جريدة الجرائد

انقلاب عربي على الأسد

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

الياس حرفوش

باختيار نائب الرئيس السوري فاروق الشرع لقيادة المرحلة الانتقالية في بلاده، تحاول الدول العربية إحداث انقلاب من داخل النظام السوري على نفسه. بمعنى ان يذهب الرئيس ويحافظ النظام على قواعده الامنية والعسكرية والسياسية، وتتاح له فرصة المشاركة في التخطيط للمرحلة الجديدة المفترضة.

حلّ يمكن ان يعتبر مثالياً من وجهة نظر أي نظام يشعر انه مقبل على التداعي، ومن مصلحته انقاذ ما امكن، والتمسك بأي طوق للنجاة. ولكن، هل يشعر نظام الرئيس بشار الأسد أنه على هذه الحال؟ بل... هل يشعر ان هناك امكانية لاستمرار نظامه بعيداً عن حكم العائلة التي بات اسمها مرتبطاً ارتباطاً عضوياً بالدولة (سورية الأسد) منذ اكثر من اربعة عقود؟

لا تسمح نظرية "المؤامرة" للنظام السوري بالنظر الى وضعه من زاوية انه مقبل على ايامه او شهوره الاخيرة. هو على العكس يشعر ان "المؤامرة" هي التي تمر بمراحلها الاخيرة، كما كان واضحاً من كلام الرئيس السوري في ساحة الامويين قبل اسبوعين. يصعب امام موقف كهذا اقناع النظام بأن الاحتفاظ بالجزء خير من ضياع الكل. فهو يشعر انه لا يزال قادراً على استعادة المبادرة بعد هزيمة "المتآمرين".

هذا من جهة. اما من ناحية تنظيم المرحلة الانتقالية كما اقترحتها الجامعة، اي بأن يبقى الأسد رئيساً صورياً ويتولى فاروق الشرع "الصلاحيات الكاملة" كما جاء في البيان، فهذه محاولة خداع للنظام السوري تقوم بها الجامعة ولا يمكن هذا النظام ابتلاعها بسهولة. اولاً لأنه لا يوجد اي بديل، سواء كان الشرع او سواه، يستطيع تحمّل اكلاف السير في خطة انقلابية كهذه والموافقة عليها، وثانياً لأن الرمزية المذهبية الواضحة في عرض انتقال السلطة بهذه الطريقة تهدد سورية بحرب اهلية حقيقية، اين منها ما يجري الآن في المدن السورية. اذ في هذه الحالة، لن يأخذ الانقلاب على بشار الأسد طابع المحاولة الاصلاحية فقط، بل سيكون العنوان الذي سترفعه القيادة السورية في وجهه هو العنوان المذهبي، الذي يقسّم سورية عندها عند خطوط عمودية واضحة تحت هذا العنوان.

ومن الصعب افتراض ان الوزراء العرب الذين اقترحوا حلاً من هذا الطراز لم يكونوا يدركون رد الفعل الفوري الذي سيواجَه به اقتراحهم من جانب النظام في دمشق. ولمّا لم تكن دمشق قادرة على الافصاح عن الاسباب الحقيقية للرفض، كما عرضناها، لم يكن امامها سوى حجة "التدخل في الشؤون الداخلية" لترفعها في وجه القرار العربي. مع انها تدرك، او انها كان يجب ان تدرك، ان هذه الحجة سقطت، اولاً عندما وافقت دمشق نفسها على وجود مراقبين عرب على اراضيها ليراقبوا سلوكها حيال مواطنيها، ثم لأن دمشق كانت طرفاً "متدخلاً" بكل ما تعنيه الكلمة في شأن جارها اللبناني لسنوات طويلة، تعيّن الرؤساء وتجدد لهم وتخلعهم عندما تشاء، وتحت الغطاء العربي والدولي نفسه الذي تشكو منه اليوم. هذا فضلاً عن تدخلها المستمر في الشأن الفلسطيني، منذ ايام ياسر عرفات الى اليوم، وتحت شعار المسؤولية القومية التي تتحملها سورية عن هذه القضية، والتي كانت تصل الى حدود تخوين القادة الفلسطينيين والشك في اهليتهم لقيادة قضيتهم.

غير ان كل هذا لا يمنع ان الانقلاب العربي على الاسد لن يكون له حظ افضل من العروض الاخرى التي حاولت تسوية الازمة السورية. فدمشق تراهن على ان القرار العربي يفتقر الى الانياب لتنفيذه. اما بديل التدخل الدولي فما زال في علم الغيب، طالما ان الاثمان اللازمة لم تُدفع لـ "الممانعين" على طاولة مجلس الامن.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الطبخة
تنضج على النار -

عندما اتخذت الجامعة العربية هذا القرار كانت عالمة تماما أن الاسد سيرفضه و حتى أشد المتفائلين لم يكن يتوقع غير ذلك . طبخة التخلص من نظام الأسد توطئة لكسر الحلف الايراني السوري حزب الله موضوعة على النار ويشرف عليها أمهر الطهاة , لكن مكوناتها لا توضع مرة واحدة في الطنجرة انما على مراحل , وتخفف الحرارة أو تعلى حسب تعليمات الطهاة ... تاريخيا , أميركا لم تقل عن نظام أنه فقد شرعيته وعلى رئيسه التنحي الا أتبعته بخطوات تنفيذية على الأرض ... ولو بعد حين ..!.

ترفيس وتعفيس !!
sam -

عندما يتعالى صراخ الأسد ويتعالى صراخ المعلم ويتباكى أركان النظام الفاسد ويتشاكى إعلامه هذا يعني أن الطبخة قد نضجت !

زمن الحرافيش
الهدهد الشامي -

يتكلم الكاتب عن إنقلاب العرب على الأسد وكأنهم كانوا من قبل يوماً ما مع سورية... العرب موقفهم تجاه سورية معروف دوماً وخصوصاً الخليجيين فموقفهم إما أن يكون ضد سورية بالعلن أو ضدها بالخفاء ... لم يقفوا يوماً واحداً مع سورية لا بالعلن ولا بالخفاء بسبب خوفهم من أمهم أمريكا...شاهدنا دعمهم لإسرائيل ضد حزب الله أثناء عدوانها على جنوب لبنان عام 2006 وهذا أبسط مثال .... إختاروا وقتها الوقوف مع إسرائيل وضد حزب الله وسورية الوحيدة التي وقفت مع حزب الله ...... ويأتي الكاتب الحرفوش ليتكلم عن إنقلاب العرب على الأسد !!!! كم أنت عجيب يا زمن .