جريدة الجرائد

من غزة خطفت إيران القضية الفلسطينية!

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

هدى الحسيني

لمن سيقدم "الجهاد الإسلامي" وحماس والمجموعات الأخرى، الضحايا الأبرياء الذين سقطوا، لمن سيقدمون عيون الأطفال التي انطفأت، لمن سيقدمون عويل الرجال والنساء والكهول؟ إلى إيران، حيث لم يسقط أي طفل إيراني بسبب الصواريخ الإسرائيلية، أم إلى حزب الله، الذي كان صوته الأعلى في هذه المعركة، إن كان عبر خطب أمينه العام السيد حسن نصر الله، أم عبر تلفزيون "المنار"، أم عبر الصحف والفضائيات الموالية له ولإيران. فالمذيع في "الميادين" لم يتوقف عند عدد القتلى، ومراسلة القناة في غزه تسرد له عدد الضحايا الذين سقطوا، والذين جرحوا، توقف فقط عند عدد البيوت قائلا: ليس مهما، سيعاد تعميرها، كما فعل حزب الله بعد حرب عام 2006 على لبنان، "لقد أعاد تعمير الضاحية والجنوب".

لمن سيعاد أعمار غزة، هل من أجل التوصل إلى وقف إطلاق نار جديد، ومن ثم ضحايا جدد نستعملهم أدوات للتحريض.

في حرب "عمود السحاب" - استقاها الإسرائيليون من التوراة: "وكان الرب يسير أمامهم نهارا في عمود سحاب لتمهيد الطريق لهم" (سفر الخروج 13.21) - استعاد حزب الله أمجاد حرب 2006. لكن في تلك الحرب، كان عمق لبنان كله معرضا، ثم إن المناطق اللبنانية وسوريا فتحت أبوابها وحدودها للهاربين من القصف الإسرائيلي، أما في غزة، فإن البحر كان أمام الغزاويين، والنار الإسرائيلية لهم بالمرصاد، والحدود المصرية مغلقة في وجههم.

حتى مساء الاثنين، كان عدد الضحايا في غزة 108 والحبل على الجرار، نشاهد صورهم على شاشات التلفزيون، ونتألم. هذا كل ما نفعله، القادة تثير فيهم صور الضحايا الحماسة، يصفونهم بـ"الأسود"، (ماذا يكسب الأسد بعد قتله)، ويصفون الذين يدعون إلى الحذر والتأمل والتمهل والحكمة بـ"النعاج" (مصير النعجة الذبح).

التصريحات الرنانة لم تصدر عن الإسرائيليين في هذه المعركة. مساء الاثنين، أدلى خالد مشعل بخطاب رنان طنان، أكد لنا فيه قوة المقاومة، كما تحدث "أبو الوليد"، على وجهه قناع، وتصريحاته تريد فقط إبعاد الشبهة عن إيران، "إنها صواريخ محلية الصنع". (إسرائيل تقصف وتقتل بحثا عن صواريخ إيرانية الصنع "فجر - 3" و"فجر - 5"). التصاريح الرنانة والطنانة ظهرت في الكلمة التي ألقاها وزير خارجية لبنان عدنان منصور، وكأن الحروب يقال لها، كوني فتكون. واللافت كان اعتبار رئيس وزراء قطر الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، أن كل هذه الاجتماعات، "مضيعة للأموال والوقت"، ثم تساءل: ماذا نحن فاعلون؟

كان عليه أن يعطي الجواب، فقد أصبح لقطر مع الربيع العربي خبرة. لكن أهالي غزة يستمرون في السقوط قتلى. اللافت أيضا في معركة "عمود السحاب" الحماسة التي تجلت في قناة "المنار" وهي تبث تقريرا عن كيفية تهريب الصواريخ الإيرانية من إيران، فالسودان، ثم تفكيكها، ونقلها إلى سيناء، ومنها عبر الأنفاق إلى غزة. ثم حديث كل قادة حزب الله واليسار اللبناني وبعض "فريق 8 آذار"، عن "العرب"، وكأنهم هم ليسوا بعرب.

هل هي صدفة أن يتشابه إطلاق النار في الثامن من هذا الشهر على سيارة جيب عسكرية، داخل إسرائيل، من قطاع غزة (لم تكن حماس من أطلقت النار)، بحادث اختطاف جنديين إسرائيليين وقتل ثمانية، من قبل عناصر من حزب الله من داخل الحدود الإسرائيلية؟

حادثة، كما عام 2006، كانت تنتظرها إسرائيل.

هل حسابات إيران تخطئ دائما عندما تعطي الإشارة إلى مجموعاتها بشن عملية ضد إسرائيل؟ عام 2006 كانت هناك ضغوط دولية على إيران بسبب برنامجها النووي. هذا العام، هناك ضغوط وتهديد بالحرب، وكذلك هناك الأزمة في سوريا.

مؤيدو إيران، ركزوا على ما يجري في غزة، تاركين طهران، في هذا الوقت بالذات، تستقبل "مؤتمرا للمعارضة السورية". مؤيدو إيران، أكدوا لها ولنا، أنها نجحت في خطفها للقضية الفلسطينية، إذ من من العرب، سيقول للفلسطينيين أن لا وقت الآن للدفاع عنهم، والأزمة السورية متأججة، وهناك شعب آخر، أي الشعب السوري، سيتحول إلى شعب لاجئ داخل بلده، وقد تطول الأزمة السورية، إذا لم تحسم، فيصبح بين يدي العرب، فلسطين أخرى.

منذ زمن وإيران تعمل على خطف قضية العرب من بين أيديهم، جاءتها الفرصة مع تحكم حماس في غزة، وبعد نجاحها مع حزب الله عندما انهمرت الصواريخ الإيرانية على إسرائيل عام 2006، حيث لم تنتصر إسرائيل رغم أنها دمرت كل لبنان بكل ما لهذه الكلمة من معنى، فلبنان منذ تلك الحرب لم يقف على رجليه بعد، لا بل على العكس يزداد انهيارا وتراجعا وتفككا، إيران هذه تحولت إلى تزويد حماس و"الجهاد الإسلامي" بصواريخها. في يناير (كانون الثاني) من عام 2009، أغارت الطائرات الإسرائيلية على قافلة سلاح كانت متجهة من شمال غربي "بورسودان" باتجاه غزة، كانت مؤلفة من 20 شاحنة تحمل صواريخ "فجر 3"، ثم لاحقا صادرت إسرائيل سفينة كانت متجهة من البحر الأحمر إلى غزة محملة بالأسلحة الإيرانية. وفي الثالث والعشرين من الشهر الماضي، أغارت الطائرات الإسرائيلية على مصنع "اليرموك" في الخرطوم الذي تديره إيران لتصنيع الصواريخ.

وحسب معلومات موثوقة، فإن إسرائيل منذ خطف الجندي جلعاد شاليط قررت اغتيال أحمد الجعبري، فهو من خطفه، وهو من سلمه إلى مصر.

أيضا عبر حزب الله في لبنان وحماس و"الجهاد الإسلامي" في غزة، أرادت إيران امتحان توجهات الرئيس الأميركي باراك أوباما في فترة رئاسته الثانية. فكان أن استباح حزب الله لبنان (دولة ذات سيادة كما هو مفروض)، فأطلق طائرة "أيوب"، التي قالت إيران لاحقا إنها زودتها بصور عن مناطق عسكرية حساسة داخل إسرائيل، ثم كان التحدي الآخر، إذ قامت طائرتا "سوخوي 2" تابعتان للحرس الثوري الإيراني في الأول من هذا الشهر بإطلاق النار على طائرة "درون" أميركية من غير طيار، تحلق في مهمة مراقبة روتينية في الأجواء الدولية شرق الكويت. واللافت أن البيت الأبيض، رغم علمه بالحادث لم يكشف عنه حتى لا يؤثر على الانتخابات الأميركية. ثم كانت الإشارة الإيرانية لمجموعة داخل غزة بالاعتداء على الجيب الإسرائيلي. فجاء الرد الإسرائيلي (الجاهز) باغتيال الجعبري بعد عملية رصد استمرت أشهرا، والهدف من وراء الاغتيال البدء بعملية "عمود السحاب" لتدمير الصواريخ الإيرانية داخل غزة وتدمير غزة كذلك.

لم يكن التحدي لأميركا الدافع الوحيد من وراء استغلال إيران للشعب الفلسطيني، هناك أيضا قطر التي زار أميرها غزة حاملا معه وعدا بأربعمائة مليون دولار. إيران لن تسمح له بـ"أخذ" غزة وحماس الحلقة في سلسلة المقاومة الإيرانية التي عملت على وصلها لسنوات. أيضا، هناك التنافس المصري - التركي على إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط حسب هوى الإخوان المسلمين، ومعهما أموال قطر التي أطاحت "المجلس الوطني السوري" وجاءت مكانه بـ"ائتلاف المعارضة السورية" الذي قرر أن يكون مقره الرئيسي في القاهرة.

الأنظار متجهة الآن إلى مصر. المزايدات كثيرة على قيادتها المضطرة للسير كما على الحبال. حماس جزء من الإخوان المسلمين، ومصر تحتاج إلى أن توازن بين دعمها لغزة، ووضعها الاقتصادي الذي يدفعها للتطلع إلى الولايات المتحدة والغرب لإنعاشه وتخفيض نسبة البطالة فيه. سوريا وإيران تريدان أن تتحول حماس إلى خط الدفاع الأول ضد إسرائيل، فلا يعود تركيز العالم على إيران النووية أو نظام بشار الأسد. ثم إن إيران كما حولت سوريا إلى ممر لأسلحتها إلى حزب الله في لبنان، تريد تحويل سيناء مصر، إلى ممر لأسلحتها إلى حماس و"الجهاد الإسلامي".

بعد فوضى "الربيع العربي"، صارت إيران مندفعة إلى تقوية "كيانات" داخل الدول قادرة على تحدي التوازن العسكري التقليدي، وفرض قواعد جديدة لا يمكن تغييرها بالرد الكلاسيكي عبر القصف العشوائي.

أخيرا، لن يسلم الخليج من الإرهاب الإيراني، فالإيرانيون الذين يبحثون عن طرق لإحراج السعودية يدعون أن الحوثيين في اليمن مدربون ومجهزون تماما مثل حزب الله في لبنان، وسوف يبدأون قريبا عملياتهم داخل المملكة.

وبعد، رحم الله ضحايا غزة!



التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
......
محمد -

خالف شروط النشر

......
محمد -

خالف شروط النشر

نصيحة للنساء
ابو الوليد -

الكتّاب العرب لا هم لهم سوى التحريض ضد أيران ..أنهم مجتمعون على ان أيران هي العدو الاول لا لشيء سوى أن أيران هي الدولة الاسلامية الشيعية السائرة على نهج البيت

النصر الايراني
علي -

الويل لهذه الامة الحمقاءحتى النصر ترفضونه لانه بمساعدة ايرانية ؟ام انكم حزنتم لخسارة اسرائيل ؟شعب جاهل احمق حقود مصيره ان يبقى تحت القدام

ايران واحدة ونحن ثلاثون
الف ميم -

قال الشاعر ابك مثل النساء ملكا مضاعا- لم تحافظ عليه مثل الرجال مع الاعتذار لنساء هذا الزمن اللواتي يحكمن ويتحكمن بالعالم عزيزتي هدى وايضا الحسيني هل انت من مجاهدي خلق الذين لايؤمنون اصلا بشئ اسمه القضية الفلسطينية ام انت من نعاج الربيع العربي ما هذا المقال الاستسلامي بدرجة امتياز وكاننا نستمع الى معلق في اذاعة صهيونية مهلا فانا لست مع ايران ولا ارحب بتدخلات ايران ولكن هل سالت نفسك كيف تسربت ايران كالنمل بيننا لاننا ياسيدتي نسينا القضية واخترنا راحة البال هل سالت نفسك سيدتي لماذا سمح العراقيون بامتداد النفوذ الايراني الى اراضيهم لان العرب الاعراب تخلوا عن العراق في محنته واصعب ظروفه وانا معك فايران اختطفت العراق ولبنان وفنزويلا والقضية الفلسطينية لان المخطوفين المذكورين كانوا يبحثون عمن يختطفهم فلم يجدوا غير ايران اما دول الاعراب الثلاثون فكانوا مشغولين باحقادهم الطائفية وامراضهم الاخرى المستعصية

