جريدة الجرائد

الرئيس اللبناني يرجئ اليوم طاولة الحوار «لأن زمن الحلول لم يحن»

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

بيروت

لم يبدّل طرْح رئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط ما وُصف بأنه "مبادرة" للخروج من الازمة السياسية في لبنان، مناخ التعقيدات التي تكتنف هذه الازمة والتي تبدو أصعب من ان تُذلّل باي مبادئ سياسية عامة كتلك التي تضمّنتها المبادرة ولو ان احداً لم يعارضها علناً. بل ان الوضع الداخلي بدا متجهاً نحو مزيد من الجمود والمراوحة في ظل الاتجاه الى تأجيل جولة الحوار الوطني في قصر بعبدا والتي كانت مقررة غداً نظرا الى مقاطعة قوى "14 آذار" ورفضها التراجع عن هذا الموقف رغم تكرار رئيس الجمهورية ميشال سليمان دعواته الى الجميع لترك رهاناتهم والمجيء الى حوار بلا شروط.
وأوضحت اوساط بارزة في قوى المعارضة لـ "الراي" ان موقفها هذا لا يُعتبر في ايّ شكل موجهاً ضد رئيس الجمهورية ودوره الذي تُسلّم به هذه القوى وتقدّره، بل ينطلق من مسألة مبدئية لم تعد قابلة للجدل او التنازل وخصوصاً في ظل السياسات والمواقف التي يتخذها الفريق الحكومي عموما وفريق "8 آذار" تحديداً. واضافت ان العودة الى الحوار غداً، لو حصلت، لكانت لتشكل "مهزلة حقيقية" بعد خطاب الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله في ذكرى عاشوراء الاحد الماضي، حيث بدا مرة جديدة كأنه يختزل قرار السلم والحرب بمعزل عن وجود دولة وحكومة واطراف سياسيين، حلفاء كانوا او خصوماً، وذهب أبعد من ذلك في تحدي فريق المعارضة ودول اقليمية وعربية ملقياً عليها تهمة "خدمة اسرائيل" لانها تناهض سياسات ايران التوسعية التي تتدخل في شؤون دول اخرى.
وذكرت الاوساط نفسها ان ايضاحاتٍ أُبلغت الى قصر بعبدا سيُستكمل ابلاغها في الساعات المقبلة تستند الى التمييز بين موقف المعارضة الشديد التقدير لدور رئاسة الجمهورية وبين الموقف من قوى الاكثرية و"8 آذار" لان كل ما يجري على هذا المستوى يُعتبر استفزازاً متعمداً للمعارضة ولن تقبل هذه الاخيرة بعد اليوم بأي تراجع في مواقفها ولا في مقاطعتها لكل نشاط تقوم به الحكومة او تشارك فيه الى ان يحصل التغيير الحكومي الذي تريده "14 آذار" لمصلحة حكومة حيادية.


اما في ما يتعلق بمبادرة جنبلاط، فلم تُظهر الاوساط نفسها حماسة ملحوظة لها ولو انها أبدت انفتاحاً على مناقشتها واعتبارها محاولة لكسر جليد الأزمة. ولفتت في هذا السياق الى ان المبادرة لا تعدو كونها مبادىء للتهدئة السياسية والاعلامية لكنها تفتقر الى آلية عملية من شأنها ان تفتح باب النقاش حول مسألة جوهرية لا خروج من الأزمة من دونها وهي عملية التغيير الحكومي.
وتعتقد الاوساط ان جنبلاط أراد عبر هذه الحركة ان يحصّن تموْضعه الوسطي بين فريقيْ "8 آذار" و"14 آذار"، اكثر من أي شيء آخر، فعمد الى توزيع الانتقادات بالتوازن بين الفريقين في المؤتمر الصحافي الذي عقده في المختارة، من دون ان يذهب الى نقاط تصعيدية من شأنها ان تثير غضب اي فريق عليه. لكنه في الوقت نفسه لم يقدّم جديدا يُعتد به، وهذه دلالة على استمرار دوران الجميع في حلقة مفرغة، كما ان ذلك يعتبر مؤشراً الى ان زمن الحلول الحقيقية لم يحن بعد.
واستبعدت الاوساط تبعا لذلك اي حلحلة قريبة في الجهود الايلة الى فتح ملف تغيير الحكومة جدياً، معتبرة ان الوضع الحالي هو مجرد تعبئة للفراغ والانتظار، وهي مرحلة مرشحة لان تطول الى مطلع السنة الجديدة على الاقل ما لم تحصل تطورات مفاجئة اقليمية او داخلية، من شأنها تبديل المشهد السياسي.
وعشية حوار 29 الجاري، برزت مواقف للرئيس سليمان امام زواره حيث اعلن أن "لا نية كما يبدو للأطراف المعنية بالمشاركة في الجلسة المقبلة للحوار"، متداركاً: "إنني متأكد من أنهم سيأتون إلى الحوار إن لم يكن غداً فبعد غد"، مبدياً أسفه "لاعتماد المقاطعة للحوار، فالمقاطعة حق ديموقراطي لكنها حق يتم اللجوء إليه استثنائياً وفي ظروف استثنائية قاهرة".
واذ رأى "أن ربط موضوع الحكومة بالحوار مسألة خاطئة"، سأل: "إذا كانت هناك رغبة بتغيير الحكومة فلماذا لا يأتون إلى طاولة الحوار ويعلنوا ذلك مباشرة ويسمعوا الجواب أيا كان الجواب"، مضيفاً: "هناك ثلاثة أفكار حول شكل الحكومة العتيدة، فإما تكون حكومة وحدة وطنية وإما حكومة أكثرية وإما حكومة حيادية، ومن هنا فإن ما ينبغي طرحه على طاولة الحوار هو مسألة تغيير الحكومة وليس البحث في شكلها وتركيبتها وتفاصيلها باعتبار أن هذا الأمر ليس من شأن طاولة الحوار بل يتعلق بصلاحيات دستورية لكل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وفق الإستشارات التي نص عليها الدستور".
وأكد في سياق آخر "أن الإنتخابات النيابية ستجري في موعدها أيا كانت الظروف"، وقال "أن الكلام الذي نقل عن أحد الوزراء بأنه يمكن تأجيل الإنتخابات ستة أشهر قد يكون فهم على غير منحاه"، لافتاً إلى أنه "لا يمكن تأجيل الإنتخابات إلا لوقت قصير لا يتعدى شهرين أو ثلاثة وذلك حصريا لأسباب تقنية تتعلق بمناقشة مشاريع القوانين المطروحة والتي قد تحتاج إلى وقت إضافي"، مشيراً إلى أنه "لن يوقع على أي قانون لتمديد عبثي لولاية مجلس النواب وسيستعمل صلاحياته الدستورية في هذا الصدد".
وفي سياق غير بعيد، شكّلت مأدبة الغداء التي اقامها رئيس البرلمان نبيه بري امس، على شرف الرئيس الارمني سيرج سركيسيان مناسبة أطل الاول من خلالها على الواقع اللبناني اذ اعلن ان "كل المنطقة مهددة بالتشظي والانقسامات"، مؤكداً ان "تجربة الحرب اللبنانية أثبتت أنه لا يمكن اقصاء او تهميش أو شطب احد والحل هو الحوار"، داعياً الى "طائف والى طاولة حوار وصوغ تفاهم حول المواضيع المصدّرة للخلافات ومن دون إنتظار مصير سورية".
يذكر ان حفل الغداء الذي اقيم في عين التينة حضره بعض نواب قوى "14 آذار" الذين قطعوا قرار "المقاطعة الشاملة" بعدما كان رئيس البرلمان ألغى جلسة عامة كان ينوي عقدها امس، لمناسبة زيارة الرئيس الارمني، مكتفياً بهذا الغداء "الاجتماعي".
في موازاة ذلك، ووسط الاضراب العام الذي دعت اليه امس واليوم هيئة التنسيق النقابية وتخللته إعتصامات أمام الوزارات والسرايات في بيروت والمناطق احتجاجاً على عدم إحالة سلسلة الرتب والرواتب على البرلمان الامر الذي أحدث شللاً في الادارات العامة والمدارس، ردّ منسّق الامانة العامة لقوى "14 آذار" فارس سعيد على مبادرة النائب جنبلاط ودعوته قوى المعارضة الى الصبر وفق شعار "الانتظار على ضفة النهر فلا بد يوماً ان تمر جثة عدوّ من امامك"، فقال: "لا نشك بحسن نية النائب جنبلاط اذ يجب ان يكون هناك مبادرة لكن إنتظرتُ بجانبه الى ضفّة النهر لمرور جثّة القاتل، فمَرَّت جثّة اللواء وسام الحسن".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف