جريدة الجرائد

علي فرزات: كي تكون حراً ...يجب أن يكون الآخر حراً

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

باريس - سمية العظم


كرّمت فرنسا الرسام الكاريكاتوري السوري علي فرزات رداً على الاعتداء الذي تعرض له في دمشق على ايدي "الشبيحة" ودخل على اثره المستشفى. لكن هذا الاعتداء لم يزده إلا عناداً وإصرارا على خوض معركة الحرية التي كان واحداً من رموزها عبر ريشته الجريئة والصادقة. هو ابن سورية التي تعيش في داخله، سورية الماضي والمستقبل... هنا حوار معه أجري خارج الوطن الذي غادره بعد حادثة الاعتداء.


gt; بالإشارة إلى ما يحدث في سورية اليوم، كيف ترى مساهمتك في صحوة مجتمع كان نائماً وخائفاً وفي إزالة الخوف عنه؟


- لم تكن مساهمتي في صحوة المجتمع وليدة لحظة الانتفاضة، فأنا - كفنان كاريكاتور - كنت انتظر ما يجري الآن وأرى ما يحدث قبل وقوعه بسنين. كنت أتوقع سقوط صدام حسين ونظامه في فترة مبكرة، كما أني تلمست رياح التغيير القادمة قبل ولادة الربيع العربي بمدة ليست بالقصيرة.

ومع احترامي للجميع، لا يمكن أحداً أن يزايد عليّ وعلي دوري كمواطن وفنان في كسر حاجز الخوف، فقد تناولت في أعمالي الفساد ورموزه بأسمائهم المعروفة وشخوصهم منذ البداية، ورسالتي كانت واضحة جداً، فالربيع العربي لا يحتمل الرمزية، بل علينا أن نلبسه اللباس الميداني الذي يتماشى مع واقع الانتفاضات. وقد دفعت ثــــمن موقـــفي الصريح هذا، لكن محبة الناس ومشاعرهم الطيبة التي عبروا عنها بعد الاعتداء عليّ أنستني ألمي وزادت فيّ الأمل والإصرار على موقفي، لا سيما بعدما استطاع هذا التواصل الاجتماعي الحديث أن يخترق الجدران العازلة لتصل الرسائل والمعـــلومة إلى داخل كل بيت. وأرفع لمن أسس هذه التكنولوجيا القبعة، وأضع "الثورة التكنولوجية" في صدارة الإنجازات الحضارءة.


gt; هل لديك ضغينة أو شعور بالغضب جراء الاعتداء عليك أم أنه زاد من عزيمتك في الاستمرار؟


- الفنان يتوهج بالألم والأمل ويصدأ بالحقد، والحرية تستلزم روحاً شفافة لدى الفنان، أما الحقد فيجعل منه شبيهاً بخصمه.


gt; بعد حادثة الاعتداء عليك انتشرت صور كاريكاتورية من زملائك حول العالم لدعمك ولفضح خوف النظام من ريشتك، ما يؤكد نجاح رسالتك عالمياً، فما سر هذا النجاح؟ هل هي طريقة رسمك أم الفكرة التي تحملها الرسمة؟
- الاثنتان معاً، فالفن شكل ومضمون في آن واحد، الشكل أشبه بالمظروف، والمضمون هو الرسالة بداخله.


gt; ما أهداف رسومك؟ أهي تحريضية أم ذات رسالة؟


- أهداف رسومي تحريضية ضد الظواهر الخاطئة الراسخة في أذهاننا الدنيوية والدينية، وكل أشكال القمع، ولا اختلاف هنا بين أي شكل من أشكال القمع.


لا أحب أن يقسم لي أحد حياتي فرسالتي صادقة، والصدق يتأتى من التجربة، فأنا أنغمس كما أغمس بـ "أكلة الفتة"، وأفكاري تأتي من خلال مشاعري والتفاعل معها، ويمكنني أن أشبه حياتي بالشجرة، الناس غصونها، والأفكار أوراقها، والطموح جذعها، وأنا أنتج الثمرة.

رسالة مزدوجة


gt; ماذا تعني لك كلمة "الحرية"؟


- "الحرية" هي ممارسة حمل رسالة لك ولغيرك، تفاعل مع الناس والحياة، جوهرها أن تجاهر بالحق والعدالة. ولكي تكون حراً يجب أن يكون الآخر حراً، وبذلك تصل إلى ما يشبه الكمال. فالحرية ليست مكسباً شخصياً، وعليّ أن أناضل من أجل الآخر لأنال حريتي. هي مسؤولية أخلاقية، مسؤولية صعبة ولها فواتيرها وضرائبها. وللأسف فإن هناك بعض الناس ينتظرون الآخرين ليدفعوا ضريبة الحرية ثم يسرقونها. وكما قيل فإن الثورة يحلم بها الحالمون وينفذها الشجعان ويسرقها الأوغاد.


لا أريد للتضحيات التي يقدمها الشباب لنيل الحرية أن تُستغل وتُستخدم كحصان طروادة من جماعات أخرى للوصول إلى أهداف سلطوية، كما أنني أرفض أن يستغل الدين في ركب العفوية الثورية، فأنا إنسان مؤمن، ولكن هذا الأمر بيني وبين خالقي، والحرية هبة غالية وعظيمة من عند الله. ومن حقي أن يُسمع صوتي وتُصان حريتي في هذه الحياة، ولكي أنال ذلك علي أن أقرن سلوكي بالفكر وأعتبر أن هذا أمر أخلاقي.


gt; ما رأيك في تطورات الانتفاضة الآن؟


- كإنسان أنا ضد الديكتاتورية، وكمواطن سوري من دون أي تصنيف آخر أقول إننا طوال تاريخنا كنا نعيش بعضنا مع بعض من دون أن نسأل عن ديانتنا أو انتمائنا حتى مع المقربين من الأصدقاء والزملاء. كنت أسكن مثلاً مع أصدقاء لمدة سبعة سنين من دون أن أعرف إن كان أحدهم علوياً والثاني مسيحياً. جاءت التسميات والتصنيفات مع حكم حزب البعث، وقبل ذلك عندما تسلم فارس الخوري - وهو المسيحي - وزارة الأوقاف في الأربعينات. لكن النظام لم ينجح في التفرقة بين السوريين، والانتفاضة تسحب البساط من تحت أرجلهم، واتضح ذلك من خلال تسميات أيام الجمعة، كتسمية الجمعة العظيمة تضامناً مع المسيحيين وجمعة صالح العلي تضامناً مع العلويين، وجمعة آزادي تضامناً مع الأكراد. لقد أخجلني هذا الشعب العظيم وأخجل ثقافتي بصوته الوطني المخلص، ففي أصوات هؤلاء الشباب هدير من الوطنية ولا نريد أن يكون موتهم سدى.


gt; كيف تنظر إلى مستقبل سورية؟


- الأمور تسير في اتجاهها الصحيح في سورية، ظلم منتفض يمشي في شوارعها، نريد أن يُسمع هذا النبض الحقيقي الوطني والأخلاقي، نريد أن نبني وطننا على أسس صحيحة، لأنه لا يصح إلا الصحيح. ولن نقبل بالمساواة بين الضحية والجلاد، ولتأسيس سورية المستقبل يجب أن يتطابق فكرنا مع سلوكنا، وإذا كان منهجنا صحيحاً منذ البداية فستكون النتيجة سليمة.


gt; التكريم الذي حصلت عليه أخيراً في فرنسا هو تكريم لنا نحن السوريين والعرب، لأننا نعتبرك جزءاً من ثقافتنا اليومية. كيف تلقيت هذا التكريم؟


- اعتبر أن التكريم جاء نتيجةً لتعبيري عن أحلام الإنسان السوري والعربي الذي أتكلم عنه، أنا ضميركم وأنتم ضميري، وقد وهبني الله الموهبة لأعبر بها عن نفسي وعنكم، فأنا أعتبر عملي عملاً إنسانياً مشتركاً بيني وبين الناس، وهذا التكريم لكم ولي في آن.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
خميرة الثورة
محمد السوري -

تحية للفنان الإنسان علي فرزات ,منذ زمن طويل انغرست كلماتك ولوحاتك في لأعماقنا وأشعلت شرارة الانطلاق في نفوسنا , فأنت القائل ( علينا أولا أن نتخلص من الشرطي في داخل كل منا ومن ثم نتخلص من الشرطي في الخارج ) , أما لوحاتك البسيطة التفاصيل العميقة التعبير فكانت خميرة عجينة الثورة , والشعوب لا تنسى رموزها ولا يمكن للتاريخ إلا أن يكتب صانعيه ويحتفي بهم عاجلا أو أجلا ,أما الطغاة فليسوا في حياة الشعوب سوى الأمثلة السيئة التي سنظل نلعنها ونحاربها بكل خلجات نفوسنا وملكات أرواحنا لتصبح الحياة أطهر وأجمل والإنسانية أرفع وانقى .

خوف الشبيحة من ريشتك،
سليمان -

ريشتك علي فرزات تكريم لنا نحن السوريين والعرب.

الأجمل
أنس -

أجمل ما ورد في كلام علي فرزات في هذا الحوار هو قوله: ( الفنان يتوهج بالألم والأمل ويصدأ بالحقد، والحرية تستلزم روحاً شفافة لدى الفنان، أما الحقد فيجعل منه شبيهاً بخصمه). وأيضا قوله: ( الثورة يحلم بها الحالمون وينفذها الشجعان ويسرقها الأوغاد).

فرزات مراسل الفورجية
الهدهد الشامي -

هل تعلمون أن علي فرزات هو من أطلق من على صفحته إشاعة إغلاق مطار دمشق الدولي من قبل الجيش الكر؟؟؟ هل تعلمون أن فرزات يدعو عبر صفحته بالفيسبوك إلى تفجير خطوط الإتصال (المتعلقة بالأنترنت والألياف الضوئية) بين المرافق الحكومية وقطعات الجيش ووضع تفاصيل وأماكن وجودها على صفحته ومنها مطار تفتناز العسكري !!

الهدهد الشامي
النسر الدمشقي -

لم يبق لدينا إلاّ المدعو الهدهد الشامي، الشبيح بامتياز ليعلّق على رسّام عالمي حرّ بحجم علي فرزاتياصديقي دعك من هذه الهامات المرتفعة جداً بالنسبة لك وابق في خندقك مع عصابة الأسد المجرمة والقاتلة، إبقَ عبداً لبشار، اسجد له مع الساجدين وهنيئاً لك في مقام العبودية، واسمع وأطع فليس للعبيد إلاّ السمع والطاعة، أما الثورة فهي شأن الأحرار.