القرضاوي والإمارات.. الولي الفقيه السنّي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
عبد الله بن بجاد العتيبي
تشهد المنطقة العربية بعد الربيع الإخواني صراعات متعددة بعضها ذو إرثٍ قديمٍ وبعضها جديدٌ أو متجدد، فثمة محاور سياسية قديمة اهتزّت ومحاور أخرى هي في طور التشكّل ولمّا تصل لنهايتها بعد.
من أهمّ هذه المحاور الجديدة المحور الأصولي أو الإخواني، ذلك الذي وصل لسدّة الحكم في تونس ومصر، وغيرهما على الطريق، إنّ هذا المحور تعبّر عنه تصريحات رموز الإخوان وقياداتهم في مصر بلد الجماعة الأمّ كما في بقية البلدان العربية، وبخاصةٍ في دول الخليج العربي؛ حيث بدأ رموز الإخوان المسلمين هناك يظهرون على السطح، وشرعوا - بوعيٍ - في مناكفة المواقف السياسية لبلدانهم داخليا وخارجيا.
إذن، ثمة محورٌ إخواني يتشكل في العالم العربي، شكك البعض في وجوده بل دعا لدعمه والتحالف معه بدعوى أنّه محورٌ يمكن أن يكون حليفا صادقا وأمينا لدول الخليج، غير أنّ الإخوان لم يلبثوا أن خيّبوا ظنّ من يتبنّون هذا الطرح، وبدأوا - ولمّا تستقر لهم الأمور ببلدانهم - في التهجّم على دول الخليج، وقد اختاروا البدء بدولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك حين قام يوسف القرضاوي بإطلاق تصريحاتٍ تحريضيةٍ ضدّ الإمارات عبر برنامجه "الشريعة والحياة" على قناة "الجزيرة" وكان مما قاله إنّ "الإمارات هم بشرٌ مثلنا، إن كانوا يظنون أنهم آلهة فوق الناس فهم مخطئون" وهذا قولٌ مرسلٌ غرضه التحريض، فلم يزعم أحدٌ من الإماراتيين أنّهم آلهةٌ ولا يعقل أن يصدر هذا القول من عاقلٍ، ثم تحدّث عن الشأن الداخلي في الإمارات وطريقة تعامل الدولة مع مواطنيها فقال: "وبعضهم يسلبون منه الجنسية، هذا حرام، هذا لا يجوز" وهذه لغةٌ دينيةٌ بحتةٌ، غير أنّ ما لا يعرفه الكثيرون من متابعي القرضاوي هو أنّ الدولة التي يحمل القرضاوي جنسيتها (قطر) قد سلبت الجنسية من بضعة آلافٍ من مواطنيها قبل سنواتٍ ولم ينبس القرضاوي حينها ببنت شفةٍ ونسي لغته الدينية والحرام والحلال.
لم يكتف الإخوان بتصريحات القرضاوي ولكنهم أتبعوها بتصريحاتٍ للمتحدث الرسمي باسم الإخوان المسلمين في مصر "محمود غزلان" تهدّد الإمارات بتجييش العالم الإسلامي ضدّها، ثمّ تقافز عددٌ من رموز إخوان الخليج من أكثر من بلدٍ نصرةً للقرضاوي وتهجما على الإمارات، فيما يشبه نموذجا لاستراتيجية إخوانية جديدةٍ للتدخل في شؤون دول الخليج.
إنّ هذا كلّه ينبغي أن يتمّ أخذه في سياق الانتشاء الذي تشعر به جماعة الإخوان المسلمين وجماعات الإسلام السياسي تبعٌ لها في لحظة الربيع الأصولي العربي.
إنّ القرضاوي حين اختطف منصة ميدان التحرير من شباب الثورة في مصر لم يفعل ذلك اعتباطا ولكنّه مؤسسٌ لديه على منهجٍ قديمٍ استقاه من حسن البنّا وفي هذا ينقل القرضاوي عن البنّا موقفه من "المظاهرات السلمية" وصولا لـ"يوم الدمّ" فيقول: "إنّه يأسف، لأنّه كان يريدها مظاهرةً سلميةً، لا لأنّه يعتقد أنّ حقوق مصر تنال بالمظاهرات السلمية فقط، ولكن لأنّه يرى أنّ الوقت لبذل الدمّ لم يحن بعد، وأنّ كل القوّة وكل البأس يجب أن يدّخر ليوم الدمّ" (ابن القرية والكتّاب 1/254).
مع الاحتجاجات العربية يبدو من مواقف القرضاوي أنّه يرى أنّ "يوم الدمّ" قد حان، فبدأ بإظهار كل القوة وكل البأس، فهو قام وفي ظلّ الظروف الصعبة التي مرّت بها ليبيا بإصدار فتوى بوجوب اغتيال القذّافي، وعلى الرغم من كل مساوئ القذّافي فإنّ هذه الفتوى خطيرةٌ، وهي فتوى لم تأت بتأثير نشوة الربيع الإخواني فحسب بل هي منهجٌ قديمٌ لدى القرضاوي، حيث يذكر عن نفسه وعن شباب الإخوان: "ولقد قابلنا - نحن الشباب والطلاب - اغتيال النقراشي بارتياحٍ واستبشار، فقد شفى غليلنا ورد اعتبارنا" (1/337) بل ومدح عبد المجيد حسن قاتل النقراشي شعرا بقوله:
"عبد المجيد تحية وسلام / أبشر، فإنك للشباب إمام
سمّمت كلبا، جاء كلبٌ بعده / ولكل كلبٍ عندنا سمّام".
والشطر الأخير تمجيد لعمليات الاغتيال والقتل وأنّها منهج إخواني أصيل لم يزل القرضاوي يعتنقه ويؤمن به، واغتيال النقراشي كان جريمةً سياسيةً شنيعةً تعب الإخوان كثيرا في محاولة محوها من تاريخهم. انتقد القرضاوي سيد قطب في أكثر من كتابٍ من كتبه، غير أنّ نشوة الربيع العربي دفعت القرضاوي ليعود لمنهج قطب المتشدد مع استحضار أنّ سيد قطب الذي كان يشرف على إصدار نشراتٍ سريةٍ ثوريةٍ للإخوان المسلمين ضد الناصرية لم يكن يثق بالقرضاوي، فمما جاء في تلك النشرات: "إن القرضاوي والعسّال قد مرقا من الدعوة، وانضما إلى ركب الخونة، وعلى الإخوان أن يحذروا منهما".
تحدث القرضاوي مرارا عن منهجه الذي ارتضاه وهو حسب قوله: "التيسير في الفتوى والتبشير بالدعوة" (2/303)، وهو لا يعني بهذا شيئا أكثر من استخدامه التيسير في الفتوى لخدمة "المشروع السياسي" له وللإخوان المسلمين، فتحت شعار "التبشير بالدعوة" يتمّ إضفاء هالةٍ من القداسة الدينية يريدون منها منع نقد المشروع وتفنيده.
القرضاوي من أكثر المنتشين بربيع الأصولية الإخواني، فهو قد بدأ يفقد توازنه تجاه الأحداث، فمرةً يختطف ثورةً في مصر (فبراير 2011) ومرةً يفتي باغتيال وقتل رئيس دولة (فبراير 2011) ومرةً يهاجم المؤسسات الدينية التي لم تمنحه ما يعتقده حقا له، كهجومه على الأزهر وشيخه أحمد الطيّب (فبراير 2012). والقرضاوي يفعل هذا كلّه في سياق أنّه مؤمنٌ بأنّ هذا الزمن هو زمن الأصوليين وعلى رأسهم الإخوان (سبتمبر 2011)، ويبدو من خطابه ومواقفه منذ عامٍ بالإضافة لما سبق، أنّه يسعى جهده ليصبح "الولي الفقيه السنّي" بكل ما تكتنزه هذه العبارة من دلالات السلطة وقوة النفوذ وجموح الطموح.
