جريدة الجرائد

اختبار "القبة الحديدية" أم "حماس"؟

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

عصام نعمان

كثرة في ldquo;إسرائيلrdquo; تساءلت عن الدافع إلى اغتيال قائد ldquo;لجان المقاومة الشعبيةrdquo; في غزة زهير القيسي؟

الجواب الرسمي جاء من بنيامين نتنياهو: ldquo;لأنه كان يخطط لارتكاب اعتداء ldquo;إرهابيrdquo; يستهدف منطقة الحدود الجنوبية مع مصر، لكن مقتله شوّش التخطيط للاعتداء المذكورrdquo; .

نتنياهو كان استبق جريمته بإصدار أوامر تقضي بإغلاق الطريق على طول منطقة الحدود مع مصر تحسباً، كما زعم، من احتمال شن عمليات إرهابية انطلاقاً من تلك المنطقة . لكن أياماً عدة مضت من دون أن يحدث أي ldquo;اعتداء إرهابيrdquo;، لا في منطقة الحدود ولا في غيرها . ذلك دفع بعض المحللين والمعلقين والمراقبين ldquo;الإسرائيليينrdquo; إلى الظن بوجود دافع آخر لاغتيال القيسي، كما دفع بعضهم الآخر إلى التساؤل عمّا إذا كانت تكلفة ldquo;الاعتداء الإرهابيrdquo; المزعوم أكبر من تكلفة الأيام الأربعة لتساقط الصواريخ الفلسطينية على مستوطنات النقب المحتل .

قيل إن الدافع هو اختبار ldquo;حماسrdquo; . فقادة ldquo;إسرائيلrdquo; السياسون كما العسكريون كانوا يعلمون أن فصائل المقاومة سترد بالتأكيد على عملية اغتيال القيسي، لكنهم أرادوا معرفة ردة فعل ldquo;حماسrdquo; تحديداً كونها صاحبة السلطة في قطاع غزة، وrdquo;راعيةrdquo; سياسة التهدئة الظرفية من جهة، ومن جهة أخرى لمعاناتها مخاضاً داخلياً بعد اضطرار قادتها إلى مغادرة دمشق والبحث عن مقر بديل . ldquo;حماسrdquo; لم تشاطر سائر الفصائل ردودها الصاروخية على العدوان، وإن كانت امتنعت عن ردعهم أو حثهم على تجنّب الرد .

قيل إن الدافع هو ldquo;تأديبrdquo; حركة ldquo;الجهاد الإسلاميrdquo; التي باتت حليف إيران الأول في غزة، وأن ldquo;إسرائيلrdquo; تريد اختبار قدراتها الصاروخية بعدما تردد أن طهران زودتها أنواعاً متقدمة منها . غير أن ldquo;الجهاد الإسلاميrdquo; اكتفت بإطلاق صواريخ غراد بغزارة وهددت بإطلاق طراز آخر من الصواريخ يصل مداه إلى نحو خمسين كيلومتراً .

قيل أيضاً إن ثمة دافعاً إضافياً وراء اغتيال القيسي والعدوان الواسع الذي أعقبه هو اختبار ردة فعل مصر بعد فوز جماعة الإخوان المسلمين، مرجعية ldquo;حماسrdquo; الأيديولوجية، بأغلبية المقاعد في مجلسي الشعب والشورى، وفعالية التنسيق القائم بين ldquo;الإخوانrdquo; والمجلس العسكري . الدافع الأكثر مقبولية في الوسطين السياسي والعسكري في ldquo;إسرائيلrdquo; هو اختبار منظومة ldquo;القبة الحديديةrdquo; المضادة للصواريخ قصيرة المدى، فماذا كانت النتيجة؟

مصادر الحكومة السياسية والعسكرية توحي بنجاح الاختبار بدعوى أن المنظومة الجديدة تمكّنت من إسقاط 85 في المئة من الصواريخ التي تساقطت على مستوطنات النقب . غير أن تعليقات المحللين السياسيين والعسكريين، وإن سلّمت بنجاح المنظومة فنياً، إلاّ أنها اعترفت بفشلها اقتصادياً . فالمعيار، بحسب آراء هؤلاء، ليس عدد الصواريخ التي أمكن إسقاطها بل التكلفة الاقتصادية والاجتماعية التي نشأت عن تداعيات العدوان وتشغيل المنظومة طوال أيامه الأربعة الكالحة . في هذا المجال، جرى كشف الحقائق الآتية:

* أولاها، أن أكثر من مليون ldquo;إسرائيليrdquo; يسكنون مستوطنات النقب المحتل اضطروا إلى ملازمة الملاجىء أربعة أيام دونما انقطاع، الأمر الذي شل الحركة الاقتصادية والاجتماعية .