السكوت أبلغ
د. خالد الميقات -

مقال سردي فقد لأي مهارةٍ تحليلية موضوعية .سيدتي منذ ستين عاماً وقضية فلسطين بيد العرب ، هل تستطيعين أن تقولي ماذا فعل العرب بها ... لقد التقتطها إيران بعد أن رماها العرب واصبحوا نعاجا ، و لم تخطفها كما تدعين.. حماس لم تبدأ حرباً ، حماس ردت على القتل اليومي والإغتيال الذي تعرضت له ..أم تريدين أن نذبح كالنعاج التي أشار إليها أمير قطر.كم تمنينا والغارات تتوالى أن يكون لدينا صاروخ سعود-1- أو سعود-2- بدل صواريخ فجر التي صنعت الفجر..والجبهة لا تظل مفتوحة فهاتوا صواريخكم إن كنتم صادقين .. ولكنكم لن تفعلوها أبداً فلماذا التحريض على دولة تبنت القضية ودعمتها فعلاً لا قولاً كهذا المقال الفارغ

تحامل وتضليل
السيف اليماني -

إيران الشقيقة لها مصالحها ولها استراتيجياتها .. ومن حقها كدولة جارة وصديقة وقوة إسلامية صاعدة في المنطقة، وقادرة على مواجهة الغرب بأسره، وليس إسرائيل فحسب، أقول من حقها أن تبذل كل الجهود الممكنة من أجل تعزيز مكانتها وموقعها في الخارطة العالمية اليوم .. نحن نرحب بذلك وندعمه ونؤيده ونفخر جدا بهذا المارد الإسلامي الفذ الذي لا يبالي ولا يرهب هؤلاء الأعادي ولا يخافهم .. والذي لا يغير مبادئه وثوابته ومواقفه بناء على مصالح ورؤى آنية ضيقة ... لك المجد يا إيران الصمود والعزة. ولا نامت أعين الخائرين.

ايران وحزب الشيطان
اليماني محمد -

نعم كل المشاكل في العالم العربي والاسلامي من الشيطان الكبر ايران العدو الاول للعرب ورب الكعبه الروافض نعم من ايام الرسول وهم فتنه قاتلهم الله

نزار قباني يجيبك ياسيدتي
الف ميم -

رحم الله نزار قباني حين قال ما دخل اليهود في بلادنا - وانما تسربوا كالنمل من عيوبنا ويمكن ان نقول هذا عن ايران مع بعض الفوارق طبعا فلو سلمت معك ياسيدتي الفاضلة ان غزة وجنوب لبنان والعراق قد اختطفتهم ايران فاين كان العرب ساعة الاختطاف هل كانوا نائمين ام انهم جلسوا يسترقون السمع الخ الخ واليوم يبكون على ما ضيعوه بايديهم لماذا لم يفتحوا احضانهم الطاهرة كما يدعون لضم غزة وجنوب لبنان والعراق عندما كان هؤلاء بامس الحاجة لحضن دافئ وقلب رحيم بكل اسف انهم وجدوا كل ذلك عند الاغراب ولم يجدوه عند الاعراب

لماذا ننظر لاخطائنا
خالد الدوسري -

انا لست مع ايران او ضدها ولكن لماذا دائما نحرض ضد ايران ليل نهار؟ !! لماذا لا نهتم بشأننا فقط ونترك الناس من حولنا!!!!!!!!!!!

امة النعاج
ابن الرافدين -

رفيقة هدى بدل هذا العزف اسرائيل اغتصبت فلسطين منذ اكثر من 60 سنة ماذا فعلتم انتم قبل ان تخطف قضيتكم كما تدعين اخر صفقة اسلحة عقدتها بمليارات الدولارات على الفلسطنيين لا يريدون منكم رجالا فقط اسلحة كما تفعلون مع سوريا وحتى تسحبون البساط من ايران الساحة مفتوحة امامكم بدل رمي فشلكم على الاخرين والسؤال لك لماذا لا تكوني مهنية اعلامية بدل ان تكوني مجرد اجيرة وهذا المقال ليس الا وجهة نظر سياسية الجريدة المتمثلة بساسية الدولة بعدين اسرائيل موجودة وهذة ليست اخر الحروب ربما اسرائيل تقوم بعملية اخرى وحتى تبعدون ايران عن قضيتكم نريد ان نرى بطولات اهل التوحيد وهم يتسابقون الى نجدة غزة بالرجال والسلاح حتى تسكت ايران عن المتاجرة بقضية فلسطين وحتى يطلق عليكم قائد الثورات العربية حمد اسود وليس نعاج .