جريدة الجرائد

أبو الفتوح ومرسي وديكتاتورية الأغلبية

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

عبد الرحمن الراشد

عبد المنعم أبو الفتوح إسلامي، وإخواني، وزعيم سياسي كبير في مصر، لم يخشَ أن يقول كلمته، كلمة حق في اللحظات الصعبة في مصر اليوم، قال إنه ضد إسقاط الرئيس محمد مرسي لأنه جاء بالأغلبية، لكن في الوقت نفسه ضد استبداد الرئيس حتى ولو كان هو أبو بكر الصديق، مضيفًا أنه لن يحمي الرئيس غير الشعب المصري الذي انتخبه.
وقال أيضا إن قصر الرئاسة ملك للشعب وليس ملكا لأحد، لا الرئيس ولا جماعة الإخوان، مطالبًا الرئيس مرسي أن يكون رئيس كل المصريين، لأنهم هم الذين أتوا به وبفضلهم يجلس الآن على كرسي الرئاسة. وهناك إسلاميون آخرون أيضا ضد مرسي في الأزمة الحالية، وبالتالي فالمسألة ليست بين إسلاميين وغيرهم بل صراع سياسي.
ورغم أن النزاع على قضايا أساسية، مثل الدستور والقضاء، فإنها خلافات قابلة للحل بتعديل بعض فقرات الدستور وإلغاء الإعلان الرئاسي الذي قال مرسي إنه مستعد لإلغائه. وسبب الفشل في التصالح إما لأن الرئاسة أو قوى المعارضة لا تريد الحل، وإما أنها لا تملك مهارات إدارة النزاع، أو ربما العلة في ضعف التواصل بين المعسكرين، إضافة إلى وجود أزمة ثقة بين الجانبين، كل يدعي أن الآخر يريد أن يتعشى به.
ويبدو أن مشكلة الرئيس مرسي الحقيقية ليست قوى المعارضة بل حزبه الذي ينتمي إليه، حزب الإخوان الذي يتضح مع الوقت أنه من يدير الرئاسة ويتدخل في قراراتها. وأمس عمّق الأزمة مرشد الإخوان الذي زعم أن هناك مؤامرة داخلية وخارجية ضدهم، في أسلوب قديم للهروب من الأزمة الحقيقية. وواضح أيضا أن مرسي أدرك متأخرا أن جماعته ورطته في الإعلان الرئاسي المنسوب إليه، لأنه غير قانوني ويتناقض تماما مع ركنين أساسيين حلف اليمين على احترامهما؛ فصل السلطات والمحاسبة! فقد جمع سلطة البرلمان والرئاسة وأراد ضم القضاء، ثم أعلن أن قراراته لها صفة العصمة، لا تنقض ولا يحاسب عليها ما تأخر منها وما تقدم!
والأرجح أنه أدرك حجم الخطأ الرهيب الذي ارتكبه بعد أن فاضت الميادين بالمحتجين ضده، وأراد التراجع، معلنا استعداده لإلغاء ما فعله، أي الإعلان الرئاسي مقابل إقرار الدستور خلال شهرين. إنما في عجلة من أمره، محاولا إصلاح الخطأ، ارتكب خطأ آخر، طبخ الدستور في يومين لا شهرين حتى يتخلص من الإعلان الرئاسي. كيف له أن يستهين بالمهمة؟ الدستور عقد زواج مدى الحياة لا يعقل فرضه كيفما كان على قوى المجتمع، فالمفترض أنه المرجع الشرعي والضامن لحقوق الجميع من أقباط وإسلاميين وقوى سياسية، سواء أغلبية أو أقلية.
مفهوم الأغلبية نفسه يساء تفسيره، كما نرى في مصر وتونس وغيرهما. من حق الأغلبية إدارة الحكومة إذا فازت، لكنها لا تفرض أحكامها على الجميع. وهناك فارق شاسع بين الحكم والحكومة. فالأغلبية البيضاء في بريطانيا أو ألمانيا أو الولايات المتحدة لا تستطيع أن تعيد الرق، ولا أن تحرم النساء من نفس الحقوق التي عند الرجال، ولا الأغلبية المسيحية تفرض قوانينها الدينية على الأقلية اليهودية أو المسلمة.
تستطيع الأغلبية إدارة الشؤون العامة المتغيرة وفق أنظمة ثابتة، والدستور هو الأمر الثابت الذي يفترض أنه يمنح الجميع نفس الحقوق. وهنا الفارق بين الجماعات الفاشية والديمقراطية، الأغلبية تدير شؤون الدولة في إطار نظام يقوم على توازن سلطات، ووفق نواميس تحمي الأقليات وكل القوى التي يتشكل منها المجتمع.
الأزمة المصرية تنحدر بشكل سريع وخطير، رغم أن الفوارق بين الرئاسة والمعارضة ليست كبيرة، سواء في البنود المختلف عليها دستوريا أو في ممارسات الرئيس، كلها قابلة للتصويب والحلول الوسط، لكن - كما ترون - النفوس مليئة، والشكوك كبيرة حول النوايا، وهنا يأتي دور رجال فاعلين مثل أبو الفتوح للتوسط بين الجانبين لتصويب قرارات الرئيس.
alrashed@asharqalawsat.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
سبحان الله
عبدالله -

هل هناك مهزلة اكبر من هذا المصطلح ديكتاتورية الاغلبية ؟فاذا فازت الاغلبية في صناديق الاقتراع قالوا دكتاتورية اغلبية واذا وصلت الاقلية على ظهور الدبابات قالوا دكتاتورية اقلية ان الذين يقولون دكتاتورية اغلبية هم اهل الفتنة والنفاق والشقاق والتفرقة قاتلهم الله انى يؤفكون

سبحان الله
عبدالله -

هل هناك مهزلة اكبر من هذا المصطلح ديكتاتورية الاغلبية ؟فاذا فازت الاغلبية في صناديق الاقتراع قالوا دكتاتورية اغلبية واذا وصلت الاقلية على ظهور الدبابات قالوا دكتاتورية اقلية ان الذين يقولون دكتاتورية اغلبية هم اهل الفتنة والنفاق والشقاق والتفرقة قاتلهم الله انى يؤفكون

الديمقراطية
mohamed sedeeq -

اي ديمقراطية يتحدث عنها الاستاذ عبدالرحمن الراشد لاننا في العالم الثالث نتوق الى حكم العسكر واقول ذلك بسبب من نراه من الكتاب والمفكرين الذين غير متصالحين مع انفسهم واوطانهم على سبيل الكل يعرف في محطة العربية كل برامجها تشويه لصورة الاسلاميين وهو امر لا يحتاج الى ابحاث ودراسة ويقود هذا التيار الراشد فاضرب مثالا واحدا ، كان يرفض الراشد اي تقرير يشيد باي انجاز لحماس واوقفت عدة تقارير خرجت من غزة وهو مثال بسيط وقص على ذلك فلا ادري ما سبب عداء الراشد للاسلاميين وبامكانكم مراجعة مقالته ثمانيين في المئة في هذا الاتجاه وليته يكتب بما يفيد الاوطان والامة العربية وعلينا احترام الديمقراطية التي اتت بمرسي وستزيله لانه فشل في ادارة البلاد وانا اقول لا يهمني من ياتي للحكم ما يهمني انه على الجميع احترام ارادة الشعوب وعدم الاستهتار بها واحترام قراراتها في الانتخابات ورغم عدم قناعتي في مرسي الا انني ساعطيه الفرصة اربع سنوات وبعدها سيأتي غيره المهم ان يستقر نظام التداول السلمي على السلطة بطرق ديمقراطية

الديمقراطية
mohamed sedeeq -

اي ديمقراطية يتحدث عنها الاستاذ عبدالرحمن الراشد لاننا في العالم الثالث نتوق الى حكم العسكر واقول ذلك بسبب من نراه من الكتاب والمفكرين الذين غير متصالحين مع انفسهم واوطانهم على سبيل الكل يعرف في محطة العربية كل برامجها تشويه لصورة الاسلاميين وهو امر لا يحتاج الى ابحاث ودراسة ويقود هذا التيار الراشد فاضرب مثالا واحدا ، كان يرفض الراشد اي تقرير يشيد باي انجاز لحماس واوقفت عدة تقارير خرجت من غزة وهو مثال بسيط وقص على ذلك فلا ادري ما سبب عداء الراشد للاسلاميين وبامكانكم مراجعة مقالته ثمانيين في المئة في هذا الاتجاه وليته يكتب بما يفيد الاوطان والامة العربية وعلينا احترام الديمقراطية التي اتت بمرسي وستزيله لانه فشل في ادارة البلاد وانا اقول لا يهمني من ياتي للحكم ما يهمني انه على الجميع احترام ارادة الشعوب وعدم الاستهتار بها واحترام قراراتها في الانتخابات ورغم عدم قناعتي في مرسي الا انني ساعطيه الفرصة اربع سنوات وبعدها سيأتي غيره المهم ان يستقر نظام التداول السلمي على السلطة بطرق ديمقراطية