نيران الأزمة السورية... هل تحرق المخيمات الفلسطينية؟
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
ولعل آخر مظاهر التقدم المحرز، هو الهجوم الذي شنه الثوار يوم الجمعة الماضي على مخيم اليرموك جنوب دمشق، وتمكنهم قبل أيام فقط من دخوله بهدف إخراج عناصر فلسطينية موالية للنظام وتقاتل إلى جانبه. فرغم بقاء الفلسطينيين المقيمين في سوريا، والذين يقدر عددهم بحوالي نصف مليون خارج الصراع مع تعاطف العديد منهم مع محنة الشعب السوري، إلا أنه مع تعمق الصراع ساند معظم الفلسطينيين الثوار فيما ظلت جماعات معينة مثل "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة" مع النظام السوري. وبحلول الثلاثاء الماضي، ومع اشتداد المعارك داخل المخيم الفلسطيني الذي بدا أنه يسقط في أيدي الثوار نشرت قوات النظام دباباتها على مداخل المخيم. وفي غضون ذلك تواصلت المعارك داخل المخيم الذي يخلو من عناصر النظام، بحيث اقتصر الاقتتال بين "الجيش السوري الحر"، وعناصر "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" التي يقودها أحمد جبريل. وقد تسببت المعارك الضارية التي شهدها مخيم اليرموك في نزوح الآلاف من الفلسطينيين الذين يقطنونه، بالإضافة إلى آخرين وفدوا إليه خلال الشهور الأخيرة هرباً من العنف في مناطق سورية أخرى. وحسب مسؤولي الأمم المتحدة، يبقى الوضع الإنساني داخل المخيم متأزماً إلى حد كبير وسط الفوضى التي يغرق فيها وانعدام أساسيات الحياة، وفيما يواصل اللاجئون الفلسطينيون خروجهم من المخيم متجهين إلى مقارات منظمة غوث اللاجئين الفلسطينيين، أونروا، قرر البعض الآخر التوجه إلى مدن سورية أخرى، أو عبور الحدود إلى لبنان. وفي بيان لها، أعربت منظمة "أونروا" عن "قلقها البالغ" لما يجري في مخيم اليرموك والوضع الإنساني المتدهور، لا سيما في ظل قصف النظام واستخدام الطائرات والدبابات في المعارك، والأمر لا يقتصر على الفلسطينيين في المخيم، بل تمتد الأزمة الإنسانية إلى باقي السوريين الذين نزحوا عن ديارهم بسبب العنف المستشري، حيث أطلعت المتحدثة باسم برنامج الغذاء العالمي، "إليزابيث بايرز"، الصحفيين يوم الثلاثاء الماضي على أن 2.5 مليون سوري في حاجة ماسة إلى الغذاء فيما لا يستطيع البرنامج الوصول سوى إلى نصف ذلك العدد. وبحسب التقديرات الجديدة الصادرة عن المنظمات الدولية بلغ عدد النازحين السوريين، الذين اضطروا إلى ترك ديارهم خلال أشهر الثورة التي دامت 21 شهراً، ثلاثة ملايين سوري ليزداد الوضع سوءاً مع حلول فصل الشتاء بأمطاره الغزيرة وطقسه البارد. وتجدر الإشارة إلى أنه من بين النازحين، هناك 500 ألف تركوا البلاد وهربوا إلى الدول المجاورة سواء تركيا، أو الأردن، أو لبنان. وفيما اعتبره المراقبون تلميحاً إلى أن بقاء النظام في الحكم لإنهاء الحرب ليس شرطاً جاءت تصريحات نائب الرئيس، الشرع، خلال لقائه مع إحدى الصحف اللبنانية يوم الإثنين الماضي ليقول إن المعركة هي من أجل بقاء سوريا ووجودها، وليست مرتبطة بحياة فرد، أو نظام. هذا في الوقت الذي يبقى فيه موقف الثوار ثابتاً بضرورة خروج الأسد من السلطة، أو الموت، وإن كانت تصريحات الشرع توحي باحتمال التخلي عن الحكم لإنهاء الصراع الذي خلف أكثر من 40 ألف قتيل وفي السياق نفسه طرحت وزارة الخارجية الإيرانية يوم الأحد الماضي مبادرة لحل الأزمة السورية تحمل في طياتها رغبة في الإبقاء على علاقات جيدة مع سوريا بصرف النظر عن استمرار الأسد في السلطة، وهو ما يعتبره المراقبون تنازلا عن شرط الإصرار على بقاء الأسد في الحكم الذي تمسكت به إيران طيلة الفترة السابقة وبدء تفكيرها في المرحلة اللاحقة التي تعقب النظام، لا سيما في ظل التقدم الذي يحرزه الجيش السوري الحر على الأرض وتضييق الخناق على النظام في دمشق بعدما فقد العديد من المناطق وبات محاصراً في العاصمة. ورغم الدعم المستمر الذي تقدمه طهران، الحليفة الرئيسية لنظام الأسد، ومدها إياه بالسلاح والمال تأتي تصريحات وزارة الخارجية، التي نقلتها وكالة الأنباء الإيرانية "إيرنا"، لتوحي بأن بقاء النظام في السلطة ليس شرطاً للتوصل إلى حل سياسي، فإلى جانب دعوة الخارجية الإيرانية إلى إنهاء فوري للعنف وتسهيل عملية توزيع المساعدات الإنسانية على الشعب السوري قالت إن الحكومة "مطالبة بتنظيم انتخابات حرة وتنافسية لتشكيل برلمان جديد وكتابة دستور وعقد انتخابات رئاسية". وتتناغم، على ما يبدو، تصريحات الخارجية الإيرانية مع ما قاله الشرع من أن أحد الطرفين، النظام، أو المعارضة، لن يتمكن من حسم المعركة لوحده وحكم البلاد منفرداً، معيداً إلى الأذهان المبادرات السياسية التي طُرحت في الماضي وانصبت على إيجاد حل سياسي، تتمحور خطوطه العريضة حول اقتسام السلطة وتشكيل حكومة وحدة وطنية بصلاحيات واسعة مع بقاء الرئيس في قصره حتى موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة. لكن المعارضة تتخوف من تفريغ النظام للمبادرات السياسية من مضمونها كما فعل في السابق، هذا فضلا عن رفضها الدخول في مساومة مع نظام ولغ كثيراً في الدم السوري وبات في النزع الأخير. ينشر بترتيب خاص مع خدمتي "كريستيان ساينس مونيتور"، و"واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس"
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف