جريدة الجرائد

آن أوان التدخل الأميركي في سورية

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

كوندوليزا رايس

الحرب الأهلية في سورية ربما تكون الفصل الأخير من فصول تفكك الشرق الأوسط القديم على الوجه الذي يألفه العالم. وتكاد تضيع فرصة الحفاظ على تماسك المنطقة وإعادة بنائها على أسس مختلفة تعلي شأن التسامح والحرية وترسي الاستقرار الديموقراطي. والهويات القومية في مصر وإيران راسخة على مد التاريخ. وهذه حال تركيا، على رغم أن عملية دمج الأكراد متعثرة وتعاظم ارتياب أنقرة بميولهم الانفصالية.

وعلى خلاف الدول هذه، تبدو الدول الأخرى في المنطقة طرية العود وهي في مثابة بناء حديث التشييد وضع البريطانيون والفرنسيون أسسه من غير مراعاة الاختلافات الإثنية والطائفية. وطوال عقود، تماسكت هشاشة بنية الدول في الشرق الأوسط على يد أنظمة ملكية وأخرى استبدادية. ومع تفشي عدوى الحرية من تونس إلى القاهرة ودمشق، ضعفت قبضة الحكام المستبدين وخرجت الأمور عن ارادتهم. والخطر الداهم اليوم هو تفكك الدول المصطنعة الحدود وتناثرها إلى أجزاء. وإثر إطاحة صدام حسين في العراق، أملت الولايات المتحدة بنشوء دولة ديموقراطية متعددة الإثنيات والطوائف تنجز ما ليس في مقدور المستبدين: منح الجماعات مصلحة في المصير المشترك والمستقبل الواحد. وأفلحت في ذلك إلى حد ما. فالانتخابات ولدت أكثر من مرة حكومات تمثل الجماعات المختلفة، لكن المؤسسات العراقية طرية العود وهشة، وهي تهتز على وقع الانفجارات الطائفية الإقـــليمية الأوســـــع. والنزاع في سورية يودي بالعراق وغيره من الدول إلى شفير التفكك. وإثر الانسحاب الأميركي، اتكأ السياسيون العراقيون على تحالفات طائفية للحفاظ على مكانتهم. فإذا لم يعد في وسع رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، التعويل على الدعم الأميركي، لن يغامر في جبه طهران.

إن اعظم خطأ وقعت فيه واشنطن في العام الأخير هو تعريف النزاع مع نظام بشار الأسد على أنه نزاع إنساني. فنظام دمشق لم يتورع عن توسل العنف، وراحت ضحية المجازر أعداد كبيرة من الأبرياء. وأوجه الشبه ضعيفة بين ما يجري في سورية وحوادث ليبيا في 2011.

ولا يستهان بما هو على المحك في سورية. فمع تفتتها، تستقطب السنة والشيعة والأكراد شبكة من الولاءات الطائفية. وفي الماضي، دعا كارل ماركس عمال العالم إلى الاتحاد وتجاوز الحدود الوطنية والانعتاق من "الوعي الكاذب" لهوياتها، ونبههم إلى أن ما يجمعهم يفوق ما يشدهم إلى الطبقات الحاكمة التي تقمعهم باسم القومية والوطنية. واليوم، تؤدي إيران دور ماركس. فهي تسعى إلى بسط نفوذها على الشيعة وجمعهم تحت عباءة ثيوقراطية طهران، وترمي إلى تفكيك وحدة البحرين والعراق ولبنان... وهي أوكلت هذه المهمة إلى مجموعات إرهابية، منها "حزب الله" والميليشيات الشيعية جنوب العراق. وسورية هي السد في وجه هذا المخطط. فهي الجسر إلى الشرق الأوسط العربي. ولم تعد طهران تخفي أن قواتها تدعم نظام الأسد في سورية وتشد عوده. وفي مثل هذا السياق، يبرز اتجاه إيران إلى حيازة السلاح النووي مشكلة تواجه المنطقة كلها وليس إسرائيل فحسب.

لم تقف الدول العربية ودول الجوار موقف المتفرج من التدخل الإيراني في سورية. وانزلق الأتراك إلى النزاع، وتعاظمت خشيتهم من انفصال الأكراد في سورية وتحفيزه إخوتهم في تركيا على احتذاء مثالهم. وصارت الهجمات الصاروخية والمدفعية الحدودية شائعة في كل من إسرائيل وتركيا. ولا يجوز الوقوف موقف المتفرج إزاء طلب أنقرة مساعدة من "الناتو". ولكن ماذا فعلت الولايات المتحدة في الأثناء؟ انصرفت طوال اشهر إلى إقناع الصين وروسيا بالإجماع على اتفاق أممي "لوقف إراقة الدماء"، وكأنها تصدق أن ثمة أملاً بعزوف موسكو عن دعم الأسد وانشغال بكين باستشراء الفوضى في الشرق الأوسط. وليس فلاديمير بوتين رجلاً عاطفياً، ولن يتخلى عن الأسد إذا شعر انه يملك حظوظاً في النجاة.

وفي الأيام الأخيرة، بادرت فرنسا وبريطانيا وتركيا إلى ردم هوة الفراغ الديبلوماسي والاعتراف بائتلاف المعارضة الجديد الذي يمثل شطراً راجحاً من السوريين. وحري بالولايات المتحدة أن تسير على خطى الدول الثلاث، وأن تـــرهن تسليح الجماعات المعارضــة الموحــدة بعتــاد دفــاعي بانتهاج سياسة "دمجية" لا تستأثر بالسلطة في مرحلة ما بعد الأسد. وأميركا وحلفاؤها مدعوون إلى فرض منطقة جوية عازلة لحماية الأبرياء. فالحاجة تمس إلى النفوذ الأميركي، ويترتب استشراء النزاع الطائــفي وتــــفاقمه على ترك إدارة النزاع إلى القوى الإقليمية التي تختلف أهدافها عن الأهداف الأميركية.

ليس التدخل في المنطقة من غير أخــطار. فالنـــزاع الدموي في سورية متواصل منذ أكثر من سنة، واشتد عود اكثر الشرائح تطرفاً في المعارضــة السورية. فـــالحروب الأهليــة تميل إلى تعزيز نفوذ غيـــر المعتـــدلين وthinsp;"أسوأ" القـــــــوى. وإطاحة الأسد في مثل هذه الظروف قد تفضي إلى بلوغ المجموعات الخطيرة السلطة، لكن خطر تداعي نظام الدول في الشرق الأوسط أفدح من خطر "القاعدة" وأخواتها. فكفة إيران ستغلب كفة حلفاء أميركا، وطوال عقود ستغرق المنطقة في دوامة عنف ومعاناة عاصفة. ومد الحرب لا يتجه إلى الانحسار في الشرق الأوسط، بل يعلو ويتجه إلى بلوغ ذروته. والانتخابات الأميركية انتهت، وآن الأوان كي تبادر أميركا إلى التدخل. 

* وزيرة الخارجية الأميركية بين عامي 2005 و2009، عن "واشنطن بوست" الأميركية، 24/11/2012، إعداد منال نحاس

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
آن اوان التدخل الامريكي
زهير دواق الجزائر -

من الواضح أن كوندوليزا رايس دجالة الخارجية الامريكية في عهد السفاح وأحد اكبر المجرمين الذين عرفهم التاريخ البشري بوش الابن , تسعى من خلال ترهاتها وافكها الذي لا ينطلي الا على من لا عقل ولا ذاكرة له أن تقنعهن أن ما يحدث من فتن واقتلال بين ابناء الوطن الواحد في سوريا ومن قبلها العراق وليبيا ليس من صناعة امريكا المتصهينة .. ان ما يجري من صراعات وتجاذبات في العالم العربي يعد لبنة اساسية لارساء ما عرف ايام حكم المجرم بوش الابن بمشروع الشرق الاوسط الجديد . بوش ورايس وغيرهما من المتصهينين هم من بشر بضرورة انجاز هذا المشروع الهادف الى تحويل الدول العربية والاسلامية الى كيانات قبيلية وعرقية وطائفية متصارعة بعد تفكيكها خدمة لاسرائيل وتمكينها من فرض هيمنتها المطلقة على العالم العربي والاسلامي .. كل ما قالته دجالة البيت الابيض السابقة عن ايران وحزب الله وما يعرف بمعسكر الممانعة عار عن الصحة ولا يؤمن به او يصدقه الا مخبولو العقول والحمقى .. أمريكا لم ولن تسعى الى ما فيه خير العرب والمسلمين , وهي من فرض على سكان غزة ذلك الحصار المشؤوم الذي برع في تنفيذه حكام محميات الاعراب وادوات امريكا واسرائيل في المنطقة العربية و والذي '' الحصار.'' ما زالت اثاره المدمرة على غزة بادية لكل من له بصر . لماذا لم تقل لنا رايس سليلة ابليس أن اسرائيل هي من يجب ان يوصف بالارهاب وليس حزب الله او غيره من الاحزاب والمنظمات الوطنية التي تناهض مشاريع امريكا المتصهينة في المنطقة .. ايران دولة اسلامية داعمة لمقاومة في لبنان وغزة وستبقى كذلك تمثل صخرة صلدة وصلبة تتفكك أمامها كافة مشاريع الغرب المتصهين وعلى راسه امريكا التي لم يعد عداؤها للعرب والمسلمين خافيا على احد .. نحن ندرك اليوم جليا ان الفضل بعد الله تعالى في افشال مساعي امريكا لتفكيك بلداننا يعود الى الجمهورية الاسلامية والى حركات المقاومة والمخلصين في هذه الامة الذين خبروا جيدا خلفيات مخططات الغرب الذي تحول الى أداة طيعة في يد اسرائيل تفعل به ما تشاء تحقيقا لاهدافها الاستيطانية التوسعية التي التهمت فلسطين ودنست مقدساتها ..امريكا بعد هزائمها المتلاحقة في العراق وافغنستان وانقلاب سحرها في ليبيا عليها لن تتجرأ على الدخول في مغامرة مباشرة في سوريا , بل ليس بمقدورها تقديم اي سلاح متطور لعملائها فيما يسمى الاعتلاف "الائتلاف"الوطني السوري واذرعه