الصحافة البريطانية: إسرائيل تعاقب الفلسطينيين... ومحاذير التدخل العسكري في سوريا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
لندن
قرار إسرائيل ببناء وحدات استيطانية جديدة، وتهديد الانقسامات الحادة لمسار الثورة المصرية، ومحاذير التدخل العسكري في سوريا، ومشكلة عجز الموازنة البريطانية... قضايا محورية في الصحافة البريطانية هذا الأسبوع.
إسرائيل والمستوطنات
دعت صحيفة "ذي إندبندنت" في افتتاحيتها ليوم الاثنين الماضي إلى اتخاذ موقف حازم تجاه الموقف الإسرائيلي الأخير الساعي إلى معاقبة الفلسطينيين لتوجههم إلى الأمم المتحدة ونيلهم الاعتراف الواسع في الجمعية العامة كدولة مراقب غير عضو، هذه الردود الإسرائيلية تصنفها الصحيفة على أنها لطمة في وجه كل من بريطانيا وألمانيا اللتين امتنعتا عن مساندة المسعى الفلسطيني حتى لا تُغضب الدولة اليهودية، وها هي ترد على ذلك بالمزيد من التشدد. فقد أعطى نتنياهو الانطلاقة لبناء ثلاثة آلاف منزل جديد داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة في خطوة تفسرها الصحيفة على أنها إما تعبر عن خطط قديمة لفصل القدس الشرقية عن باقي الضفة الغربية وبالتالي القضاء على أي أمل لقيام دولة فلسطينية متماسكة وقابلة للحياة، أو أنها مناورة إسرائيلية أخرى للمساومة، حيث درجت الحكومات الإسرائيلية السابقة، توضح الصحيفة، على تبني سياسة التشدد في انتظار من يطالبها بالاعتدال ويدفع الثمن. وأمام هذا التحدي السافر الذي أبداه نتنياهو لأصدقاء دولته في أوروبا والانتهاك الصريح للقانون الدولي ومقررات المجتمع الدولي التي كان آخرها الاعتراف بفلسطين دولة محتلة وليس متنازع عليها لا يكفي، تؤكد الصحيفة، تعبير الأوروبيين عن الغضب والإدانة من خلال سحب السفراء كما قامت بذلك بريطانيا، أو التنديد العلني بالسياسات الإسرائيلية الذي أبدته لأول مرة ألمانيا، بل لا بد من الانتقال إلى خطوات أقوى مثل حظر استيراد البضائع الإسرائيلية المصنعة في الأراضي المحتلة وتلك القادمة من المستوطنات والتشديد على أن يكتب عليها بلد المنشأ بوضوح، كما يمكن لبريطانيا على سبيل المثال مراجعة الاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل والتي تمنحها الأفضلية في المعاملات التجارية.
الانقسامات المصرية
في افتتاحيتها ليوم الاثنين الماضي، تطرقت "الجارديان" إلى ما يجري في مصر حالياً من انقسامات حادة بين النخبة السياسية والمجتمع على خلفية الإعلان الدستوري للرئيس مرسي والمسودة الأخيرة للدستور المتوقع الاستفتاء عليها خلال أسبوعين، فالصحيفة ترى أن الثورة المصرية التي حملت آمالاً عريضة وصلت إلى النقطة التي كان عليها تفاديها بكل السبل، وهي حالة الاستقطاب الكبيرة بين النخب السياسية التي شاركت في الثورة وأطاحت بالنظام السابق. فمن جهة هناك أنصار مرسي من التيارات الإسلامية المختلفة التي تقول إن البلد لا يحتمل المزيد من التأخير والفراغ الدستوري ولا يمكن للقضاء اللجوء في كل مرة إلى حل المؤسسات الوليدة والمطالبة بإعادة تشكيلها سواء تعلق الأمر بالبرلمان، أو اللجنة التأسيسية.
ومن جهة أخرى تخشى القوى العلمانية والليبرالية من سيطرة الإسلاميين على السلطة وظهور استبداد جديد، وفي جميع الأحوال تلاحظ الصحيفة أن مسودة الدستور هي عبارة عن حزمة متكاملة تجمع في طياتها إيجابيات وبعض السلبيات، فمن ناحية، وكما أشارت إلى ذلك منظمة "هيومان رايتس ووتش"، تركت المسودة ورغم ضمانها لإجراءات المحاكمة العادلة للمواطنين، المجال مفتوحاً لمحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، لكنها أيضاً أشارت إلى إسقاط المادة التي تشترط مساواة المرأة بالانسجام مع الشريعة الإسلامية ليبقى الدستور، كما تقول الصحيفة، رهناً في الكثير من أجزائه بالتأويل المستقبلي لبنوده، لكن الصحيفة أيضاً تتساءل عما إذا كانت بعض سلبيات الدستور تستحق رهن مصر لفترة انتقالية ممتدة بسبب المعارضة الدائمة لمواده والدعوات المستميتة لإعادة تشكيل اللجنة التأسيسية التي صاغته في وقت يواجه فيه البلد شبح الإفلاس؟ لتؤكد الصحيفة في النهاية على ضرورة التوافق بين القوى السياسية وتقديم التنازلات المشتركة للدفع بمسيرة الثورة إلى الأمام دون الحاجة للرجوع إلى المربع الأول.
التدخل في سوريا
عرض الكاتب "جدعون راتشمان" في مقاله المنشور يوم الاثنين الماضي على صفحات "فاينانشال تايمز" لمخاطر التوجه المتبلور حالياً في بعض العواصم الأوروبية وفي واشنطن الداعي إلى التدخل في سوريا لوقف الأزمة ووضع حد لإراقة الدماء، هذا التوجه في حال استمراره سيُتوج في نظر الكاتب بأمرين اثنين: الأول تسليح المعارضة والثاني فرض منطقة لحظر الطيران فوق سوريا، فبعد أكثر من 18 شهراً على اندلاع الثورة السورية وسقوط 40 ألف قتيل تقريباً، بالإضافة إلى شراسة النظام في ضرب المدنيين مثل قصفه مؤخراً لمستشفى بمدينة حلب، كل ذلك يقوي الأصوات المطالبة بالتدخل، والتي تبني منطقها على مجموعة من التبريرات، ففيما عدا الدوافع الإنسانية التي تحث المجتمع الدولي على تبني موقف حازم تجاه ما يجري من قتل يومي في سوريا، هناك أيضاً عوامل براجماتية يستند إليها دعاة التدخل، فالثوار بحسب آخر التقارير الميدانية بدأوا بالفعل في تحقيق اختراقات على الأرض، بحيث يبدو الآن سقوط النظام في حكم المؤكد، لكن ما لم يكن للغرب دوراً في انتصار الثوار ودحر النظام فإنه سيصعب عليه ممارسة أي نفوذ في سوريا الجديدة ومن هنا الدعوة للتدخل لما يوفره من فرص مستقبلية لصياغة مجريات الأمور، ثم هناك الدافع الجيوسياسي الذي يرى في إسقاط نظام الأسد ضربة قوية لإيران ونفوذها المتعاظم في المنطقة، بل إن بعض المسؤولين الأميركيين يخشون من أن تخلف الولايات المتحدة عن الموعد في سوريا سيكرس نظرة تراجع القوة الأميركية في أنظار المنطقة، لا سيما وأن قوى صغيرة باتت تضطلع بدور أكبر من أميركا، وحتى المعوقات القانونية التي تحول دون التدخل بسبب تعطيل روسيا والصين لمجلس الأمن الدولي يقول أنصار التدخل إنه يمكن التحايل عليه من خلال الاعتراف بائتلاف المعارضة كممثل شرعي ووحيد للسوريين، بحيث يمكن في هذه الحالة مده بالسلاح دون انتهاك القانون الدولي.
لكن مع ذلك يحذر الكاتب من تداعيات التدخل العسكري بالنظر إلى تعقيدات الموقع الجغرافي لسوريا، وما قد يتطلبه الأمر من نشر قوات على الأرض في تكرار لتجربة العراق الفاشلة.
معضلة الإنفاق البريطانية
تناولت صحيفة "دايلي تلجراف" في افتتاحيتها ليوم الاثنين الماضي إشكالية العجز الكبير في الموازنة البريطانية على خلفية إقرار وزير المالية، "جورج أوزبورن"، بصعوبة الحد من العجز في الموعد الذي سبق أن حدده سلفاً، حيث أكد مكتب مسؤولية الموازنة المستقل عدم قدرة الحكومة على الوفاء بالتزام خفض العجز، لكن الصحيفة تحذر خصوم وزير المالية من توظيف صعوبة الحد من العجز خلال المدة المحددة للتخلي عن استراتيجية تقليص العجز، بل إن ذلك يشجع أكثر على خفض أكبر لنفقات الدولة التي تبقى المسؤول الأساسي عن العجز البريطاني، بحيث يتعين تقليص حصة الدولة من الثروة العامة، غير أن "أوزبورن" نفسه استبعد تقليص البرامج الاجتماعية لما تنطوي عليه الخطوة من خطورة سياسية في ظل معارضة شركاء وزير المالية من الأحرار الليبراليين لأي مس ببرامج الرعاية الاجتماعية ليبقى الحل، حسب العديد من المراقبين هو زيادة الضرائب على معاشات الأغنياء من جهة وتضييق الخناق على الشركات المتهربة من الضرائب، هذه الإجراءات على أهيمتها لن تكون كافية في نظر الصحيفة لمعالجة الاختلالات البنوية المتمثلة أساساً في ارتفاع الإنفاق العام الذي سيصل خلال السنة الجارية إلى 756 مليار جنيه استرليني مقارنة بالسنة الماضية التي بلغ فيها الإنفاق 683 ملياراً، وفيما تسعى الحكومة إلى تقليص حصة الدولة من الناتج المحلي الإجمالي إلى 40 في المئة تبقى هذه النسبة، وفقاً للصحيفة، مرتفعة مقارنة بنسب لا تتجاوز 30 في المئة لدى كبار المنافسين خارج أوروبا.
إعداد: زهير الكساب