جريدة الجرائد

صحف : ميدان التحرير منقسم ومتنازع

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

معاريف

في ساعات الظهيرة عندما حل هدوء طفيف في الامطار، سمع فجأة تصفيق عاصف في ميدان التحرير. فقد أخلى ألاف الاشخاص الطريق لعريس وعروس-من مؤيدي الاخوان المسلمين قررا بدء حياتهما الزوجية في المكان الذي اصبح رمزا للثورة. ولكن سرعان ما تحول العرس الى مظاهرة سياسية. 'الشعب يريد اسقاط الحكم العسكري'، هتف 'ضيوف العرس'، الذين تحولوا في لحظة الى نشطاء سياسيين.
سنة بالضبط مرت منذ ذاك اليوم الغاضب التاريخي في 25 كانون الثاني 2011 والذي أدى الى اسقاط حسني مبارك. على مدى 18 يوما استمرت الثورة حتى اعتزال مبارك. المظاهرات والعنف انتشرت في كل الدولة، ولكن ميدان التحرير بقي الرمز الذي لا يهتز. أمس، رغم الامطار والتخوف من العنف عاد عشرات الالاف الى الميدان وهم يحملون الاعلام واليافطات.
ولكن التحرير اليوم مختلف. قبل سنة كان العدو واحدا، معروفا، متفقا عليه من الجميع. اما الان فالتحرير منقسم بين العديد من القوى السياسية، كل واحدة منها تشد باتجاه آخر. امس وصل هذا الشقاق الى تبادل الضربات بين مؤيدي الاخوان المسلمين ورجال الحركات الليبرالية الذين خشوا من أن تكون الثورة سرقت من ايديهم. بعض من حركات الشباب، ممن حركوا الثورة، طلبوا من رجالهم عدم الانشاد في الشوارع وقالوا: 'نحن لا نحتفل اليوم، بل نحاول استكمال مطالب الثورة'.
الاخوان المسلمون الذين فازوا بانتصار جارف في الانتخابات للبرلمان احتفلوا هم بـ 'العيد الاول للثورة'. وأوضح زعماء الاخوان المسلمين بانهم لن يؤيدوا انقلابا آخر ضد قيادة الجيش، أغلب الظن خوفا من أن يفقدوا كل ما حققوه حتى الان. ولكن مؤيديهم طالبوا بنقل الحكم الى المدنيين وعدم ابقائه في يد الجيش. هذا التخوف، من ألا يترك طنطاوي وعصبة الجنرالات مكانهم، هو القاسم المشترك الوحيد الذي يوحد اليوم القوى السياسية مصر.
وهكذا في يوم الذكرى السنوية الاولى للثورة، بقيت مصر في احساس من انعدام اليقين. الوضع الاقتصادي يعرج وعلى شفا الانهيار. الوضع السياسي لا يزال محوطا بالغموض. مصر نجحت في استكمال حملة انتخابات قوية، مضنية ومعقدة في نهايتها فاز الاسلاميون باغلبية جارفة لاكثر من 70 في المائة في مجلس الشعب. ولكن بعد نصف سنة فقط ستنتهي عملية الانتخابات بكاملها بعد أن ينتخب المجلس الاعلى، وفقط بعد ذلك الرئيس الجديد. ولكن هنا أيضا ليس واضحا ماذا ستكون عليه صلاحيات الرئيس. الجيش، كما أسلفنا، لا يسارع التخلي عن صلاحياته والاخوان المسلمون ايضا يسرهم طريقة نظام تمنح قوة للبرلمان حيث يسيطرون دون منازع.
موضوع آخر يشغل بال المسلمين ومن شأنه أن يسرق الاوراق من جديد هو مستقبل حسني مبارك الذي يقدم هذه الايام الى المحاكمة على قتل متظاهرين. عندما اعتزل مبارك، أغلب الظن بضغط من الجيش، قدر بانه هكذا أنهى دوره. ولكن الجمهور المصري يثبت، الان ايضا، بانه لا يغفر للرجل الذي حكمه على مدى ثلاثة عقود. اذا ما ادين مبارك من الصعب التصديق بان الجمهور سيكتفي باقل من عقوبة الموت. اما اذا برئت ساحته، فيوجد احتمال عال لعنف بمستوى لم يشهد له مثيل منذ الثورة.
فضلا عن مبارك، اثبتت السنة الاخيرة كم هو العداء لاسرائيل متجذر داخل الجمهور المصري. فقد تعرضت السفارة الاسرائيلية الى الهجوم السنة الماضية من عشرات الالاف احتجاجا على جولة التصعيد في غزة، ومرحلة جديدة، باردة وبشعة، بدأت في علاقات اسرائيل مصر. القوى السياسية، بمن فيهم الاخوان المسلمون، حرصوا على الابقاء على برغماتية حذرة. أي من الاحزاب في مصر لا يتحدث عن الغاء اتفاقات السلام بل فقط عن تغيير أو اعادة نظر. ولكن في المناخ غير المستقر لمصر يمكن للامور ان تتغير بسرعة. السنة القريبة ستبين اذا كان الحكم الجديد سيتطلع الى الاستقرار الداخلي فقط ام ربما يحرص على الاستقرار في العلاقات الخارجية ايضا.


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف