جريدة الجرائد

لكي يعود العراق .. عـراق العـرب

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

طلال سلمان

خلعت بغداد ثياب الأرملة وتزينت بجراحها جميعاً، تلك التي تسبب فيها الطغيان أو تلك التي ألحقها بها الاحتلال الأميركي، لاستقبال الأشقاء العرب العائدين إليها بعد غياب طال أكثر مما يجب وتغييب لها استطال أكثر مما يجوز.
لكن الذين تآمروا على العراق دهراً وحاولوا إشغاله بالفتنة ليسدوا أمام شعبه كل الطرق للعودة إلى موقعه الطبيعي في أحضان أمته، عاملاً من أجل تقدمها ورفعتها، غيبوا أنفسهم بذريعة الأمن، لأن عودة العراق تعيدهم إلى أحجامهم الطبيعية.
.. وشتان ما بين العراق وبين الدول التي استُنبتت على عجل، في قلب صحراء الذهب فحرفت التاريخ وزورت الجغرافيا وخربت احتمال النهوض العربي وأقامت حاجزاً بينها وبين فلسطين حتى لا يحرجها أحد بمواجهة العدو الإسرائيلي.
الذين خرجوا من عروبتهم وعليها، لم يتورعوا عن اتهام العراق في عروبته بذريعة أنه بات خاضعاً لإيران... وهم هم الذين نفخوا في غرور صدام حسين ووظفوه لكي يقاتلوا بجيش العراق حرباً لا منتصر فيها بين بلدين جارين وصديقين تجمعهما المصالح ووحدة الدين، ثم لما أنجز المهمة صرفوه من الخدمة من دون تعويض... فكان أن انتقم منهم، على طريقته الفذة، بغزو الكويت ملحقاً بالأمة جميعاً كارثة تفوق بتأثيراتها المدمرة الهزيمة في فلسطين أمام العدو الإسرائيلي، موفراً الذريعة لتثبيت الهيمنة الأميركية، وإسرائيل من ضمنها، على المنطقة جميعاً.. بعد اغتيال العراق.
تزينت بغداد بجراحها لاستقبال "قمة من دون جمهور" وفي قلبها غصة لتغييب سوريا، وهي توأم العراق في تأسيس الجامعة العربية التي تعقد القمة تحت شعاراتها... مع أن ذلك لن يمنعها من بذل الجهد في محاولة تصحيح الخطأ التاريخي الذي أوقعت فيه الجامعة عمداً فعاقبت نفسها ودورها وتاريخها من دون أن توقف بحر الدم الذي فجرته أخطاء السلطة في سوريا.. وكل ما فعلته أنها استقالت من وظيفتها تاركة للمستجدين على عالم السياسة أن يحلوا مجلس الأمن الدولي مكانها، لتكون "نكبة" عربية جديدة.
تزينت بغداد بجراحها وهي تستقبل إخوتها العائدين إليها، وفيهم من جاءت بهم الانتفاضات الشعبية الذين لا يعرفون ما يكفي، ولا يملكون من أسباب القوة ما يجعل حضورهم قوياً وفاعلاً، بحيث يمكنهم اتخاذ القرار في ما لا بد من القرار فيه.
... وتستقبل الذين غيبوا أنفسهم وأرسلوا من يظهر في الصورة مع أنه لا يملك أن يقرر، لأنهم خائفون من أن تمتد إليهم الانتفاضات في قصورهم، متذرعين بأن بغداد غير آمنة، أو أن قرارها ليس في يدها، وأن الحكم فيها ليس ديموقراطياً تماماً كأنهم هم وصلوا إلى مواقعهم السامية بانتخابات تمثل نموذجاً للديموقراطية وذروة في احترام كرامة الإنسان...
يمكن القول، والحال هذه، إن غيابهم إدانة لهم أكثر مما هو عقوبة للعراق.
إنهم يخافون من عودة الروح إلى العراق... خصوصاً أنهم لا يستطيعون شراءه بـ"دنانيرهم": إنهم يريدون إشعار العراق بأنه ما يزال تحت الامتحان، فإن خضع لهم والتحق بهم ذليلاً مهاناً قبلوه في موقع التابع.
بقي أن يفيد أهل الحكم في بغداد من وهج الإنجاز بعودة العراق إلى العرب وعودة العرب إلى العراق، كما قال رئيس الحكومة نوري المالكي في "السفير" أمس، فيحاولوا التخفف من خلافاتهم الداخلية التي تتهدد العراق في وحدة شعبه وفي قوة دولته وفي دوره الذي لا يعوّض داخل نضالات أمته من أجل أن تستعيد روحها وزخمها وحقها في مستقبل يليق بكرامة شعوبها.
والقمة في أن يعود العراق إلى موقعه في آمال شعبه وأحلام أشقائه العرب.



التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
Talal Salman
Arab Arab -

مسكين هذا الرجل مازال يفكر بعقلية الثمانينات والسبعينات. مسكين يتحدث عن العروبة. في حدان يقيمو من النوم. ولك صح النوم يا افندي وين عايش بكوكب آخر؟

شكرا استاذ طلال
طعمة البسام -

شكرا لك استاذ طلال على هذه المقالة الجميلة والكلمة الطيبة بحق العراق واهل العراق .... تحية لك من مواطن عراقي شكرا لك مرة اخرى واخرى

صدام
Izet -

لو كان المجرم صدام حيا لجر الرؤساء والملوك العرب من آذانهم إلى مؤتمر قمته, الشيء الوحيد الجيد عند صدام كان خوف الملوك منه حد الرعب..

القبض من الأسياد
دعبول -

قال دعبول للرشيد أسأل من أين يقبض ٍاقول لك موقفه??

تحية للكاتب
متابع -

الله الله عليك يااستاذ طلال ....والله كلامك من ذهب كله في هذا المقال ...مااروع هذا المقال حقا ..شكرا لك لأنك انصفت الحقيقة

شكرا ولكن
عراقي وبس -

شكر للكاتب قد نسامج العرب (الأعراب) لكننا نرفض أن ننسى.

عراقيين فقط
جاسم العراقي -

هذا العراق (العروبة) فقط في مخيلة العروبين و جيل الخمسينات و الستينات قرن الماضي اما نحن العراقيين كشعب لا نريد العروبة و لا نحتاج للعروبة واتركونا لشأننا ولا تفرضوا علينا افكاركم المسمومة الشوفينية التي دمرتوا بها اتلعراق و المنطقة.نح عراقيون فقط و انتماءنا للعراق و قوميتنا عراقية فقط.اما العروبة مشروع فاشل في زمن فاشل و انتهى عندما احتل العراق دولة كويت و دفن عندما سقط صنم بغداد 2003 ..لماذا علينا ان نجرب المجرب و لا احد يجرب المجرب الا اذا عقله مخرب.اكثر من نصف قرن قاموا بكل هذه الجرائم و الحروب و تبديد الاموال تحت شعار(امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة) و ثمانون بالمئة من نسبة الشعوب العربية لا يعرفون بأن صاحب هذا الشعار و مؤسس حزب البعث هو ميشيل عفلق المسيحي و هو اصلا ليس عربي القومية..اما المنظر الاخر خيرالدين حسيب و عو يدعى العروبية لكن اصله من تركمان موصل.اخيرا اؤكد و اكرر بأننا لسنا عربا بل نحن عراقيون فقط