الغارة علي اليرموك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
عبد المنعم سعيد
كانت الغارة الإسرائيلية علي مصنع اليرموك للسلاح في الخرطوم واحدة من الملفات التي حاولت فتحها بعد عودتي من الخارجrlm;.rlm; الثابت أن الأمر لم يكن جديدا وإنما تكرر بضع مرات من قبلrlm;,
وله بالطبع سوابق متعددة في مثل هذا الأسلوب من العدوان الإسرائيلي بخلاف الحروب الشاملة الأخري. كان أول ما عرفناه منها الغارة علي المفاعل النووي العراقي في مطلع الثمانينيات, والغارة علي المفاعل الكوري الشمالي في سوريا منذ فترة ليست بعيدة. ورغم التكرار فإن رد الفعل للدولة التي وقع عليها العدوان كان دائما مثيرا للدهشة, حيث كان مصرا علي أن الدولة سوف تتخذ الرد المناسب في المكان المناسب, وسوف تعقبه بدعوة بقية العرب لكي لا يقفوا ساكتين أمام العدوان الجديد. المدهش أكثر كان التعليق علي سبب العدوان الإسرائيلي, وفي العادة يكون بسبب وقوف الدولة المعنية موقفا صلبا من القضية الفلسطينية. هذه المرة فإن السودان الشقيق أضافت بعدا آخر, وهو الخوف الإسرائيلي من التقدم الجاري في السودان.
كان آخر ما عرفناه من تقدم في الدولة الشقيقة هو انقسامها وانفصال شمالها عن جنوبها, وازدياد العنف في مناطق متفرقة ربما كان أشهرها فقط دارفور. ولكن المسلسل دائما ما يكون حول حجة من هذا النوع, وبعدها يأتي اللجوء إلي مجلس الأمن, والدعوة إلي قرار إما أنه يكون مائعا إلي درجة لا تضيف شيئا للواقع, أو أن الفيتو الأمريكي سوف يجهض الإدانة في النهاية بعد ماراثون طويل حول الأسباب التي يجعلها تتعرض للعدوان تحت اسم الضربة الوقائية. وينتهي الموضوع في النهاية بأننا نعرف عن يقين حقيقة توازنات القوي القائمة, وأن الضوضاء التي يثيرها البلد الشقيق هي في حقيقتها نتيجة إستراتيجية لا تتعامل مع توازن القوي القائم, ولا تعرف أن العالم الذي نعيش فيه ليس من اختياراتنا, ولكنه مفروض علينا التعامل معه.
في مصر فربما علينا التعامل مع هذه الحقائق من خلال تصحيح توازن القوي بغض النظر عن المتغيرات الجارية التي لم يستشرنا فيها أحد. ويتساءل كثيرون في مصر اليوم عن فاعلية الدور التركي في التعامل مع الواقع الشرق أوسطي دون ذكر أن تركيا قضت عقدا كاملا من النمو الاقتصادي السريع الذي انتهي إلي دولة صناعية وديمقراطية حقا, وبعد فإن قدراتها السياسية والعسكرية وصلت إلي مستويات لم تكن لها من قبل ونشاهد تجلياتها في سوريا وشمال العراق وحتي في مواجهة إسرائيل. الحمقي وحدهم هم الذين يلعبون بالنار قبل معرفة كيفية إطفائها بكفاءة.