جريدة الجرائد

الكويت وأزمة نصف الديمقراطية

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

عبد الرحمن الراشد

من الطبيعي جدا أن تتعقد العلاقة بين السلطة والقوى السياسية المعارضة ضمن شرعية البرلمان والعمل السياسي في الكويت. فهي نصف ديمقراطية، فيها انتخابات، لكن ممنوع العمل الحزبي، وفيها أغلبية برلمانية إنما لا يحق للأغلبية تشكيل حكومة. وفي المقابل، للبرلمان، أي مجلس الأمة، سلطة تشريعية ورقابية على الحكومة، وثلث وزراء الحكومة منتخبون، وبالتالي لا يمكن وصفها بالديمقراطية المزورة التي عُرفت بها المنطقة.

الكويت اليوم في أزمة، بل في أزمة مستمرة؛ 5 انتخابات في 6 سنوات! البرلمان حله الأمير بناء على طلب المعارضة. وقبلها استقال رئيس الحكومة الشيخ ناصر الصباح أيضا إرضاء للمعارضة، والآن الخلاف على توزيع الدوائر الانتخابية.

ولا يمكن للنصف ديمقراطية أن تسير بلا مشكلات، ولا بد أن تبلغ مرحلة تنشد إكمال نصفها الثاني، وأظن أن كثيرين في الكويت مقتنعون بفكرة التطور الديمقراطي لدولة تمارس الانتخاب منذ نحو 40 عاما، بمن فيهم شخصيات سياسية في الدولة نفسها. أما لماذا لا يتم الإصلاح السياسي، أو لنسمه: التطور الديمقراطي؟ رأيي أن الجميع يُلامون؛ فلا القيادة السياسية ولا الدستورية تقدم مشروعا يكمل النصف الثاني، يساهم في بناء مجاميع حزبية، ويمنح القوى الفائزة حقها في المشاركة الحكومية، ولا المعارضة مستعدة للاعتراف بأن هياكلها القائمة لا تصلح أحزابا، مثل التجمعات الطائفية والقبلية. ولا يزال في الكويت، كما في كثير من الدول العربية الأخرى، القبيلة أقوى من العقيدة، والعقيدة أقوى من الوطنية. وبالتالي التنافس الديمقراطي يتحول إلى صراع بين قبائل وقبائل، وطوائف ضد طوائف، مما يلغي قيمة الديمقراطية.

الظرف الزماني الحساس الذي ثارت فيه المعارضة، وعناوينها التي رفعتها، أقلقت النظام السياسي الكويتي وبقية دول الخليج. هل هي روح الثورة التونسية التي بدأت الربيع العربي، أم أنها روح الجماعات الإسلامية المرتفعة؛ الإخوانية والسلفية، التي انتصرت في تونس ومصر، وتعتقد أن هذا زمنها وفرصتها في الكويت وغيرها؟

من ظاهرة الديوانيات إلى المظاهرات، هذه المرة المعارضة رفعت سقف نشاطها، وخرجت إلى الشارع، وباتت تتحدى النظام، وليس فقط الحكومة، والنظام أيضا قرر من طرف واحد تغيير القواعد الانتخابية، مما دفع بالأمور إلى المواجهة، وزاد من مخاوف صدامات تفتح جبهة ساخنة ثانية في الخليج بعد البحرين. لكن الكويت ليست البحرين، على الأقل في هذه المرحلة، وإن كانت أزمة البحرين مشابهة للكويت، في تسلسلها؛ بدأت كحركة معارضة عامة، ثم تحولت إلى فئوية.

رأيي أن العدو الأكبر للحركة الإصلاحية في الكويت هو التوقيت. الإيحاء بأنها امتداد للموج السياسي التغييري العربي يجعلها تخيف القوى التقليدية، التي قد لا تعارض الإصلاح والتطوير السياسي، إنما تخشى من لامحدوديته في الداخل والخارج.

والخوف الثاني الشك في أنها جزء من ترتيب سياسي خارجي، تحديدا "إخوانيا"، أوحت انتصاراته لإسلاميي الخليج بالتحرك والاستقواء على الدولة وتغيير الأمر الواقع. ولذا تتهم بأن عناوين الإصلاح التي ترفعها مجرد وسيلة للسيطرة على الحكم، وليس من أجل بناء ديمقراطي حقيقي. هذه الهواجس والشكوك، كما سمعتها من الذين فضلوا البقاء على الحياد، تجعل المشكلة في التوقيت، وتدعو إلى عدم جمع الكويت مع البحرين في نفس السلة، وتحث المعارضة على تنزيه دعوات الإصلاح من دعوات التغيير الخارجية، وكذلك التأكيد على أنها ليست جزءا من عاصفة سياسية مدفوعة من الحركات الأممية الخارجية، إخوانية كانت أو غيرها؛ فهل الخلاف على الدوائر الانتخابية يستحق هذه المعركة والتأويلات؟ وإلى أين سيقود الكويت والخليج كله؟



التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الديموقرطيه تعني التعدديه
الشاوي -

ياسيدي ديموقراطيه العرب عجيبة غريبه . تجربة الكويت ولبنان محزنه . وتجارب الربيع العربي بداية فقط .الكويت تمارس الديموقراطيه منذ اربعون عام . عندما كان المرشحين هم من مثقفي الكويت وابناء العوائل المعروفه . بعد تحرير الكويت تسلق السلم الديموقراطي في الكويت ليس الاكفاء مهما كان انتمائهم اعني الاكفاء . من تسلق هم ابناء تجمعات قبليه وطائفيه . وهذا مناقض تمام للمناخ الديمقراطي . جمعتني الصدفه باحد اعضاء مجلس الامه في احد الفنادق في القاهره . واستغربت كيف وصل هذا الشخص شبه الامي الي مجلس الامه . هذا نتاج القبليه ؟ نحن في دول الخليج ولائنا لحكامنا مطلق . نختلف في كل شيء ونتفق علي ضرورة وجود حكامنا مهما كانت سلبياتهم .يحزنني ان اري راعي اغنام اصبح يصول ويجول ويزبد ويهدد حكام بلده . هذا امر ليس مقبول . فهما كانت اخطاء الحكام هناك حاجز الاحترام يجب ان يبقي . عندما يصل الامر بتمييع الحكومه تمهيدا للاستيلاء عليها فهنا نقف ضد الكل . فالحكم ليس للانتهازيين والطامعين والفاسدين . الحكم سمي حكم من حكمة الرجال . ولذا لانريد الغوغا تحكمنا . ويكفينا ما نري في مصر وليبيا وتونس . الانتعلم ؟

طبيب يعالج المريض !!
احمد الواسطي -

طال عمرك الكويت بنصف ديمقراطيه!! ولكن يمكن ان تصف الحاله في بلدك!!

طبيب يعالج المريض !!
احمد الواسطي -

طال عمرك الكويت بنصف ديمقراطيه!! ولكن يمكن ان تصف الحاله في بلدك!!