جريدة الجرائد

ميت رومني «الأقلّوي» يستحق أصوات العرب الأميركيين

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

جورج سالم

تمثل الانتخابات الرئاسية الأميركية خياراً تتأتى عنه تبعات بالنسبة إلى الناخبين الأميركيين. ويشعر أميركيون كثيرون بالقلق إزاء الوجهة التي ستسلكها بلادهم، والأمر نفسه ينطبق على الأميركيين العرب، فنحن كمجتمع مندمجون بشكل جيد في الحياة السياسية الأميركية، ونشكل دائرة انتخابية مهمة في مناطق كثيرة من البلاد، علماً أن أصواتنا الانتخابية ترتدي أهمية، شأنها شأن مشاكل مجتمعنا وآرائه، في هذا الموسم الانتخابي.

وفي أيلول (سبتمبر) 2012، أطلق "المعهد العربي-الأميركي" استطلاع آراء حول الطريقة التي سينتخب فيها هذا المجتمع. وتبين أن 16 في المئة من الناخبين لا يزالون مترددين، ويترقبون عن كثب رسالة حملة من الحملتين تعكس مخاوفهم. ولا بد من القول إنه في مسائل كالاقتصاد، والتعليم، والالتزام المجتمعي، قدّم الحاكم ميت رومني رسالة مقنعة ليستحق تصويت الأميركيين العرب لمصلحته.

خلال السنوات الأربع لعهـد الرئيس باراك أوباما، زادت نسبة البطالة عــــن 8 في المئة طوال 42 شهراً متتالياً، وبقي 23 مليون أميركي عاطلين من العمل، وعانى كل أميركي من أصل ستة حالة فقر. ولا عجب إذاً، بالنظر إلى الظروف الاقتصادية السائدة، أن تُشكّل الوظائف والاقتصاد إلى حد كبير المسألتين الأهم بالنسبة إلى نظرائي من الأميركيين العرب. ويُظهر استطلاع "المعهد العربي-الأميركي" أن نسبة 82 في المئة من الأميركيين العرب صنّفوا الاقتصاد على أنه المسألة الأهم خلال الموسم الانتخابي.

والجدير ذكره أن رسالة حملة رومني، التي ترتكز على الوظائف والنمو الاقتصادي، نالت أصداء إيجابية في أوساط الأميركيين العرب في أرجاء البلاد. ويقدّر الأميركيون العرب تجربة رومني في القطاع الخاص ويعتبرون أن إيمانه بروح المبادرة والإنجازات الفردية يتماشى مع قيمهم. ولا شك في أن خطته الاقتصادية، ولا سيّما التزامه خفض الضرائب وتبسيط قانون الضرائب، سيريحان عدداً كبيراً من الأميركيين العرب الراغبين في توسيع نطاق أعمالهم أو بكل بساطة العثور على عمل. كما أن تعهّده دعم الشركات الصغيرة يلقى بدوره أصداء في صفوف الأميركيين العرب الذين يملكون شركات كهذه.

إلى ذلك، يُعطي مجتمعنا قيمة للتعليم، علماً أن 45 في المئة من الأميركيين من ذوي أصول عربية يحملون شهادة بكالوريوس أو أعلى، بالمقارنة بـ 28 في المئة من مجمل الأميركيين. وتستهدف سياسات التعليم التي يقترحها رومني الأشخاص الذين يولون قيمة كبيرة لنوعية التعليم وخياراته المتاحة لأولادهم. وسيعمل في حال انتخابه على تشجيع خيارات ميسرة ومبتكرة للتلاميذ العالقين في مدارس سيئة. وستعمد سياساته إلى استقطاب معلمين أفضل واستبقائهم، وتحاسب المعلمين على النتائج. ومن المؤكد أن سيرته كحاكم لولاية ماساتشوستس، حيث كانت المدارس رائدة على صعيد البلاد، تهم الناخبين بالنسبة إلى هذه المسألة البالغة الأهمية.