* ثانيتها، أن الطلبة اضطروا إلى ملازمة منازلهم والملاجىء ما انعكس سلباً على الوضع التعليمي .

* ثالثتها، أن نتيجة اختبار ldquo;القبة الحديديةrdquo; لم تكن إيجابية بالضرورة، ذلك أن فصائل المقاومة، وفي مقدمها ldquo;الجهاد الإسلاميrdquo;، أطلقت صواريخ غراد وقذائف الهاون ذات السرعة البطيئة، الأمر الذي لم يُتح للقيادة العسكرية ldquo;الإسرائيليةrdquo; اختباراً كافياً للمنظومة . ثم إن ldquo;حماسrdquo; لم تشارك في ردة الفعل الفلسطينية ما حال دون معرفة ما تمتلكه من صواريخ أبعد مدى وأقوى سرعة . الأمر نفسه ينطبق على حركة ldquo;الجهاد الإسلاميrdquo; التي لم تطلق صواريخها الأبعد مدى وبالتالي حرمت ldquo;إسرائيلrdquo; من معرفة مدى قدرتها الحقيقية في هذا المجال .

* رابعتها، أن فصائل المقاومة الفلسطينية أطلقت خلال أيام العدوان الأربعة ما يزيد على 200 صاروخ الأمر الذي ينطق بدلالتين: امتلاكها مخزوناً ضخماً من الصواريخ، وقدرتها على الاستفادة من كثرة الصواريخ الممكن إطلاقها بحيث تنحسر معها فعالية منظومة ldquo;القبة الحديديةrdquo; . ربما لهذا السبب كثرة عدد الصواريخ المقذوفة لم تتمكن المنظومة من إسقاطها كلها . هذه الواقعة سيكون لها مردود سلبي أكبر بالنسبة لrdquo;إسرائيلrdquo; عندما تقوم فصائل المقاومة بإطلاق صواريخ أبعد مدى وأقوى سرعةً .

* خامستها، أن صمود قطاع غزة، شعباً ومقاومة، واستمرار إطلاق الصواريخ أديا، في الواقع، إلى تراجع وزير الحرب إيهود باراك عن تهديده بإطالة مدة العدوان وبالتالي إجرائه اتصالاً مباشراً أو غير مباشر بمصر للتدخل من أجل وقف إطلاق النار، الأمر الذي استجابت له القاهرة ونجحت في حمل الطرفين على التزامه والتقيد به منذ منتصف ليل الاثنين/ الثلاثاء الماضيين . والجدير بالذكر أن ldquo;إسرائيلrdquo; شكرت مصر على توسطها بين الجانبين .

إلى ذلك، كشف اختبار ldquo;القبة الحديديةrdquo; حقيقتين إضافيتين: الأولى، أن باراك أعلن اعتزام الجيش نصب منظومة رابعة في النقب المحتل لمؤازرة المنظومات الثلاث القائمة، ما يدل على قصورها عن تأمين الحماية اللازمة للمستوطنات . الثانية، اعتراف لافت من صحيفة ldquo;هآرتسrdquo; المستقلة (13 3 2012) بأن القبة الحديدية ldquo;لا تشكّل بديلاً من وجود سياسة واضحة ( . . .) لذلك يجب أن تتوقف الحرب الدائرة في الجنوب فوراً . فهي لن تقضي على الإرهاب ولن تقلل من أهمية الخطر المتربص بنا في غزة . إن الحل يكمن في مكان آخر: في العودة إلى المفاوضات التي تتهرب منها الحكومة، محتميةً بالقبة الحديديةrdquo; .

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف