فرنسوا هولاند رئيسا لفرنسا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
باريس - رندة تقي الدين وآرليت خوري
الحياة
انتخب الفرنسيون امس الاشتراكي فرانسوا هولاند رئيسا للجمهورية بغالبية مريحة في مواجهة الرئيس المنتهية ولايته نيكولا ساركوزي الذي كان اعلن انه سيعنزل العمل السياسي في حال هزيمته. وهذه المرة الثانية التي يفوز فيها اشتراكي في انتخابات الرئاسة الفرنسية في ظل الجمهورية الخامسة، بعد فوز الرئيس الراحل فرنسوا ميتران العام 1981 على الرئيس المنتهية ولايته فاليري جيسكار ديستان.
وفي انتظار النتائج النهائية للاقتراع التي لن تظهر قبل ساعة متقدمة ليلا، اشارت تقديرات اربع مؤسسات استطلاع، قبيل اقفال صناديق الاقتراع في الثامنة مساء بالتوقيت الفرنسي، الى ان هولاند نال بين 52 و53.3 في المئة من اصوات المقترعين في الدورة الثانية من هذه الانتخابات، والذين بلغت نسبتهم بين 80 و82 في المئة.
وافادت مؤسسات "سي اي اي" و"تي ان اس سوفريس" و"ايبسوس"، ان هولاند حصل على 52 في المئة، في مقابل 48 في المئة لساركوزي. في حين ان تقديرات مؤسسة "هاريس انتراكتيف" اعطت هولاند بين 52.7 و53.3 في المئة.
وقال الناطق باسم الحزب الاشتراكي الفرنسي بينوا هامون "انه حدث سعيد جدا ينهي سيطرة اليمين على الاليزيه طيلة 17 عاما".
واصبح هولاند بذلك ثاني رئيس اشتراكي في الجمهورية الفرنسية الخامسة التي بدأت عام 1958 بعد ميتران (1981-1995).
وساركوزي هو الرئيس الثاني الذي يهزم في محاولته لتجديد ولايته بعد جيسكار ديستان العام 1981.
وبذلك تمكن هولاند الذي لم يسبق له ان تولى اي منصب وزاري في حياته السياسية من الوصول الى الرئاسة، بعد حملة انتخابية ناجحة. واحتفل الرئيس المنتخب مع انصاره بالفوز في ساحة الباستيل التي بدأت تستعد للحدث منذ الجمعة الماضي.
وخرج ساركوزي من الرئاسة، بعدما حاول استقطاب اصوات اليمين المتطرف، في مهرجاناته وتصريحاته بين الدورتين االولى والثانية، عبر حملة يمينية استخدم خلالها العديد من شعارات الجبهة الوطنية المتطرفة، ما افقده اصوات الوسط واليمين المعتدل. وذلك بعد تدهور كبير في شعبيته الى ادنى مستويات خلال الفترة التى سبقت اعلان ترشيحه لولاية رئاسية ثانية. وتتركز الانظار حاليا على الفريق الذي سيختاره هولاند. وبحسب الصحافة الفرنسية، قد يختار الرئيس المنتخب لتولي رئاسة الحكومة المقبلة رئيس بلدية نانت جان مارك اييرو او الامين العام للحزب الاشتراكي مارتين اوبري. والمرشح للداخلية مانييل فالز وللخارجية رئيس الحكومة السابق لوران فابيوس او الوزيرة السابقة اليزابيت غيغو او بيار موسكوفيسي الطامح الى وزارة المال.
اما اليمين فمن المتوقع ان يعيد تنظيم حزب "اتحاد الحركة الشعبية" مع الشخصيات البارزة في الحكم من الان جوبيه وزير الخارجية ورئيس الحكومة فرانسوا فيون والامين العام للحزب جان فرانسوا كوبي، استعدادا للانتخابات التشريعية في حزيران (يونيو) المقبل.
هولاند.. صاحب خبرة قليلة قفزت به ظروف الآخرين إلى أعلى
كاتب سيرته: ليس ماكرا ولا صلفا.. إنه فقط يتجنب المشاكل
الشرق االوسط اللندنية
لم يشغل فرانسوا هولاند أي حقيبة وزارية وترشح لأول مرة إلى انتخابات الرئاسة العام الحالي، فهزئ منه كثيرون إلى أن فاجأهم بحملة جيدة الأداء ولم تشبها هفوات. وقال أثناء حملته عن نفسه: "أنا من ترون من دون تصنع، لست بحاجة للتنكر. إنني أنا نفسي بسيط صريح وحر".
في البداية لم يكن أحد يتوقع بروزه، إذ لم يكن يملك هالة وبريق المدير العام السابق لصندوق النقد الدولي دومينيك ستروس - كان، ولا التواصل مع الفرنسيين مثل رفيقة دربه السابقة سيغولين روايال.
تولى فرانسوا هولاند في السابق رئاسة الحزب الاشتراكي طوال 11 عاما. وهو نائب عن كوريز المنطقة الريفية بوسط فرنسا، لكنه يبدو بعيدا عن الكاريزما التي يفترض أن يتحلى بها المرشح إلى الانتخابات الرئاسية في فرنسا. وقد بنى هولاند المولود في منطقة النورماندي من أب طبيب شديد الطباع يميل إلى أقصى اليمين وأم مساعدة اجتماعية أقرب إلى اليسار، حملته تحت شعار فرنسا تعبت من الطاقة المستفيضة للرئيس نيكولا ساركوزي و"استعراضه الدائم"، وهو يحلم برئاسة "طبيعية".
وهولاند هو قبل كل شيء "نقيض ساركوزي" ومثل في نظر كثيرين من الفرنسيين خيارا أفضل من منافسه اليميني الذي انتقد معارضوه مواقفه من الربيع العربي. وقبله كان لليسار مرشح يتمتع بالمصداقية، لكن بعد أشهر من الحملة الانتخابية تغير رأي الفرنسيين بهذا الرجل الذي يبلغ 57 عاما من العمر.
وفي المناظرة التلفزيونية التي تواجه فيها هولاند مع منافسه ساركوزي اكتشف الفرنسيون رجلا يتمتع بروح الدعابة، ثابتا في برنامجه، ومناضلا مثابرا يدافع بقوة عن أفكاره. وقالت عنه صديقته الصحافية السياسية فاليري تريرفايلر "إنه تغير، كما لو أنه حضر نفسه للرئاسة مع مر الأيام" و"قد أصبح جاهزا تماما لممارسة هذه المهمة (الرئاسة)".
وحتى 14 مايو (أيار) 2011، لم يكن أي شيء يدل على أنه سينتقل إلى الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية. فالمدير العام لصندوق النقد الدولي دومينيك ستروس - كان، كان المرشح الاشتراكي الأوفر حظا للفوز بالرئاسة بحسب استطلاعات الرأي والصحافة. إلا أن المشاكل القضائية التي واجهها ستروس - كان فتحت الطريق أمام فرانسوا هولاند. ووضعه أول الاستطلاعات في طليعة مرشحي اليسار المفضلين لدى الفرنسيين، وحتى أنه بات في وقت وجيز في أفضل موقع لهزم نيكولا ساركوزي. وقال كاتب سيرته سيرغ رافي "إن الرجل ليس ماكرا ولا صلفا، إنه فقط يتجنب (المشاكل)".
وقد عرفت عنه هذه الخصال منذ نعومة أظفاره عندما كان تلميذا في مدرسة دينية، حيث كان يتجنب العقاب من أساتذته الصارمين بالابتسامة والعلامات الجيدة.
وبعد انتقاله إلى نويي، الضاحية الباريسية الراقية، بدأ يكتشف باريس والسياسة والبنات. وقال هو نفسه "في الحب ومع الفتيات مثلما أنا في الإنجليزية في فئة المتوسطين". وهو ليس في أقصى اليسار ولا فوضويا، بل معجب كثيرا بفرانسوا ميتران الذي انتخب رئيسا في 1981. وبعد تخرجه في المدرسة الوطنية للإدارة التي تخرج فيها النخب السياسية الفرنسية، دخل إلى محكمة المحاسبة ثم بدأ يكتب "مذكرات" للرئيس ميتران.
وخاض وهو في السادسة والعشرين من عمره الانتخابات التشريعية في منطقة الرئيس جاك شيراك الذي دعاه إلى اجتماع عام. فسأله شيراك "من أنت" وأجابه الشاب الاشتراكي "إنني من شبهته بلبرادور (كلب) ميتران".
ويركز هولاند الاشتراكي الديمقراطي الملتزم الذي يؤمن بأوروبا، خصوصا على المسائل الضريبية. وقد ترعرع في كنف الحزب الاشتراكي وحلم بوزارة لم يحصل عليها مطلقا. لكن إخفاقات ليونيل جوسبان في 1995 و2002، وكذلك سيغولين روايال في 2007 دفعته إلى حسم موقفه.
ومع بدء عام 2009 بحث هولاند الأمر مع رفيقته فاليري تريرويلر. وقالت الصحافية: "قلت له إذا كنت تعتقد إنك الأفضل فانطلق". وأضافت: "أجابني: إنني الأفضل، وهي المرة الأولى التي أسمعه فيها يقول ذلك". والرجل اللطيف البشوش الذي يتجنب الصراعات حرص على إظهار صلابته وثباته ميزته الرئيسية في نظر صديقه الوزير السابق ميشال سابان. وقد فاجأ الجميع يوم الأربعاء الماضي أثناء المناظرة التلفزيونية مع خصمه نيكولا ساركوزي بظهوره أكثر هجومية مما كان متوقعا. وقال عنه نجله البكر توما أنه "رجل حر"، "متفائل حقيقي" و"استراتيجي" يريد أن يفهم الناس وأن يستبق الأحداث أيضا.