الصحافة البريطانية:تحديث اللوردات...وانتكاسة العلاقات المصرية- الإسرائيلية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
لندن
السجال الدائر بشأن دور مجلس "اللوردات"، والانتخابات الفرنسية، والعلاقات المشبوهة بين الاستخبارات البريطانية ونظام القذافي، وإلغاء مصر لاتفاقية الغاز بينها وبين إسرائيل... موضوعات استقطبت اهتمام الصحف البريطانية هذا الأسبوع.
تحديث الدور
"إلغاء مجلس اللوردات سيكون نوعاً من التخريب السياسي"... هكذا عنون "نعيم زهاوي" مقاله في "الأوبزرفر" يوم الأحد الماضي، راصداً السجال المحتدم في المملكة المتحدة بشأن موضوع إصلاح مجلس اللوردات، ويرى الكاتب أنه من الميسور على أي متابع لذلك السجال أن يتوصل لخلاصة مفادها أنه في جوهره معركة بين من يريدون تحديث المجلس العريق وبين من يريدون الاحتفاظ بالوضع القائم، وأنه شخصياً يؤيد الرأي الداعي للتحديث، ويقف تماماً ضد من يريدون" محو" المجلس. ويلفت الكاتب إلى أنه يصر على استخدام كلمة"محو" لأن ذلك تحديداً هو هدف من قدموا المقترحات التي تطالب بأن يتم اختيار أعضاء الغرفة الثانية من البرلمان (مجلس اللوردات) عن طريق الانتخاب، لأن ذلك لا يعني شيئاً آخر سوى إلغاء الدور الحالي للمجلس الذي يتضمن عمليتين محددتين، يتسمان بقدر كبير من الأهمية هما عمليتا التعديل والمراجعة. ويمضي الكاتب بقوله إن المجلس بتكوينه الحالي يمتلئ بالكفاءات في مختلف المجالات التي يمكن تخيلها وأن استبداله بمجلس آخر مكون من 400 سياسي منتخب، ليس لديهم الخبرة العميقة التي يتمتع بها أعضاء المجلس الحاليين سيكون بمثابة محو لذلك المجلس العريق. ويلفت "زهاوي" النظر لنقطة مهمة، وهي أن في اللحظة التي يتم فيها ملء الغرفة الثانية بسياسيين مختارين من قبل الناخبين، فإن ذلك يعني إدخال تغيير كبير على الديناميكية الحالية القائمة بين مجلس العموم ومجلس اللوردات، لأن كل عضو من الأعضاء الجدد المنتخب من خلال تفويض شعبي سيدعي أن درجة تفويضه الجديدة تعطيه المزيد من الشرعية التي تخوله التدخل في كل شيء وعدم الاكتفاء بالقيام بالدور المنوط به لتحقيق مهمة التعديل والمتابعة المشار إليها أعلاه. يرى الكاتب أن ذلك سيقضي على مبدأ أولوية مجلس العموم، وأنه سيُدخل البرلمان في حالة من الجدل والصراع المستمر على مسائل الشرعية والأولوية مما سيوصله في نهاية المطاف إلى حالة من الانسداد السياسي سيؤثر بدوره على أداء الحكومة البريطانية، وقدرتها على التنفيذ والإنجاز. ولتجنب الوقوع في هذا المأزق يقترح الكاتب إجراء إصلاح على المجلس الحالي من خلال خطوات محددة وتمهيدية يمكن أن تبدأ من إلغاء عضوية أعضاء مجلس "اللوردات" الذين يتورطون في ارتكاب جرائم ووضع حدود على المدة الزمنية لخدمتهم ويرى أن هناك طرقاً عديدة لإنجاز ذلك، ولكن الأمر يتطلب في البداية توافقاً بين مختلف الأحزاب الممثلة في البرلمان على أن يتم ذلك في الوقت الراهن باعتباره الوقت الأنسب لإنجاز ذلك.
علاقة مشبوهة
وتحت عنوان:"القذافي والمملكة المتحدة والحقيقة التي يجب أن تُقال"، رأت "الإندبندنت" في مقالها الافتتاحي يوم الاثنين الماضي أن الحقائق التي تتكشف يوماً بعد يوم من أوراق الأرشيف المنهوب لنظام القذافي، تلقي شكوكاً كثيفة على الادعاءات التي تكررها الاستخبارات البريطانية بما يشبه الزهو بأنها لم تتورط من قبل في الإرهاب، وأن تلك الشكوك قد بدأت عندما زعم المنشق الليبي السابق والقائد العسكري الثوري الحالي عبد الحكيم بلحاج أن وزير الخارجية البريطاني الأسبق جاك سترو متورط في مسألة تسليمه غير القانوني من قبل وكالة الاستخبارات الأميركية سي.آي.إيه للاستخبارات الليبية في طرابلس عام 2004 ثم وصلت تلك الشكوك إلى مداها بعد المعلومات التي تكشفت من خلال الأرشيف المنهوب عن تورط جهازي" إم آي- 5"- الاستخبارات الداخلية البريطانية- و"إم أي- 6"- الاستخبارات الخارجية- قد عملا بشكل وثيق مع القذافي عام 2006 للضغط على الليبيين من طالبي اللجوء السياسي لبريطانيا للتعاون مع استخباراته، وهو ما يعني في نظر الصحيفة أن ذينك الجهازين قد عرضا ليبيين أبرياء لنفس المخاطر الذين كانوا يحاولون اللجوء إلى بريطانيا للهروب منها، وهو ما يعد عملاً بشعاً ويدعو للشعور بالعار، وهو ما دعا عضو البرلمان عن حزب "المحافظين"ديفيد ديفيز للمطالبة بإجراء تحقيق بشأنه باعتباره عملاً غير قانوني في المقام الأول فضلاً عن أنه شائن، على أن يكون ذلك التحقيق على مستوى أوسع نطاقاً بكثير من تحقيق تجريه شرطة لندن الكبرى حالياً بشأن موضوع الاتهامات التي يوجهها "بلحاج" لـ"جاك سترو" . وترى الصحيفة أن أهم ما يجب أن يركز عليه هذا التحقيق هو معرفة ما إذا كان هذان الجهازين كانا يعملان من دون تفويض رسمي وزاري عندما أبرما ذلك الاتفاق السري المفترض مع أجهزة الطاغية الليبي الراحل أم أنه كان هناك تفويض رسمي بذلك.
