جريدة الجرائد

السعودية واللاءات المصرية!

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

عبد الرحمن الراشد

أكثر ما في الساحة المصرية هي كلمة "لا". عشرات اللاءات المحلية تتردد كل يوم.. لا للمحاكمات العسكرية، ولا للفلول، ولا للمجلس العسكري، ولا لانتخابات رئاسية قبل وضع الدستور، ولا للجنة الدستور، ولا للجنة الانتخابات، ولا لتعطيل الانتخابات الرئاسية .

وللخارج أيضا لاءاته؛ مثل لا للاقتراض من البنك الدولي، ولا للمساعدة الأميركية، ولا للغاز لإسرائيل، ولا لمنع منظمات المجتمع المدني.. وغيرها. والجديد "لا للسعودية"، لأن مصريا اعتقل في مطار جدة اسمه أحمد الجيزاوي وبحوزته أدوية مخدرة.

بالطبع، بإمكان المواطن المصري أن يفرض ما يريده من لاءات على حكومته، لكنه لا يستطيع أن يفرض رأيه خارج حدود بلاده. بإمكانه أن يغلق سفارته في الرياض، بإمكانه أن يمنع مواطنيه المصريين من السفر إلى السعودية، بإمكانه أن يمنع السعوديين من دخول مصر، وبإمكانه أن يقطع علاقات بلاده مع السعودية، كل هذه يستطيع إملاء لاءاته فيها، لكنه لا يستطيع أن يمنع دولة في الخارج أن تعتقل مصريا بتهمة وفق نظام البلد الذي هو على أرضه، ولا يستطيع منع معاقبته إن حكم عليه.

والذين يدعون لقطع العلاقات مع أكبر دولة متشابكة المصالح معها، وهي السعودية، أو سحب العمالة منها، يريدون فرض مطالبهم على حساب غيرهم من المصريين الذين لم يسألهم أحد عن رأيهم.

وإذا شاء المصريون قول "لا" لكل هذه المصالح، فهذا شأنهم وحقهم، لكن يبقى السؤال الآن: من هو المخول بقول "نعم" و"لا" عن الشعب المصري.. المتظاهرون، أم البرلمانيون، أم الرئيس المنتظر؟ القرار المصري السيادي يفترض أن يصدر عن الدولة المصرية لا من برامج الحوارات التلفزيونية أو المظاهرات.

العالم ينتظر منذ نحو عام قرار المصريين حيال مشروع دولتهم. قبل عام وعدت قطر بمنح المصريين عشرة مليارات لكن بعد انتخاب الرئيس، الإمارات أيضا. البنك الدولي رفض تقديم العون في انتظار الولادة السياسية. والنظام المصري لا يزال في حال تشكل، حيث أنجز نصفه تقريبا، فقد تم انتخاب مجلسي البرلمان، الشعب والشورى، وبقي إقرار الدستور وانتخاب الرئيس، ولاحقا الحكومة. عندها يمكن للمصريين أن يتخذوا قراراتهم المصيرية تجاه الخارج، أما الآن فنحن أمام مخاض تنافسي، وكل طرف يريد إحراج الطرف الآخر والتكسب الشعبي والعاطفي، ومعظم ما يقال له "لا"، لا منطق له.

فالذين يقولون مثلا لا للاقتراض من البنك الدولي لتأمين الوضع المالي المتأزم في مصر، ربما لا يدرون أن دولا مثل إسبانيا ورومانيا واليونان وغيرها كلها تقف الآن في الطابور أمام صندوق النقد والبنك الدوليين، هذه حاجات لا تمس الكرامة بشيء. وكذلك الذين يريدون إلغاء أخذ المعونات الخارجية، كالتي تقدمها الولايات المتحدة، يتجاهلون أنها جزء من علاقات معقدة ومصالح متبادلة، ومعظم دول المنطقة تتمنى الحصول على معونة أميركية سنوية مثل التي تمنح لمصر، وقدرها نحو مليار ونصف المليار دولار، والتي تفوق المعونات لكل الدول العربية الممنوحة مجتمعة.

أما معركة الجيزاوي المتهم المصري في السعودية، فلو كان صحيحا أن هناك موقفا ضده لكانت رفضت منحه تأشيرة أصلا، وبالتالي منعه من دخول بلادها. ثانيا، الجيزاوي شخص نكرة للكثيرين، وتحديدا للسعوديين، مقارنة بعشرات مشاهير المصريين الناقدين أو الموالين. وثالثا، السعودية هي أكبر بلد للمصريين، فيها أكبر جالية مصرية في العالم خارج بلادها. والمثير أن ترتيبها الثانية في السعودية بين الجاليات التي تعيش بسلام، بأقل قضايا أو مشاكل. ورابعا، نظام العمل، الذي يشتكي منه البعض، مطبق على كل الجاليات والجنسيات وليس استثناء يستهدف المصريين.

على السعوديين، وبقية المنزعجين من ما يصدر من هناك، أن يدركوا أن مصر اليوم سفينة في بحر هائج بلا قبطان، وعليهم انتظار نتائج الماراثون المصري الطويل.

أنا واثق أن الأمور ستسير في طريقها الطبيعي، ولن تتبدل العلاقات الخارجية كثيرا، سواء جاء للحكم مدني، أو عسكري متقاعد، أو إخواني، أو ناصري. العلاقة ظلت صافية لنحو ثلاثة أرباع القرن، وأصلحت في أحلك الظروف. سقطت الملكية المصرية في عام 1952 واستمرت العلاقة مع النظام الجديد. غضب الرئيس الراحل السادات لأن السعودية رفضت مساندته في اتفاقه مع إسرائيل عام 79، ثم أعاد هو نفسه العلاقة، كما فعل قبله الرئيس الراحل عبد الناصر.

الحقيقة أن قدر مصر الجديدة، بغض النظر عن القوى التي ستدير سياستها غدا، مربوط بالسعودية مع تعاظم الظروف. مصر، بلد في داخله ثالث ناتج إجمالي في المنطقة، بعد السعودية والإمارات، أي أن اقتصاد مصر أكبر من قطر والكويت والعراق وليبيا مجتمعين بمفهوم القوة الاقتصادية. ولا يمكن للمصريين تفعيل هذه القوة من دون علاقة مع الدول الكبيرة اقتصاديا في المنطقة مثل السعودية.

والذين يرمون الطوب على سفارة السعودية في القاهرة، هم في الواقع يرمونه على المصريين في السعودية القلقين أصلا من فوضى الشارع المصري وصراعات القوى السياسية المختلفة على الحكم. وقد يصدم البعض إذا علم أن كثيرا من المليون ونصف المليون مصري في السعودية امتنع عن تحويل مدخراته لبلاده منذ العام الماضي، خوفا من تبعات الفوضى على ما جمعوه بعرق جبينهم، يخشون انخفاض قيمة الجنيه أو إفلاس المصارف أو فلتان الوضع السياسي والأمني.

واجب الذين قاموا بالثورة أن يحافظوا على مكاسب بلادهم، لا أن يخلطوا بينها وبين مكاسب النظام البائد.


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
واقع
الحال -

الشعب المصري بالاجمال يفتقد الصفات الحضارية التي تخوله أن يصنف في خانة الشعوب المتحضرة ....

مصر والسعودية في سفينة 1
عبدالله القحطاني -

في الحقيقة انه لم يمر علي أزمة وقلق مثل هذه الأيام بسبب الأحداث والتداعيات في قضية المحامي المعتقل في المملكة بسبب تهريب مواد محظورة مصر التي أحبها وأحب شعبها الطيب وخفيف الظل والمتدين وغالبيته يحب المملكة ويحب السعوديين وشاركت في كثير من المؤتمرات والفعاليات وأجد أن السعوديين لهم تكريم خاص بين المشاركين وبدوري أحب تراب هذا الوطن ولا أرضا كائن من كان أن يمس سمعة أو كرامة المملكة فوالله لأفديها بنفسي وأولادي ومالي ما حييت حكامنا رجال عاهدو الله على العدل ولم نرى منهم إلا العز والكرامة وأسعاد الناس بقدر الاستطاعة ولا أنكر أن هناك بعض التجاوزات الغير مقصودة أو اجتهادات خاطئة الله يحفظ السعودية وشعبها وحكامها وهذا الملك الطيب الصالح ابو متعب وأن يصلح حال مصر الحبيبة والشقيقة الكبرى ويبعد عنها الأشرار الذين يحاولون شق الصف بين المملكة ومصر الحبيبة .

لاءات مصرية في لندن
اعلامي عربي -

هذا التعليق عن خبرتي الشخصية باللاءات المصرية.قبل عدة اسابيع او شهور وتقريبا عام كامل بعد تنحي الرئيس حسني مبارك شاركت في برنامج على احدى الفضائيات العربية من استوديوهات لندن يتعلق بدور الغرب والاعلام في الثورات العربية. وكان الضيف الآخر اعلامي مصري. واستغربت لكثرة اللاءات والرفض لما اقوله. لم يوافق ان اميركا اعطت ضؤ اخضر للجنرالات باجبار مبارك على التنحي. وبعد ذلك بأقل من اسبوع ظهر مقال في النيويورك تايمز يؤكد هذه الحقيقة وارسلته لمقدمة البرنامج. وعندما ذكرت ان مجموعة الثمانية تعهدت بتقديم كذا مليار دولار دعما لتونس ومصر رفض الضيف الآخر قائلا ان مصر ليست بحاجة لدعم من أحد. وعندما أشرت لموافقة صندوق النقد الدولي بتقديم قروض الخ لمصر رفض الضيف قائلا لأ مصر لا تحتاج لقروض من احد. وعندما تحدثت عن الدعم الأميركي الاقتصادي لمصر بحدود مليار ونصف مليار دولار سنويا كمساعدة عسكرية رفض مرة اخرى بالقول لسنا بحاجة لأي مساعدات او قروض من احد. ولذلك افهم ما يقول الاستاذ عبد الرحمن الراشد في مقاله عن اللاءات المصرية وشكرا. ولتفادي احراج الشخص نفسه ومقدمة البرنامج سوف لا أذكر اسمي واؤكد اني لست مصريا بل عربيا يحب مصر.

السعوديه هي الخاسره
عبد الحميد العربي -

توجت السعوديه فشل سياستها الخارجيه المزمن عندما سحبت سفيرها من القاهره لاسباب واهيه. كان من المنطقي ان تقود السعوديه جميع الدول العربيه وخصوصا النفطيه منها لتدعم الاقتصاد المصري مثلما فعلت المانيا وفرنسا حينما قاموا بالغاء ديون اليونان والتي هي اقل من الديون المصريه. متى تراجع السعوديه سياستها التي اضرت بعلاقاتها مع اكبر الدول العربيه مثل مصر الان والجزائر بسبب دعوتها لانضمام المغرب الى مجلس التعاون والعراق عندما وقفت ضد المالكي لتدفعه صوب ايران وهذه سوريه اللتي ستتفتت لتبتلعها تركيه.

نصيحه لثوار السفارات
نزار الحافي -

مع احترامي وتقديري لهذا الشعب ولهذا البلد الشعب المصري لديه فئتين الاعلام الرخيص ومن دأب على المظاهرات امام السفارات كانت جزائريه ام سعوديه ان هاتين الفئتين من المنانين كسينا الكعبه درسناكم ساعدناكم في الثوره وهلم جره الفئتين المذكوره الا تتذكر المثل القائل اذا كبر ابنك خاويه صحيح مصر ام العرب وابوهم ولكن لايجب ان انستخدم هذه الاسطوانه المشروخه في كل حاث وحديث يجب ان تعرف هذه الفئتين ان الشعوب تتغير ولم يعد هناك احياء من من درس على يد الاساتذه المصريين ولا من الثوار اللذين ساعدهم جمال عبدالناصر بالجزائر ولا من كان يستقبل كسوة الكعبه من مصر هناك اجيال جديده ومتعلمه ومثقفه من جيل الفيسبوك وتويتر قرأت منذ يومين ان هناك 160000 طالب سعودي يدرسون خارج السعوديه ناهيك عن الداخل متى تخرج هاتين الفئتين من القمقم وتطالع للعالم حولها وتؤمن انه تغير اسوت بشعب مصر ليس كل تغيير يأتي من ثوره هناك ثورات اقتصاديه وعلميه واجتماعيه

بفلوسنا يامصريين
العتيبي -

انتو تشتغلون عندنا بفلوسنا يامصريين واذا ماتبون تخدمونا باب المملكة يفوت جمل وبفلوسنا نخلي كل العالم يخدمنا

عملوها العملاء
على زياد -

الحقيقة ..فعلا نحن بلد اللاءات

تعليق 6 من سعودي
عامر -

التعليق غير الحضاري رقم 6 من سعودي يجيب على التعليق رقم 1 الذي إدعى صاحبه أن الشعب المصري بالإجمال يفقد الصفات الحضارية ليصنف مع الشعوب المتحضرة ولم يقل ما هي طريقة قياسه للشعوب المتحضرة أو ما هي صفاتهاقياس الحضارة بالأخلاق والثقافة والثقافة هنا لا تعني القراءة والكتابة ولكن فهم التجارب الإنسانية وإحترام قيمها ومبادئهايبقى الشعب المصري بدون شك وريث إحد أهم الحضارات التي شهدتها الإنسانية عبر التأريخ والذي يصفه بغير المتحضر يجب أن يقرأ التاريخ مرة أخرى

عملوها العملاء
على زياد -

الحقيقة ..فعلا نحن بلد اللاءات