في جمعة "تسليح الجيش الحر"
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
علي حماده
بعد مقاومة بطولية دامت شهورا طويلة، كانت آخرها وأصعبها الايام الـ28 الاخيرة حيث اندفعت الآلة العسكرية الضخمة للنظام في سوريا لتسحق وتحرق كل ما كان في باباعمرو، سقط الحي ولم تسقط معه الثورة، ولا "الجيش السوري الحر" الذي استبسل حتى اللحظة الاخيرة وانسحب بمعظم رجاله بعدما امن خروج غالبية السكان، والناشطين والصحافيين الاجانب الى اماكن اكثر امانا.
واللافت ان "الجيش الحر" تمكن حتى في الساعات الاخيرة قبل سقوط بابا عمرو من تأمين انتقال الصحافيين الاجانب المصابين عابرا بهم خطوط جيش النظام الى لبنان. ويدل هذا على قدرة الجيش الحر على التحرك، وعلى مدى ارتقائه المعنوي والاخلاقي حيث اثبت ان المنطقة لم تسقط بيد بشار اسد بل ان انسحاب المقاتلين مكّن قواته من الدخول اليها. ومن المفيد ان نتابع في الايام المقبلة الشهادات التي سيدلي بها الصحافيون الذين وصلوا الى بلادهم حول حقيقة الجرائم التي ارتكبها جيش النظام في سوريا في حمص ولا سيما في حي باباعمرو.هؤلاء سيكونون سفراء الثورة السورية، وسفراء الجيش السوري الحر وكتيبة الفاروق التي تشبه الى حد بعيد العديد من كتائب "الجيش الحر" المنتشرة في طول البلاد وعرضها. خرج "الجيش السوري الحر" من معركة باباعمرو كبيرا، لا بل كبيرا جدا حيث اثبت انه تحول خلال بضعة شهور قوة يعتد بها على ارض سوريا الثائرة.
و اذا كان من اهمية استثنائية لمعركة باباعمرو، فإنها تتمثل في ترسيخها فكرة تسليح المعارضة بعدما ثبت ان التعامل مع النظام لا يمكن ان يستمر سلميا في ظل تفاقم القتل المنظم والجرائم الجماعية التي يرتكبها النظام في حق الشعب السوري. ومن هنا فقد رافقت معركة باباعمرو حركة ناشطة عربيا عكست اقتناعا بأن زمن الحوار مع النظام انتهى. وتجلى ذلك في التصريحات القوية التي ادلى كل من وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل ورئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم في "مؤتمر اصدقاء سوريا" في تونس. وما مبادرة "المجلس الوطني السوري" قبل ايام الى تشكيل مكتب عسكري لتنسيق المقاومة المسلحة في وجه النظام سوى تأكيد على ان المرحلة المقبلة ستكون مرحلة عسكرة الثورة، بدءا بتسليح القوة الاساسية على الارض اي "الجيش السوري الحر".
لقد اثبتت الوقائع على الارض انه في غياب تدخل عسكري خارجي في سوريا لن يكون في الامكان اسقاط النظام بالحراك السلمي وحده ولا سيما عندما يواجه نظام ثورة سلمية بالمدفعية والدبابات. والسؤال هنا كيف سيتم تسليح "الجيش الحر"؟ ووفق اي معايير؟ وضمن اي افق زمني؟
ايا يكن من امر فإن تسليح "الجيش الحر" صار حتميا، واندفاعه في اتجاه تحويل الثورة السلمية حرب تحرير صار مسألة وقت فقط. ومن هنا يصح ان يطلق منذ الآن على الثورة السورية وصف حرب التحرير الوطني. فلا سوريا حرة ما لم يسقط النظام طوعا او كرها!