يبدو أنّ القرضاوي في خضمّ هذا الطموح قد نسي ما قاله سفيان الثوري من أنّ "آخر ما يخرج من قلب الفقيه حبّ الرئاسة"، ونسي كذلك ما قاله له الشيخ الصوفي بيومي العزوني في قريته قديما؛ فقد كان يناديه "أبا يوسف" فلمّا استنكر القرضاوي وقال له "أنا يوسف ولست أبا يوسف"، قال الشيخ بيّومي: "ولكنّي أناديك بهذا وأقول لك ما قاله أبو حنيفة لصاحبه أبي يوسف: (لتأكلن الفالوذج على مائدة الملوك)".
أخيرا، يبدو أنّ القرضاوي في حلمه ليكون "الولي الفقيه السنّي" وبعد أن شبع من "موائد الملوك" أصبح طامحا ليأخذ "كراسي الملوك" كيف لا وهو حلمٌ قديمٌ لدى الإخوان بأنّهم "يقيمون الدول ويسقطونها" (الإخوان المسلمون: أحداثٌ صنعت التاريخ 1/453).
التعليقات
لا مصلحة للخليج في الصدام
زاهر أبوعمر -إن الوضع في المنطقة العربية والإسلامية شديد الحساسية ويلزم أن يفكر حكام الخليج بوعي في القادم الذي ظهرت بوادر فوضاه منذ زمن. من طرف: عملية استكمال السيطرة على معظم منابع النفط من طرف الغرب، ومن طرف: المد الشيعي الذي بدأ بالثورة الإيرانية ثم تصديرها إلى لبنان وغيره، وصولاً إلى إحكام سيطرتهم على العراق وحلمهم بالإطباق على سورية. الإسلام السني السياسي هو حليف حكام الخليج في وجه المد الإيراني وليس من مصلحتهم محاربته بلا تمييز بين المتطرف والمعتدل. فشعوبها يجري الإسلام في دمها وستميل قطعاً مع "الممنوع" من قبيل جماعة الإخوان. وقد أثبت التاريخ المعاصر أن غالبية الشعوب تحت الحكم الفردي إن لم تكن جميعها ، تتعاطف مع من يناكف هذا الحكم! لذلك فإن مهاجمة حكام الخليج للقرضاوي أو الإخوان لن تفعل أكثر من زيادة التعاطف الشعبي معهم، وستقلل من الرصيد الشعبي لهؤلاء الحكام. فلا بد أن كثيراً من أفراد الشعب المتدين ضج من انتقاد ضاحي خلفان الشديد للقرضاوي صاحب الشعبية الكاسحة. مصلحة حكام الخليج هي في التعاون مع قادة الإسلام السياسي واحتوائهم بدلاً من الصدام معهم والذي سيتسبب في غليان شعبي لايُحمد عقباه في بلادهم وقد يجعلها مرشحة لأن تكون الخطوة التالية فيما يسمى الربيع العربي...
لا مصلحة للخليج في الصدام
زاهر أبوعمر -إن الوضع في المنطقة العربية والإسلامية شديد الحساسية ويلزم أن يفكر حكام الخليج بوعي في القادم الذي ظهرت بوادر فوضاه منذ زمن. من طرف: عملية استكمال السيطرة على معظم منابع النفط من طرف الغرب، ومن طرف: المد الشيعي الذي بدأ بالثورة الإيرانية ثم تصديرها إلى لبنان وغيره، وصولاً إلى إحكام سيطرتهم على العراق وحلمهم بالإطباق على سورية. الإسلام السني السياسي هو حليف حكام الخليج في وجه المد الإيراني وليس من مصلحتهم محاربته بلا تمييز بين المتطرف والمعتدل. فشعوبها يجري الإسلام في دمها وستميل قطعاً مع "الممنوع" من قبيل جماعة الإخوان. وقد أثبت التاريخ المعاصر أن غالبية الشعوب تحت الحكم الفردي إن لم تكن جميعها ، تتعاطف مع من يناكف هذا الحكم! لذلك فإن مهاجمة حكام الخليج للقرضاوي أو الإخوان لن تفعل أكثر من زيادة التعاطف الشعبي معهم، وستقلل من الرصيد الشعبي لهؤلاء الحكام. فلا بد أن كثيراً من أفراد الشعب المتدين ضج من انتقاد ضاحي خلفان الشديد للقرضاوي صاحب الشعبية الكاسحة. مصلحة حكام الخليج هي في التعاون مع قادة الإسلام السياسي واحتوائهم بدلاً من الصدام معهم والذي سيتسبب في غليان شعبي لايُحمد عقباه في بلادهم وقد يجعلها مرشحة لأن تكون الخطوة التالية فيما يسمى الربيع العربي...
واعض السلاطين
أبو عمر -ويل لهذا الرجل من الله كم من الدماء أريقت بفتاويه التي بستثني منها اسياده القطريين خدام اسرائيل ففي قطر أكبر القواعد الأمريكيه وأقوى علاقات لهم مع اسرائيل وأكثر الناس تبذيرا لملاذاتهم بأموال النفط والغاز الذي هو هبه من الله لافضل لهم فيه... فضلهم فقط لكروشهم وينسون الجياع المسلمين في بنغلادش والهند وأفريقيا وفلسطين بل حاكمها أول من عاق أبيه ..وهذا الشيخ يعيش في القصور وبين الخدم والحشم والفتيات القاصرات .. أين أنت من عداله وتقشف الخليفه عمر... فويل لخادم وواعض السلاطين
واعض السلاطين
أبو عمر -ويل لهذا الرجل من الله كم من الدماء أريقت بفتاويه التي بستثني منها اسياده القطريين خدام اسرائيل ففي قطر أكبر القواعد الأمريكيه وأقوى علاقات لهم مع اسرائيل وأكثر الناس تبذيرا لملاذاتهم بأموال النفط والغاز الذي هو هبه من الله لافضل لهم فيه... فضلهم فقط لكروشهم وينسون الجياع المسلمين في بنغلادش والهند وأفريقيا وفلسطين بل حاكمها أول من عاق أبيه ..وهذا الشيخ يعيش في القصور وبين الخدم والحشم والفتيات القاصرات .. أين أنت من عداله وتقشف الخليفه عمر... فويل لخادم وواعض السلاطين
شكراً لإدارة موقع إيلاف
زاهر أبوعمر -أولاً أشكر موقع إيلاف على نشر تعليقي الذي رفض نشره موقع قناة العربية باعتباره "يخالف شروط النشر" مع أنه ليس فيه إساءة شخصية لإحد ، ولا شتم لأحد ، وهو في صلب الموضوع . ثانياً واضح أن تعليقي ليس ذا شعبية ، ربما لا عند مؤيدي الثورات وأنا منهم ، ولا عند مؤيدي حكام الخليج ، ومع أنني لست منهم غير أن قلبي على بلادهم وشعوبهم ولا أتمنى لها الفوضى ولا الدمار
شكراً لإدارة موقع إيلاف
زاهر أبوعمر -أولاً أشكر موقع إيلاف على نشر تعليقي الذي رفض نشره موقع قناة العربية باعتباره "يخالف شروط النشر" مع أنه ليس فيه إساءة شخصية لإحد ، ولا شتم لأحد ، وهو في صلب الموضوع . ثانياً واضح أن تعليقي ليس ذا شعبية ، ربما لا عند مؤيدي الثورات وأنا منهم ، ولا عند مؤيدي حكام الخليج ، ومع أنني لست منهم غير أن قلبي على بلادهم وشعوبهم ولا أتمنى لها الفوضى ولا الدمار