كيف يفكر الأسد؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
عبد الرحمن الراشد
فشل المشروع العربي في الأمم المتحدة هو رخصة للمزيد من القتل، هكذا استنتج الرئيس السوري. ومن صلف التحدي صار يجاهر بقصف المدن في وضح النهار، حيث هجمت قواته على مدينة حمص وغيرها، في الفجر، مع ظهور الشمس. في السابق عملياته الكبيرة كان ينفذها بعد منتصف الليل تحاشيا لكاميرات النشطاء وتقارير الإعلاميين. الآن، يشعر بثقة بعد الفيتو الروسي - الصيني في مجلس الأمن، معتقدا أنه نجا من السقوط، وبالتالي لن يواجه مصير القذافي ولن يضطر حتى للسياحة الخارجية مثل الرئيس اليمني المخلوع.
هكذا يفكر الرئيس السوري بشار الأسد، يظن أنه إذا ألقم الدول الخارجية حجرا، كما فعل عنه بالنيابة الروس والصينيون، فإنه قادر على إلجام عشرين مليونا سوريًّا. الحقيقة التي نعرفها بالأرقام تقول العكس. الحل القمعي لم يوقف الاحتجاجات، فقد بدأت بمعدل مظاهرة واحدة في الأسبوع، لتبلغ أكثر من خمسمائة مظاهرة في اليوم الواحد، كما شهدت الجمعة قبل الماضية، أي أن القمع أوقد غضب الناس في أنحاء البلاد ولم يخمده.
الأسد محاصر في قصره أكثر من أهالي بابا عمرو المستهدفين بالإبادة، فمنذ عام وهو في دمشق، يخاف أن يسافر إلى الخارج. في الداخل تحيط به صرخات شعبه، وفي الخارج تحاصره نظرات الاستنكار لأنه فاق جزار بلغراد في ذبح مواطنيه.
جربت مرة أن أنفذ إلى رأسه، كتابيا طبعا، من خلال دراسة سلوك حكمه للسنوات العشر الماضية. أجرب ثانية أحاول أن أفهمه، باستقراء عقله. فقد ثبت بما لا يدع مجالا للشك أنه الحاكم المطلق، وصاحب الكلمة الأخيرة في كل ما قيل وحدث في سوريا، على الرغم من أنه يتجنب الظهور مع العسكر ويتعمد تقديم نفسه مع الطلاب والشباب وأصحاب المظاهر البريئة.
خلال عام الأزمة اتضح أن عقله يفكر بخيار واحد، الخيار الأمني وحسب. وبناء عليه نجح في تضليل كثيرين بأنه منفتح على الأفكار الأخرى، وكثيرون صدقوه وعرضوا مساعدتهم للتوسط، مثل الأتراك في الربع الأول من العام الماضي، فأوهمهم بأنه مستعد لتغيير هيكل الحكم وممارساته. غرر بالأتراك الذين جلبوا له كراسات ونماذج مترجمة عن الحكم التركي حتى يتعلم منها، ويصوغ نظاما مرنا يحكم به من خلال آلية حزبية ديمقراطية. كان مشروعهم يحافظ له على الحكم ويفكك الأنظمة القمعية. إنما، وكما كان يحتال قديما في التملص من قضية تحقيقات اغتيال الحريري، بالتسويف، ترك الباب مفتوحا للوسطاء يوهمهم بأنه موافق، وفي الوقت نفسه يترك رجال أمنه وشبيحته يقتلون المواطنين العزل بلا رحمة.
الرفيق الإيراني، هو الوحيد الذي يثق فيه كحليف وصديق باع له روحه منذ عقد تقريبا، وبالتالي هو اليوم تحت رحمة إيران التي قد تبيعه في لحظة حسم أخيرة. أما شركاؤه، مثل الروس، فيطالبونه بتبني حل سياسي ما، وبسبب وقوفهم معه يعلمون أنهم قد يفقدون ملايين العرب والمسلمين في أنحاء العالم، فضلا عن العالم كله المتعاطف والغاضب من هول القتل وبشاعته. وهو في هذا الإطار سيفعل مع الروس، كما فعل مع الأتراك والفرنسيين ومن سبقهم، سيصغي ويقدم الوعود ولن ينفذ شيئا. للأسد طريقته في كسب الأصدقاء. سبق أن أوهم القطريين أنه معهم ضد مؤامرة سعودية، وأوهم المصريين والخليجيين بأن الأتراك يريدون إحياء الدولة العثمانية والهيمنة على المنطقة، ويوهم الآن المصريين والجزائريين بأن هناك مؤامرة غربية ضدهم، تبدأ بسوريا وفق خريطة سايكس - بيكو. ويوهم الروس بالشيء نفسه أن هناك مؤامرة على مصالحهم، في حين أن حجم العلاقات والمصالح الروسية اليوم في المشرق العربي أعظم من أيام الاتحاد السوفياتي القديم عشرات المرات، والأمر نفسه مع الصين.
البضاعة التي يروج لها هي أن هناك مؤامرة ضد بلاده من أميركا وفرنسا، لتبرير ذبح آلاف الناس الأبرياء، في حمص وحماه ودرعا، وأغلبهم لم يقابل أميركيا في حياته، ولا يوجد تحت أرضه بترول أو عروق ذهب تغري الطامع الأجنبي. هؤلاء قضيتهم ضد نظامه المتوحش الذي حكمهم بالحديد والنار أربعين عاما. ثم يتحدث مبررا جرائمه بالمأساة الفلسطينية، وأن سوريا تدفع الثمن. هذا الهراء لم يعد يقنع أحدا لكنه لن يتوقف عن اعتماده في خطب وزرائه، ومندوبيه، ووسائل إعلامه الرسمية.
بمثل هذا الخطاب التخويفي يدغدغ بارانويا كل فريق، حتى في الداخل. هكذا يعامل العلويين، والمسيحيين والدروز. يوهم كل فريق بأن الأسد هو ضمانته ضد مؤامرة سلفية أو إسلامية متطرفة.
وكما كذب على البعيدين يكذب أيضا على الأقربين، أبناء طائفته العلوية، يوهمهم بأنه لو سقط فسيتم ذبحهم من قبل السنة الموتورين والكارهين. يريد بذلك أن يبني منهم جيشا وملاذا آمنا لنفسه ورجاله عندما يسقط النظام. وممارسات قواته في الأيام الأخيرة تؤكد ذلك، تقصف الأحياء السنية في حمص من داخل الأحياء العلوية، حتى يجعل الرد مضمونا ويوقد بذلك نار الحرب الطائفية. يعتقد الأسد أنه من خلال الاحتماء العلوي يأمل غدا أن يجد الحماية الدولية لنفسه، بحجة أنه ضحية لحرب السنة الطائفيين ضده. نعم، الأسد هو من سيطلب غدا الحماية الدولية لطائفته، حماية لنفسه، بعد أن يكون قد ورطها، عن سابق تخطيط، لتكون رغما عنها طرفا في حرب أهلية.
التعليقات
مجلس الأمن
تحصيل حاصل -الفيتو الروسي الصيني ليس نهاية المطاف . اذا كانت أمريكا جادة حقا في السير في عملية تغيير النظام في سوريا فهي ليست بحاجة الى قرارات مجلس الأمن .... هل طلبت أمريكا موافقة روسيا والصين ومجلس الأمن عندما دك طيرانها معاقل الصرب (حلفاء روسيا) في حرب البوسنة ..؟؟!. وهل طلبت روسيا اذن مجلس الأمن وموافقة أمريكا عندما غزت قواتها أفغانستان ..؟؟!. وهل ذهيت اسرائيل الى مجلس الأمن قبل أن تقصف طائراتها الموقع النووي السوري وندمره ..؟؟!. وهل , وهل , وهلات أخرى عديدة ..!!.
شكرا
نون الف -مقال دقيق وفي الصميم.
مجلس الأمن
تحصيل حاصل -الفيتو الروسي الصيني ليس نهاية المطاف . اذا كانت أمريكا جادة حقا في السير في عملية تغيير النظام في سوريا فهي ليست بحاجة الى قرارات مجلس الأمن .... هل طلبت أمريكا موافقة روسيا والصين ومجلس الأمن عندما دك طيرانها معاقل الصرب (حلفاء روسيا) في حرب البوسنة ..؟؟!. وهل طلبت روسيا اذن مجلس الأمن وموافقة أمريكا عندما غزت قواتها أفغانستان ..؟؟!. وهل ذهيت اسرائيل الى مجلس الأمن قبل أن تقصف طائراتها الموقع النووي السوري وندمره ..؟؟!. وهل , وهل , وهلات أخرى عديدة ..!!.
ليس اكثر من سبعه اسباب
عبدالله العثامنه -الرئيس السوري يفكر بطريقة ابيه وهي 1- انها فرصه تاريخيه للأخذ بالثأر من عموم الشعب السوري الذي اذل الطائفه العلويه (بزعمهم) لمدة الف عام وجاء الوقت للأخذ بالثار 2- ان الحكم العلوي سابقه لم تتحقق طوال التاريخ وان ذهبت من ايديهم فأنها لن تعود الى الأبد ومن هنا يأتي التشبث بالحكم 3- يتمسك بشار بالكرسي اعتقادا منه ان ما دامت اسرائيل على قيد الحياة فأن الحكم العلوي على قيد الحياة 4- يأتي التشبث بالكرسي اعتقادا من بشار وزمرته ان الدول العربيه وشعوبها(الخليج خصوصا) هم مجموعه من الأعراب الجفاة الغير متحضرين!! ويجب البقاء في الكرسي السوري لتأديبهم وابتزازهم 5- (العامل المادي) فلم تعرف الطائفه العلويه بحبوحة من العيش مثل البحبوحه التي ينعمون بها الأن بسبب(السرقات والأستئثار بالمناصب) واذا ذهب الحكم العلوي فأن الطائفه ستعود في اسفل ذيل القائمه السوريه اقتصاديا 6- يعتقد بشار ان زواله نذيرا لزوال الطوائف في المنطقه وهذا الأعتقاد يشاركه فيه كل الطائفيون الذين ابرزتهم اسرائيل واركبتهم على اكتاف الغالبيه ومن هنا يأتي دعمهم اللا محدود 7- يعتقد بشار انه ان ترك كرسي الحكم فأنه سيقتل عاجلا ام اجلا حتى لو فر الى اخر الدنيا لذلك فهو باقي حتى اللحظه الأخيره. فكل ما تراه من مناورات بشار هي فعلا مناورات ما دامت تحكمه تلك العوامل السبعه.
والحكام الآخرون
عادل -تمنيت لو أن الكاتب دخل إلى عقول حكام الدول الخليجية ليستقرأ لنا الطريقة التي يفكرون بها، كما فعل مع بشار الأسد.. لقد تآمروا على العراق وساهموا في غزوه واحتلاله واستلمته منهم إيران في طبق من ذهب، فكيف يفكر هؤلاء في ضوء ما حصل لهم في العراق؟
الاسد معادي للفكر
ابارويا -السؤال بجب ان بكون: هل بفكر الاسد؟الاجابة: لا. لاانه لو فكر قليلا لما وصلت سوريا الى ما هي فيه الان. هذا الشخص ورث الحكم عن ابيه السفاح دون ان يكون مؤهل لذلك وبدون انتخابات على الاطلاق وقد صبر الشعب السوري عليه 11 سنة والان فقدالشرعيةوالثقة من الداخل والخارج منذ ان قتل الاطفال واطلق اول رصاصة لصدور المتظاهرين السلميين في درعا. لذا مصيره المحتوم هو في مزبلة التاريخ
كيف
شامي و افتخر -السؤال الحقيقي هو كيف تفكر انيسه مخلوف فهي القائد الحقيقي للنظام
لاعقل له !!
sam -العنوان الذي وضعه الكاتب خطأ من الأساس ! لأن الذي يفكر هو الإنسان ، وبشار ابن أنيسة ليس بإنسان , لأنه يقتل ويذبح ويعذب مئات الألوف ويشرد ويهجر الشعب السوري دون رادع ولاوازع . المخلوق البشري يحمل في نفسه الرحمة والمحبة ويجنح إلى السلام ويحب الحياة له ولغيره ، أما هذا المجرم الساقط فلا يعرف شيئاً عن الحرية والكرامة ولايطيق سماعها ويرتجف عندما يسمع الشعب يصدح بالتحرر من الطغيان ، لأن في أعماقة العبودية والذل .
الحرب الخاسرة
رجاء -تم إجراء استفتاء شعبي في سورية بتمويل قطري، وأوردت الصحافة الإنجليزية نتائج هذا الاستفاء الذي قال فيه أكثر من 55 في المائة من السوريين إنهم في الوقت الراهن مع استمرار بشار الأسد رئيسا للدولة السورية، ونحن نرى بأم أعيننا أن مئات الآلاف من السوريين يخرجون للتظاهر في شوارع المدن السورية دعما للرئيس السوري وللإصلاحات التي يقترحها، كما أن أكبر تجمعين حضريين في سورية ألا هما دمشق وحلب لم تخرج فيها ولو مظاهرة واحدة تساند ما يسمى بالمعارضة السورية، يضاف إلى هذا أن بشار الأسد يحظى بدعم من روسيا والصين والهند وجنوب إفريقيا نيابة عن كل المنتظم الإفريقي، كما تدعمه أغلب دول أمريكا الجنوبية بما في ذلك البرازيل وكل الشعوب العربية والإسلامية الرافضة للهيمنة الأمريكية على المنطقة.. إذا كان رئيس بكل هذا الزخم الشعبي والدولي، فأين هي العزلة التي يتحدث الراشد على أن الرئيس السوري يعاني منها؟ يوجد في سورية شرذمة من المتطرفين المسلحين الذين استولوا على بعض الأحياء في مدينة حمص وفي الزبداني، ولقد تحرك الجيش السوري بغطاء روسي واضح لتطهير هذه الأحياء من هؤلاء السلفيين المتشددين وستعود الحياة إلى مجراها الطبيعي. الوقائع الذاهبة صوب هذا الاتجاه تجعل النوم يطير من عيني عبدالرحمان الراشد، ولذلك يبادر لكتابة مقالاته التي تنطوي كلها على تحامل فاضح على الرئيس بشار الأسد الذي تعذر على دول النفط العربي شراءه وتدجينه بالبترودولار، فشنوا عليه، بمعية أمريكا وأروبا وإسرائيل، حربا لا هوادة فيها. ولكنهم كما خسروا حربهم التي شنوها على العراق وعلى لبنان وغزة، فإنهم لا محالة سيخسرون الحرب المشنونة على سورية. وسيخرج الرئيس السوري من هذه الحرب منتصرا مظفرا وبطلا قوميا عزيزا مكرما..
يجب اختراع طريقة
كامل -لا بد من اختراع اداة تسمح للدول في التدخل في سوريا لانقاذ الشعب المسكين من القتل البارد ويجب بناء عليه التشريع لاي طريقة تسمح بانهاء حكم بشار وثم سجنه ومعاقبته على الجرائم ضد البشرية وثم اعدامه في ساحة المرجة على ان يتم ذلك بدون حوار عقيم واخذ موافقات ومماطلات بروتوكلية ورسمية بطيئة قاتلة
الى رجاء
نظام الأسد الى زوال -يا رجاء , يبدو لي من تعليقك أنك ساذجة وعلى نياتك . هل تعتقدين أن مسؤولي الاحصاء عندما يتصلون تلفونيا باحد السوريين أو يسألونه شخصيا عن رأيه في النظام سيعطيه رايا سلبيا , أم سيعتقد أنه أحد عناصر المخابرات ينصب له فخا ليعتقله ..؟؟. وهل عندك شك أن رجال النظام يقودون الموظفين الحكوميين كالقطيع تحت طائلة التهديد ليشاركوا رغما عنهم في مظاهرات التأييد ..!!!