ثورات اندلعت من أجل الكرامة والعمل... فماذا تحقق؟ ... مصر: مواجهة البطالة بالتكافل والتحايل
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
القاهرة - أمينة خيري
مع تصاعد الأحداث والمواجهات في محيط قصر "الاتحادية" في حي مصر الجديدة، وجدت إدارة النادي الرياضي والاجتماعي الشهير الواقع في المربع، نفسها مضطرة إما إلى إغلاق النادي في الفعاليات التي ترتفع فيها احتمالات هجوم محازبي بعض تيارات الإسلام السياسي على المعتصمين، أو إلى قصر ساعات العمل على النهار والإغلاق مبكراً خوفاً مما قد تحمله فترة المساء والسهرة من زجاجات المولوتوف هنا أو الطلقات هناك. وفي جميع الأحوال، فإن بوابات النادي الرئيسة المطلة على شارع الميرغني تبقى مغلقة تماماً تاركة حركة الدخول والخروج من باب صغير في شارع جانبي يكتنفه الظلام. وكانت النتيجة أن انخفض عدد رواد النادي من بضعة آلاف في اليوم الواحد إلى عشرات فقط، وهو ما أدى بدوره إلى أن بيوت النادلين وعمال إيقاف السيارات وغيرهم من العمالة اليومية والغالبية العظمى منهم شباب، أوشكت على الإفلاس.
عماد (27 عاماً) يعمل نادلاً في النادي منذ اكثر من خمس سنوات، جلس على مقعد في وسط الساحة الخاوية وهو يحدِّث نفسه: "400 ومعنا 15 يكون المجموع 415. إيجار مئة، وأكل وشرب 300، وعلاج ابنتي منة 50 وفواتير 150، إذن يتبقى 75 ما العمل؟". الجنيهات الـ 400 الشحيحة التي يتقاضاها عماد كراتب شهري كان يضاف إليها ما لا يقل عن 500 جنيه أخرى مجموع الـ "بقشيش" الذي يتركه الرواد ليكمل نهاية الشهر. ولما اقلع الرواد عن التردد الى النادي، فقد اكثر من نصف دخله.
ولأن موقف عماد الراهن هو الموقف نفسه الذي يعاني منه نحو 400 عامل ممن يعتمدون في أرزاقهم بشكل أساسي على "البقشيش"، بادر عدد من الأعضاء إلى الإعلان على صفحة النادي على "فايسبوك" عن تلقي تبرعات لمصلحة أولئك العمال لتعويضهم عن أرزاقهم التي قطعت بسبب الأحداث.
ولأن الأحداث في مصر لا تقتصر على محيط قصر "الاتحادية" بل ممتدة بطول البلاد وعرضها، لا سيما في أماكن الاضطرابات وفي قطاعات بعينها، فإن المشهد الشبابي الحالي يثير مشاعر متفاوتة من الغضب والإحباط. إحباط كريم تحول نقمة شديدة على النظام الإخواني الحالي الذي دفع به من موظف استقبال في فندق أربعة نجوم إلى سائق أجير على سيارة أجرة.
ويقول: "أعمل في فندق قريب من ميدان التحرير، ولفرط إيماني بالثورة وأهدافها الرامية إلى تحقيق العدالة الاجتماعية المفتقدة في مصر، على رغم أنني شخصياً أنتمي للطبقة المتوسطة التي لم تكن تعاني معاناة اقتصادية شديدة في ظل النظام السابق، فقد كنت أنهي عملي وأتوجه إلى ميدان التحرير. ويوم سقط النظام، اعتقدت أننا بصدد بناء مصر جديدة تنقل سكان العشوائيات وأهالي القرى المعدومة من تحت خطوط الفقر والجهل إلى حياة كريمة إنسانية بتكاتف جهود الجميع". ويستطرد قائلاً: "اليوم وبعد وصول الدكتور مرسي إلى الحكم، انتهى الحال بي إلى أن فقدت عملي لأن الفندق سرح 75 في المئة العاملين بعدما فقدت مصر الجانب الأكبر من دخل السياحة التي هربت من مخاوف هدم أبو الهول تارة، وتهديدات بعض السلفيين في شأن سياحة الشواطئ تارة اخرى، والخلل الأمني تارة ثالثة. وها نحن اليوم أمام دستور خال من السياحة التي تشكل نحو 20 في المئة من الدخل لمصر، وهو ما يعكس وضع السياحة في عقلية من وضعوا الدستور الذين هم القلب النابض لنظام الحكم الديني الحالي".
الترجمة الفعلية لمأزق كريم المتزوج حديثاً والذي خرجت ابنته إلى الحياة يوم فقد عمله، كانت اتجاهه للعمل على سيارة أجرة في الفترة المسائية ويسعى حالياً إلى العمل بمناوبتين. ويقول: "هناك إقبال شديد على هذا العمل من الشباب الذين فقدوا أعمالهم وأرزاقهم في ضوء التخبط الشديد للنظام الحالي".
والواقع أن النظام الحالي لم يتطرق بعد من قريب أو بعيد، لمأساة البطالة في مصر، والتي كانت ضمن أسباب تفجر ثورة 25 يناير، وبالطبع لا يدرج المنتسبين الجدد إلى طوابير العاطلين عن العمل ضمن أولوياته الحالية، وذلك على الرغم من تاريخ جماعة "الإخوان المسلمين" الطويل وشعبيتها الجارفة التي ارتكزت طيلة سنوات حظرها على الالتحام مع الفقراء والمحتاجين والعاطلين، سواء بالمساعدات العينية، أم العلاج، أم تحفيظ القرآن، أم توفير فرص عمل لدرء شبح البطالة.
الشباب منشغل ببذل الجهد للتخفيف من حدة البطالة الجاثمة على الصدور والقاطعة للأرزاق والتي تلوح بثورة جديدة في الأفق، قد تكون ثورة جياع الطبقات الفقيرة، أو ثورة الطريق إلى الجوع بين الطبقات المتوسطة، فهم تارة يلجأون إلى التكافل، بحيث يساعد من ما زال يحتفظ بعمله آخرين ممن سبقوه إلى طابور العاطلين، أو اللجوء إلى مهن أخرى، حتى وإن كانت متطلباتها أقل من قدراتهم ومؤهلاتهم. أما الحكومة، فهي أيضاً تبذل كل ما يمكن أن تبذله من مشاركة في اجتماعات، وإصدار بيانات، والإدلاء بتصريحات، وأحدثها كان لرئيس الوزراء الدكتور هشام قنديل الذي أكد قبل أيام أن الحكومة تولي اهتماماً كبيراً لعلاج مشكلة البطالة، وأنها شكلت مجموعة وزارية للتشغيل والتدريب تهدف إلى إطلاق برامج على المدى القصير، تركز على المحافظات التي ترتفع فيها نسب الفقر.
وأسهب قنديل في شرح عمل اللجنة المنبثقة عن المجموعة الوزارية المشكلة، والمتفرعة من رئاسة الوزراء، فشرح أن مهمة اللجنة ستكون إقرار السياسات المطلوبة لتفعيل سوق العمل، بالإضافة إلى مهمة متابعة التقدم في تنفيذ البرامج، وإتاحة التمويل. وبشر قنديل الجميع بأن الهدف هو توفير 750 ألف فرصة عمل، بالإضافة إلى الآلاف غيرها من الفرص التي يتيحها الصندوق الاجتماعي للتنمية.
وبلغة الأرقام، فإن قطاع السياحة الذي كان يحوي 12 في المئة من قوة العمل استغنى عن نسبة كبيرة من العمالة نظراً للانخفاض الشديد في حركة السياحة.
وبلغة الأرقام أيضاً، وجد النظام الحالي نفسه مواجهاً بارتفاع معدلات البطالة إلى 12.6 في المئة خلال الربع الثاني من عام 2012، مرتفعة بذلك عن معدلات الفترة نفسها من العام الماضي والتي سجلت 11.8 في المئة. ويتوقع أن تصل إلى 13 في المئة في نهاية كانون أول (ديسمبر) الجاري. والمؤسف أن نسبة البطالة بين المصريين المتراوحة أعمارهم بين 25 و29 عاماً بلغت 25.3 في المئة بين الذكور و24.1 في المئة بين الإناث (النشرة الاقتصادية الصادرة عن "بنك التنمية الإفريقي").
وخارج القاعة التي تحدث فيها رئيس الوزراء عن تلك الآلاف المؤلفة من فرص العمل، يقبع ملايين الشباب الذين يعانون الأمرّين من تخبط ما بعد الثورة، وتصريحات المسؤولين التي تسير على نهج تصريحات مسؤولي ما قبل الثورة.
التعليقات
الحكمة التعمير
ع/عطاالله -؛تقفيت الكرامة حتى اندست بين سيدي عطاالله وسيدي عبد الرحمان وسيدي الهواري وسيدي الكبير فأكرمتها.نعم تسمع العين وترى الأذن لكنا جيل يتذوق بأنفه.
الحكمة التعمير
ع/عطاالله -؛تقفيت الكرامة حتى اندست بين سيدي عطاالله وسيدي عبد الرحمان وسيدي الهواري وسيدي الكبير فأكرمتها.نعم تسمع العين وترى الأذن لكنا جيل يتذوق بأنفه.
ألأسطى بديع والولد المطيع
ابو اسماعيل الهندى -اخوان عايزين يدخلوا الجنه والطريق اليها ان يساعدوا الفقراء والحل هو ان تجعل كل الشعب فقيرا علشان يعطوه الزكاه ويدخلوا الجنه. ابشركم ان مصيركم جهنم وبئس المصير على اعمال قتل الأبرياء.
ألأسطى بديع والولد المطيع
ابو اسماعيل الهندى -اخوان عايزين يدخلوا الجنه والطريق اليها ان يساعدوا الفقراء والحل هو ان تجعل كل الشعب فقيرا علشان يعطوه الزكاه ويدخلوا الجنه. ابشركم ان مصيركم جهنم وبئس المصير على اعمال قتل الأبرياء.