العلاقات السعودية- الأميركية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
صالح عبدالرحمن المانع
تمرُّ العلاقات السعودية- الأميركية في الوقت الحاضر بأحسن حالاتها، وهناك شعور متعاظم في واشنطن بأهمية العلاقات مع المملكة العربية السعودية، باعتبارها علاقة ذات طابع استراتيجي للولايات المتحدة. وقد تبين ذلك من خلال زيارة قام بها وفد رفيع المستوى إلى الولايات المتحدة يرأسه معالي وزير العدل في المملكة العربية السعودية، ويتضمن أعضاء من مختلف الوزارات في المملكة. وقد عومل هذا الوفد ورئيسه في العاصمة واشنطن، أو المدن التي الأخرى التي زارها، وهي نيويورك ودالاس، معاملة رئيس دولة. فقد كان يستقبله كبار المسؤولين الأميركيين وترافق موكبه في المدن الثلاث سيارات الشرطة والحماية من مختلف الأجهزة المعنية بالأمن في هذه المدن.
وقد قابل رئيس الوفد وزير العدل الأميركي، وكذلك المدعي العام، كما قابل عضو المحكمة العليا الأميركية القاضي "برايور". وحضر الوفد إحدى جلسات المحكمة واستمع إلى مرافعات بعض المحامين في قضيتين رئيسيتين. كما زار الوفد مقر وزارة الخارجية الأميركية واجتمع بنائب وزيرة الخارجية المكلف بملف الشرق الأوسط، واجتمع كذلك مع رئيس المحامين في الوزارة، والمسؤول عن علاقات وزارة الخارجية بالمحاكم الدولية، وبصياغة بعض المعاهدات التي تعقد بين الولايات المتحدة، وبعض الدول الأخرى.
كما التقى الوفد في نيويورك مدير بورصة "ناسداك" الذي شرح للوفد الإجراءات القانونية ذات الصلة بمراقبة مبيعات الأسهم والسندات والمشتقات المالية، والسبل القانونية لمنع التلاعب بالأسواق من قبل المضاربين في سوق الأسهم.
كما التقى الوفد أيضاً رئيس بنك الاحتياط الفيدرالي بنيويورك، وزار خزائن البنك التي تحتوي على سبائك من الذهب الخالص تبلغ زنة كل واحدة منها نحو 14 كلج، وتخص أفراداً وشركات وحكومات، تودع هذه السبائك لدى البنك، وتبلغ قيمتها الإجمالية مليارات الدولارات، وتحفظ في خزائن خاصة تحت الأرض بنيت عام 1920، ويتم التحكم في مداخلها بأبواب حديدية ضخمة في باطن الأرض، وبتقنية بسيطة تنم عن طبيعة العصر الذي بنيت فيه.
كما زار الوفد جامعة "ميثودست الجنوبية" التي نظمت كلية الحقوق فيها هذه الزيارة، والتقى أعضاء الوفد هناك أساتذة الجامعة والطلاب السعوديين الذين يدرسون فيها، وغيرهم من الطلاب الأميركيين.
ولعل أهم مرحلة في زيارة الوفد، كانت مقابلة أربعة من الأعضاء البارزين في مجلس الشيوخ، وهم السيناتور "جون ماكين" نائب رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالمجلس، وكذلك السيناتور "جون كيري" رئيس لجنة العلاقات الخارجية والمرشح السابق لرئاسة الجمهورية، وكذلك قابل الوفد كلاً من السيناتور "ريتشارد لوجار" أحد أهم أعضاء اللجنة، والسيناتور "كي هتشنون"، وهي أول سيدة تنتخب لعضوية مجلس الشيوخ من ولاية تكساس، وكانت المقابلات الأربع لأعضاء مجلس الشيوخ في ظهيرة يوم واحد.
ولقد أكد أعضاء مجلس الشيوخ البارزون أهمية العلاقات الاستراتيجية بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، خاصة في وقت تتعرض فيه منطقة الشرق الأوسط لمتغيرات سياسية عميقة. حيث كانت المملكة، ولا تزال، تمثل دولة قوية مستقرة تحافظ على السلم الإقليمي، وتخدم مصالحها الوطنية عبر التعاون والتفاعل مع المجتمع الدولي.
ولقد ثمَّن كل من السيناتور "ماكين" و"كيري" موقف المملكة الإنساني من الأحداث الدامية في سوريا، ودعمها للشعب السوري الأعزل في محنته الحالية.
إن ما يسمعه المرء هذه الأيام عن المملكة وسياساتها الحكيمة يثلج الصدور بأن الأيام قد أثبتت للجميع النهج القويم للسياسة السعودية، وحرصها على استتباب الأمن والاستقرار في منطقة مهمة يعتمد عليها العالم لتأمين حاجاته من الطاقة والوقود.
وقد مرّت العلاقات السعودية- الأميركية بفترات عصيبة، خاصة في أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر، ولكنها عادت لتسترد جزءاً كبيراً من عافيتها السابقة، ولتؤكد أهمية المملكة لحلفائها سواء في العالم العربي، أو في بقية دول العالم.
ولقد أكد المسؤولون الأميركيون الذين تمت مقابلتهم أهمية تدعيم استمرار هذه العلاقات خاصة عبر رسل العلم من الطلاب الدارسين في الولايات المتحدة، الذين بلغ تعدادهم في الوقت الحاضر أكثر من سبعين ألف طالب يواصلون دراساتهم الجامعية والعليا في عدد كبير من الجامعات الأميركية.
ولا شك أن المبتعثين سيلعبون دوراً مهمّاً في تنمية المملكة في مختلف المجالات بعد عودتهم إلى بلادهم، كما أنهم سيكونون سفراء مستقبليين يواصلون ربط بلادهم بشعوب البلدان التي درسوا فيها، ومنها الولايات المتحدة.
ومن ناحية ثانية، فإن العلاقات التجارية بين المملكة والولايات المتحدة تأخذ طابعاً مهمّاً أيضاً، خاصة في وقت يعاني فيه الاقتصاد الأميركي من بعض الكساد، فولاية تكساس، على سبيل المثال، صدرت إلى السعودية سلعاً وخدمات تقنية ومصانع وآلات بلغت قيمتها ثلاثة مليارات دولار في العام الماضي. وقد زادت نسبة صادرات هذه الولاية بـ38 في المئة إلى المملكة عن العام الذي سبقه، حتى أصبحت المملكة تمثل أهمية لصادرات الولاية، أعلى من مستوى صادراتها إلى كل من فرنسا والهند.
وهذا يعني أن العلاقات الثقافية والتجارية والعلاقة بين المؤسسات الحكومية في البلدين، السعودية والولايات المتحدة، ستمثل روابط قوية يمكن أن يعتمد عليها في المستقبل لتعميق هذه العلاقات الاستراتيجية وتوثيقها، والبناء عليها.