ما الجديد؟
وتحت عنوان "دروس من فرنسا"، رأت "الديلي تلجراف" في مقالها الافتتاحي يوم الإثنين الماضي أن نتيجة الجولة الأولى من تلك الانتخابات كانت متوقعة تماماً، وأن ساركوزي وفرانسوا هولاند منافسه الاشتراكي سيدخلان مرحلة ثانية حاسمة لتحديد الفائز ولكن وبالنظر لأن ساركوزي هو أول رئيس فرنسي موجود في الحكم يحل في المرتبة الثانية في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية منذ عقود، فإن ذلك في حد ذاته مؤشر قوي على احتمال فوز" هولاند" في الجولة الثانية. ولكن نتيجة تلك الانتخابات يجب أن تعطي المتنافسين وغيرهم في مختلف أنحاء أوروبا الفرصة للتوقف والتفكير. فعلى الرغم من أن "جان لوك ميلينشون" المرشح الكاريزمي المنتمي لليسار المتطرف، والذي وعد بمصادرت ثروة الأغنياء ممن يكسبون ما يزيد عن 300 ألف يورو كان محور لاهتمام الكثيرين من المراقبين الذين توقعوا أنه سيكون مفاجأة الانتخابات إلا أن الذي حدث هو إن الذي شكل هذه المفاجأة هي "مارين لوبان" اليمينية المتطرفة التي حصلت على حصة من أصوات الناخبين تفوق تلك التي حصل عليها والدها جان ماري لوبان في انتخابات 2002. والدرس الذي يمكن استخلاصه من ذلك يتمثل في أن : أولاً، أن الناس في فرنسا غاضبون بعد أن ملوا من الأحزاب القائمة، وباتوا راغبين في التحول نحو الأحزاب المتطرفة وخصوصاً الأحزاب اليمينية. ثانياً، أن الناخبون عاطفيون بدليل أن نسبة المشاركة في الانتخابات قد وصلت إلى 80 في المئة وهو ما يؤشر على رغبتهم العارمة في التغيير.
خلفيات القرار
"التوتر يشتعل بسبب إلغاء مصر لاتفاقية الغاز مع إسرائيل" كان هذا هو العنوان الذي اختارته" كاترينا ستيوارت" في مقالها المنشور في صحيفة الإندبندنت أول من أمس الثلاثاء التي تناولت فيه موضوع قيام مصر بإلغاء اتفاقية الغاز الموقعة بينها وبين إسرائيل، وأشارت في بدايتها إلى أن المسؤولين الإسرائيليين قد حاولوا التقليل من شأن الأصداء السياسية للخطوة المصرية المفاجئة بإلغاء عقد توريد الغاز الطبيعي لإسرائيل لمدة 20 عاماً على خلفية نزاع على سداد المستحقات- كما قالت المصادر المصرية- والتي تأتي وسط توتر متزايد بين الدولتين بدأ منذ تنحي مبارك في الحادي عشر من فبراير من العام الماضي على الرغم من أن رد فعلهم في البداية كان عصبياً حيث وصفوا القرار المصري بأنه يشكل سابقة خطيرة ويهدد اتفاقية السلام الموقعة بين البلدين، قبل أن يتراجعوا فيما بعد عن ذلك ويقولون إن القرار تجاري، وليس مدفوعاً بدوافع سياسية كما جاء على لسان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتيناهو. اتفاقية الغاز كانت محوراً لغضب شعبي بدأ منذ توقيعها عام 2005 ثم تفاقم كثيراً منذ أن بدأ الحراك الثوري في مصر في بداية العام الماضي حيث مثلت المطالبات بإلغاء تلك المعاهدة بنداً مستمراً في المليونيات العديدة التي نظمتها حركة الاحتجاج المصرية، باعتبارها تمثل نموذجاً للفساد الصارخ لنظام مبارك، ونقلت الكاتبة تصريحات محمد شعيب رئيس الشركة المصرية القابضة للغاز " إيجاس" التي شرح من خلالها الأسباب التي دعت شركته لإلغاء الاتفاق، وهو أن الجانب الإسرائيلي قد أخفق في الالتزام بتسديد الأقساط المستحقة في مواعيدها وهو ما يعطي مصر من الناحية القانونية الحق في فسخ التعاقد وأن القرار تجاري بحت وليس له أي خلفيات سياسية. وترى الكاتبة أن الكثيرين في إسرائيل كانوا يخشون منذ بعض الوقت من أن يعمد الإسلاميون الذين باتوا يسيطرون على الأغلبية في مجلسي النواب والشيوخ في البرلمان المصري إلى إلغاء معاهدة السلام القائمة بين البلدين منذ عام 1979 على الرغم من أن قادتهم أكدوا أكثر من مرة أنه سوف يحافظون على معاهدات وتعهدات مصر الدولية، وهي ترى أن الخطوة المصرية الأخيرة سوف تزيد من تلك الخشية، كما تتوقع أن تظل معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية محوراً لسجال محتدم في البلدين خلال الأشهر القادمة.
إعداد: سعيد كامل