جريدة الجرائد

بريطانيا والكويت علاقة تعدّت حاجز اللغة والدين والعادات

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

نجاة الحشاش

ازدانت صحفنا ووسائل الاعلام بصور الاستقبال البروتوكولي الذي اقيم لحضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح وذلك بمناسبة زيارة سموه الى المملكة المتحدة (بريطانيا). ان مثل هذه الاحتفالات تقام احتفاء بكبار القادة العالميين على حسب ما ذكرته وسائل الإعلام، والروعة في الأمر ان تحظى دولة الكويت اكثر من مرة بهذه المكانة الكبيرة لدى المملكة المتحدة، فقد سبق سموه في مثل هذا الاحتفال البروتوكولي المهيب الشيخ جابر الاحمد الصباح طيب الله ثراه عام 1992، وأيضا عام 1919م استقبل جد الملكة اليزابيث الثانية (الملك جورج الخامس) أمير الكويت السابق الشيخ أحمد الجابر الصباح طيب الله ثراه (والد صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد) في أول زيارة رسمية لمسؤول كويتي لبريطانيا.


الغريب في الأمر أنه يفترض ان تكون علاقتنا مع بريطانيا تسودها بعض مشاعر العداء بسبب كون الكويت واقعة تحت حكم الحماية البريطانية، ومع ذلك تسود هذه العلاقة محبة واحترام متبادل بين الطرفين، وأيضا على الرغم من البعد الجغرافي والمكاني الكبير بين الدولتين واختلافهما في الدين واللغة والعادات والتقاليد الا ان ثمة عمقا في العلاقات ما بين الشعبين يزداد مع السنوات والذي اسفر عنه علاقة تغلب عليها طابع المحبة والاحترام المتبادل بين الشعبين الكويتي والبريطاني. وهذا ما لمسناه جميعا من الاستقبال الملكي الذي حظي به سموه. ونجد أيضا عند قراءة في الكلمة الترحيبية التي قالتها الملكة اليزابيث الثانية ملكة بريطانيا لزيارة صاحب السمو، نجد انها أكبر من مجرد كلمة بروتوكولية تقال، فأنا اعتقد انها رسالة للعالم أجمع تحمل في طياتها معاني كثيرة يفترض ان تكون واضحة للجميع.


ومن المعاني التي يجب ان تؤخذ بالاعتبار عمق الروابط والعلاقة بين الأسرة الحاكمة في الكويت والأسرة الملكية البريطانية، ونجد هذا واضحاً ونحن نقرأ في صفحات تاريخ الكويت، فمنذ حكم الشيخ مبارك الصباح طيب الله ثراه الحاكم السابع لدولة الكويت، وذلك عندما استشعر الشيخ مبارك في تلك الفترة بخطر الدولة العثمانية على أمن الكويت قام بتوقيع معاهدة الحماية مع بريطانيا عام 1899م وبهذه الاتفاقية دخلت الكويت تحت مظلة الحماية البريطانية، التي تعهدت فيها بالدفاع عن الكويت ضد أي خطر خارجي أو عدوان تتعرض له، فيما أعطت الاتفاقية من الجانب الآخر حرية التصرف في الشؤون الداخلية للبلاد لحاكم الكويت دون تدخل من بريطاني، واستمرت هذه المعاهدة الى عهد الشيخ عبدالله السالم طيب الله ثراه الحاكم الحادي عشر لدولة الكويت في 19 يونيو 1961 عندما أعلن استقلال الكويت والغاء معاهدة 1899م مع بريطانيا، فنجد ان بريطانيا تفهمت رغبة الكويتيين بالاستقلال وقدرتهم على حماية بلادهم والحفاظ على استقرارها، بالكفاءة نفسها التي أداروا بها شؤونهم الداخلية طوال عشرات السنين، وعلى الرغم الغاء معاهدة الحماية عام1899م مع بريطانيا واعلان استقلال الكويت استقلالا تاما في عهد الشيخ عبدالله السالم، إلا ان ثمة بندا في الفقرة الثالثة من اتفاقية الاستقلال، ينص على أن (استقلال الكويت لن يؤثر في استعداد حكومة بريطانيا لمساعدة حكومة الكويت اذا طلبت الأخيرة مثل هذه المساعدة)، وهذه رسالة أخرى يجب ان يستوعبها كل من تسوّل له نفسه العبث بأمن واستقرار الكويت، فأمن الكويت مرتبط بأمن دول أخرى صديقة وقريبة وشقيقة. ويتكرر الموقف البريطاني الأخوي مع الكويت عندما بدأت مطالبات الرئيس العراقي السابق عبدالكريم قاسم بضم الكويت الى بلاده عام 1961 فأرسلت بريطانيا قواتها العسكرية الى الكويت، وأعلنت انها لن تنسحب منها إلا بناء على طلب حكومتها وعندما ينتهي الخطر الخارجي المتمثل في التهديد العراقي.


ولم يتوقف الدور البريطاني الداعم لاستقلال وكرامة الكويت، فنجد رفضا بريطانيا كبيرا للغزو العراقي على دولة الكويت عام 1990م. فمنذ الساعات الأولى لغزو الكويت أعلنت بريطانيا على لسان رئيسة وزرائها آنذاك مارغريت تاتشر رفضها الاحتلال العراقي، وطالبت بسحب القوات العراقية من الاراضي الكويتية على وجه السرعة ودون شروط، الى جانب تأييدها مبدأ الخيار العسكري، في حال فشلت المساعي الديبلوماسية، فكانت الحليف العسكري الأول للولايات المتحدة في حرب تحرير الكويت.
إن العلاقة بين بريطانيا والكويت أكبر من أن تحتويها قائمة تصنيفات سياسية، انها علاقة حب واحترام متبادل بين شعبين لديهما قيم ومبادئ واحدة اساسها الديموقراطية وتقوم على مبدأ ثابت يؤكد على شرعية اسرة آل الصباح لحكم الكويت.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف