لن تضحكوا علينا مرة أخرى!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
إياد الدليمي
تبجّحالبعض ممن يعتقدون أنهم يحتكرون الثقافة حتى الحقيقة، بين وقت وآخر، بمقالات وانتقادات للثورات العربية، مصنفين إياها على أنها ثورات الناتو تارة وأميركا وفرنسا تارة أخرى، مهددين الشعوب الثائرة بكلمات نارية، بأنها سوف تندم، بعد أن تبصر حقيقة ما تقوم به.
بل إن بعض البعض من هؤلاء المتثقفين، يهاجمون أصحاب المواقف، من زملائهم، ممن انضموا إلى صفوف الثوار، معتبرين إياهم قد غلّبوا عاطفتهم على عقلانيتهم.. دون أن أجد أي تفسير لمثقف حالم يعيش الرومانسية الكتابية ونرجسية المثقف والمبدع، ولا يؤمن بالعواطف والأحلام، ولا يؤمن بأن للشعوب الحق في أن تثور!
لقد ضحكوا علينا طويلا، أصحاب القبعة المائلة والسيجارة والكلمة، ونظروا طويلا وهم يتغنون بماركس ويتغنون بشيوعيتهم الملهمة، خدعونا طويلا عندما حدثونا عن مناصرتهم للشعوب المقهورة بوجه الإمبريالية والرأسمالية، عندما دبّجوا الأشعار والكلمات عن الإنسان الثوري، وعندما ثار هذا الإنسان الذي قبع لعقود طويلة تحت سلطة القهر والاستبداد، انقلبوا عليه واتهموه بأنه يساق من قبل قوى الإمبريالية.. مدافعين عن أنظمة عفنة قذرة، أقل ما يقال عنها إنها وحشية.
لقد انتصرت إرادة الشعوب، وسوف تنتصر، في تونس وليبيا ومصر واليمن وأيضا في سوريا، نعم هناك مشاكل، مشاكل تركة ثقيلة خلفتها أنظمة القهر والاستبداد، ولكن مع ذلك سوف تنتصر إرادة الشعوب.
أولئك الذين يهاجمون زملاء الأمس لأنهم انتصروا لثورة سوريا، لم نسمع منهم موقفا على احتلال أميركا للعراق؟! لم نسمع منهم كلمة إدانة للحكومات التي تعاقبت على العراق في ظل الاحتلال، وهي التي أذاقت العراقيين الويلات والدمار وخلفت لهم التشريد والإذلال؟!
تعيش الشعوب العربية اليوم، تاريخها ومستقبلها، تعيش لهفتها المغموسة بالدم من أجل حريتها التي طال انتظارها، تعيش أوج عظمتها التي فارقتها عقودا طويلة، منذ أن تسيدت مشهد عالمنا العربي ثلة من قيادات ديكتاتورية متسلطة، مصحوبة بثلة من مثقفين يطبلون لهم ويجملون قبيح فعلتهم.
لا نريد منكم اليوم أن تساندوا ثورة الشعب السوري، فقط نريد منكم أن تسدوا أفواهكم، فلقد مللنا سماع نصائحكم، مللنا سماع كلماتكم التي تمهرونها بالدم السوري الطاهر الذي يسفكه نظام الأسد! مللنا سماع تلك التهويمات التي تهاجمون بها كل كاتب حر ارتضى أن يكون في صف الحلم، في صف الثورة التي آمن بها وانتظرها طويلا.
وهنا أسأل ذاك الذي يطل علينا بين وقت وآخر بمقال يتفلسف به برؤيته للثورة السورية: هل يعقل ألا ينتصر الإنسان بداخلك؟ هل يعقل أن تستشهد بما تشاهده على قناة "الدنيا"؟ هل يعقل أن تتحدث عن فبركات الآخرين للثورة السورية؟!!
أين فكرك الحر إذًا؟ أين نظرية "إني أشك إذا أنا موجود" التي طالما كانت تساير كل كتاباتك؟!!
وهل يعقل أنك تصدق قناة "الدنيا" السورية وتكذب كل قنوات العالم؟ هل يعقل أن تنضم إلى جوقة النظام الأسدي وهو يردد أن ما يتعرض له هو مؤامرة "كونية"؟!!
لن تضحكوا علينا مرة أخرى، فلقد سئمناكم وسئمنا ظهوركم، وسئمنا خوفكم على عروشكم، فأنتم كما أولئك القابعين على صدور الشعوب، من ديكتاتوريين وأنظمة، أنتم أيضا تقبعون على صدور فكر الشعوب، بل أنتم أشد خطر من كل أنظمة القمع العربية.
أيها الشيوعي الأخير.. راجع نفسك، وانتصر للإنسان في داخلك، انتصر للدم الذي يراق كل لحظة في أرض الشام، انتصر للحرية، انتصر لكرامة الإنسان، انتصر لهم، ليس من أجلهم ولكن فقط من أجل تاريخك.