياسية من عنق الزجــاجة. ويُفترض أن مشاورات ستُجرى اليوم الأحد في بغداد تمهيداً لعقد المؤتمر وذلك لمناقشة مسهبة، كما قيل، للنقاط المتعلقة بعقد المؤتمر وأجندته. فهذه ما زالت موضع جدل واختلاف.

"العراقية" تريد أن يتضمن جدول الأعمال قضيتي ممثليها في الحكم الهاشمي ونائب رئيس الوزراء صالح المطلك الذي أمر المالكي بمنعه من العمل والدخول الى مكتبه الرسمي، فيما ترفض كتلة "التحالف الوطني" هذا الطلب على اساس أن القضيتين اصبحتا في يد القضاء. وكان المالكي اتخذ القرار ضد المطلك بعدما شن الأخير هجوماً عنيفاً عليه واصفاً إياه بأنه ديكتاتور أسوأ من صدام.

الى ذلك هناك خلاف على مكان المؤتمر. رئاسة اقليم كردستان تريد عقده في أربيل وإلا فإن بارزاني لن يشارك فيه شخصياً في حال عقد في بغداد. كما أن علاوي أيضاً يتحفظ عن المشاركة شخصياً في بغداد، خصوصاً انه لا يبدو متفائلاً في أي حال، لذا دعا مسبقاً الى "تسمية" رئيس وزراء جديد يكون بديلاً من المالكي أو إجراء انتخابات مبكرة في حال فشل المؤتمر.

ما سلف هو غيض من فيض. وفي ظل "استمرار الخلافات وغياب المشتركات"، وفق تعبير النائب الكردي محمود عثمان، فإن التفاؤل باحتمال التقدم هو من باب التمنيات ليس إلا.

هنا يطرح نفسه السؤال: هل يسع المشاركين في المؤتمر المرتقب، في حال عقده، أن يخرجوا منه متراجعين، أي خاسرين، الأمر الذي من شأنه، في رأي عبد المهدي، أن يؤدي الى "تداعيات خطرة منها الاحتراب والتدهور الأمني والتدخل الإقليمي، بل التدويل، والتقسيم الواقعي أو القانوني"؟ هنا يجوز افتراض أن الأطراف المعنية لن تسمح بسيناريو كهذا، أقله لاعتبارات مصلحية بحتة.

وفي هذه الحال لا يبقى سوى الاحتمال الأول الذي اشار اليه عبد المهدي وهو المراوحة، وتفسيرها - من وجهة نظره - أن يخرج المؤتمر "بنتائج باهتة، ومعنى ذلك البقاء في دوامة الأزمة. فأطراف قد لا ترى أي أزمة تستدعي الحل، وترى أخرى أن الازمة تخدمها فتسعى الى التسويف والتصعيد".

قصارى القول ان اللاعبين الرئيسين يمكنهم الاستمرار في المراوغة والكر والفر وشد الحبل من دون أن يسعى أي منهم الى التنفيذ الفعلي لتهديداته بتوجيه الضربة القاضية لإسقاط العملية السياسية. أليس هذا ما يحدث عملياً منذ تسع سنوات؟ ما الضير في ممارسة التسويف والتصعيد سنتين أخريين؟ بعبارة أخرى لعل أقصى ما يمكن التفاؤل به هو أن "ينجح" المؤتمر المرتقب في منع تردي وضع سيء الى ما هو أسوأ.

هنا يطرح السؤال: ماذا سيحدث بعد 2014؟ هذا بافتراض أن العراق يستطيع البقاء على حاله حتى ذلك الوقت.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
اتمنى ان لا يبقى
Rizgar -

فلقد وقف الانجليز مع الحكومة المركزية العراقية لضرب ثورة الشيخ محمود الحفيد 1923-1937الذي أعلن نفسه ملكاً لكوردستان وطالب باستقلال بلاده، ووقف الفرنسيون مع مصطفى كمال التركي ضد الشيخ سعيد بيران 1929الذي طال بدولة كردية وبعودة الخلافة الإسلامية، وخان الروس القاضي محمد (الرئيس الشهيد)1946 بعد أن وعدوه بدعمه حين أعلن جمهورية كوردستان في مهاباد بكردستان الشرقية، كما وقفوا مع النظام العراقي ضد ثورة الشعب الكردي في كوردستان الجنوبي بقيادة الحزب الديموقراطي الكردستاني ورئيسه الخالد البارزاني مصطفى، وخانه الأمريكان الذين وعدوه بالدعم وتنكروا له وساهموا في عقد اتفاقية الجزائر المشؤومة عام 1975م بين الشاه الإيراني المخلوع عام 1979م وصدام حسين الذي دارت عليه الدوائر كالشاه الإيراني ولاندري حتى ساعة كتابة هذا المقال بعد الصراع الشيعي السني ولانعلم هل سيتعرض الكرد هذه المرة إلى خيانة أم سيينجون منها، فالمصالح الكبيرة للأمم القوية تجر البلاء للأمم الضعيفة وقد تسحقها أحياناً كما حدث لشعوب عديدة في العالم..