عرب الحملة

وكان للأميركيين العرب دور فاعل ومهم في حملة رومني منذ البداية. وأنا أدخل في عداد فريق مستشارين في حملة رومني من مجتمعنا، كوني أعمل في لجنة سياسات العمل التابعة لرومني، علماً أن عدداً قياسياً من الأميركيين العرب شاركوا في "المؤتمر الوطني الجمهوري" كموفدين. وقد أعلنت حملة رومني خلال الشهر الجاري إنشاء تحالف "الأميركيين العرب من أجل رومني"، وهو تحالف وطني للأميركيين العرب المؤيدين لترشيحه للرئاسة الأميركية. وتُعتبر هذه المشاركة دليلاً على الشوط الكبير الذي قطعته الجاليات العربية في الولايات المتحدة، فقبل 30 عاماً عندما كان أميركيون عرب يقدّمون هبات في سياق حملات انتخابية كانت مساهماتنا تُعاد إلينا. أما الآن فبإمكان أفراد من مجتمعنا المشاركة في السياسة، وهم يشهرون انتماءهم العرقي، فيما يسعى المرشحون لاستقطاب دعم الأميركيين العرب.

وبالنظر إلى أن رومني ينتمي إلى أقلية دينية، فإن لديه إيماناً شخصياً بضرورة حماية الأقليات الدينية، علماً أنه كان قسّاً في كنيسته في بلمونت ماساتشوستس، عندما أحرقت في عمل اشتبه في كون متعمداً. ومن المرجح أن تساهم تجربته هذه في تبنّيه خيارات مستنيرة على صعيد حماية الأقليات الدينية في العالم العربي.

لقد أُعجِب عدد كبير منا بما حاول الرئيس أوباما فعله في ميدان السياسة الخارجية، ولكننا أُصبنا بالإحباط لأنه تعذر عليه التوصل إلى نتيجة. وتشير بعض تصريحات الحاكم رومني في سياق الحملة، ولا سيما حول موضوع عملية السلام، إلى أنه في حاجة إلى فهم العالم العربي بصورة أفضل. إلا أن سيرته المهنية تُظهر أنه شخص يلجأ كثيراً إلى التحليل، ولطالما كان منفتحاً على المعلومات الجديدة. ويعكس اعتماد حملة رومني على تأييد الأميركيين العرب توقه المستقبلي كرئيس إلى معرفة المزيد من مجتمعنا عن مسائل على صلة بالعالم العربي. وبالنظر إلى سيرة أوباما من جهة، وتصريحات رومني من جهة أخرى، في سياق الحملة، لم يحدّد أي منهما خياراً واضحاً على صعيد السياسة الخارجية. وبالتالي، تُعتبَر خيبة الأمل هذه في أوساط الأميركيين العرب بشأن خيارات السياسة الخارجية سبباً إضافياً لندلي بأصواتنا في تشرين الثاني (نوفمبر) بالاستناد إلى مسائل كالتعليم والاقتصاد.

ويجدر التذكير بأن أموراً كثيرة على المحك في هذه الانتخابات بالنسبة إلى الأميركيين العرب والأميركيين جميعاً. وأكثر ما تعنى به هذه الانتخابات هو المستقبل الاقتصادي للأميركيين. وينتاب الناخبين الأميركيين عموماً، وبحق، شعور بالقلق إزاء بطء وتيرة التعافي الاقتصادي والارتفاع المستمر في مستويات البطالة، علماً أن الأميركيين العرب هم مالكو شركات، وأطباء، ومحامون، وموظفون في القطاع العام، ويشكلون معاً، ضمن مجتمعهم، دائرة انتخابية ذات أهمية. وميت رومني يعرف ذلك، وحملته موجهة للتطرق إلى مخاوف مجتمعنا حيال مستقبلنا ومستقبل بلادنا.

* رئيس مجلس إدارة "المعهد العربي- الأميركي"، ناشط في لجنة العمل التابعة لحملة ميت رومني.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف