الكويت و"تعاون الضرورة"
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
راجح الخوري
ليس على نواب مجلس الامة الجديد في الكويت النظر كثيراً الى الوراء إلا على سبيل انهاء المسار التعطيلي، الذي اعتمدته المعارضة ردحاً طويلاً من الزمن انعكس سلباً على البلاد، وخصوصاً بعدما ادى الى شل عمل السلطة التنفيذية لينتهي في المرحلة الاخيرة الى تعطيل السلطة التشريعية.
واذا كان الامير صباح الاحمد الجابر الصباح قد عمد الى ممارسة واجبه الدستوري وهو ما يسمى اتخاذ "مرسوم الضرورة" لانتشال البلاد من الشلل، وحتى من التطاول على الانتظام العام الذي صدر من البعض، فان على النواب الجدد الذين يشكّلون هيئة التشريع الآن ان يذهبوا بدورهم الى الأداء او "عمل الضرورة" لتعويض الكويت ما فاتها في الاعوام الاخيرة، فليس سراً انها كان يفترض ان تبقى في طليعة الدول الخليجية من حيث التقدم والتنمية وهي قاطرة للممارسة الديموقراطية منذ عام 1962 وقد نظر اليها دائماً على انها "درّة الخليج".
ولعل من المهم ايضاً ان تنظر المعارضة الى الوراء لتستقي الدروس من نتائج الانتخابات الاخيرة وما افرزته من ارقام، فعندما تكون نسبة الاقبال في الانتخابات ما قبل الاخيرة اقلّ من 60 في المئة ويتبين انها وصلت الآن الى اكثر من 40 في المئة، فهذا يعني ان ليس من حق 10 او 15 في المئة من المقترعين تعطيل البلد وشلّ عمل السلطة كما حصل في الاعوام الاخيرة، بينما كان ينظر الى الكويت كمنارة يفترض ان تقتدي بها دول الخليج في ممارسة نظم الحكم والديموقراطية الرشيدة.
لم يكن مبرراً على الاطلاق ان يكون للمقترع الكويتي الحق في انتخاب اربعة اعضاء في مجلس الامة، فالمنطق الديموقراطي الاسلم هو ان ينتخب المقترع نائباً واحداً، ولو استمر الوضع على ما كان عليه لكانت الكويت ستتقلب في المأزق اياه الذي عطّل الدولة وأثار القنوط في نفوس الكثيرين، وهم يتلمسون الآثار السلبية لتعطيل مسيرة التطوير والتنمية في كل المجالات الخدمية. ومن المثير ان تكون الامور قد اخذت في الاعوام الاخيرة شكل دائرة مقفلة على الانهيار، فالمعارضة التي كانت تأخذ على الحكومات عدم قيامها بما هو مطلوب منها على صعيد التنمية والاهتمام بالشأن العام، كانت تتناسى انها هي التي تعطل هذه الحكومات الى درجة ان البعض وصل الى ما يشبه التحدي وكسر مزراب العين كما يقال، كتنظيم محاضر الاستجوابات لرؤساء الحكومات وللوزراء فور تشكيل الحكومة الجديدة وقبل ان تجتمع او تتخذ قراراً، وكانت بهذا كمن يكتف الآخر ويلقيه في الماء طالباً منه عدم الغرق !
"مرسوم الضرورة" اقفل هذا الفصل المؤذي، لكن كل الرهان الآن في الكويت على قيام "تعاون الضرورة" المثمر والنشيط بين الحكومة ومجلس الامة.