صحافة اميركية : السوريون والخذلان..لم تعد الخطابات تفيدهم
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
إيريكا سولومون
واصـل الجيش السـوري قصفـه لحـي بابا عمرو بمدينة حمص للأسبوع الرابع على التوالي يوم السبت الماضي فيما يحاول الصليب الأحمر إجلاء المدنيين العالقين في المدينة وإبعادهم عن الخطر. وحسب آخر حصيلة نقلها المرصد السوري لحقوق الإنسان يوم السبت الفائت، سقط في مدينة حمص المحاصرة ما لا يقل عن تسعة قتلى، فيما أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية، "سانا"، مقتل 18 عنصراً من أفراد الأمن على يد "الجماعات الإرهابية المسلحة" في كل من حمص ودرعا وإدلب وريف دمشق.
وفي أول ردود فعلهم على مؤتمر "أصدقاء سوريا" الذي عُقد في تونس السبت الماضي، اعتبر نشطاء المعارضة السوريون بأن العالم قد تخلى عنهم وتركهم لمصيرهم، منددين بالنتائج الهزيلة، حسب قولهم، للمؤتمر.
وفي هذا الصدد قال نذير حسيني، الناشط من حي بابا عمرو "إن القادة الدوليين يواصلون إعطاء الفرصة تلو الفرصة لنظام الأسد كي يضيف إلى الآلاف من القتلى الذين سقطوا على أيدي قواته"، وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر قد أعلنت عن استئناف المفاوضات بين قوات النظام والمعارضة للسماح لهم بالدخول إلى الحي لإجلاء المدنيين والمصابين، لكن حسيني قال إن الأهالي يرتابون في الشريك المحلي للصليب الأحمر متمثلًا في الهلال الأحمر السوري، مشيراً إلى أنهم لا يريدون العمل مع منظمة تعمل تحت سلطة النظام.
غير أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر نفت أن يكون الهلال الأحمر منضوياً تحت لواء النظام، مشددة على أنه منظمة مستقلة، وبأن متطوعيه يخاطرون بحياتهم لمساعدة الجميع دون استثناء، فوفقاً للصليب الأحمر تمكن الهلال الأحمر السوري يوم الجمعة الماضي من إجلاء 27 شخصاً من الحي المحاصر، وإنْ كان الجميع ما زال ينتظر إخراج أربعة صحفيين غربيين جُرح اثنان منهم في هجمات سابقة قتلت صحفيين آخرين يوم الأربعاء المنصرم وما زالت جثثهم في الحي.
ووصف الناشطون في حمص المدينة التي تضم 800 ألف نسمة وتقع على مفترق طرق مهم يربط دمشق بحلب والساحل بالداخل السوري ما جرى في مؤتمر أصدقاء سوريا يوم الجمعة الفائت بأنه فشل ذريع للجهود الدولية وبأنه لن يساعدهم في شيء، وهو ما عبر عنه الناشط وليد فارس من بيروت قائلاً: "لا أهتم كثيراً بمؤتمر تونس، كل ما يهمني اليوم هو تأمين المساعدة لعائلتي المحاصرة في حمص"، مضيفاً أن "الحسابات السياسية ليست هي حسابات الثوار في الميدان"، وقد أظهر شريط فيديو حمّله الناشطون على الإنترنت من حي الخالدية بحمص خروج مجموعة من الأهالي لتشييع أحد القتلى وهم يصرخون "نقسم بالله لن نصمت على شهدائنا". وفي الخلفية ظهرت أعمدة الدخان المتصاعدة من البنايات التي يقول النشطاء إنها تعرضت لقصف قوات النظام السوري.
ويضيف الناشط حسيني أن المدنيين يمرون بأوقات حرجة للغاية في حي بابا عمرو وأن "المئات من الجرحى متكدسون في البيوت، والناس يموتون لعدم توافر كميات مناسبة من الدم ولا نستطيع معالجتهم". وكان يُفترض بمؤتمر أصدقاء سوريا المعقود في تونس أن يصعد الضغط الدبلوماسي على النظام السوري علَّه يوقف آلة القتل ضد الشعب الذي خرج لمناهضة حكمه المستمر لأحد عشر عاماً قضاها في السلطة. وأكدت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، في كلمتها أمام المؤتمر على أن الأسد سيُحاسب على إراقته للدماء، كما انتقدت بشدة روسيا والصين اللتين عطلتا قرارين أمميين ضد سوريا، لكن بالنسبة للعديد من السوريين الذين يعانون يومياً من القتل لم تعد الخطابات تجدي نفعاً، ففي بلدة الزبداني المضطربة عبر أحد الأطباء عن تخوفه قائلاً "إني مرعوب من أنه بعد كل هذه الجهود قد ينتهي بنا الأمر إلى ما يشبه حماة في 1982 بحيث سنقتل جميعاً فيما العالم ينتظر ويتفرج".
وكان والد الأسد قد سحق انتفاضة مسلحة قام بها إسلاميون في مدينة حماة قبل ثلاثين عاماً، ما أدى إلى قتل عشرات الآلاف من المدنيين، ومحو أجزاء بأكملها من المدينة.
ويتابع الطبيب الذي طلب عدم الكشف عن هويته أن سكان الزبداني "يشعرون بالاستياء إزاء ما تمخض عنه مؤتمر أصدقاء سوريا، نحن نريدهم أن يسلحوا الثورة، لا أفهم ماذا ينتظرون، هل يريدون رؤية نصف سكان سوريا مقتولين؟". ويبدو أن جميع الجهود الدبلوماسية التي تبذلها الدول العربية ومعها الدول الغربية تراوح مكانها في ظل المواقف الصينية والروسية المعارضة للتدخل في الشؤون الداخلية لسوريا، وهما الدولتان اللتان تغيبتا أيضاً عن حضور مؤتمر أصدقاء سوريا في تونس، وسبق لهما أن شددا على رفضهما التدخل العسكري في سوريا.
ومن جانبها نفت إيران التي تعتبر الحليف الأوثق لدمشق ما تناقله بعض المسؤولين الغربيين من إرسالها سلاحاً إلى سوريا لمساعدة النظام على قمع المظاهرات، وهو ما ردت عليه وكالة الطلبة الإيرانية نقلاً عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، "رامين مهمانباراسات"، قائلًا "إن موقف إيران إزاء سوريا هو دعم الإصلاحات التي يستفيد منها الشعب ومعارضة أي تدخل في الشؤون الداخلية للبلد".
لكن رغم العنف المستشري واستمرار إراقة الدماء في عدد من المدن السورية قام "الأسد" بتنظيم استفتاء يوم الأحد الماضي للتصويت على دستور جديد يقول إنه سيمهد الطريق أمام انتخابات برلمانية تعددية خلال ثلاثة أشهر، وهو ما ردت عليه المعارضة بمطالبة السوريين بمقاطعة التصويت، مصرة على ضرورة تنحي النظام، كما أن وزير الخارجية التركي، أحمد داوود أوغلو، تساءل كيف يمكن لاستفتاء أن يعقد وسط العنف، قائلاً في مؤتمر صحفي عقده في إسطنبول "من جهة يقول الأسد إنه ينظم استفتاء على الدستور، ومن جهة أخرى يواصل قصف المناطق المدنية بالدبابات.
محللة سياسية أميركية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة
"كريستيان ساينس مونيتور"